منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3

العرض المتطور

  1. #1
    النهضة العلمية والفكرية في أوروبا (الحلقة الخامسة)
    مصطفى إنشاصي
    قبل الحديث عن موضوع هذه الحلقة سأحاول تقويم المرحلة السابقة من تاريخ أوروبا الذي عرضنا له في الحلقات الماضية، وخاصة مرحلة حكم الكنيسة باسم الدين والدين منها براء في نقاط مختصرة:
    1ـ أن النصرانية بعد انتقالها للغرب وبالذات عاصمة العلم في ذلك الوقت –روما- تم تجريدها من روحها وجوهرها الإلهي السماوي واختلطت بكثير من العقائد الوثنية والفلسفات والأفكار والأهواء البشرية.
    2ـ النصرانية لا يوجد فيها تشريعات سياسية واقتصادية واجتماعية وأخلاقية وعلاقات دولية...إلخ يمكن أن تكون نظام حياة وحكم ودستور دولة، وكل ما في كتبها روايات تتناقض في بعضها لحياة وسيرة السيد المسيح عليه السلام منذ ولادته إلى أن توفاه الله تعالى ورفعه إليه.
    3ـ أن التحالف الذي تم بين الوثنية البدائية والكنيسة كان ضرورة أملتها الظروف التاريخية في المجتمعات الأوروبية، ومثله التحالف والمشاركة في الحكم بين الكنيسة والملوك والأمراء الإقطاعيين، وكذلك خضوع أولئك الملوك والأمراء لسطوة وسلطان الكنيسة.
    4ـ وعليه؛ فإن الدين لم يحكم أوروبا في القرون الوسطى ولكن الذي حكمها هم البشر، رجال الكنيسة والأباطرة والأمراء والإقطاعيين، وقد كان نظام الحكم فيها مقسم بينهما على النحو التالي:
    * التنظيم الروحي: ويمثله رجال الدين ومجال عمله الكنائس والأديرة ووظيفته الوعظ والتوجيه للخلاص من "الخطيئة".
    * التنظيم الزمني: وتمثله الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية وميدانه شؤون الحياة الدنيوية.
    ذلك يعني أنه من الوجهة العلمية كانت مرحلة العصور الوسطى الأوروبية هي استمرار لما قبلها من العصور اليونانية والرومانية، وأن الفصل بين الدين والسياسة كان موجوداً بالفعل، أي أن هناك نوعاً من (العلمانية الموضوعية) كان يسود الحياة الأوروبية طيلة القرون الوسطى.
    النهضة العلمية والفكرية في أوروبا
    تلك كانت حقيقة الأوضاع التي كانت عليها أوروبا في العصور الوسطى، وقد كانت الشعوب الأوروبية والملوك والأباطرة ورجال الدين الصغار يتحينون الفرصة لإعلان احتجاجهم والتمرد على سيطرة الكنيسة، لذلك لم تكد بوادر الاستنكار ضد تصرفات الكنيسة ولا سيما (صكوك الغفران) تبرز للعيان حتى انتهزها الملوك والأمراء فرصة سانحة لحماية الحركات المعارضة وتأجيج سعيرها، ولولا أن بعض مَنْ يُدعون بالمصلحين الكنسيين وعلى رأسهم مارتن لوثر وجدوا الحماية والعطف من الأمراء والنبلاء لما نجوا من قبضة الكنيسة.
    أما العوامل التي ساعدت في القضاء على استبداد الكنيسة وتسلطها على أتباعها فهي كثيرة، نذكر منها ما اعتدنا على قراءته في معظم الكتب التي تحدثت عن الصراع الذي دار في الغرب بين الكنيسة ورجال الفكر والعلم:
    1ـ تأثير العلوم والمعارف الإسلامية: عرفت أوروبا الطريق إلى النهضة بفضل مراكز الحضارة الإسلامية في الأندلس وصقلية وجنوب إيطالية التي كانت تشع نور العلم والمعرفة، وأيقظت العقل الأوروبي من سباته وأخذ يقتبس عن المسلمين طرائق البحث ومناهج التفكير العلمي إلى درجة أن الثقافة الإسلامية غزت الكنيسة نفسها، ما أثار رجال الكنيسة على الذين يتلقون علوم الكفار (المسلمين)، ويُعرضون عن التعاليم المقدسة فأعلنت حالة الطوارئ ضدهم وشكلت محاكم التفتيش في كل مكان تتصيدهم وتذيقهم صنوف النكال. وأصدرت منشورات بابوية جديدة تؤكد العقائد السابقة وتلعن وتحرم مخالفيها. حيث يذكر بعض المؤرخين الغربيين: "أن الباباوات بعد أن وقفوا على شغف العالم الأوروبي بالثقافة العربية، سعوا إلى مقاومتها بشتى الطرق، لأنها تشكل خطراً على أوروبا ودينها .. فقد كان يترتب على الذين يريدون الوقوف على حضارة عصرهم أن يجيدوا اللغة العربية، وللعربية فلسفتها، وفلسفتها تناقض الأناجيل، وكان العرب قد سادوا العالم بالقرآن الكريم". ويصف (غابريلي) في كتابه "تراث الإسلام" حال أوروبا النصرانية آنذاك، بقوله: "لقد استعربت (المسيحية) بسرعة لغوياً وثقافياً".
    وقد اعترف كثير من مؤرخي الغرب ومستشرقيه بفضل الإسلام والمسلمين على العالم، وبفضل الحضارة الإسلامية على الإنسانية بما قدمته لها من نتاج فكري وحضاري ضخم. يقول سيديو: "كان المسلمون في القرون الوسطى منفردون في العلم والفلسفة والفنون وقد نشروهما أينما حلت أقدامهم، وتسربت منهم إلى أوروبا، فكانوا هم سببا في نهضتها وارتقائها". ويذهب إلى أن المسلمين هم في واقع الأمر أساتذة أوروبا في جميع فروع المعرفة. ويقول المؤرخ الفرنسي الدكتور جوستاف لوبون: "إن العرب أنشئوا بسرعة حضارة جديدة كثيرة الاختلاف عن الحضارات التي ظهرت سابقاً". ويقول ول ديورانت: "لقد ظل الإسلام قرون يتزعم العالم كله في القوة والنظام، وبسطه الملك، وجميل الطباع والأخلاق، وفي ارتفاع مستوى الحياة والتشريع الإنساني الرحيم، والتسامح الديني، والبحث العلمي، والعلوم، والطب والفلسفة ...ألخ". ومحمد أسد بأن الحضارة الغربية المعاصرة لم تُدَشن في مدن أوروبا: ".. ولسنا نبالغ إذا قلنا: إن العصر العلمي الحديث الذي نعيش فيه لم يدشن في مدن أوروبا النصرانية، ولكن في المراكز الإسلامية في دمشق وبغداد والقاهرة وقرطبة". أما نيكسون فيقول: "... أما المكتشفات اليوم فلا تحسب شيئا مذكوراً إزاء ما نحن مدينون به للرواد العرب الذين كانوا مشعلاً وضّاءاً في القرون الوسطى المظلمة ولا سيما أوروبا ...".
    2ـ النهضة العلمية الأوروبية: ومن النظريات التي لعبت دوراً في زعزعة ثقة الغربيين بالكنيسة:
    * نظرية كوبرنيق (1543) الفلكية: فقبل هذه النظرية كانت الكنيسة تعتنق نظرية بطليموس التي تجعل الأرض مركز الكون وتقول أن الأجرام السماوية كافة تدور حولها وقد قالت نظرية كوبرنيق بعكس ذلك. وقد أيدها (جردانو برونو) الذي أحرقته الكنيسة سنة 1600م. ثم (جاليلو) الذي تراجع عن موقفه خوفاً من الإعدام. ولم يكد القرن السابع عشر يستهل حتى تبلور النزاع واتخذ شكلاً جديداً: فقد أصبح النزاع بين النص الذي تعتمد عليه الكنيسة وحججها الواهية وبين العقل والنظر الذي استند إليه أصحاب النظريات الجديدة. وثار العلماء ودعاة التجديد مطالبين بتقديس العقل واستقلاله بالمعرفة بعيداً عن الوحي، ولم يجرؤ دعاة المذهب العقلي (ديكارت) أول الأمر على إنكار الوحي بالكلية، بل جعلوا لكل من الطرفين دائرة خاصة يعمل فيها مستقلاً عن الآخر.
    * نظرية الجاذبية الأرضية لإسحاق نيوتن (1642): التي جاءت مؤيدة بقانون رياضي مطرد أبهرت عقول الفئات المثقفة واتخذها أعداء الدين سلاحاً قوياً حتى لقد سميت "الثورة النيوتونية ". ولا شك أن نظرية نيوتن من أعظم النظريات العلمية أثراً في الحياة الأوروبية فهي التي وضعت الفكر المادي الغربي وإليها يعزى الفضل الأكبر في نجاح كل من المذهب العقلي والمذهب الطبيعي. كما أن مذهب الإيمان بإله مع إنكار الوحي والإلحاد ذاته مدينان لهذه النظرية من قريب أو بعيد، على أن هذه الآثار لم تظهر إلا فيما بعد.
    * نظرية دارون التي نشرها عام 1859م (النشوء والارتقاء): كان العلم النيوتنى قد ألقي في روع أعداء الكنيسة إمكان تفسير الظواهر الطبيعية (ميكانيكياً) أي دون الحاجة إلى مدبر، لذلك تركز الصراع على إيجاد فكرة عن الحياة تقوم على قانون ميكانيكي كقانون نيوتن في الفلك. وقد استطاع دارون العثور على ذلك القانون المزعوم من طريق بعيد عن مجال الحياة والأحياء، إذ استوحاه من علم آخر هو (علم دراسة السكان) ومن نظرية (مالتوس) بالذات، فقد استنتج من إفناء الطبيعة للضعفاء لمصلحة بقاء الأقوياء، كما توهم مالتوس، قانونه في التطور المسمى "الانتقاء (أو الانتخاب) الطبيعي وبقاء الأنسب".
    وقد مهدت نظرية دارون إلى انهيار العقيدة الدينية ونشر الإلحاد في أوروبا، وقد قال عنها أحد العلماء الغربيين "بأنها أبوها الكفر وأمها القذارة". ويقول (وليم جيمس) عن الأثر الداروينى في الأخلاق: "إن فلسفة النشوء والارتقاء قد ألغت المعايير الأخلاقية التي سبقتها كلها لأنها رأتها معايير ذاتية شخصية وقدمت لنا بدلها معياراً أخر نتعرف به على الخير من الشر وبما أن المعايير السابقة معايير نسبية فهي مدعاة للقلق والاضطراب وأما هذا المعيار الذي ارتضوه وهو أن الحسن ما قدر له أن يظهر ويبقى فهو معيار موضوعي محدد".
    3ـ حركات الإصلاح الديني: معلوم أنه قامت عدة حركات دينية ضد مفاهيم الكنيسة الضالة الباطلة لم يُكتب لها النجاح وذلك نتيجة تحالف الإقطاعيين مع الكنيسة ضدها. وهناك حقيقة ينبغي ألا تغيب عن أذهاننا وهي أن تلك الحركات كانت دينية ولم تكن تمرداً على الكنيسة لأنها كنيسة بل لأنها "مالك إقطاعي". يقول ويلز "كانت ثورة الشعب على الكنيسة دينية … فلم يكن اعتراضهم على قوة الكنيسة بل على مساوئها ونواحي الضعف فيها ولا يقصد بها الفكاك من الرقابة بل طلب رقابة دينية أتم وأوفي … وقد اعترضوا على البابا لا لأنه الرأس الديني للعالم (المسيحي) بل لأنه لم يكن كذلك أي لأنه كان أميراً ثرياً دنيوياً بينما كان يجب أن يكون قائدهم الروحي".
    ولكن من الحركات التي كُتب لها النجاح (حركة مارتن لوثر وكالفن) وأمثالهم، وقد كان من أخطر نتائج تلك الحركات وخاصة حركة مارتن لوثر:
    أـ أنها حطمت الوحدة الشكلية للعالم الغربي النصراني، وأضعفت السلطة الكنسية المركزية بكثرة ما أحدثته من مذاهب وفرق لا حصر لها.
    ب ـ وضع الأساس الأول والرئيس لنشوء الدول القومية في أوروبا على أساس اللغة والعرق.
    ج ـ إحداث انشقاق ثاني في الكنيسة الغربية أدى إلى ظهور مذهباً دينياً نصرانياً جديداً كان سبباً في تدمير أمتنا وضياع فلسطيننا وهو المذهب البروتستانتي.
    دـ ساعدت على نشوء الطبقة البرجوازية في أوروبا التي دعمت حركات الخروج على الكنيسة والثورة ضد الإقطاع.
    هـ أدت في النهاية إلى عودة العلمانية اللادينية الإغريقية-الرومانية إلى الحياة الأوروبية بأبشع صورها.
    4ـ نشوء الطبقة البرجوازية: لقد أحدثت حركة لوثر وكالفن تحولات ظاهرة في الحياة الأوروبية وظهرت "الطبقة البرجوازية" مستندة إلى أقوال "لوثر وكالفن"، ومستفيدة من ثمار التقدم العلمي التجريبي وظل دور هذه الطبقة محدوداً حتى بدأ ما يسمى "الثورة الصناعية"، حيث بدأ المصنع يستأثر بما كان للأرض من قيمة ونفوذ واشتد التنافس بين رجال الصناعة في المدن والملاك الزراعيين في إقطاعيات الأرياف.
    وهذا التحول أدى إلى تخلخل المجتمع الأوروبي وتغيير بعض ملامحه الثابتة، فابتدأت المدن الأوروبية في النمو وظهرت الطبقة الوسطى "البورجوازية"، فظهر منافس قوي للإقطاعيين يتمثل في طبقة تجار المدن البورجوازيين الذين كانوا بمثابة الطلائع للرأسماليين الكبار. وإلى جانب ذلك كان ظهور الورق والمطابع العامل الفعال في نشر اليقظة الشعبية ضد تحالف الكنيسة والإقطاع وتوسيع ميدانها. ولكن بظهور الآلات ذات القوى المحركة أصبح واضحاً أن المنافسة الصناعية الحرة لم تؤد إلى النتيجة التي كان يتوقعها الاقتصاديون والفلاسفة السياسيون، فقد كانت الأرباح تعود على أصحاب الصناعة والآلات وحدهم، ونهضت الآلات بأكبر عبء من العمل فامتلأت البلاد بالعمال العاطلين، ووجد أصحاب المصانع الأحرار أن ذلك فرصة لتخفيف الأجور وإطالة ساعات العمل.وتسارعت التحولات في المجتمعات الغربية.
    5ـ الثورة الفرنسية: كل تلك التحولات آذنت بهبوب رياح التغيير على القارة وأنذرت بافتتاح عصر جديد مغاير للماضي في قيمه وتصوراته وأوضاعه، وكانت أحوال فرنسا الثقافية والاجتماعية تؤلها لافتتاح ذلك العصر. فكانت الثورة الفرنسية عام 1789م، وتمخضت الثورة عن نتائج بالغة الأهمية، فقد ولدت لأول مرة في تاريخ أوروبا (المسيحية) دولة جمهورية لا دينية، تقوم فلسفتها على الحكم باسم الشعب "وليس باسم الله "، وعلى حرية التدين بدلاً من الكثلكة، وعلى الحرية الشخصية بدلاً من التقيد بالأخلاق الدينية، وعلى دستور وضعي بدلا من قرارات الكنيسة.
    وكان نجاح الثورة الفرنسية حافزاً قوياً لبقية الشعوب الأوروبية، فاندلعت الثورات المتتابعة وارتفعت صرخات المفكرين ممن يسمون "دعاة الحرية" منددين بالمساوئ التي يعج بها المجتمع والقيود التي يرزح الفرد تحت نيرها. وكان هنالك بطبيعة الحال فئة واحدة فقط تدرك النهاية الحقيقية والمغزى العميق للعملية، هذه الفئة هي طبقة "الرأسمالية" الذين يمثلون الخلاصة المتطورة للطبقة البرجوازية، وغني عن البيان القول بأن الرؤوس البارزة في هذه الطبقة هم "المرابون اليهود".

  2. #2
    السلام عليكم
    حقيقة كل ماقدمت له ربماقراناه عبر كتب التاريخ بطريقة ما لكن السؤال هنا والذي يفرض نفسه:
    هل كان للغرب دور في تلك التراجعات الحضارية في بلادنا ؟ ام ساهمنا بطريقة غير مباشرة وبانفسنا وبعدم نضجنا الفكري في هذا الانهيار الحضاري؟ وهل اتهام اليهود والغرب في دوره هنا حتى في النخر في جسد الغرب بتيارات الإلحاد دور فعال للوصول لما وصلنا إليه الآن من تناقضات فكرية وعقدية معقدة وخطيرة؟
    ولي عودة
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    حياكِ الله مجدداً ودائماً أخي أم فراس
    سؤالك مهم كثيراً لأن البعض يعشق إلقاء المسئولية على الغرب واليهود فيما آل إليه حال الأمة ويؤمنون بنظرية المؤامرة، وإن كنت من المؤمنين بنظرية المؤامرة على أساس أنها جزء من سنن الله تعالى في العلاقات بين البشر، سنة التدافع والصراع بين الناس "لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض"، إلا أنني في ضوء سنن الله تعالى في الخلق أعترف أنه من حق الغرب واليهود أن يخططوا ويتآمروا ويعملوا لتحقيق أهدافهم ضد وطننا أو العالم الآخر، وغالباً أحترم أشد القادة حقداً علينا لأنهم عملوا من أجل ما يؤمنون به أنه مصلحة لأبناء دينهم أو وطنهم، ولكن لا أحترم أفضل القادة والمسئولين في وطننا الذين تقاعسوا وتخاذلوا وتغافلوا وقصروا في حماية أمتهم ودينهم والعمل على تحصينه ضد محاولات اختراق أعدائه لهم، أما أولئك الذين باعوا أنفسهم للغرب واليهود فلا مكان لاحترامهم بأي حال ..
    نعم أختي الكريمة الغرب واليهود لعبوا دوراً مهماً وكبيراً ومازالوا في تدمير الأمة وتراجعها الحضاري ولن يتوقف ذلك الدور مصداقاً لقوله تعالى: "ومازالوا يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا" وقوله تعالى: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم" .. ذلك نفهم منه من غيره من الآيات والأحاديث ومن الواقع والتاريخ أن الغرب واليهود في حالة تفكير دائم وتخطيط متواصل ضد الأمة والوطن، وقد بدأت المؤامرة ومحاربة هذا الدين وهذه الأمة من قبل أن يُبعث محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومقبل أن تتشكل هذه الأمة وتحذير الراهب بحيرا لأبي طالب من أن اليهود لو عرفوا بابن أخيه سيقتلونه ولكن الله تعالى قال: "إن الله عاصمك من الناس" .. وبعد الجهر بالدعوة بدأت المؤامرات من اليهود والنصارى ضد الدين الجديد إلى درجة أن قال اليهود للمشركين أن دينهم أفضل من دين محمد، ومؤامرات اليهود لقتله في المدينة، وكذلك حوارات النصارى والدعوة للمباهلة ...
    وتستمر محاربة اليهود والنصارى لهذا الدين والتآمر على الأمة وتأخذ أساليب وأشكال متعددة تبدأ بالكلمة وتنتهي بالسلاح، وكما قلت ذلك حقهم، وقد كان من أشد الوسائل التي حاربنا بها الغرب واليهود الاختراق والغزو الفكري، وقد كان ذلك خلاصة تجارب الغرب ضد الأمة في حروبها الصليبية، فبعد خروج لويس التاسع من أسره في دار ابن لقمان بالمنصورة أطلق صرخته الشهيرة: "علينا بحرب الكلمة"، تلك الصرخة التي أعاد تكرارها رامسفيلد وزير العدوان الأمريكي قبيل حربه على العراق عام 3003 حيث قال: "علينا بحرب الأفكار"
    وقد رأي في البعض أن صرخة لويس التاسع كانت إيذاناً بتأسيس علم الاستشراق الذي جميعنا يعلم الدور الذي لعبه المستشرقون في تدمير الأمة وغزو عقول أبنائها الذي نعاني من نتائجه الآن، وقد اقترن الاستشراق والتنصير وليس (التبشير) كما يسميه الغب وتلامذته في وطننا معاً، وهناك من يؤرخ لبدء الاستشراق بتاريخ أقدم بكثير من صرخة لويس التاسع ليس موضوعنا الآن التاريخ، المهم أن علم الاستشراق والتنصير لعبا الدور الأكبر في تدمير الأمة ومازال الغرب واليهود يحاولون تقويض دعائم ومقومات وجود الأمة العقدية والاقتصادية والاجتماعية ... من خلال غزو الأفكار الغربية لوطننا واستبدال ديننا وقيمه بقيم الحضارة الغربية، وحتى عولمة العالم بأخلاق وقيم الغرب وذلك ما يوجد الشقاق والخلاف بين أبناء الوطن والدين الواحد تباين الآراء حول القيمة الأخلاقية الواحدة التي لم يكن يختلف في الأجيال السابقة، أو الاختلاف حول كيفية مواجهة الغرب واليهود، أو حول الأخذ بالنظام كذا أو كذا وغيرها ...
    فالغرب واليهود خططوا وتآمروا والأساليب التي اتبعوها كثيرة وكُتب عنها مجلدات ولكن نحن لعبنا الدور الأكبر في تمكينهم منا وذلك لأننا قصرنا في حماية وتحصين أنفسنا ضد غزوهم الفكري والعسكري لنا، وقام أفراد منا بمعاونتهم في ذلك فكرياً، ومعلوم أن العدو الداخلي أخطر على أي امة من العدو الخارجي لأنه يعمل من داخل الوطن وهو آمن ومطمئن، ولعبوا ومازالوا الدور الأكبر في تحقيق الاختراق الغربي اليهودي لوطننا، وطبعاً منهم الحكام والمفكرين والمثقفين والعامة ..
    وعن عدم إعفاء الأمة من المسئولية في تراجعنا الحضاري أذكر كتبت مقالة رداً على ما نشر حول دور بروتوكولات حكماء صهيون سأحاول البحث عنها وإرساله على بريدك إن رأيت فيها ما يفيد نشرتها في المكان المناسب ..
    أما عن تخصيص دور اليهود فهم أشر خلق الله لكل البشر وخاصة المؤمنين مصداقاً لقوله تعالى: "لتجدن أشد الناس عداوة للذين أمنوا اليهود"، وهم يعتبرون أنهم شع بالله المختار للسيادة العالمية وأن العالم تآمر عليهم وعليه أن يدفع ثمن تأمره عليهم، وهم لا ينامون الليل وهم يخططون ويتآمرون من أجل استرجاع سيادتهم على العالم ومحاسبة العالم على ما اقترفه ضدهم من جرائم وآثام وما بدده من ثرواتهم، وكل ذلك لا يتحقق بعد عودتهم المزعومة لفلسطيننا كوطن قومي لهم، وإقامة كيانهم المسخ في قلب الأمة والوطن، إلا بهدم المسجد الأقصى وإعادة (بناء الهيكل الثالث)، ووضع العرش ليجلس عليه مسيحهم المنتظر، الذي وساعتها سيحاسب اليهود كل البشر، سيكون ذلك تمام يوم القيامة في عقيدتهم التي تعتبر القيامة هي العودة إلى فلسطين، والبعث والحساب هو محاسبة اليهود لـ(الجوييم) أي البشر الآخرين الذين هم قردة وسعادين وحيوانات خلقها إلههم (يهوه) في صورة إنسان ليليقوا بخدمة السيد اليهودي .. لذلك هم دمروا كل الحضارات النصرانية والإسلامية وخربوا الأديان كلها وذلك ما يحاولون فعله بالإسلام من خلال ما يزعمه أبناء جلدتنا (حوار الأديان السماوية) والحديث يطول ..
    ولنا عودة

المواضيع المتشابهه

  1. عقيــدة (الهيكل) أو المعبد بعد داود وسليمان (الحلقة الخامسة)
    بواسطة مصطفى إنشاصي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 03-22-2015, 01:55 PM
  2. مركزية القدس والأقصى: فلسفة الإحساس بالمنطق (الحلقة الخامسة)
    بواسطة مصطفى إنشاصي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 05-31-2014, 11:54 AM
  3. تأملات في واقع المقاومة الفلسطينية (الحلقة الخامسة)
    بواسطة مصطفى إنشاصي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-15-2012, 11:40 AM
  4. الحضارة: أي حضارة التي يتحدثون عنها؟! (الحلقة الخامسة)
    بواسطة مصطفى إنشاصي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-17-2012, 08:23 AM
  5. الدولة الإسلامية: إسلامية لا مدنية (الحلقة الخامسة)
    بواسطة مصطفى إنشاصي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-04-2012, 07:45 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •