لا تخافوا على غزة
د. فايز أبو شمالة
ما أرخص الكلام الذي يردده البعض؛ عن تحذيرات نقتلها دولة عربية إلى قيادة حماس في غزة، تتحدث عن هجوم إسرائيلي وشيك، تهديدات لا ترتقي إلى الواقع الذي تجاوز زمن الخوف، عندما كانت تأتي الرسائل عن حشود إسرائيلية، وعن تهديد إسرائيلي بقصف مقرات السلطة، بل وصلت ذات يومٍ رسائل تهدد بقصف الجامعة الإسلامية، ووصلت رسائل تقول: يا ويل المقاومة، ويا ويل غزة إن لم تتوقف عن المقاومة، ستحترق الأرض، وتموت الرجال، وتسبى النساء. إلى أن جاء اليوم الذي انكشفت حقيقة دولة الصهاينة، وبان عجزها عن تنفيذ تهديداتها، وانكشف محدودية قدرتها على القتل
والتدمير.
لا بد من التأكيد هنا أن غزة لا تمتلك طائرات، ولا مضادات للطائرات، ولا مدفعية ميدان، ولا دبابات، ولا تمتلك صورايخ بعيدة المدى، وليس لعناصر المقاومة مواقع عسكرية، ولا عربات مجنزرة، ولا تمتلك غزة إلا الرجال المحشوة بالعبوات الناسفة، ولا تمتلك غزة إلا الإنسان المعبأ بالإرادة. وهذا ما لا تقدر على تصفيته كل الأسلحة الأمريكية الحديثة، وهذا هو سر صمود غزة، وسر انتصارها.
ولا بد من التذكير هنا أن دولة الصهاينة لم تكن في يوم من الأيام بحاجة إلى ذرائع كي تهاجم أي مكان في الوطن العربي، وصارت قاعدة عمل الكيان الصهيوني هي تصفية وضرب كل تجمع عربي مقاوم أينما كان، طالما يمكن فرض إرادة الردع، بينما الوضع في قطاع غزة يختلف عن القاعدة العامة لسببين:
أولاً: عدم استعداد رجال المقاومة لرفع الراية البيضاء، والخروج بالسراويل مهما كلف الأمر، وهذه حقيقة يدركها قادة الكيان، وقيادته العسكرية وضباطه.
ثانياً:رغبه الكيان في بقاء هذه الحالة من الانقسام الفلسطيني، لأن الاحتلال الإسرائيلي لغزة له مردود سياسي لا يقدر عليه الاحتلال.
لم يبق أمام الكيان الصهيوني غير المس بقيادات المقاومة العسكرية، إن استطاع إلى ذلك سبيلا، وفي تقديري أن المخابرات الإسرائيلية لا تعرف عن أولئك الرجال شيئاً، ليبق الخطر القائم هو تصفية قيادات سياسية لحركة حماس، قيادات لها مكانتها في وجدان الجماهير، يتوجب عليهم الحذر، وأخذ التهديدات الصهيونية بشكل جدي. ما عدا ذلك، فلا خوف على غزة من جيش صهيوني اختبر قدرته قبل عامين، وفشل.