الفصل الرابع:


أحمد مازال يفكر ويتألم من حديثه الأخير مع ندى..
وصار يسمع كثيرا ..أغنية لفيروز..
أهواك بلا أمل =وعيونك تبسم لي
وورودك تغريني =بشهيات القبل ِ
أهواك ولي قلب=بغرامك يلتهبُ
أدنيه فيقتربُ=أقصيه فيغترب
في الظلمة يكتئب=ويهدهده التعب
فيذوب وينسكب=هاك دمعي من المقلِ
أهواك .أهواك ..أهواك بلا أملِ
في السهرة أنتظر=ويطول بي السهر
فيسائلني القمر=يا حلوة ما الخبر؟
فاجيبه والقلب=قد تيمه الحب ُ
يا بدر أنا السبب=احببت بلا أمل ِ
أهواك ..أهواك ..أهواك بلا أمل ِ

ذهب إلى العمل وكآبته كانت عنوانا لملامحه وفاضحة لكل من يراه
جلس في قاعة المسوقين ..وجاء إليه ثامر مسرعا..
ثامر: أهلا بك يا احمد...أخبارك؟؟
أحمد: أنا بخير ..
ثامرلاحظ عبوس أحمد وبروده
ثامر: ماذا بك؟
احمد: لا شيء مهم...كيف حالك أنت؟؟
ثامر: أنا بخير ولكنكَ لست بخير !! أنني أعرفك !!
احمد: لا تلح علي ..دعني أنسى ألا تلاحظ شيئا؟؟ الهدوء اليوم يسود في القاعة
ثامر: أنت تعرف أن هذه الفترة هي فترة امتحانات وليس هنالك عملاء يفكرون في السفر
إنتظر شهرا..وستعود حيوية المبيعات ..
أحمد: يا ليت كل الشهور امتحانات...كي نتفرغ قليلا من ضغط العمل .
ثامر: عملنا ليس به ضغط كثير...نحن نقتنص المواسم السياحية
احمد: كيف نقتنص المواسم وعملنا يعتمد على أن يكون هناك انتاج واقناع في كل الوقت
نحن نجبر العمل ان يفكر في إجازته حتى لو كانت اجازته بعد عام.
ثامر: معك حق....المهم......ليس يعجبني حالك يا أحمد
وأظن والله أعلم ان حالتك الكئيبة هذه ...هي بسبب ...
أحمد: بسبب ماذا؟؟
ثامر: أنني اعرفك..بسبب عشيقتك ...ندى..أليس كذلك؟؟
أحمد: نعم ..لكنني لا أريد ان أتحدث في هذا الأمر.
ثامر: أنت تحب التحدث عنها ؟؟؟ لكنك ...دائما تتظاهر بالعكس
بح لي بما في صدرك.....
احمد: حتى لو بحت لك لن تنفعني اقتراحاتك..
ثامر: وما يدريك؟؟
أحمد: ستقترح لي أن أنساها ؟؟ وأن أحدد العلاقة ؟؟ وأن لا أضيع عمري في حبها.
ثامر: حسنا، وماذا تقترح إذن ؟؟
احمد: اقترح ان لا نتكلم..
ثامر: أنت تضيع وقتك؟؟؟
هي لا تريد الارتباط بك...ولا تريد حتى أن تقابلك خوفا من أهلها..
ولا ألومها..نحن نعيش في مجتمع لا يسامح المرآة أبدا...
أنت يا احمد محظوظ تستطيع ان تحب غيرها ..هي خياراتها محدودة وزواجها ربما يكون مدبرا او حسب تقاليد العائلة...لم لا تنساها؟؟ وتفكر في الزواج بأخرى؟؟
لا بد ان تعرف انك لا تستطيع تغيير القوانين بسهولة..
أحمد: اعرف ..المصيبة أني اعرف..لكن هناك شيء ما يجعلني لا استطيع
ثامر: لم لا نخرج الخميس لحفل سيقام في الملتقى الثقافي للسفارة..
دعنا ننسى همومنا..وسوف تقابل نساء أخريات ...وأنت تعرف ذلك..
احمد: لا اريد ان اقابل نساء اخريات..حقيقة لا أريد ان احب من جديد.
ثامر: عليك ان تبحث عن الحب الصحيح...
احمد: وماهو الحب الصحيح؟
ثامر: الحب الذي يصلح لك ...يا أخي ...لنفترض أنك اتيت هذه الحفلة...ولم تقابل فتاة واحدة
لنخرج على سبيل المتعة ..لا تكن كئيبا ؟؟
احمد: سأكلمك الخميس ...
ثامر: لن تكلمني ..أعرفك...انت تميل للكآبة..
احمد: لست كئيبا...حسنا سأخرج معك وسأحضر هذا الحفل....
ثامر :صدقني ستنسى قليلا..
احمد: ربما..

فجاءة يدخل مدير المبيعات ويقول:
اهلا بالشباب ....طبعا انتم مرتاحون الان..ليس هنالك عملاء
ثامر يرد: نعم ليس هنالك عملاء .لماذا لا تجعلنا نذهب للبيت؟؟
فليس هناك عملاء ننتظرهم
مدير المبيعات: ستخرجون لكن..احببت ان اقول لكما ...شيئا
ثامر ينظر لأحمد ويقول للمدير : وماذا تريد ان تقول؟؟
مدير المبيعات: كنت أسمع حديثكما قبل دخولي لكما
حديثك انت يا ثامر مع احمد..

احمد ينظر للمدير ويقول: كنت تتجسس علينا ؟؟
المدير : لا يهم ان اتجسس عليكما..كان الامر عفويا
لكنني أحببت ان أعلمكم أمرا ما ..
ثامر : ماهو؟؟
المدير: حديثكما كان فيه نوع من الصراحة والوضوح والارتياح والشفافية فيما بينكما ؟
ثامر : أنا وأحمد اصدقاء....
المدير: نعم، هذا ما أردت ان تتعلموه
ان تكونوا أصدقاء........
احمد: الصداقة لا تحتاج لتعليم..إنها ارتياح وقبول ....
المدير: اعرف ..أريدكما ان تكونا اصدقاء للجميع..
ثامر : من تقصد بالجميع؟؟ وذلك صعب نوعا ما
المدير: اريدكما ان تكونا اصدقاء للعملاء..

هل رأيتم كلاكما وحديثكما ...لو استطعتم ان تتكلموا بشفافية وتقربوا الصلات بينكم وبين العملاء
ستكسبون ثقتهم..وبالتالي سيرتاحون لكم....وبالتالي ...سيأخذون برأيكم وسيشترون عروضنا السياحية
وستزيد نسبة المبيعات...فقط أريدكما ان تتكلما مع العملاء بأريحية وتكسبون كل عميل كصديق
احمد: هذا امر قدري...ليس كل شخص يبدا بالارتياح لشخص آخر في خلال ساعة
المدير: نعم لكن هناك عملاء يرتاحون ويفضفضون سريعا...
تستطيع كسبهم ومصادقتهم....
تخيل حينما تتكلم مع العميل في جلسة تعارف خفيفة لمدة ربع ساعة ثم تلقي له العرض
افضل أم ان تبدأ العرض دون ان يكون هنالك تعارف
اريدكم ان تعودوا أطفالا....كي تنجحوا

ثامر: كيف نعود أطفالا..

المدير: إنظرا ....لو ذهبتم إلى أي مدينة ترفيهية ...ستلاحظون أن الاطفال يتعرفون على بعضهم
دون أن يكون بينهم سابق معرفة...يتكلمون مع بعضهم رغم انهم لا يعرفون بعضا
يتكلمون ويثقون في بعض ويصبحون اصدقاء إذ هم يلعبون .......

تخيلا ..أن تكونا مثل هؤلاء الاطفال ...وتكلمان العملاء بكل اريحية ...وتتعرفان على عملائكم
وتكسبان الثقة .....فتربحان وتزيد مبيعاتكم..ز
هل فهمتما؟؟

ثامر واحمد: نعم فهمنا ..كلامك جميل

المدير: حسنا اذهبا الان....ولأن هذه الفترة فترة اختبارات..سنعطيكم اجازة اسبوعين
استمتعا ..وتعالا بعد الامتحانات جاهزين لكي تتعرفوا على العملاء وتصادقهم قبل ان تبيعا لهم
انتظركما يا شباب

ثامر وأحمد: شكرا لك...لقد استفدنا من حديثك..فعلا أنت خبير بالمبيعات ....
لن نستغنى عنك ..مهما كان

المدير : مع السلامة

وخرج احمد وثامر ...وبينما هم يخرجان
قال احمد: ما رأيك في مقال المدير ؟؟ أليس كلامه رائعا
ثامر: لا عليك منه..كلامه هذا كله كلام نظري
احمد: أنت شخص صعب الاقتناع....
ثامر: انت يا احمد لست صغيرا لكي يعلمك هذه الامور..أنت تعرف كل هذه الامور ؟؟
لكنه مجرد ان يذكرك كيف يكون البيع...ولكل مندوب منا له اسلوبه وطريقته..
احمد: ماالضرر ان نستفيد من اساليبه؟؟
ثامر: كلامه صحيح..لكنه ليس قاعدة ...فطريقته هذه لا تصلح للعميل المتحفظ
العميل الشكاك..العميل المتخوف..العميل الذي يظن أنك مندوب ...وحينما يظن العميل انك مندوب
سوف يرى كلامك ...على أنه اسلوب استدارجي لاقناعه ..
احمد: اعرف هذا الكلام ..لو كان العميل متحفظا انا اقوم بعدم التعرف عليه...
اشرح له العرض ...وسوف يشعر حينها العميل انني لا استميله..وسوف يثق في كلامي
ثامر: كلامك صحيح ..انت مندوب رائع ..تستطيع التلون حسب العملاء
لكن الثقة وحدها لا تكفي....
احمد:ماقصدك؟؟
ثامر: سواء وثق فيك ام لم يثق ..سواء كان متحفظا؟؟ او سواء كان العميل منفتحا ويحب الاخذ والرد
هناك امر يجعل العميل يشتري او لا يشتري..؟؟؟

احمد: ماهو هذا الشيء
ثامر: حاجته لبضاعتك؟؟؟ والسعر؟؟
احمد: انت تعرف ان جميع العملاء لا يشترون من أجل السعر؟؟
ثامر: كيف
احمد: هم لا يشترون من اجل السعر ..ودليل ذلك...أنهم يحاولون الاقتراض حتى لو لم يكن معهم ثمن العرض السياحي..

ثامر: حقيقة لم اعد افهم هؤلاء العملاء...نحن نتعامل مع اشخاص وعملاء مختلفين دائما
احمد: والمعنى
ثامر: المعنى انه لا يجوز في عملنا هذا ...ان نضع قواعدا وثوابت
فكل شيء يتغير حسب ظروف العميل ..ولا يمكننا سوى الاعتماد على احساسنا ..وخبرتنا
ولا يمكن ان تضع قاعدة للبيع
احمد: مللت من هذا الكلام...هذا يشبه كل شيء في الحياة
كل شيء في الحياة ليس له قاعدة...يتغير بسرعة
ثامر: نعم خذ مثلا...
انه يشبه النساء..لكل انثى مزاج خاص وطريقة خاصة لنتعامل معها
ولا يمكننا أن نضع قواعد للتعامل مع النساء...
لانه لو وضعنا قواعد..لن ينجح ذلك مع كل النساء

احمد: صديقي انت خطير ومذهل...معك حق ..وأنا كنت اقول كذلك دائما
ثامر: دعنا الان من هذه الامور ....لماذا لا نذهب للمقهى؟؟؟
احمد: حسنا

وصلا المقهى ..وجلسا ..
ثامر يقول: احمد..أريدك ان تسمعني اخر قصائدك..
احمد: لم اعد اكتب كما السابق شعري اصبح حزينا..كئيبا
ثامر: السبب هي ندى؟؟ هي من تجعلك تكتب بنشاط او تكتب بحزن
اسمعني ماذا قلت:
احمد: كتبت قصيدتي الاخيرة...وحقيقة كتبت ثلاثة قصائد في يوم واحد؟؟
لا ادري ان كان هناك شعراء يفعلون مثلي..لكنني كنت حزينا

ثامر : اسمعني اياها كلها:
احمد:

واقفٌ في دربِ الأسـى مكبـولُ
لـي حبيـبٌ إليـه قلبـي يميـلُ

يا حبيبا إلـى الهـوى جـرّّ قلبـي
إنّقولـي مـن الضنـا مقتـول ُ

في فمي تاهـتِالحـروف سنينـا
لم أجدْ أحرفا ً فكيـفَ أقـولُ؟

سفنُ الوجد ِ في موانـي هواكـم
واقفـات ٌ كأنـهـا أسـطـول ُ

وبحانـات العاشقينَ فــؤادي
ونديمي جوىً وحزنـي شمـول ُ

يزرع الوعد ُ منك َ فيالقلب ِ شوقا
وانتظـاري الحصـاد ُوالمحصـولُ

نظـرات الـوداد منـكَ غذائـي
.فأنا منـك يـا شحيـحُ نحيـل ُ

ينهـشُ القلـبَ لهفـةٌ وادِّكـارٌ
فكأنـي بصـبـوة ٍ مـأكـولُ

ولطول انْسكاب ِ دمعي بـدا لـي
أنّ خـدِّي طبيـعـة ًمبـلـولُ



وطريقـي كـأنـه لا طـريـقٌ
إنمـا واد ٍ مـن دموعـي يسيـلُ



ويقول الصحاب ُ هل أنـا أبكـي
.لطلول ِ ؟ نعـمْ وإنـي الطلـولُ

ومجـالـي مـطـوّق ٌ بعـذابـي
وهروبـي منـه هـو المستحيـلُ


حمـل الـروحَ للسمـاءِ هواكـم
نُسِيَ الجسمُ ليتـه محمـولُ



فـإلامَ الفـؤاد ليـس بصـاح ٍ
من هواكم متى يكــون القفولُ

ثامر : الله الله الله ....سلامات أيها القلب الذبيح
احسنت والله...لا تخف يا احمد..سيكون القفول والرجوع ...وستنساها؟ وسوف تخرج من مجال حبها
ولن ترى الدنيا من خلالها إلى الابد...
احمد: اتمنى أن يكون هذا اليوم قريبا......
ثامر: صديقي احمد..هذا اليوم قريب جدا وأني اعرف متى سيكون؟؟
احمد: متى سيكون ؟؟؟
ثامر: يوم الخميس في الحفل !! هههههه
سترى فتيات جدد ..ولن يخضع قلبك من جديد ....
ستتغير امورك..ستجد من تنسيك همومك..

احمد: هل تتوقع الفتيات الذين يحببن الصخب والحفلات؟؟ قادرات على الارتباط
ويصلحن للزواج
ثامر: نعم ..انت تنظر للامر من منظور ضيق..
قل لي بالله عليك؟؟ لو كانت كل الفتيات مثل فتاتك لا يخرجن ؟؟؟
ولا يحبن الخروج؟؟ ومقيدات بتقاليد عائلية ؟؟ كيف ستنبت بذرة الحب؟؟
وكيف سيعشقن ؟؟ هن يتزوجن من غير حب؟؟ من غير قبول ...
الزواج بالنسبة لهن..قضاء وقدر....
احمد: لكن الزواج فعلا قضاء وقدر
ثامر: قضاء وقدر نعم..لكنه من النوع الذي لا نستطيع ان نرده؟؟
بمعنى حينما يكون هذا الزواج قدر نرضى به ونختاره بأنفسنا سيكون قضاءا وقدرا جميلا
لكن أن يكون قدرا وقضاءا دون أن نختاره ودون رضا فلا شك انه قضاء مؤلم

احمد: معك حق.... سأذهب للبيت؟؟ أراك الخميس ؟؟؟
ثامر: حسنا....سأجلس في المقهى ؟؟ ربما سيأتي بعض الصحبة ؟؟
احمد: سلم عليهم..أنا سأذهب للنوم؟؟
ثامر: أعرفك .لن تنام ...لكن لاعليك اذهب للبيت؟؟؟ وحاول الاتصال بها
وعش في اوهامك
احمد: سلام......