بسم الله الرحمن الرحيم




تاريخ تأسيس كرسي اللغة العربية في جامعات لندن و كمبردج واكسفورد



قال الأستاذ حسن سعيد الكرمي في كتابه (قول على قول) جوابا على سؤال بعث به محمد الغالي زمامة من مكناس - المغرب.
ونصه : (متى تأسس كرسي تدريس اللغة العربية في جامعة لندن)
(لا يستطيع الإنسان وهو يتحدث عن تاريخ الاستشراق في الجامعات الأوربية عامة، والإنجليزية خاصة إلا أن يذكر حقيقة مهمة، هي: أن الغاية من وراء الدراسات العربية في هذه الجامعات كانت في بدايتها مظهرا من مظاهر التوسع الغربي وتثبيت أقدامه في البلدان العربية، وتوطيد أركانه هناك. ومن الحق أن يذكر الإنسان كذلك أن الأمر قد تطور بمرور الزمن، فتحولت الدراسات العربية في جامعات أوربا عامة، وبريطانيا خاصة من وسيلة للتوسع على أنواعه، من ثقافي وسياسي وتجاري، إلى غاية علمية تراد لذاتها، بحيث أثمرت الدراسات العربية بعد فترة من الزمن ثمارا طيبة، وتكشفت جهود المعنيين بها من أبناء هذه الدول عن نتائج علمية قيمة، كان لها أثرها البالغ في تطور الدراسات الأدبية ونهضتها في الشرق العربي. وإن من يدرس تاريخ الاستشراق في إنجلترا يلاحظ العناية بالدراسات العربية قد بدأت منذ وقت مبكر، فوليم بدويل الذي يعتبر أبا للمستشرقين الإنجليز كان أول من لفت النظر إلى أهمية اللغة العربية ووجوب دراستها، لأنها لغة عالم كبير من الناس، يمتد من الجزر السعيدة إلى شواطئ الصين. ووجدت دعوته صدى، ففي سنة (1632م) أنشأ (توماس آدامز) - أحد رجال الأعمال - كرسيا لدراسة اللغة العربية بجامعة كمبردج. وفي عام (1636م) حذت جامعة أكسفورد حذو جامعة كمبردج، فأنشأ بها رئيس الأساقفة (لود) كرسيا للدراسات العربية. ومن يقرأ كتاب مدير جامعة كمبرج إلى (آدامز) - وهو وثيقة تاريخية في هذا الصدد- يعلم الكثير عن الصعوبات التي كان يلقاها هؤلاء المستشرقون، ويتضح له موقف العلماء الإنجليز ورجال الدين في ذلك الوقت، من أمثال هذه الدراسة، وكم جاهد هؤلاء العلماء لإدخالها في الجامعات الإنجليزية. وإذا كانت الدراسات قد نشأت في جامعتي كمبردج وأكسفورد في وقت مبكر جدا، فإن نشأة هذه الدراسة بجامعة لندن قد تأخرت طويلا، ولم ينشأ بها معهد للدراسات الشرقية إلا في عام (1917م) وهو العام الذي فتحت فيه (مدرسة اللغات الشرقية) أبوابها للطلبة الراغبين في دراسات اللغات الشرقية، ومن بينها: اللغة العربية وآدابها، ومنذ ذلك التاريخ، وهذه المدرسة تعنى بالدراسة العربية وتتوسع في برامجها حتى أصبحت أكبر معهد للدراسات الشرقية في بريطانيا، فهي تضم عددا كبيرا من الدارسين، وطلبة الدراسات العالية في اللغة العربية وآدابها. كما تعد مكتبتها أغنى المكتبات الجامعية بالمصادر العربية، سواء منها ما يتصل بالتراث القديم أو الحديث، وإن من يرجع إلى فهارس هذه المكتبة يجد عددا كبيرا من رسائل الدكتوراه والماجستير في الأدب العربي القديم والحديث، وهي أبحاث قيمة من غير شك، ومما يزيد من قيمتها أن الجامعة تقوم بنشر ما يوصي المهتمون بنشره منها).

حسن سعيد الكرمي (قول على قول) (ط4: ج5 ص 184)
وكتاب (قول على قول) يقع في (12) مجلداً، جمع فيه الكرمي ما كان يذيعه من أجوبة على أسئلة المستمعين لبرنامجه (قول على قول) الذي كان يذيعه من القسم العربي من هيئة الإذاعة البريطانية في لندن في أوائل السبعينيات من القرن العشرين.




- منقول -
من إعداد الباحث زهير ظاظا