غربةٌ مالحةٌ
سكب الحنينَ، فأعشبته دماؤه
وطنا يُجَمِّعُهُ لديه رجاؤه
ما بينه والياسمين فراشة
ليكون في حضن الورود لقاؤه
أدرى به الجدران تجثم فوقها
نظراته والصمت كيف يشاؤه
قد زاده الملح الفطين تخثرا
بفم عليه تزاحمت أشلاؤه
أمسى على رمل الوعود مكبلا
إنسانه وقد استبيح إباؤه
متوشحا بالشام حين سمعته
يطويه عن وجه الغياب حياؤه
لما أطل الوقت من طرقاته
لمحَ النهار تَلُمُّهُ آناؤه
ماذا يقدم أو يؤخر شاعر
بين الأنامل واليراعِ نداؤه؟
وطموحه بالغيم يخفق جنحه
فيضيع في شُعَبِ الجهاتِ ضياؤه
في غربتين تبخرت أحلامه
وتسربت من صمته أصداؤه
ما أيقظته بلاغة السحب التي
في حضنها ترعى الودادَ ظباؤه
من كل دالية تعاقر كأسه
همٌّا بذاكرة الأصيلِ مساؤه
قعدت به الأيام في مرمى غد
تنمو على أطرافه بيداؤه
وعلى كثيب العشق أبقى ظله
يخفيه في جيبِ الحياة فضاؤه
مازال يحبو قلبه وأمامه
يجري على طرف الشرود رداؤه
متدثرا بالرمل عاد وخلفه
أسف الربيع تيبست أنباؤه
عُدْ للندى العذري في حضن الربا
نضج الهوى وتشابكت أفياؤه
فمضى يجر اللحن فوق أنينه
حتى تنفَّس من يديه غناؤه
هو من رماد الشعر يبعث كلما
احترقت بنيران الهوى عنقاؤه
فحكايتي مع موسم الشكوى ذوت
في ثغره وجفا يديه دعاؤه
لا تنسخي وطنا يقاس بشاعر
نسي اليراع وفي الحروف نداؤه
سقطت بميدان العفاف شهيدةً
كلماتُهُ وبثغرِها قُرَّاؤُهُ
من رحم غيم أسقطته قصيدة
عذراء يوم تلاقحت أخطاؤه
في غرفة منسية أحلامه
فُقدتْ ولم تسمع بها أنباؤه
ياليته دفن الغرام بصدره
وترمَّلتْ قبل الشروق سماؤه
شَيَّعْتُهُ مطرا لأقصى غيمة
فبكى عليه مع الغمام بكاؤه