هروب
مذ كنت صغيرا وأنا أرى الدم يطاردني كشبح، يصيرني كمجنون لا يملك لنفسه قرار، يحطم كل رغبة لي بالبقاء ، يميت كل أمل عندي ، يسكن في داخلي خوف ، فزع من كل سكين أراها تقترب مني ، دائما وكأنها تعيرني بخوفي وانهزاميتي ، فأحني رأسي كاسفا من تلك اليافعات وهن يمرن من أمامي لا هم لهن غير أن يأكلن حتى ينعم الغير بهن يتلذذون بلحم تفوح منهن رائحة الرغبة لأن ينهشوا أجساد غضة بلا أدنى رحمة ،أشم رائحة أنوثتهن تعبق بأنفي تشدني أليهن ، رغبة أكيدة أن أكون أبا لولد قد لا أراه
فالقتل لنا عادة هكذا قالت لي أمي ، مات أبي وعلقت أمي من قدميها ،وقطعوها أربا، أربا ،
وأنا شاهد على مأساتهما ، لم أبك حينها لم أشكو حالي ، ولكن لمن أشكو وغيري مثلي لا يملك حق الاعتراض، أو البكاء ، كم تمنيت أن يأ كلني ذئبا ، أن يضمني لحد واحد لا أن أتوزع على عشرات اللحود
،كل ما مر من أمامنا نذير الموت ، تعتريني رعشة ، أأنا من ستكتب نهايته بهذه السهولة أأنا من ستهرس عظامه ، ستقطع أوداجه، لا أعرف متى تمر علي تلك السكين ، في ذلك اليوم جاءت رسل الموت ، نعم تحققت نبوءتي فهاهم يأخذوني مع عدد من رفاقي ، ودعنا الجميع بنظرة ، لا نعرف أهي نظرة تشف ، أم إشفاق ،أم فرحة بالنجاة، ربطوني أعطوني جرع مرة من الماء وقليلا من أكل ليس فيه لحم ولا مقبلات تعينني على تجرع غصة الموت ، جاءوا بالسكين ، شحذوها أمامي ، صديقي الذي لم أفارقه ودعني ، رأيت في عينه حزن قال قبل أن يفارقني أوصيك بأمي ، ضحكت حينها وعرفت كم كان صاحبي مغفلا ، هو لا يعرف إني سألحق به بعد لحظات ، كم كنا نلعب سوية تذكرت تلك المراعي وتلك المروج نتقافز بفرح كل يبوح لصاحبه عن دفين أسراره ، وفي دوامة التفكير هذه ، جاء القصاب بلا رحمة طرحني أرضا وقبل أن يضع السكين على عنقي سمعت دوي و قرقعة لا أعرف مصدرا لها ، سقط القصاب ، هربت ، حيث هذه الصحراء أكثر من سنة وأنا أختبئ منك
وأنت تحوم حول المكان إلى أن ظفرت بي وها أنا
تحت رحمتك هذه قصتي يا سيدي الذئب ولك ما تشاء ، بكى الذئب بكاء مرا ترق له القلوب .. ثم قال : أيها الخروف المسكين ستكون أنت بحمايتي وسأنتقم لك من قاتل أ هلك ......