في روضة النصوص الأدبية الفكرية يحلو الجولان ، والابحار صوب محطات المتعة و اللذة ، و كيف تفننت الأقلام في نقل ذوبان القلوب ، و صحوة العقول ، وكيف استجابت اللغة ، وتبادت الصور الأخاذة لمن شاءت من حملة الأقلام ، فكان كل وحظه ، و كل ومقدرته و ثقافته ، و حسن تصرفه .
ولكن يخطيء من يساوي بين المبدع القاريء للمتعة ، و الناقد المشرح للعمل بغية الدراسة تقويما و تقييما ، والقاريء السطحي الذي يمر مرورا عاديا عله يظفر بما يشبع بعض حاجياته في هذا الباب أو ذاك ، و معظم هذا الصنف لايعلم من عملية بناءوانشاء النص شيئا ، فلا متعته تكون كبيرة ، ولا له من النقد حظ الا ما هو انطباع عام قد يلامس العمل من بعيد ن وقد يكون حكمه عكسيا. ان المساواة لا تجوز بناء على ما وضحناه .
اننا نحن الأدباء المبدعين حين نقرأ النص يكون احساسنا قريبا من شعور صاحبه حين كتبه ، ونستقبله أفضل من أي كان ، نتمنى أن نجده قد عبر عما لم نستطع فعله حتى يشبع فينا تلك الرغبة ، و يخلصنا من هاجس الاحاطة بمشكل كتابي لم يتبلور بالشكل الأفضل في ما أنتجناه ، فاذا صادف أن عثرنا على الأجمل انبهرنا وأعجبنا ، و لم نمر دون أن نعبر عن هذا الاعجاب بطريقة يخطيء من يعتبرهادراسة نقدية ، ويحيد عن الصواب من يقول انها مرور وانطباع سطحي . وكم من انطباع أديب لامس نص أو فكرة كاتب آخر في عمقه فكان أثر ذلك أفضل من عشرات الدراسات النقدية لأبرز النقاد ، ونعطي مثالا : ماذا تساوي آراء النقاد أمام رأي العقاد أو طه حسين أو نزار قباني أو أدونيس في عمل ما ؟.
ونفس العمل نقوم به اذا اصطدمنا بنقائص نص معين ، ولكن نكون أرحم من النقاد ، فنكتفي بالتنبيه الى ما نلاحظ أنه موضع ضعف ، ونقترح وجهة نظرنا بطريقة يلمس فيها الكاتب احترامنا له و لمجهوده ، وليس معنى هذا أننا نعيب على الناقد طريقته ، ولكن كل وطبيعة اختصاصه .
وتبقى قراءة الكاتب المبدع لأعمالنا أقرب الى أنفسنا نحن الكتاب مفكرين وشعراء و أدباء من أي قراءة أخرى .