أ.د فاضل السامرائى
لمسات بيانيه ( سؤال و جواب )
رداً على سؤال الأخ الفاضل / أبو إبراهيم
▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬
♦ السؤال :◄
ما الفرق من الناحية البيانية في استخدام لفظة ( إنّا رسول .. إنّا رسولا .. إني رسول)
في قصة موسى وهارون ؟
♦ الجواب :◄
ورد مثل هذا التعبير في ثلاث مواقع في القرآن الكريم:◄
قال تعالى في سورة طه :◄
• ( فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى )
في سورة الشعراء :◄
• ( فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
في سورة الزخرف:◄
• ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
♣ المسألة تتعلق بالسياق •←• ففي سورة طه
• السياق كله مبني على التثنية من قوله تعالى :◄
• ( اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي )
إلى قوله تعالى :◄
• ( فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى )
وقوله تعالى :◄
•(قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) أما في سورة الشعراء :◄
• فالسياق كله مبني على الإفراد و الوحدة من قوله تعالى :◄
• ( قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ )
• مع العلم أن أوائل السورة فيها تثنية َ:◄
• لاحظ :◄
• ( قَالَ كَلاَّ فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ
• ( فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ
• ثم يُغيّب هارون وتعود إلى الوحدة و يستمر النقاش مع موسى وحده بعد ذلك
• لاحظ :◄
• ( قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ
• ( قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ
• ( قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ
• ( قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ
• وكلمة رسول •←• في اللغة تُطلق على الواحد المفرد و على الجمع
• توجد كلمات في اللغة تكون الكلمة مفردة تختلف في التثنية و الجمع يعود إلى الإفراد
مثل :◄ كلمة بشر •←• ( أبشراً منا واحداً نتّبعه ) •←• مفرد
وقوله تعالى •←• ( فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ) •←• مثنى
وقوله تعالى •←• ( بل أنتم بشر مما خلق) •←• جمع .
وكلمة طفل •←• ( ثم يخرجكم طفلاً )
وكلمة ضيف.
وكذلك كلمة رسول
يقال في اللغة •←• نحن رسول .. وإنا رسول
فقوله تعالى •←• ( إنا رسول ربك )
• تأتي مع البيان و مع سُنن العربية و ليس فيها مخالفة للّغة .
فاختار تعالى الكلمة المناسبة في السياق المناسب
♣ فالسياق في سورة طه •←• قائم على التثنية
♣ السياق في الشعراء •←• قائم على الجانبين فيها إفراد ثم تثنية ثم إفراد
• وموسى هو الذي بُلِّغ الرسالة
♣ أما في سورة الزخرف :◄
فلم يأت ذكر هارون في سياق السورة كلها أصلاً
• فقال تعالى :◄
• ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
♣ وهذه الآيات الثلاثة لا تعارض فيها
وإنما هي لقصة واحدة ذهب موسى وأخاه هارون إلى فرعون
وفي كل سورة جاء بجزء من القصة بما يقتضيه السياق في السورة
وهذه اللقطات إنما هي مشاهد متعددة
يُعبّر عن كل مشهد حسب السياق
وليس في الآيات الثلاثة ما يخالف العربية.
♣ سؤال :◄
• لماذا نجد هذا في القرآن الكريم ؟
• لماذا لا يعبر عن القصة بلغة واحدة ؟
هو يعبر بلغة بيانية تناسب المقام و السياق الذي يقتضيه و هذه هي البلاغة .
موسى و هارون عليهما السلام ذهبا إلى فرعون
هذا الموقف عبر القرآن عنه في ثلاث مواطن مختلفة
• ( إِنَّا رَسُولَا •←• فى طه
• ( إِنَّا رَسُولُ •←• فى الشعراء
• ( إِنِّي رَسُولُ •←• فى الزخرف
ذكرهما باعتبار ما حدث
مرة كان هارون يسكت و يتكلم موسى فيوجه الكلام لموسى
علينا أن ندرس القصة كلها فهي ليست جلسة و احدة و إنما عدة لقاءات
و الكلام مرة يكون لهما معاً و مرة لموسى وحده
بحسب ما حدث فاختار أدق كلمة في التعبير .. سبحانه
• والله تعالى أعلى وأعلم
• نقلاً ( Jamila Elalaily )