الاستئذان على المحارم

‏حدثنا ‏ ‏مسدد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏حماد بن زيد ‏ ‏عن ‏ ‏عبيد الله بن أبي بكر ‏ ‏عن ‏ ‏أنس بن مالك ‏
‏أن رجلا اطلع من بعض حجر النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقام إليه النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بمشقص ‏ ‏أو بمشاقص فكأني أنظر إليه يختل الرجل ليطعنه ‏

فتح الباري بشرح صحيح البخاري

‏وقوله في حديث أنس " بمشقص أو مشاقص " ‏
‏بشين معجمة وقاف وصاد مهملة وهو شك من الراوي هل قاله شيخه بالإفراد أو بالجمع , والمشقص بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه : نصل السهم إذا كان طويلا غير عريض . و ‏
‏قوله " يختل " ‏
‏بفتح أوله وسكون المعجمة وكسر المثناة أي يطعنه وهو غافل , وسيأتي حكم من أصيبت عينه أو غيرها بسبب ذلك في كتاب الديات وهو مخصوص بمن تعمد النظر , وأما من وقع ذلك منه عن غير قصد فلا حرج عليه , ففي صحيح مسلم " أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن نظرة الفجأة فقال : اصرف بصرك " وقال لعلي " لا تتبع النظرة النظرة , فإن لك الأولى وليست لك الثانية " واستدل بقوله " من أجل البصر " على مشروعية القياس والعلل , فإنه دل على أن التحريم والتحليل يتعلق بأشياء متى وجدت في شيء وجب الحكم عليه , فمن أوجب الاستئذان بهذا الحديث وأعرض عن المعنى الذي لأجله شرع لم يعمل بمقتضى الحديث , واستدل به على أن المرء لا يحتاج في دخول منزله إلى الاستئذان لفقد العلة التي شرع لأجلها الاستئذان , نعم لو احتمل أن يتجدد فيه ما يحتاج معه إليه شرع له , ويؤخذ منه أنه يشرع الاستئذان على كل أحد حتى المحارم لئلا تكون منكشفة العورة , وقد أخرج البخاري في " الأدب المفرد " عن نافع " كان ابن عمر إذا بلغ بعض ولده الحلم لم يدخل عليه إلا بإذن " ومن طريق علقمة " جاء رجل إلى ابن مسعود فقال : أستأذن على أمي ؟ فقال : ما على كل أحيانها تريد أن تراها " ومن طريق مسلم بن نذير بالنون مصغر " سأل رجل حذيفة : أستأذن على أمي ؟ قال : إن لم تستأذن عليها رأيت ما تكره " ومن طريق موسى بن طلحة " دخلت مع أبي على أمي فدخل واتبعته فدفع في صدري وقال : تدخل بغير إذن " ؟ ومن طريق عطاء " سألت ابن عباس : أستأذن على أختي ؟ قال : نعم . قلت : إنها في حجري , قال : أتحب أن تراها عريانة " ؟ وأسانيد هذه الآثار كلها صحيحة . وذكر الأصوليون هذا الحديث مثالا للتنصيص على العلة التي هي أحد أركان القياس