النص والسياق والتنصيص
Texte, contexte, et hypertexte
بقلم كرستين دوريو ( ).
ترجمة الدكتور حسيب الياس حديد
كلية الاداب – جامعة الموصل-العراق




يتمحور بحثنا في موضوع مهم يحدد ابعاد ثلاثة مصطلحات غالباً ما يكون لها دورها في مجال الترجمة ويتمثل الموضوع في تحليل النص والسياق والتنصيص. أذ لا بد من الابتداء بتعريف هذه المصطلحات الثلاثة. ولا نعني من ذلك وضع قائمة من التعاريف بهذه المصطلحات التي يتطرق اليها المؤلفين وعلماء اللغة والمترجمين وغيرهم وانما هي محاولة لفهم هذه المصطلحات. ويعدّ تعريف كل من النص والسياق تعريفاً نظرياً في حين أن تعريف التنصيص يكون فنياً.
النص((Texte
يعرّف النص عادةً بكونه مجموعة من التعابير والجمل المدوّنة تشكل خطاباً. علماً أن مفهوم المصطلح في علم اللغة الحديث يشير الى جملة تعتبر وجهة نظر قواعد ربط سلسلة من الجمل أي انها تقدم بعداً داينامكياً مقابل الجملة المحدودة بعبارة مشكّلةّ موضوعاً ثابتاً للتحليل اللغوي. ومن دون انكار هذا التوضيح سوف أتمسك وبصورة خاصة بالمعنى الذي قدمه ليمسليف أي بالمعنى الواسع الذي تشير الى أية جملة مهما كانت سواء اكانت شفوية أم تحريرية طويلة أم قصيرة قديمة ام حديثة ولكنها في كل حال من الاحوال العمل على نقل الكلام . أما حسب النظرية التأويلية للترجمة يعدّ النص تجسيداً للخطاب وهو فعل الكلام يعبّر فيه المتحدث عن أفكاره وتعد اللغة وسيلة لهذا التعبير.

السياق(Contexte)
ومن جهة يظهر السياق أكثر تعقيداً وهو ابعد من أن يكون نقطة اتفاق اذا ما استبعدنا مفهوم السياق في علم الصوت والتلفظ علماً أن المظهر المفهومي لهذا المصطلح يتضمن عدة ابعاد . وضمن اطار النظرية التأويلية للترجمة يمكننا تمييز ثلاثة أنواع من السياق:
1- السياق اللفظي: ويمثل الوحدات اللغوية التي تسبق الوحدات المحددة والتي تتبعها.
2- السياق الموقعي: ويسمى ايضا الثوابت الموقعية : عبارة عن مجموعة معطيات مشتركة للمرسل والمتكلم حول موقف ثقافي ونفسي ، والتجارب والمعارف كلاهما وظروف انتاج النص.
3- السياق المعرفي: الخزين الذين يتشكّل اثناء تمثيل معنى خطاب واستيعابه ويشير الى المعلومات التي تم أخذها وتبويبها وتنظيمها أي وحدات المعنى التي تم استيعابها منذ بداية الخطاب أو النص.
نلاحظ أن مفهوم السياق عند بلومفيليد ( Bloomfield) يعطي كل من النقطتين (1و 2) المذكورتين في اعلاه في حين يقدم كاتفورد (Catford) تقسيماً وتمييزاً بين ( النص- المشارك) الذي يشير الى السياق اللفظي ( أو النقطة رقم (1). والسياق الذي نشير الى السياق الموقعي (أو النقطة رقم 2). اما بالنسبة الى كوسيريو (Coserieu) فأنه يقدم تقسيماً آخر يشمل ثلاثة أنواع رئيسة من السياق: سياق اللغة وسياق الخطاب والسياق الخارج عن الخطاب: ويتكون سياق اللغة من كل العلاقات مع العلاقات الاخرى للغة في حين أن سياق الخطاب يشمل مجموعة العلاقات مع العلاقات الاخرى للنص. ويغطي هذا المفهوم الاخير النقطة رقم (1) وربما رقم (3) بصورة جزئية . وفي مكمون هذا المفهوم يهذب موقفه من خلال التمييز بين السياق القريب والسياق البعيد. ويضاف الى ذلك السياق الايجابي وهو ما تمت صياغته بصورة صريحة في النص والسياق السلبي الذي يمثل الجانب الضمني للخطاب. واخيراً لدينا السياق الخارجي عن الخطاب ويتضمن جميع العناصر المحيطة باللغة المعروفة من قبل المتحدثين. ومن أجل تحليل وتفكيك هذا العنوان في السياق المادي والسياق التجريبي والسياق الطبيعي والسياق العملي والسياق التاريخي والسياق الحضاري، لابد من الاشارة هنا الى أطروحة موليت لابلاس " نظرية الكلام ونظرية الترجمة" و لا تختلف وجهة نظري حول هذه الاطروحة عن وجهة نظر ثلاثة مؤلفين : كادي (لايبزاك) وكوسيريو ( توبينكن) وسيلوسكوفيج (باريس) وأن الحكم الذي أصدره يشاطرني الكثير فيه لأن مؤلف هذه الاطروحة نال جائزة ماري – لويز اركوناتي التي تتوج أفضل الاطاريح في الاداب والعلوم الانسانية في أكاديمية باريس.
التنصيص (Hypertexte)"او النص المتشعب او الهايبرنص"
يشير هذا المصطلح الى مجموع المعلومات المبرمجة وأن هذه المعلومات لم تخضع الى أية قراءة سابقة. ويعتني ايضا المحتوى المعرفي لمجموعة من المقاطع والاقتباسات التي معناها يتشكل عبر المسارات التي تتحددها القراءة بالطرق المحوسبة ( informatisé) (ويعرف ايضا التنصيص hypertexte بأنه النص المتشعب.
ومن الجدير بالذكر أن مصطلح السياق تم اشتقاقه من قبل تيد نيلسون عام (1967) علماً ان الفكرة كانت سابقة له. وفي الحقيقة تخيل فانفاز بوش – ماكنة تعمل على تطويل الذاكرة. أذ قام بأختراع ماكنة أطلق عليها تسمية " ميميكس" " Memex" التي تقوم بتسجيل كم من المعلومات بحيث أنه يضع الية معينة يتم بمقتضاها الدخول الى هذه المعلومات وتصنيفاتها والعامل المشجّع لذلك هو دقة التنظيم والفهرسة التي تساعد المتصفّح في ايجاد المعلومات التي تم تبويبها حسب العناوين . وفي عام (1963) حقق دغلاس انكبارت " Doglas Engelbart" قاعدة بيانات نصيّه يديرها نظام مراجع متعددة، وبعد سنوات عديدة استطاع نيلسون من أن يدفع بهذه الفكرة الى امام ويحقق المكتبة العالمية التي من الممكن الوصول اليها من قبل الجميع بواسطة الشبكة. ومنذ صناعة المطابع بدأت هذه المعارف والمعلومات تختزن بالكتب وقدم الكتاب طريقة منهجية ومنظمة للمعلومات. التي تسهّل كثيراً عملية القراءة والاطلاع على المعلومات. وكما يعلم الجميع أن المعارف والمعلومات بدأت تزداد بازدياد سريع مما دفع استعمال المعاجم والقواميس ودائرة المعلومات (الانسكلوبيديا) والكتب والدوريات وغيرها.
وياتي بعد ذلك التطور التكنولوجي الهائل والذي ساعد كثيراً في تحقيق التنصيص (hypertexte) مع زيادة قوة معالجة المعلومات وطاقات الخزن. فعلى سبيل المثال نجد أن القرص CD- ROM يمكن أن يحتوي على (150000) صفحة من الانسكلوبيديا. فضلاًًًًً عن إجهزة الحاسوب اذ باستطاعتها استعمال وسائل مساعدة مثل النصوص والكتابات والصور الثابتة والمحركة.
وفي الوقت الحاضر شهد تطور التنصيص حدوداً فنية . أولاً وقبل كل شيء، ليس بالامكان السيطرة على قاعدة المعلومات ذات العلاقة خارج نطاق نظام محدد. وثانياً ليس بحوزتنا الوسائل المادية والبشرية التي لا يمكننا الاستغناء عنها بعملية ترقيم المعلومات المتوفرة وتبويبها وفهرستها وفق دعائم مختلفة. وأخيراً وعلى الرغم من التقدم الذي تم أحرازه في مجال تعددية وسائل الاعلام وفي مجالات عديدة لم يتم التوصل الى حد الان الى التطور في مجال التنصيص مرحلة يتخذ فيها صيغة عالمية.
العلاقات الترجمانية بين النص والسياق:
بعد هذا الاستطراد الفني نعود ثانيةً الى العلاقة بين النص والسياق ضمن الاطار الترجماتي. فعندما نأخذ المصطلحات الواردة في النظرية التأويلية للترجمة يمكننا القول أنه لدينا نص ثابت ومقولب (un texte figé) وسياق لفظي ثابت وسياق موقعي وسياق معرفي ايضا. .
وطبقاً للمنهج الترجماتي التقليدي التأويلي منه وغيره يجب أن نؤكد أن فهم النص لا يتم الا بفهم السياق بكل أنواعه ( اللفظي والموقعي والمعرفي) مثلما يوضح ذلك المثال الاتي. يتضمن المثال سياقاً محدداً يتعلق بالتلوث الذي تحدثه المركبات اثناء سيرها وسوف نجد استعمال مصطلح " mileage" الذي سوف نكشف معناه السياقي :
(1) Pressure from the public and leg islators…
(2) Car with a very small mileage (voiture).
نلاحظ أن مصطلح meleaige" " خارج السياق، مشتق من كلمة " mile" (ميل) وحدة قياس مسافات. ويعطينا القاموس الفرنسي – الانكليزي ( Harrap) المعنى الذي يدل على وحدة قياس المسافات ويعزز ذلك بالمثال الأتي : (Car with a very small mileage)(Voiture qui a très peu roulé)…..).
قبل كل شيء يمكننا القول أن المثال يقدم مصطلحاً مدروساً حسب السياق، وفي الواقع يتعلق بسياق اللغة التي يتحدث بها الشخص المعني. وبالمقابل يمكننا أن نقول حول الاقتباس السابق الذكر بأنه نص لأنه اراد التعبير عن شيء محدّد، فأذا ما أردنا أن نعتبر أن الترجمة ليست عملية نقل بين لغتين وأنما عملية تواصل يتمكن المترجم من خلاله أعادة كتابة النص الذي تمت كتابته بصورة مسبقة بلغة أخرى. وهنالك مجال لفهم ما يريد قوله ولكن ما هو الشيء الذي (يريد قوله) هنا؟ فأذا أعتمدنا على ما ذكره المعجم فأننا سوف نفكّر بالبحث عن تحسين مدة استدامة السيارة (المركبة) التي تم التعبير عنها بوحدة قياس المسافات ( الميل والكيلوميتر). فهل أن الامر متعلق بذلك فعلاً؟ في هذه الحالة لا يمكن فهم النص الا من خلال اعتماد السياق اللفظي والسياق الموقعي والسياق المعرفي بغية تفسير معنى " Mileage". اما في المثال الثاني نلاحظ علاقة بين مفهوم "Mileage" وكمية الوقود التي تزوّد بها المركبة. وهذه اشارة واضحة الى أن مصطلح "Mileage" لا علاقة له بمعنى وحدة قياس المسافات أي المعنى الذي أعطاه المعجم. ففي السياق الموقعي، نفهم تماماً أن النص يعالج موضوعاً يتمثل في مكافحة التلوث الذي تحدثه المركبات والعمل على البحث عن وسائل يمكن بوساطتها تقليل استهلاك الوقود . ومن ناحية أخرى، نلاحظ أن الجملة الاولى تشير الى ذلك بصورة صريحة. ومن الواضح أن السلطات لا تبحث عن وسائل من شأنها تقليل ظاهرة التلوث البيئي التي تسببها المركبات القديمة. وكما هو معروف تسبّب المركبات القديمة التلوث أكثر من الحديثة . وعند الاستناد الى الاوجه الثلاثة "للسياق" سوف يفسر القارئ مصطلح "Mileage" بالاستهلاك أي عدد (الالتار) من الوقود التي تستهلكها كل رحلة . وفي هذه الحالة ينبغي على القارئ أن يلجأ الى السياق الحضاري: ففي البلدان الناطقة بالانكليزية يتم حساب استهلاك السيارة ليس بكمية الوقود وانما بالمسافة (الكيلومترات) التي تقطعها كما هي الحال في فرنسا وانما بحساب عدد الكيلومترات التي يمكن لكل غالون من الوقود أن يقطعها ( أي ما يعادل 4,5 \لتر من الوقود).
فأذا ما اقتنعنا بمصداقية هذا المنهج للتفسير يكفي أن نلاحظ تطور الاعمال في المجال الترجماتي،ولا يعمل توجه الذكاء الاصطناعي الى الاخذ بالحسبان السياق اللفظي القريب فحسب وانما ايضاً السياق اللفظي البعيد ودمجه ضمن قاعدة المعلومات من جهة والمعرفة الحضارية التقابلية في اللغات التي نحن بصددها من جهة أخرى. وينبغي الاخذ بنظر الاعتبار عناصر المعلومات المقدمة من قبل النص خلال تقدم عملية معالجته.
3- الوصول الى التنصيص:
مع وصول التنصيص، نلاحظ أن النص ذاته اصابه التحول فلم يعد النص ذلك الكيان الثابت والمقولب والمحدد. وأنما اصبح كلاً مركباً من مقاطع مختلفة ومتشعبة ومختلفة وغير متبئّرة قابلة للترتيب بحيث يمكن أن تجد العوامل الرابطة لها. فأذا لم يعد النص ذات حقيقة ملموسة وموضوعية ثابتة كيف يمكن للسياق أن يكون كذلك؟ في الحقيقة, لم يعد السياق وحدة وكيان سابق الوجود للنص الذي يلجأ اليه القارئ بغية فهم النص وانما يصبح تركيباً لاحقاًُ لأنتاج النص الذي يعيد تعريف نفسهُ في كل قراءة للنص طبقاً للترابط الموجود في ذهنية القاريء.
ومنذ عام (1977) قدم سير(Serres) فكرة أن الماكنة البخارية تقدم أنموذجاً للتفكير ضمن أطر مختلفة. وبعد عشر سنوات أكد ليفي((Levy أن الحاسوب يقدم أطاراً جديداً لفهم العالم. ومن دون أي شك يقدم التنصيص بدوره طريقة جديدة للتفكير وهي طريقة أوضحت مسائل يقينية قديمة وعملت على إيجاد العلاقة بين النص والسياق.
اذن مع تقديم التنصيص ثمة سؤال يطرح نفسه: ضمن أي سياق ينبغي أخذه بالحسبان لتفسير معنى أي نص من النصوص؟ فالسياق ينشأ من خلال اقامة العلاقات وإيجاد المترابطات بين عناصر المعرفة. وعند قراءة النص المخصّص للترجمة تقدم الكلمات سلسلة من الترابطات بين الافكار والصور التي تشكّل في الذهن والتي تفرض نفسها. وأخيراً واثناء تقدم عملية القراءة تتشكل شبكة دلالية كبيرة من نمط تنصيصي((hypertextuel. ففي هذه الحالة لا يعدّ السياق كياناً موضوعياً ثابتاً يسبق وجوده وجود النص فهو ليس كلاً فريداً ومحدوداً وثابتاً لنص يتم تحديده بالاخير (أو يتم تعريفه بالاخير). فالسياق أذن عبارة عن تركيب ذاتي بقياسات حسابية متغيرة فهو كل شيء قابل للتطوير ومستمر بالتركيب واعادة التركيب ويتشكل بصورة لاحقة لأنتاج النص في كل قراءة جديدة، وهذا بدوره يؤدي بنا الى اقتراح سلسلة من التأكيدات :
1- يعدّ السياق لأحقاً للنص.
2- يعدّ السياق جمعاً وليس مفرداً.
3- يعدّ السياق كلاً مفتوحاً.
4- يعدّ السياق ذاتياًَ.
5- يعدّ السياق وحدة داينامكية (حركية).
وبأختصار يعد تكوين السياق وظيفة موضوعية ذات متغيرات عديدة تتبع التعبير الرياضي الاتي :
السياق = ( نص، قراءة، زمن).
4- اسهامات التنصيص أو النص المتشعّب: من المألوف القول أن التنصيص عبارة عن مجموعة من المفاصل المرتبطة بوشائج معينة. او عبارة عن عقدة أو مجموعة عقد مرتبطة فيما بينها بروابط معينة. وينبغي أن لا نرى شريطاًُ في العقدة وانما شبكة معقدة متشعباً. ومن هذا المنطلق، نلاحظ أن كل مسارات الفهم معكوسة فعندما يمر أول أثر سلبي على عاداتنا نفاجأ بالاثر الايجابي للنص المتشعب (التنصيص) الذي يتجلى ولا ينتهي ظهوره.
هذا بدوره يظهر في مجال الترجمة بكل وضوح. ففي حالة وجود نص يتضمن مصطلحات ينبغي على المترجم أن يكون لديه رصيداً معرفياً واسعاً في هذا المجال. ونأخذ بالحسبان فرضية ان المترجم المكلّف بالترجمة يمتلك رصيداً معرفياً عاماً على الرغم من عدم كونه متخصصاً وسوف يتّبع طريقة من شأنها أن تجد حلولاً ترجماتية ناجحة. ومن الطبيعي سوف يراجع معجماً ثنائي اللغة ثم معجماً أخر أحادي اللغة ولربما يلجأ الى مراجعة كتاب أو أنسكلوبيديا لمعرفة المزيد عن المصطلح.

5- آفاق عامة:
فتح التنصيص ( النص المتشعب) أفقاً لا نهاية لها للمترجم. فبعد انتعاش الآمال الكبيرة للترجمة الالية وصلنا الى حدود طموحات اكثر تواضعاً مع الترجمة بمساعدة الحاسوب. ومهما يكن الامر فان الترجمة بمساعدة الحاسوب مهما كان نتاجها يبدو انها تجميع البرامجيات لمعالجة النص وذلك من خلال بنك المعلومات. ومن الممكن أن يكون بنك المعلومات ابتدائياً، ومن الممكن أن يكون أصطلاحياً أو ربما يكون أكثر تعقيداً يربط معلومات أصطلاحية ومعلومات نصية، وبصورة خاصة مع المدوّنات المتوازية. وهنا يتعلق الامر بترابط لغتين او اكثر وربط كلمات فيما بينها وربط فقرات بأكملها. وتكمن جدوى هذه المدونات المتوازية في حقيقة كونها اقتباسات من وثائق تكون موضوعاً لترجمة منقّحة ورصينة ونافذة. ويعد ذلك بمثابة انعكاس لتعابير مستعملة بصورة واقعية في الظروف المعينة والمحددة, ويمكن ان تؤخذ في ظروف مناظرة. وفي هذه الحالة يعدّ نظام الترجمة بمساعدة الحاسوب نظاماً خاصاً جداً ويتم تكييفه على نوع خاص من الوثائق المحددّة بمجال معين ومجال فرعي محدد إيضاً. أنه نظام منغلق على نفسه وبالمقابل يعد نظاماً تنصيصياً (متشعب النص) ومنفتح الى ما لانهاية. ويمكننا أن نتصور موقع عمل المترجم الذي يتضمن معالجة النص والنص المتشعب. ولا يعد ذلك عالماً طوباوياً (مثالياً) أذ ان الانظمة الاولى موجودة. وتتضمن شاشة بحجم (19) بوصة لعرض مساحة واسعة عليها لتدير وبسهولة العملية مع وجود ذاكرة واسعة مع اقراص ذات طاقة استيعابية هائلة. ونذكر على سبيل المثال أن الانسكلوبيديا العالمية ( دائرة المعارف العالمية) يمكن خزنها على قرص واحد.
6- ملاحظات ختامية
قبل الانتهاء من الموضوع ثمة ملاحظات تعرض نفسها عند تقييم العمل الذي نقدّمه بين يدي القارئ الكريم.اذ يمكن ملاحظة وجود تناقض بين الفقرتين (2 ،3) من هذا العرض. ونعرف منذ فترة أن كل موضوع لا يمكن تجزأته الى اقسام فرعية وهكذا الحال بالنسبة للجسم البشري، أذ اننا نتحدث عن الجسد البشري ووحدته وعند تشريح الجسم البشري نجد كيف ان الاعضاء تتكون من خلايا وهذه الخلايا ايضاً تخضع للتقسيم وهكذا. وبناءاً على ما تقدم، يبدو لي البحث ينقسم الى عملية مزدوجة تتضمن محورين رئيسين متعامدين ،" الاول عمودي يتضمن الاستناد الى نقاط يقينية مكتسبة ومبرهنة اوقابلة للبرهان أما الثاني افقي يتضمن محاولة الدخول الى طرق جديدة للتفكير.