ادرسوا حقد الرجل..!
شاكر الجوهري
هل يمكن فعلا التوصل إلى حل للخلافات البينية الفلسطينية دون التوصل إلى قواسم سياسية مشتركة، تتركز أساسا على موقف واحد من كيفية إدارة الصراع مع العدو الإسرائيلي..؟
نطرح هذا السؤال لمناسبة التصريح الصادر عن اسماعيل رضوان القيادي في حركة "حماس"، الذي يكشف فيه عن أن حركته تدرس حاليا جملة أفكار مقترحة من عدة جهات من بينها عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية، تتركز في "إيجاد مخارج للملحوظات على الورقة المصرية، بحيث يتم التوقيع على التفاهمات الفلسطينية ـ الفلسطينية والورقة المصرية، بحيث تمثل مرجعية واحدة لعملية المصالحة وتنفيذها".
العيب الأساس في الورقة المصرية، لا ينحصر في "ملحوظات"، أو ملاحظات حركة "حماس"، وإنما هو يتمثل اساسا في أن الورقة المصرية، وبغض النظر عن هذه "الملحوظات"، أو الملاحظات، تكتفي بمعالجة الخلافات بين الجانبين في شقها الأمني، دون أن تتطرق بشيء للمستقبل السياسي للقضية الفلسطينية، والموقف السياسي من فعل المقاومة، وإن كانت ملاحظات حماس تنصب على صياغات تم تعديلها أو تحويرها من قبل الجانب المصري، بحيث لا يفهم منها وجود أي توافق، ولو ضمني على إقرار حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال.
موقف محمود عباس شديد الوضوح لهذه الجهة، فهو يرفض علانية أي عودة لمقاومة الاحتلال، حتى في حال تحقق الفشل المتوقع لمفاوضاته مع الجانب (الإسرائيلي).
إلى ذلك، فإن مواقف عباس المعلنة مؤخرا، تشي، بل تبوح بالعودة إلى لغة التشدد التي ظل يستخدمها طوال فترة عام ونصف العام، أعقبت الحسم العسكري الذي اضطرت إليه حركة حماس.
للتذكير، فإن عباس ظل يعلن طوال عام ونصف العام، أنه لا مصالحة إلا على قاعدة شروط تقوم على "إنهاء الإنقلاب، وإعادة الأمور في قطاع غزة إلى ما كانت عليه، وتسليم القطاع للشرعية الفلسطينية، والإعتذار عن الإنقلاب..!".
الإعلان المفاجئ الذي صدر عن عباس بعد عام ونصف العام من الحسم العسكري، حول استعداده لتحقيق المصالحة دون شروط، لم يكن غير مناورة تهدف إلى التنصل أمام الشعب الفلسطيني من مسؤوليته عن استمرار الإنقسام، فضلا عن التسبب به.
الدليل القاطع على ذلك يتمثل في الموقف الراهن لعباس، الذي يتمثل في:
أولا: العودة إلى اشتراط إعادة قطاع غزة للشرعية لإتمام أي مصالحة، وإنهاء الإنقلاب، دون ذكر لمسألة الاعتذار في هذه المرة.. التي تصبح في حال الاستجابة لشرط عباس، من قبيل تحصيل الحاصل.
ثانيا: أن تتضمن آليات المصالحة تولي حكومة سلام فياض إدارة شؤون قطاع غزة إلى جانب الضفة الغربية.. أي أن يتم تسليم قطاع غزة للحكومة المفروضة على الضفة من قبل الولايات المتحدة و(اسرائيل)..!
من يدقق في شرط عباس هذا يجد أنه يصر على ابقاء حكومة النائب الواحد، وتنحية حكومة الأغلبية البرلمانية..!
ثالثا: أن عباس، وفقا لتصريحات علنية صدرت عنه، يرهن رفع الحصار عن غزة، بإعادة القطاع إلى سلطته.. ما يعني بوضوح لا يقبل أي جدل أن عباس طرف رئيس في الحصار المفروض على القطاع.
حين يكون هذا هو واقع الحال، وحين يكون المجتمع الدولي، في شقه الشعبي، قرر مواصلة محاولات كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، حتى يرفع أو يكسر، فما الذي يجعل قيادة حركة حماس تقبل بالعودة إلى محاورة عباس، ولو من وراء وسيط، أو حجاب..؟!
نعرف حجم وشدة الظروف والضغوط التي تمارس على حركة حماس، خاصة ممن يفترض أنهم اشقاء عرب، لكننا لا نعرف الأسباب التي تحول دون لجوء الحركة، ومجمل فصائل المقاومة الفلسطينية إلى استخدام الورقة الأهم التي تملكها، وهي ورقة إعلان تشكيل مرجعية وطنية فلسطينية مقاومة، إن ليس بدلا للمرجعية المساومة، فلتكن على الأقل موازية لها.
يقول المثل الشعبي "ما بجيب الرطل إلا الرطل ونصف"، لكن قيادة حماس تبذل جهوداً كبيرة من أجل تأجيل اللجوء إلى هذه الورقة بالغة الأهمية، رغم أنها تدرس في لجنة المتابعة لتحالف الفصائل الفلسطينية منذ سنوات.
آخر ما برر به خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس طلبه تأجيل البت في هذا الإقتراح هو ضرورة إعطاء فرصة أخيرة للمصالحة، فإن لم تتم قبل شهر تموز/يوليو المقبل، يتم اللجوء إلى إعلان تشكيل المرجعية.
ها هو تموز/ يوليو يقترب، وقد بدأ العد التنازلي لإطلالته، دون أن تبدو في الأفق بارقة أمل تدلل على أن خطوة في حجم إعلان المرجعية باتت في الطريق.
إن إعلان تشكيل المرجعية، هو من قبيل "الرطل ونصف"، الذي يمكنه أن يأتي بـ "الرطل".
وبعبارة أكثر وضوحا، فإن تشكيل المرجعية الوطنية المقاومة، يفرض معادلة متكافئة، يمكنها أن تفرض حلا متوازنا للخلاف.
أما مواصلة التأجيل، فإنه يغري عباس فقط على مواصلة التعنت، والتصعيد في إعلان الشروط.
ادرسوا سيكلوجية الرجل، وتعاملوا معه على أساس الحجم المذهل من النزق والتعنت والعناد، وكذلك الحقد، الذي يتمتع به..!

--