إباحيّة.. لتزجية أوقات الفراغ

بقلم: زينب.ع.م. البحراني



قبل أيّام؛ كُنتُ أطالع عددًا قديمًا من مجلّةٍ عربيّة في إحدى صالات الانتظار العامّة، فوقع بصري على خبرٍ بين أخبار صفحة الحوادث؛ يحكي قصّة رجُلٍ خمسينيّ العُمر تزوّج مرّتان، المرّة الأولى خُتمت بالطّلاق لاكتشافه حرمانه من نِعمة الإنجاب، أمّا الثّانية فقد كُتب لها الاستمرار أكثر من 15 عامًا بعد رحلة علاجٍ طويلةٍ سبقت إقدامه على الزّواج الثّاني، وتمخّضت سنوات ارتباطه بزوجته الثّانية عن ثلاثة أبناء أكبرهم بلغ عامه الخامس عشر.

سارت الأيّام بالأسرة في سلام، إلى أن جاء يوم خرجت فيه الزّوجة من البيت لقضاء بعض شؤونها، فجلس الزّوج أمام جهاز حاسبه الآليّ المُرتبط بالشّبكة العنكبوتيّة الإلكترونيّة، واختار موقعًا مُتخصصًا بعرض مقاطع الأفلام الإباحيّة كي يقطع وقت فراغه بمُشاهدتها أثناء غياب الزّوجة ، ومن مقطعٍ إلى آخر حتّى فوجئ بمقطعٍ تتصدّر بطولته زوجته بشحمها ولحمها وكُلّ ما ينمّ عنها من ملامح!، وكانت تلك الشرارة الأولى التي أحرقت مُستقبل الأسرة بأكملها، حين اكتشف بعدها أنّه مازال عاجزًا عن الإنجاب – بالفعل- رُغم ولادة المرأة التي تزوّجها أطفالاً ثلاثةً مُسجّلين باسمه!!، وصار يهيم على قدميه في الشّوارع مُحدّثًا نفسه كالمجانين.

لم يستوقف دهشتي - من بين تفاصيل الحكاية - مثلما استوقفتني مسألة اختيار الرّجل موقعًا مُتخصصًا بعرض مقاطع الأفلام الإباحيّة لقضاء وقت فراغه!. فالرّجل – بحمد الله- يتمتّع بنعمةٍ يفتقر إليها رجال كثيرون، وهي نعمة الزّواج، أيّ أنّه لا يُعاني ذاك الاحتقان الجنونيّ الذي يدفعه للبحث عن فُتات العبث الإنترنتي المُعلّب الذي لا يُسمن من جوع، وهو في سنّ يُفترض فيه النّضج وعُمق الإحساس بالمسؤوليّة والتّفكير بالأسرة ومُستقبل الأبناء، لا في سنّ مُراهقةٍ أو بداية شبابٍ يدفعه فضول ما يجهله للبحث والتّجريب في هذا المجال. ما الذي يسوقه إلى مثل هذا السلوك المَرَضيّ بامتياز بعُذرٍ يقول أنّه (قضاء وقت الفراغ)؟!. أما من هوايةٍ أخرى جديرةٌ بقضاء وقت الفراغ ذاك عدا تصفّح المواقع الإباحيّة؟.. هل ترك قراءة القُرآن، ومُطالعة ملايين الكُتب في مُختلف المجالات، والاتّصال بقدامى الأصدقاء لتفقّد أخبارهم، والتحدّث مع الأبناء لمُتابعة أحوالهم، ومُحاولة تقوية لُغته الثّانية أو تعلّم لُغة جديدة، ومُشاهدة مئات القنوات التلفازيّة العربيّة المشحونة بالبرامج والأخبار والمُباريات والمُسلسلات، وتصفّح آلاف المواقع الإلكترونيّة التي تتحدّث عن الطبخ والفن والأدب والسّخرية والرّحلات والرّياضة والسّباكة والسّياسة والخياطة والهواتف المحمولة، ليقضي وقت فراغه بتصفّح موقعٍ إباحيّ؟!.. ثُمّ بعد ذلك يُدهشه أن تكون رفيقة أيّامه الماضية خائنة مُحترفة تحمل على ظهرها تاريخًا طويلاً من الفسق والفساد. هل كان يتوقّع أن تقضي الأوقات التي يقضيها في تصفّح المواقع الإباحيّة ومُشتقّاتها في الصلاة والصّيام؟، أم كان يتوقّع أنّ عاقبة فساده - الذي كان أهونه تصفّح تلك المواقع- امرأةً زاهدةً عفيفةً نظيفةً تحجب وجهها عن ذكور الأسماك و صغار القطط إخلاصًا وورعًا؟!!.. وإذا كان ربّ الأسرة يضرب على طبل الفساد سرّا مُهملاً بقيّة أفراد أسرته، فهل نتوقّع من تلك الأسرة الرّقص على إيقاعٍ مُغايرٍ لمسيرة الأب؟؟
أيّها الأزواج، أيّها الآباء، يا أرباب الأسر، تذكّروا جيّدًا أنّ هُناك عاقبةً أخلاقيّةً دُنيويّةً لكلّ سلوك مهما ظننتموه سرّا.. وكما تُدينُ تُدان.