وجدتها!

[عدنان كنفاني]

مسألة الوحدة شغَلتني، هذه الوحدة التي تكمن في مطاويها بذور قوتنا، وخلاصنا من حالة الضعف المستشري فينا، وبدأت أفكر عن جد، كيف يمكن أن نحقق وحدة عربية أو إسلامية، أو أي شكل من أشكال وحدة يجمعنا على صراط واحد؟ بالسيف.. لم ننجح، بالدهاء أيضاً فشلنا، بالحكمة.. وكل الرؤوس المحاورة حكيمة، بالاقتصاد.. وكلٌّ يغني على ليلاه، وأرصدة السادة العرب تملأ بنوك أوربا وأمريكا على قاعدة (خبي قرشك الأبيض برّا، ليوم أسود متوقع جوّا..).أصارحكم، عجزت.. لم يعد أمامي من سبيل لأفكر أو أحاور أو حتى أتنفس وخارطة الطريق (تلك) تسدّ حلقي.. ألقيتُ بها جانباً، لم أسمع صوت ارتطامها على الأرض، يا أخي وزنها خفيف كما الريشة.أشعر بتحسن كبير الآن في قدرتي على التنفس، ها أنا ذا أقذف بأوزاري بعيداً، وماذا يهمني أو ماذا يعنيني، لماذا أحمل السلّم بالعرض.؟ زوجتي تقول لي ذلك، ولو تجرأت وكتبت ما يشبه مقالة، الرقباء يقولون لي أيضاً: يا أخي ألم يعد غير الوطن والوحدة والقوّة مشاكل تكتب عنها.؟ يا حبيبي، اكتب عن الحب، عن فالانتاين، عن ظلم المرأة، عن عيد الأم عن برامج التلفزيون عن سهرات الفنانين، يعني ألف موضوع وموضوع ولا تختار غير الوطن!! صحيح إنك مُعقّدّ!اليوم أدركت حقاً أنني معقّد.لماذا مسألة الوحدة تملأ رأسي؟ هل أقول لكم الصدق؟ لم يعد الأمر يشغلني كثيراً بعد أن ثبت لي أننا فشلنا فشلاً ذريعاً في تحقيق أي شكل من أشكال الوحدة بين الشعب الواحد المسلم، الناطقين بالضاد منذ تشكّلنا على هذه الأرض كأمّة، يُفترض أننا أمّة واحدة، لكنني ذات مصادفة.. مصادفة محضة جعلتني أصرخ بفرح: وجدتها.. وجدتها! كيف.؟ سأقول لكم.براءة المعرفة والاختراع والاكتشاف والإيحاء أنسبها من باب الأمانة لأخت قريبة وصديقة، من بلد عربيّ شقيق في زيارة لنا، فهي التي اكتشفت السبيل لتحقيق أرقى مرتبة من مراتب الوحدة، ولو من باب الاتفاق على أمر.!كنا نقترب من بائع، بائع صغير في ركن شارع، حيث راق لها من باب (تنفيع) خلق الله أن تشتري من بسطته شيئاً بسيطاً أيضاً، مدّت يدها إلى المحفظة وأخرجت له نقوداً، والله نقود تخص الدولة العربية الشقيقة التي تنتمي إليها، نظر إلينا ببلاهة وأردف بقرف: شو هاااااااااد.؟ فلوس يا أخي!نظر في وجهينا طويلاً ثم لوى شفتيه وأردف: ما بيمشي الحال.قالت طيب سوري!!رفع حاجبيه، وأدار لنا ظهره..كدت أثور غضباً وأنا مع ضيفتي أريد أن أجعلها تشاهد وجهنا الحضاري المرحاب بالضيوف، لكنها سبقتني وقالت له متلعثمة: طيب دولار.!فتح فمه دهشة، وبانت آخر دكّة أسنانه.قبضَ واستلمنا، وكل شيء كان تمام التمام، حتى أنه ودّعنا ببشاشة.هل أدركتم ما الذي يمكن أو يوحدنا.! وما هو الأمر الذي لن يختلف عليه منا اثنان.!!الدولار يا إخواني، هذا الأخضر، أو (الأول) على رأي ملوك الصرف، (صرف العملة وليس الصرف الصحي).. وحياة ربنا له فعل السحر، ولو سألنا شعبنا العربي المناضل، من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر، لن تجد واحداً يأبى التعامل بحرارة مع هذا الدولار (اللعين).فما رأيكم دام فضلكم.؟ همسة أخيرةعندما أشعر بكينونتي، وأحسّ بإنسانيتي، وأكون حرّاً من الداخل، من داخل تكويني، أستطيع أن أكون في موقع القرار، وأستطيع أن أجد السبيل إلى الوحدة التي تكمن فيها أسباب قوتي.. وسلامتكم!

[غالب الغول]

تكلمت بعين الحقيقة , ولفظت جوهرها , فلا وحدة والحال كهذا , طمع شجع إراقة دماء , مشايخ آخر زمان , وإفتاء من لم يحسن الفقه , كل هذا من عجائب آخر الزمان , ولكن لا نيأس فإن اليأس يؤدي إلى الهاوية , أشكرك على هذا السرد الجميل وبارك الله بك , تحياتي