مأتمٌ
لآخرِحلم


شعر : لبنى ياسين



صوتُكَ يطرِّزُ عباءةَ عشتار

حيثُ تَغفو على وهمِ الخلود

مثخنةً بأحلامٍ جائعةٍ

تزيـِّنُ النومَ بفيروزِ الحلم

وحيدةٌ بين براثنِ الغيمِ والمطر

لا أحدَ يحرسُ نومَها

ولا شيءَ يسجنُ الوسنَ بينَ جفونها

تخبرُها بأنكَ هناكَ

من أجلِها تبقى دائماً

فمنْ أينَ إذنْ تسلَّـلَ اليأسُ

إلى جسدِ كابوسها الذي لا ينام؟

وكيف فتحتْ عينيها

على غيابِ القبلةِ التي تَعِـدُ بالخلود

دونَ أنْ تُنجز وعدَهَا كلَّ مرَّة؟

تنظرُ إليكَ الأميرةُ

التي لمْ تعدْ تغفو على وسادةِ وهم

تقصيكَ عنْ تاجِها الفضيِّ

المخضَّبِ بألفِ دمعةٍ ودمعة

بقلبٍ يرتجفُ بينَ أصابعِ المطر

لم يعدْ في وسعِها أنْ تصدِّق نبوَّتك

لأن الصباحات الآثمة

رهنتْ عريـَّـك بالضوء

ونبشتْ أمامَ أشلاء روحِها

ملامحَ اليأسِ

المنبعثةِ عن شفاهِ صوتك

الأميرةُ تقفُ على شَفا وجعٍ

تُهديكَ دمعةً مطفأةً

رسمَهَا القمرُ

أطلالاً للموتِ القادمِ

على كفوفِ خيبة

وتشعلُ الثلجَ في منابتِ الغواية

عندمَا تترجلُ منْ مركبتِها

التي تقودُها جيادُ الصقيعِ

ودونَ أنْ تنتظرَ الساعةَ الثانيةَ عشرة

تعودُ أدراجَها إلى العربة

وفي جعبةِ يأسِها المعلـَّـق

حقيبةُ وجعٍ تتسلقُ كتفَ أفكارها

قبضة من براعمِ الحقيقةِ العارية

وبعض الوهم المكتسي بثوبِ صدفةٍ عابرة

وشيء من حريرِ خرافةٍ

قابلةٍ للتصديقِ لوهلة

لكي تزينَ الجرحَ

وتقتفي أثرَ الصباح

إذْ أنَّ منتصفَ الليلِ

بدقَّاتِه الرتيبة التي لا تعتنقُ

الفوضى عقيدةَ صمتٍ

لم يعدْ يليقُ

بابتهالاتِ الخيبةِ

المنطفئةِ على خاصرةِ

حضورها الآسر

تحتَ سطوةِ وعدٍ لا يتحقَّق

مثل أنكيدو

يعتريكَ الغيابُ حينَ تهيمُ بها

وتعتنقُ عينيهَا خطيئةً مقدسة

تفوحُ رائحةُ العشقِ من ثنايا جلدك

عندما تلامِسكَ شفاهُ الحب

ويختبئُ ضبابُ الغابات

في أخاديدِ المدنِ الحافية

ويتلاشى عصيانُك

غبارَ دهشةٍ صمَّاء

تحتَ أكمامِ السماء

تغفو على بساطِ عشقك

فتنظرُ إليكَ الكائناتُ الأخرى

يذبلُ الخوفُ في وريدها

هي التي كانتْ ترتعدُ

على مرمى ساعدي جبروتك

هكذا تحبُّكَ أميرتكَ مرتين

تحبُّ ضعفكَ عندما ترسمُه أصابعُها

دخاناً يعتلي فوضى حرائقك

هيَ الكائنُ الضعيفُ منذُ الأزل

لم تُخْلَقْ إلا لتقلِّمَ أظافرَ قسوتك

وتعلمكَ أن الحبَ صلاةُ الكون

وأنَّهُ طقْسكَ الأنقى

لكي ترتقي إلى مرايَاهَا السِّحرية

فتمشِّطَ شعرَ ليلِها في مدى عينيك

تتمايلُ فرحاً بثوبٍ

حاكته شفاهُكَ بقصبِ الكلام

وتنحني فوقَ قنديلِ أزهارِها

ترسمُ كحلَ شوقِها

على رمالِ سواحلِك المتعبة

عليكَ أنْ تتسلقَ ضفيرةَ الوقت

لئلا تهربَ منك معشوقتك

هكذا تموتُ الأساطيرُ كلَّ مرة

دونَ أنْ تتركَ بقعةَ دمٍ واحدة

تقتفي عِبرَ أروقتِها أثر القتيل

لتبقى آثارُ أقدامِ القاتل

معلقةً قنديلَ خوفٍ

على شفاهِ أسئلةٍ عقيمة

محفورةٍ بإزميلِ السكون

لئلا تعتنقَ جواباً فاضحاً

وحدها الحقيقةُ كسيحةٌ

مكبلةٌ بألسنةِ اللهب

مسجونةٌ بين ممراتِ مدى

لا يفصحُ عن أوجاعه

عليكَ أنْ تركضَ حتى نهاية المطاف

لِكي تلقَاهَا هُنَاك

في اللحظةِ التي تدركُ فيها

أنَّ قاربكَ مثقوبٌ

وأنكَ على وَشكِ الغرقِ

قابَ شهقَتَينِ من الموتِ

لا جدوى إذنْ

سواءٌ كانتْ هناكَ أو لم تكنْ

فإنكَ لم تعدْ هناكَ

ولم تعدْ هنا أيضاً

-----------

لبنى ياسين