نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


الروائي العالمي غونتر غراس لـ «المجلة»: وسائل القتل تتغير ولكن معاناة المجتمعات واحدة
مدريد: حوار ملك مصطفى
28/10/2006

> يستعد الكاتب غونتر غراس، الحائز على جائزة نوبل للأدب
طرح روايته الجديدة هذا الخريف، بعنوان: تقشير البصل ومن أجل وضع اللمسات الأخيرة ولمزيد من المراجعة والتدقيق عليها
وصل إلى العاصمة الإسبانية مدريد، حيث كان هذا الحوار القصير معه:
< هل هذه زيارتك الأولى إلى أسبانيا؟ وكيف تجدها؟
ـــ لقد زرت أسبانيا لأول مرة سنة 1954 زمن فرانكو. ولم أزرها ثانية إلا في عام 1978 بعد موت فرانكو، وإذا قارنت مابين أسبانيا الأمس وأسبانيا اليوم، تجد الفرق شاسعا إذ تحولت من بلد منغلق إلى بلد منفتح متحرر، استطاع هذا البلد أن يتطور بسرعة عجيبة.
< كيف تقضي وقتك في مدريد؟ ومن جاء معك في هذه الرحلة؟
ـــ ترافقني في هذه الرحلة زوجتي رفيقتي بالحياة، وبالقراءة والنقد. لقد تعودت عليها تماما مثل عادتي على الكتابة والرسم لأنها مثلما هي قارئة بارعة، هي ناقدة حيادية، والأهم من ذلك أنها مستمعة ممتازة.
أمضي بعضا من وقتي بالمشي بأزقة وشوارع مدريد القديمة، ولأني أحب مقاهي مدريد وقهوتها، فإني أمضي جزءا من البعض الآخر من وقتي في المقاهي أرتشف القهوة. أيضا أزور متحف البرادو أكثر من مرتين بالأسبوع ( هناك مقولة عن البرادو، أن السائح الذي يأتي إلي مدريد ولا يزور البرادو، لا تعتبر زيارته زيارة لأن أهم ما يوجد في مدريد هو متحف البرادو) حيث أمضي أحيانا ساعات أمام عمل فني (لغويا) أو (لبيلاسكيث) أو غيرهما.
< إذن ما العمل الفني الذي شدّك ؟ ولماذا؟
ـــ الغرنيكا لبيكاسو، أما لماذا فلأنها قليلة الأعمال الفنية التي استطاعت وبعمل واحد، أن تصور الرعب والخوف.أعتقد أن بيكاسو تأثر بـ (غويا) فكان يستمد القوة منه. بيكاسو استطاع إبداع رموز لرعب الحروب. الإنسان يستطيع أن يعيش وأن يراقب التطور نفسه باللوحة. وسائل القتل تتغير ولكن معاناة المجتمعات هي واحدة.
< لماذا اخترت عنوان روايتك تقشير البصل؟ وما هي أجواؤها؟ وما هي موضوعاتها ومعالمها؟
ـــ كتابي الجديد تقشير البصل، بالنسبة لي البصل عبارة عن استعارة للطبقات المرحلية للذاكرة وأبعادها. فالمراحل أو الطبقات تنتزع واحدة واحدة إلى أن تصل إلى الجوهر. وهذا هو في حد ذاته التطور الفعلي للكتابة. تقشير البصل، كتاب حول أيام شبابي منذ أن كان عمري 12 سنة عندما بدأت الحرب، إلى أن وصل عمري إلى الثلاثين. الحرب بدأت في داشيغ، والكتاب ينتهي عندما أبدأ بكتابة طبل الصفيح. إنها سنوات الطفولة، والشباب في زمن الحرب عندما كنت جنديا بالجيش كنت بالسادسة عشرة وكان علي أن ألتحق بالحرب، ومن جديد وبعد الحرب، عدت لحياة الطلبة، عدت طالبا في أكاديمية الفنون الجميلة في دوسلدروف وفي برلين. هذا هو الإطار الزمني الذي يحيط الرواية. ومضمونه كما ذكرت طفولتي وشبابي. لقد بقيت أكتب بالكتاب مدة ثلاث سنوات. العادة بالنسبة لي هي أن أبدأ العمل بالغلاف. وفي هذه المرة الغلاف سيكون بصلة. لقد اشتريت الكثير من البصل. فهي تظهر على الغلاف مقشرة ومن دون قشر كاملة ومقصوصة. وبعد عناء الكتابة والمراجعة والتدقيق، ومن أجل الاسترخاء، ولكي أمضي وقتا جميلاً، أرسم البصل.
< ما هي وجهة نظرك حول الرسوم المسيئة للرسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم؟
ــ أنا مع حرية الصحافة ولكن هذه كانت مقصودة وليس أكثر. نحن في أوروبا نتصرف وكأننا نمتلك حرية الصحافة مائة بالمائة، وجميعنا نعلم أن هذا غير صحيح. وهناك عدد كبير من الصحفيين الذين يمارسون الرقابة الذاتية التي علمها لهم المجتمع الرأسمالي بحيث أعارهم مقصاً يحملونه برأسهم. ما حدث مع رسوم الكاريكاتور الدنمركية أنها كانت تصرفا ضد ما هو محرم.
< هل يوجد فرق بين ألمانيا وأسبانيا؟
ــ إنني قادم من بلد يعيش عدم الرضا والتذمر. ففي ألمانيا نعيش وكأن العالم لا يتحرك بينما هنا في أسبانيا هناك إيقاع حياتي وفرح بفعل الأشياء إلى ساعات متأخرة من الليل، ومن دون شك فإن أسبانيا بلد الصخب والضجيج. الشيء الذي لم نعتد عليه لا في ألمانيا ولا في أي بلد زرناه ربما لأن الأسبان اعتادوا أن يتكلموا كلهم مع بعض، ولكن وعلى ما يبدو يسمعون أيضاً.



مجلة العرب الدولية