جدة: (منابر جمعة) تتصدى للمشككين
في (هلال شوال).. ومواطنون تراجعوا عن (الكفارة)!
جدة - أروى خشيفاتي
تحرك عدد من أئمة وخطباء المساجد في محافظة جدة أمس (الجمعة) لطمأنة المصلين على صحة صومهم وفطرتهم، بعد الجدل الذي دار بين الفلكيين والشرعيين بشأن رؤية هلال شوال أخيراً.وأكد عدد من المواطنين لـ«الحياة» أنهم قرروا قضاء يوم فطرتهم أو الاستغفار عن ذنبهم غير المقصود بـ «الكفارة»، بعد أن تسلل الشك إلى نفوسهم على خلفية تصريحات «الجمعية الفلكية» في المحافظة التي شككت في هلال شوال واعتبرته كوكب زحل.وقالوا: «لقد طمأننا أئمة وخطباء بعض المساجد خلال صلاة الجمعة أمس، أن فطرتنا صحيحة، ولا تستدعي الكفارة، وحذرونا من الاستماع إلى الحسابات الفلكية التي تثير جدلاً، والاعتماد على الرؤية الشرعية فقط».وقال إمام جامع أبي بكر الصديق في محافظة جدة عثمان رمضان لـ«الحياة»: «إنه خصص خطبته أمس عن جدلية الفلكيين والشرعيين حول رؤية هلال شوال، بعد أن أثارت هذه القضية جدلاً واسعاً بين المواطنين والمقيمين، إضافة إلى ملاحظته دخول الشك لدى البعض بأنهم وقعوا في مخالفة شرعية في هذا الشأن».وأكد أن مثل هذه القضايا لا يجب أن تغيب عن منابر الجمعة، بعد أن تسلل الشك لدى الكثيرين، ما يعني ضرورة إيضاح التأصيل الشرعي لمسألة دخول شهر شوال، من طريق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: « صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته»، مضيفاً أنه يتعين على الفلكيين الالتزام بالرؤية الشرعية الموثقة من الجهات المختصة في الدولة والمتمثلة بـ «المحكمة العليا».ونبّه إلى أن شرح بعض أئمة المساجد لمنابر الجمعة لمثل هذه الأحداث يأتي من باب الضرورة، من أجل طمأنة وتوعية المسلمين حول شؤون دينهم، حتى لا تتكرر مثل هذه الأزمات الجدلية مرة أخرى، وقال: «إن المصلين بعد خطبتي هذه، خرجوا من المسجد وهم يحمدون الله على صحة صومهم وفطرتهم، بعد أن دخل الشك في نفوسهم على خلفية ما أثاره الفلكيون من تشكيك في هلال شوال، ما عده بالأمر الخطر، خصوصاً أن البعض كان يسأل عن كفارة ذلك».وأشار إلى أن رؤية الهلال لا يجب أن تدخل في الحسابات الفلكية، خصوصاً أنها كانت معروفة في عصور سابقة وكان يستأنس بها فقط، ولا يجب التعويل عليها.من جهته، أكد إمام جامع الإخلاص بحي الروضة في المحافظة رضوان بن حسن الرضوان لـ«الحياة» أنه خصص جزءاً كبيراً من خطبته أمس، للحديث عن جدل رؤية هلال شوال بين الفلكيين والشرعيين، بعد تلقي عشرات الاتصالات والرسائل من داخل المملكة وخارجها، للاستفسار عن صحة صومهم وإفطارهم. وعما إذا كانوا ملزمين بقضاء هذا اليوم دفعاً للشك والحيرة، قال: «إن مثل هذا التشكيك محرم ولا يجوز الجدل فيه، خصوصاً أن هذه القضية أثيرت على نطاق واسع في البلدان العربية والإسلامية على خلفية تصريحات الجمعية الفلكية في المحافظة التي شككت في أن هلال شوال المعلن من جانب المحكمة العليا لم يكن سوى كوكب زحل».من جانبه، أوضح إمام وخطيب مسجد السيدة آمنة زايد بحي الحمراء في المحافظة خالد الرميح لـ«الحياة»، أنه اختار موضوع خطبته أمس، عن جدلية رؤية هلال شوال لإيضاح الحقيقة للمصلين والرأي العام، إضافة إلى تفنيد الإشاعات والأكاذيب بالأدلة والبراهين الشرعية.وقال: «إن ما دعاني لاختيار هذا الموضوع، هو انتشار بعض الإشاعات والأكاذيب في رسائل الهواتف النقالة بين المواطنين والمقيمين المشككة في هلال شوال، ودعوتهم لقضاء اليوم الذي أفطروه على سبيل الكفارة على خلفية تصريحات بعض الفلكيين في هذا الشأن».ولفت إلى أن الفلكيين لا يلامون في رأيهم، وجهدهم محل تقدير، إلا أنه لا يجوز لهم التشكيك في مجلس القضاء وشرعيته وأعماله في هذا الشأن، خصوصاً أن رؤية هلال شوال تكون مثبتة من جانب مواطنين ثقات لدى المحاكم الشرعية.
http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/303764
مسلمو فرنسا يتخلون عن رصد الأهلة بعد جدل
باريس: فابيولا بدوي
حتى بعد انتهاء شهر رمضان وأيام العيد، لم يتوقف الجدل في فرنسا حول رؤية الهلال، كما هو الحال في الدول العربية، الأمر الذي دفع المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إلى الإعلان عن التوقف عن رصد الأهلة، والاتفاق على مواعيد دخول رمضان والعيد مسبقا، ابتداء من العام المقبل.
وتأتي هذه المبادرة بعدما أعلن استطلاع للرأي أعدته صحيفة لاكروا الفرنسية، مع أول أيام العيد، أنه في العشرين عاما الأخيرة بلغت نسبة الصائمين في فرنسا نحو 11%، وأن مسجد باريس الكبير هو الجهة التي تحدد بدء الصوم ونهايته بعد مراقبة دقيقة للسماء بالعين المجردة، مما يجعل هذه المراقبة تمتد ليوم وفي بعض الأحيان إلى يومين. وبحسب رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، محمد الموساوي، سيحدد اعتبارا من العام المقبل تاريخ ثابث للأعياد والمواسم الدينية الإسلامية.
وأكد الموساوي أن "غالبية مسلمي فرنسا يؤيدون هذا التغيير"، وأنه سيوضع في نهاية العام الجاري تصور غير نهائي للسنوات الخمس المقبلة استنادا إلى بحوث علمية توفرها معاهد إسلامية.
http://www.alwatan.com.sa/Local/News_Detail.aspx?ArticleID=67882&CategoryID=5
لم يُر الهلال! ثم ماذا؟
د. حمزة بن محمد السالم
الأخذ بالفلك مطلقاً أو الرؤية مطلقاً أو المزج بينهما في اعتماد الفلك في النفي دوت الإثبات، أقوال كلها لها حظ قوي من النقل والعقل بشواهد ثابتة في الكتاب والسنّة، وهي أيضاً كلها بلا استثناء أقوال ظنية. فإنْ كان علم حساب الفلك لخروج الأهلّة قد أصبح اليوم علماً يقينياً قطعياً، إلاّ أنّ الرأي في الأخذ بالفلك مطلقاً هو رأي ظنِّي شرعاً لأنه مستنبط استنباطاً من النصوص الذي تدلُّ عليها الرؤية، ففيه مجال الخطأ، فهو ظنّي الاستدلال. والقائل بالرؤية المطلقة كالسعودية هو كذلك قولٌ ظنّي، فهو وإنْ كان رأياً يقينياً قطعياً شرعاً إلاّ أنه ظنّي في ثبوت الرؤية وصحّتها. والرأي الثالث الجامع بين الأمرين قد جمع أيضاً اليقين والظن من كلا القولين.
وأنا لن أخوض هنا فيما قيل من قبل وحررت فيه البحوث والكتب، ولكن ما أعتقده هو وجوب توضيح مفهوم أنّ الله قد تعبّدنا بالظن لا باليقين. هذا الأصل أعتقد أنه من المهم طرحه كأحد معطيات النقاش وأنه حاصل في الأقوال كلها، فلا فضل لأحدهما على الآخر.
الدِّين مكوّن من ثلاثة أقسام.. عقائد وعبادات ومعاملات. فما ورد في العقائد فنؤمن به إيمان عجائز نيسابور. وأما المعاملات فنتحرّى فيها اليقين على أشدّ ما نستطيع (ومنه استخدام جميع وسائل التكنولوجيا المتوفّرة)، وأما العبادات فهي وسط يتردّد بين العقائد والمعاملات، فهي تشارك العقائد بأنها مبنيّة أصلاً على التسليم بغضّ النظر عن الحكمة والمصلحة. كما أنها تشارك المعاملات في أنها أمور ملموسة لذا يتحرّى في أدائها اليقين. فرؤية الهلال وأوقات الصلاة والطهارة واحتساب عدد الركعات والطواف للطائف والمصلّي وغير ذلك، كله مبني على الظن لا على اليقين، فما ظنه المسلم في ذلك فهو يقين في حقه.
فالأخذ بالفلك مطلقاً منهجُ غلب الجانب المحسوس في العبادات، فحجّته قوية من هذا الباب عمادها هو أنه إذا توفّر لدينا اليقين فاعتماد الظن باطل، وحساب الفلك يقيني.
والأخـــذ بالرؤية مطلقاً منهــج غلب جانب التـسليم في العبادات، فحجّتـه قوية من هذا الباب وعمادهـــا النصوص المتوافرة بأنّ الأصل الرؤية المجرّدة. والعبادات وقفية على النصوص لا مجال فيها للقياس والابتداع والاجتهاد دون ضرورة أو حاجة ملحّة.
والأخذ بالفلك في النفي دون الإثبات حلٌ وسط يجمع بين جانب التسليم وجانب المحسوس، ولكنه صعب الفهم بسبب الموانع النفسية للمناهج الفكرية. فمن كان أساسه عقلانياً لن يستطيع فهم معنى أنّ العبادات وقفيّة تسليميّة. ومن كان أساسه سلفياً فلن يستطيع أن يفهم معنى الأخذ بالفلك بالنفي دون الإثبات، لرفضه مبدأ الفلك مطلقاً. وأنا أدرك مدى هذه الصعوبة، فقد احتجت إلى خمسة عشر عاماً وصدمة عملية تزيل عني حاجز الممانعة، لكي أفهم منطق من يأخذ بالحساب الفلكي في نفي دخول شهر رمضان، حتى ولو جاءت الشهود بالإثبات، وذلك من قوّة تأثير المنهج السلف المغلب لجانب التسليم المطلق.
عيدنا لهذه السنة قد انقسمت فيه بلاد الإسلام على الآراء الثلاثة التي كلها بلا استثناء مبنيّة على الظن لا على اليقين، كما وضحت سابقاً.
فإذا فهم الناس أنه سبحانه لم يجعل علينا في الدِّين من حرج فتعبّدنا بالظن لا باليقين، لزال ما نفوسهم من الشك والنزاع. والذي يجب أن لا يسكت عنه هنا أنه مهما كان الرأي الذي انتهى إليه من ولاهم الله هذا الأمر في بلاد المسلمين، فيجب على المسلمين قبوله وعدم النزاع فيه، فكل الآراء ظنّية فلا يُقدم ظن على ظن.
http://www.al-jazirah.com/20110903/lp3d.htm