السلام عليكم
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


معلومات عامة تفيدك في تأليف الكتب

هذا النوع من الكتب معروف وإن كان غير شائع في البلاد العربية، حيث تعمد إحدى الشخصيات العامة أو المعروفة، كالرياضيين والسياسيين والأثرياء أو كبار رجال الأعمال أو المكتشفين، للاتصال بأحد الكتّاب، والعهدة إليه بتأليف كتاب عنه، يتحدث باسمه وعلى لسانه، يتطرق فيه إلى أبرز محطات حياته وأهم إنجازاته في الفن أو الاقتصاد أو العلوم .. الخ.
وتقوم الشخصية بانتداب الكاتب لأسباب عدة: إما لأنها لا تملك مهارات كاتب أو موهبة كتابة، أو لعدم توافر الوقت الكافي للاهتمام بمتاعب الكتابة والتنقيح والتصحيح، أو لتوافر المال الكافي الذي يغني صاحبه عن فعل الكتابة ويؤجج الرغبة لديه في رؤية كتاب يحمل اسمه لمجرد الشهرة وذيوع الصيت، أو لنفاد صبر بعض الشخصيات وعجزها عن اختيار الأهم من المحطات ونبذ ما عداها. وتختلف هذه الكتب عن كتب السيرة الشخصية بأن اسم الكاتب الحقيقي لا يظهر على الغلاف، ولا يُشار غليه على أنه المؤلف في الصفحات الداخلية. فالكتاب يحمل اسم الشخصية دون اسم الكاتب، والذي قد يذكر من بين جملة أسماء يزجي فيها المؤلف كلمات الشكر لكل مَن ساعده أو عاضده على نشر الكتاب. هذا النوع من الكتب مضن ومرهق، فلابد من معاشرة الكاتب الشبح للشخصية معاشرة قد تدوم أسابيع أو أشهراً، وتقتضي جلسات عديدة لمراجعة ما تريد الشخصية إظهاره أو تود حذفه، أو تسليط الضوء عليه، أو طمس معالمه. لابد له من الاطلاع على كل ما أنجزت الشخصية وجل ما كتبت من تهويمات أو تداعيات أو أفكار. كذلك التحري وجمع ما كتب عن تلك الشخصية في الصحف أو الكتب، ليفاضل وينتقي ويختار ويحسن الاختيار.
من شروط الكاتب الشبح أن يكون على دراية تامة بصنعة الكتابة وفنونها، وقدرة على الإنشاء والتحرير والتنقيح. ففي مثل هذا النوع من العمل، لا يكتب الكاتب بوحي من أفكاره، ولا يشحذ مخيلته ولا يستلهم أفعاله ولا يستخدم ألفاظه، إنما يكتب بوحي الشخصية ويستعير مخيلتها ويستخدم ألفاظها وتعابيرها ويلاحق تداعياتها.
ولابد لمن يرتضي القيام بهذا العمل أن يكون صديقاً حميماً للمؤلف أو أن يكون الأجر عالياً، أو على الأقل وافياً، ليستح عناء المكابدة، والكاتب يدفن ذاته ويستعير مخيلة الغير ويستخدم ألفاظه.
ونادراً ما يرتضي الكتّاب المعروفون القيام بتأليف كتب الشبح. ولعل من بديهيات عمل الكاتب: ألاّ يكون لأسلوبه سمة واضحة أو حضور طاغ، بحيث تظهر فيه ((أنا)) الكاتب وبصماته واضحة على حساب شخصية المؤلف، لئلا تتوارى أو تحتجب تحت أذيال جبة أسلوب الكاتب الشبح وحضوره الطاغي.
ولا بأس أن يضع الكاتب في حسابه، أهمية الوقت، إذ عليه إهدار الساعات الطوال، يستمع ويصغي ويسجل وينتقي ثم يتولى عملاً لا يحمل اسمه ولا يتسبب في غناه أو شهرته. ولا ضير على الكتّاب المبتدئين أو الصحفيين الذين هم في منتصف السلّم، الاتصال بالناشرين أو بأحد أولئك المشاهير أو الأغنياء أو رجال الأعمال أو السياسيين، وإبداء الاستعداد لتولي مهمة الكاتب الشبح، وإقناعهم بجدية العمل وجدواه، وعرض المهارات اللازمة لإنجاز الكتاب على الوجه المطلوب، ولا بأس من الاستعانة بتزكية من زميل عمل أو رئيس دائرة أو مدير تحرير.
ولابد من تذكير الكاتب الشبح بأهمية العقد المبرم بينه وبين الشخصية، وألاّ يغفل عن حقوقه، سواء في الطبعة الأولى أو الطبعات التاليات. فكثيراً ما تحقق أمثال تلك الكتب مردودات مالية عالية، لا يكون نصيب الكاتب الشبح منها إلا النزر اليسير.
ـ الفهارس: الببلوغرافيا، الإحصاء
مؤلفو كتب الفهارس في العصر الحديث ندرة، وهي ندرة مخلة نظراً للحاجة الماسة لهذا النوع من الكتب تبعاً لأهميتها البالغة في تأطير آلاف الكتب والمصنفات وتوثيقها.
إن إصدار موسوعة شاملة تعني بالعلماء والمفكرين والأعلام في هذه الحقبة، ترصد نشاطهم الإبداعي ومصادر ثقافتهم والآراء النقدية التي أثيرت ودارت حول أفكارهم وأعمالهم، وأثر إبداعهم في معاصريهم، عمل مجيد قد يتشارك فيه أكثر من كاتب، أو تتولى أمره إحدى المؤسسات الثقافية وتعهد بالمهمة إلى كاتب أو مجموعة كتّاب للاضطلاع بتنفيذها. فالأدباء والشعراء والمفكرون في هذا العصر أقل حظاً من الأقدمين في هذا الشأن، والذين وثّقوا آدابهم وفنونهم ووقائع حياتهم.
إن ما صدر من مختارات أو مقتبسات أو فهارس، علاوة على أنها فقيرة ومحدودة، فكثيراً ما يتحكم بها مزاج ما ويحكمها الرأي المنحاز للقائمين على إصدارها. وسيجد الكاتب الجَلِد الصبور، الباب مفتوحاً على مصراعيه لاستقبال كتاب أصيل في فن الفهرس وهو ما يقترب من كتب الانثولوجيا في المصطلح الغربي أو الإحصاء ((الببلوغرافيا)).
قد يجد القارئ ـ الكاتب، بعض المتعة والفائدة في ما كتبه الأقدمون في فهارسهم مع الشروط الصعبة الواجب توافرها في الشخص المفهرس، وقد يجد فيها دليلاً معتمداً وهدىً إبتداء من فهرسة الكتاب إلى فهرسة الكتب والمكتبات.
فضل الفهرسة على الثقافة العربية فضل لا يمكن نكرانه. فمن يتتبع نشاط المفهرسين الأوائل يأخذه العجب للصبر والجَلَد وللمعارف التي تحلى بها أولئك العظام.
كان فهرس ابن النديم يحمل ستة آلاف عنوان رصدها ذلك الورّاق البغدادي ((محمد بن إسحاق)) المشهور بابن النديم، ولم يكن عمر حركة التأليف قد تجاوز الثلاثة قرون، ولم تكن صناعة الورق قد بلغت المدى الذي يجعلها تواكب ذلك النهوض الفكري والحضاري بعد. وإذا كان هذا حصاد ورّاق واحد، فما بالك بالكثرة التي أخذت على عاتقها هذه المهمة الشاقة ونقلت إلينا ودلتنا على منابع المعرفة والفكر في الشعر واللغة والآداب والفنون والموسيقى والطب والكيمياء والصيدلة والحساب والفلك والطبيعة والتاريخ والفلسفة وغيرها من الذخائر.
بعد اتساع الدولة العربية الإسلامية وانتشار حركة الترجمة والتأليف وازدياد النشاط الفكري والفلسفي والأدبي، تعاظمت الحاجة إلى تثبيت تلك الذخائر عن طريق الفهرسة والتوثيق والتبويب والرصد والجمع. وقد حفظت الفهرسة بعد ذلك المجد بعد ضياع العديد من تلك الذخائر بالإحراق أو الإغراق أو السلب.
ويذكر المؤرخون أن المأمون العباسي هو أول مَن عني بالفهرسة فكان عنده فهرست بكتب خزانة دار الحكمة وموضوعاتها وأسماء مؤلفيها أو مترجميها، وملخصات لموضوعاتها. ولم يقتصر علم الفهرسة قديماً على اسم الكتاب ومؤلفه ومكان النسخ واسم الناسخ أو المترجم فحسب، بل كان عمل القائم بالفهرسة أو يثبت المعلومة الدقيقة بكل ما يتعلق بالكتاب وكاتبه وفصوله ونبذة مختصرة عن مضمونه. لذا اشترطوا في الفهرس شروطاً أقسى من الشروط المطلوبة في الكاتب، إذ لابد أن يتوافر لدى المفهرس ثقافة عامة إلى جانب إلمامه بفنون التأليف وعلم الأسلوب. ولأن مهمة المفهرس إبداعية فلابد أن تنطوي شخصيته على معالم خصوصية متفردة، تميزه إلى جانب الصبر والأمانة، بالوعي والمعرفة بأساليب العرض والتوثيق. وزيد على هذه الشروط فاشترطوا فيه أن يكون على دراية بعلم الأنساب، وخطوط النسخ والمنسوخ، والأعلام، وحلقات الدرس، ودكاكين الورّاقين وكل شاردة وواردة تخصّ الكتاب والكاتب.
ـ التأليف المشترك:
ثمة كتب يتعاضد على تأليفها كاتبان، لهما من الحقوق والامتيازات حق المناصفة. فاسماهما معاً على الغلاف، متجاوران. ويوقعان العقد مع الناشر، مشتركين. ولعل الظاهرة محدودة بين المؤلفين العرب ـ إلا ما ندر ـ فالكاتب يرفض أن يشاركه كتابه أحد. سيما وأن العملية، عملية روحانية ووجدانية، وحدانية، تخص الكاتب نفسه وتعبر عن خلجاته وجيشان اختلاجات روحه. وهناك مَن يعارض هذا الرأي، ويرى فوائد جمة في الكتابة المشتركة، حيث نجد أسلوبين في كتاب واحد، وفي هذا متعة مضاعفة.
في الكتاب المشترك، قد يكتب أحدهم بعض الفصول ويضطلع الكاتب الآخر بالبقية الباقية. وقد يكتبان جميع الفصول بالشراكة، يقرأ أحدهما ما كتب الآخر، ثم يوالي البناء على الأساس نفسه، وقد يجلس الكاتبان في المكان نفسه حتى يتم إنجاز الكتاب حيث يتوليان العمل معاً كلمة كلمة ومقطعاً مقطعاً، وقد ينجزان المشروع وهما متباعدان، كأن يكون أحدهما في أستراليا والآخر في لندن ويتم التواصل عبر الهواتف أو أجهزة الفاكس أو شبكات الأنترنيت.
وعادة ما يُقدم على تأليف مثل هذه الكتب إثنان ـ أو أكثر ـ أحدهما ذو اختصاص بمجال عمله، كأن يكون سياسياً أو موسيقياً أو مهندساً أو رساماً أو قاضياً، والآخر ذو دربة ومراس بصنعة الكتابة، فيكتب الأول مسودة الكتاب بكل ما يعن على باله وما ينوي البوح به، ثم يأتي دور الكاتب في الإضافة والحذف والتنقيح والتحرير ((إعادة الكتابة))، وقد يحدث أن يكون الإثنان من الكتّاب، لهما من الدراية والموهبة الكتابية والخيال ما يكمل أحدهما الآخر.
ما من طريقة بالذات تحكم عمل كتّاب العمل المشترك. فالكتاب المتكامل في نهاية المطاف هو الفيصل والحَكَم النزيه، للحُكم على جودة المحتوى أو رداءته.
وغني عن التذكير بما ينبغي الانتباه إليه حين توقيع العقد، سواء فيما بينهما معاً، وبينهما وبين الناشر، وتضمينه كل الشروط التي تضمن حقوقهما معاً، مع بعض التفاصيل التي تبدو تافهة أول الأمر، وتتعاظم حين ينشب نزاع أو تثور مشاكل سواء بين الكاتبين. أو بينهما معاً وبين الناشر. فأي الاسمين يورد على الغلاف أولاً؟ أو: أيهما يُخطّ أعرض وأبين من الآخر؟ وكيفية وضع الاسمين متجاورين؟ ثم الانتباه إلى الحقوق المالية ونسبة كل منهم في ريع الكتاب وأرباحه، أو مساهماته في تكاليف الطبع، أو استلام الدفعة الأولى. الخ. مع عدم إغفال البند الذي يتضمن كيفية فضّ الشراكة في حالة حدوث اختلاف، وتعيين الجهات القضائية أو التحكمية ـ التوفيقية لفض المشاكل أثناء أو بعد طبع الكتاب، انتهى (التأليف المشترك).
ـ كتب البحث Non Fiction:
إذا كان الجلوس خلف المكتب والتهيؤ للكتابة بالتداعي ـ أو التذكر والإسقاطات والتخيل وشحذ المخيلة واستلهام الخيال واستنطاق الوحي ـ يصلح لكتابة الروايات والقصص والمسرحيات والقصائد، فإنها طريقة عقيمة وفاشلة عند اعتزام تأليف كتب البحث ((غير المختلفة)) كالتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والبيئة والصحة والتعليم وحتى كتب الطبخ والتغذية.
فلو أردت تأليف كتاب عن الفولكلور في مدينة صفاقس فلا يكفيك الخيال أو التخيل، مهما كانت ملكاتك الذهنية بالغة الرهافة والحساسية والشفافية، كما لا يعنيك كتاب تقرأه عن المدينة، أو حكاية يسردها عابر سبيل، ولا يسعفك ما شاهدته عيون الآخرين. لابد لك من الذهاب للمنبع والاستقاء من نبع العين مباشرة. تستجلي طبيعة المدينة، تتحدث إلى الناس في الشارع وأماكن العمل، تعاشرهم، تجلس على موائدهم، تتجول في أسواقهم وتلاحظ طريقة مأكلهم وملبسهم، أدوات الزينة عندهم، أفراحهم، أعراسهم، مآتمهم .. الخ، مع الحرص على تصوير الأماكن التي تزورها والحرف التي تتحدث عنها. فقد قيل إن الصورة المعبرة تساوي مائة مقال. الاستطلاع والبحث المضني أحياناً، سر نجاح كتب البحث، وهي بحر لجب لا ينفد ماؤه ولا يغيض، تبدأ من الكتابة عن عالم النحل إلى التوغل في عوالم الفضاء.