منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 8 من 8

العرض المتطور

  1. #1

    نقاط يجب التوقف عندها في فعل الإختيار .



    هذه في عجالة شديدة
    نقاط يجب التوقف عندها ،
    في فعل الإختيار ،



    أولـهــــا : -
    ماجاء في الحديث الشريف المروي عن سعد
    وأصله كما جاء في مسند الإمام أحمد ،


    عَنْ اِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ اَبِي وَقَّاصٍ،
    عَنْ اَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، سَعْدِ بْنِ اَبِي وَقَّاصٍ قَالَ
    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ ادَمَ اسْتِخَارَتُهُ اللَّهَ
    وَمِنْ سَعَادَةِ ابْنِ ادَمَ رِضَاهُ بِمَا قَضَاهُ اللَّهُ
    وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ ادَمَ تَرْكُهُ اسْتِخَارَةَ اللَّهِ
    وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ ادَمَ سَخَطُهُ بِمَا قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ‏.



    المسألـــة الثانيــة : -
    هناك أمور تختلط على الكثيرين
    في معنى ومفهوم الحديث المروي عن جابر
    في كل كتب الصحاح ، وأصله : -


    عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
    كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْاُمُورِ كُلِّهَا
    كَالسُّورَةِ مِنْ الْقُرْانِ
    اِذَا هَمَّ بِالْاَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ
    ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ اِنِّي اَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ
    وَاَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ
    وَاَسْاَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ
    فَاِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا اَقْدِرُ
    وَتَعْلَمُ وَلَا اَعْلَمُ
    وَاَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
    اللَّهُمَّ اِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ اَنَّ هَذَا الْاَمْرَ خَيْرٌ لِي
    فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ اَمْرِي
    اَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ اَمْرِي وَاجِلِهِ
    فَاقْدُرْهُ لِي
    وَاِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ اَنَّ هَذَا الْاَمْرَ شَرٌّ لِي
    فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ اَمْرِي
    اَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ اَمْرِي وَاجِلِهِ
    فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ
    وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ


    قـــولــه :
    ‏( ‏في الأمور كلها‏ )‏
    هو عام أريد به الخصوص ،
    فان الواجب والمستحب لا يُستخار في فعلهما
    والحرام والمكروه لا يُستخار في تركهما ،

    فإنحصر الأمر في المباح وفي المستحب
    إذا تعارض منه أمران أيهما يبدأ به ويقتصر عليه ‏.‏
    قـلـــت ‏:
    وتدخل الإستخارة فيما عدا ذلك في الواجب والمستحب المخير،
    وفيما كان زمنه موسعاً ،
    ويتناول العموم العظيم من الأمور والحقير،
    فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم‏ .

    وقــولــه "‏ إذا هــم ‏"

    وترتيب الوارد على القلب على مراتب

    الـهـمـة
    ثــم اللـمـة
    ثــم الـخـطـرة
    ثــم الـنـيـة
    ثــم الإرادة
    ثــم الـعـزيـمـة ،


    فالثلاثة الأولى لا يؤاخذ بها بخلاف الثلاثة الأخرى ،
    فـقـولـــه
    "‏ إذا هـــم ‏"‏
    يشير إلى أول ما يرد على القلب يستخير
    فيظهر له ببركة الصلاة والدعاء ما هو الخير،
    بخلاف ما إذا تمكن الأمر عنده وقويت فيه عزيمته وإرادته
    فإنه يصير إليه له ميل وحب
    فيخشى أن يخفى عنه وجه الأرشدية لغلبة ميله إليه‏.


    قــيــل ‏:‏
    ويحتمل أن يكون المراد بالهم العزيمة
    لأن الخاطر لا يثبت
    فلا يستمر إلا على ما يقصد التصميم على فعله
    وإلا لو إستخار في كل خاطر
    لإستخار فيما لا يعبا به فتضيع عليه أوقاته ‏.‏


    المســألـة الثــالـثـة : -

    لما نَزَلَتْ عَلَيْهِ ( صلى الله عليه وسلم )
    هَذِهِ الايَةُ ‏{‏ يَا اَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لاَزْوَاجِكَ‏}‏
    حَتَّى بَلَغَ ‏{‏ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ اَجْرًا عَظِيمًا ‏}‏
    قَالَ فَبَدَاَ بِعَائِشَةَ فَقَالَ
    ‏"‏ يَا عَائِشَةُ اِنِّي اُرِيدُ اَنْ اَعْرِضَ عَلَيْكَ اَمْرًا
    اُحِبُّ اَنْ لاَ تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَشِيرِي اَبَوَيْكِ ‏"‏ ‏.
    ‏ قَالَتْ وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
    فَتَلاَ عَلَيْهَا الايَةَ
    قَالَتْ اَفِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اَسْتَشِيرُ اَبَوَىَّ
    بَلْ اَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الاخِرَةَ
    وَاَسْاَلُكَ اَنْ لاَ تُخْبِرَ امْرَاَةً مِنْ نِسَائِكَ بِالَّذِي قُلْتُ ‏
    .‏ قَالَ ‏"‏ لاَ تَسْاَلُنِي امْرَاَةٌ مِنْهُنَّ اِلاَّ اَخْبَرْتُهَا
    اِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلاَ مُتَعَنِّتًا
    وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا ‏"‏ ‏.‏


    أو قَالَ - يَا عَائِشَةُ اِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ اَمْرًا
    فَلاَ عَلَيْكِ اَنْ لاَ تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَاْمِرِي اَبَوَيْكِ ‏"‏ ‏.‏
    ثُمَّ قَرَاَ عَلَىَّ الايَةَ :
    ‏{‏ يَا اَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لاَزْوَاجِكَ‏}‏ حَتَّى بَلَغَ ‏{‏ اَجْرًا عَظِيمًا‏}‏
    قَالَتْ عَائِشَةُ قَدْ عَلِمَ وَاللَّهِ اَنَّ اَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا لِيَاْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ
    قَالَتْ فَقُلْتُ اَوَفِي هَذَا اَسْتَاْمِرُ اَبَوَىَّ
    فَاِنِّي اُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الاخِرَةَ ‏.‏
    قَالَ مَعْمَرٌ فَاَخْبَرَنِي اَيُّوبُ اَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لاَ تُخْبِرْ نِسَاءَكَ اَنِّي اخْتَرْتُكَ
    فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
    ‏"‏ اِنَّ اللَّهَ اَرْسَلَنِي مُبَلِّغًا وَلَمْ يُرْسِلْنِي مُتَعَنِّتًا ‏"‏ ‏.‏
    قَالَ قَتَادَةُ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا مَالَتْ قُلُوبُكُمَا‏.


    المـسـألـة الرابـعــة : -

    حَدَّثَنَا اَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا اَبُو اُسَامَةَ،
    عَنْ هِشَامٍ، عَنْ اَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ،
    قَالَتْ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ اَمْرَيْنِ
    اَحَدُهُمَا اَيْسَرُ مِنَ الاخَرِ
    اِلاَّ اخْتَارَ اَيْسَرَهُمَا
    مَا لَمْ يَكُنْ اِثْمًا فَاِنْ كَانَ اِثْمًا كَانَ اَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ ‏.‏



    الـمسـألة الخـامـســة : -


    { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ
    مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
    سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }


    سورة القصص - سورة 28 - آية 68

    وفيه تنبيه على كونه قادراً على كل الممكنات،
    وعالماً بكل المعلومات،
    منزهاً عن النقائص والآفات
    يجازي المحسنين على طاعتهم
    ويعاقب العصاة على عصيانهم
    وفيه نهاية الزجر والردع للعصاة
    ونهاية تقوية القلب للمطيعين،


    المـسـألـة السـادســة : -


    { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ
    إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا
    أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
    وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا }

    سورة الأحزاب - سورة 33 - آية 36

    يُستفاد من هذه الآية
    أن لا ينبغي أن يظن ظان أن هوى نفسه متبعه
    وأن زمام الإختيار بيد الإنسان كما في الزوجات ،
    بل ليس لمؤمن ولا مؤمنة أن يكون له إختيار
    عند حكم الله ورسوله
    فما أمر الله هو المتبع
    وما أراد النبـي هو الحق
    ومن خالفهما في شيء فقد ضل ضلالاً مبيناً،
    لأن الله هو المقصد والنبـي هو الهادي الموصل،
    فمن ترك المقصد ولم يسمع قول الهادي فهو ضال قطعاً.


    الــمـسـألة السـابـعـة : -

    إختار سيدنا موسى سبعين رجلاً
    فما خرج منهم رشيد ،
    وإختار سيدنا رسول الله
    صلى الله عليه وسلم
    إبن أبي السرح كاتباً للوحي
    فلحق بالمُشركين مرتداً ،
    وإختار سيدنا علي إبن أبي طالب
    أبو موسى الأشعري حكماً ،
    فحكم علية ،


    *******************

    هذه في عجالة شديدة نقاط يجب التوقف عندها ،
    في فعل الإختيار، والأوجب ترك وتفويض الأمور كلية لله
    تبارك وتعالى بعد الأخذ بالأسباب كلها .



    والله تعالى أعلى وأعلم ،
    وبه الهداية ومنه التوفيق .


    كتبه :
    راجي عفو الله تعالى ورضاه ،
    محمد هشام إبن محمد نور الدين .

    نأمل ذكر المصدر ( منتديات أم فراس الثقافية ) عند نقل المُشاركة .



  2. #2

    تمام

    السلام عليكم
    ماخاب من استشار وماندم من استخار
    كلام سليم ولكن خلق الانسان عجولا
    حسبنا الله ونعم الوكيل
    جزاك الله خيرا

  3. #3


    الأخت الغالية الأديبة
    أم فراس
    سعدتُ وشرُفتُ بمرورك الكريم ،
    وتعقيبك الطيب الرشيد ،

    ولكِ مُنتهى تقديري ، وعظيم إمتناني ،
    وجل مودتي .



  4. #4

    وحدتي أنت ِ...


    وقفه توضيحية
    للــمـسـألة السـابـعـة
    المذكورة في المشاركة


    وهي : -

    إختار سيدنا موسى سبعين رجلاً
    فما خرج منهم رشيد ، فأخذتهم الرجفة ،
    وإختار سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،
    عبد الله إبن أبي السرح كاتباً للوحي ،
    فلحق بالمُشركين مرتداً ،
    وإختار سيدنا علي إبن أبي طالب أبو موسى الأشعري حكماً ،
    فحكم علية ،


    بدايةً ،

    في الآية الكريمة :

    { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا
    فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ
    قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ
    أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ
    إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِي مَن تَشَآءُ
    أَنتَ وَلِيُّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْغَافِرِينَ }


    في هذه الآية مسائل:

    المسألة الأولى :
    الإختيار: إفتعال من لفظ الخير
    يُقـــــال :
    إختار الشيء إذا أخذ خيره وخياره،
    وأصل إختار: إختير،
    فلما تحركت الياء وقبلها فتحة قلبت ألفاً نحو قال و باع،
    ولهذا السبب إستوى لفظ الفاعل والمفعول فقيل فيهما ، مختار،
    والأصل مختير ومختير فقلبت الياء فيهما ألفاً فإستويا في اللفظ.

    وتحقيق الكلام فيه أن نقول:
    إن الأعضاء السليمة بحسب سلامتها الأصلية صالحة للفعل والترك ،
    وصالحة للفعل ولضده ،
    وما دام يبقى على هذا الإستواء
    إمتنع أن يصير مصدراً لأحد الجانبين دون الثاني ،
    وإلا لزم رجحان الممكن من غير مرجح ، وهو محال ،
    فإذا حكم الإنسان بأن له في الفعل نفعاً زائداً وصلاحاً راجحاً ،
    فقد حكم بأن ذلك الجانب خير له من ضده .
    فعند حصول هذا الإعتقاد في القلب يصير الفعل راجحاً على الترك ،
    فلولا الحكم بكون ذلك الطرف خيراً من الطرف الآخر إمتنع أن يصير فاعلاً ،
    فلما كان صدور الفعل عن الحيوان
    موقوفاً على حكمه بكون ذلك الفعل خيراً من تركه ،
    لا جرم سمى الفعل الحيواني فعلاً اختيارياً .


    والله تعالى أعلى وأعلم ، وبه الهداية ومنه التوفيق .

    فإن قـيـل :
    إن الإنسان قد يقتل نفسه
    وقد يرمي نفسه من شاهق جبل
    مع أنه يعلم أن ذلك ليس من الخيرات بل من الشرور.


    فنقــول :
    إن الإنسان لا يقدم على قتل نفسه
    إلا إذا إعتقد أنه بسبب ذلك القتل يتخلص عن ضرر أعظم من ذلك القتل،
    والضرر الأسهل بالنسبة إلى الضرر الأعظم يكون خيراً لا شراً.
    وعلى هذا التقدير فالسؤال زائل .


    والله تعالى أعلى و أعلم .

    المسألة الثانية :
    هذا الإختيار هل هو للخروج إلى الميقات
    الذي كلم الله تعالى موسى فيه
    وسأل موسى من الله الرؤية أو هو للخروج إلى موضع آخر؟

    فيه أقوال للمفسرين وأرجحهم على ما نعتقد :
    إنه لميقات الكلام والرؤية
    قالوا :
    إنه عليه السلام خرج بهؤلاء السبعين إلى طور سيناء،
    فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه عمود من الغمام ،
    حتى أحاط بالجبل كله ودنا موسى عليه السلام . ودخل فيه ،

    وقال للقوم : إدنوا، فدنوا، حتى إذا دخلوا الغمام وقعوا سجداً،
    فسمعوه وهو يكلم موسى يأمره وينهاه إفعل ولا تفعل .
    ثم إنكشف الغمام فأقبلوا إليه فطلبوا الرؤية ،

    وقـالـوا :
    { يا موسى لَن نُؤمِنَ لَكَ حَتى نَرَى الله جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ }
    [البقرة: 55]
    وهي المراد من الرجفة المذكورة في هذه الآية ،
    فقال موسى عليه السلام :
    { رَبّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مّن قَبْلُ وَإِيَّـٰىَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَاء مِنَّا }
    فالمراد منه قولهم : { أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً }.


    أمــا قولــــــه :
    { أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَاء مِنَّا }
    فقال أهل العلم :
    إنه لا يجوز أن يظن موسى عليه السلام
    أن الله تعالى يهلك قوماً بذنوب غيرهم ،

    فيجب تأويل الآية،
    وفيه بحثان:
    الأول :
    أنه إستفهام بمعنى الجحد ، وأراد أنك لا تفعل ذلك.
    كما تقول : أتهين من يخدمك؟ أي لا تفعل ذلك .
    الثاني :
    قال المبرد : هو إستفهام إستعطاف، أي لا تهلكنا.

    وأمــا قــولــه :
    { إِنْ هِىَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ }
    فقال الواحدي رحمه الله :
    الكناية في قوله : { هِىَ } عائدة إلى الفتنة ،
    كما تقول : إن هو إلا زيد وإن هي إلا هند .

    والمعنى :
    أن تلك الفتنة التي وقع فيها السفهاء
    لم تكن إلا فتنتك أضللت بها قوماً فإفتتنوا،
    وعصمت قوماً عنها فثبتوا على الحق،
    ثم أكد بيان أن الكل من الله تعالى ،
    فقـــــال :
    { تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِى مَن تَشآءُ }
    ومعلوم أن الرجفة لا يضل الله بها ،
    فوجب حمل هذه الآية على التأويل .


    فـأمـــا قــولـه :
    { إِنْ هِىَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ }
    فالمعنى :
    إمتحانك وشدة تعبدك ،
    لأنه لما أظهر الرجفة كلفهم بالصبر عليها.


    وأمــا قــولـه :
    { تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ }
    ففيه وجوه :
    الأول :
    تهدي بهذا الامتحان إلى الجنة والثواب
    بشرط أن يؤمن ذلك المكلف ويبقى على الإيمان ،
    وتعاقب من تشاء بشرط أن لا يؤمن ،
    أو إن آمن لكن لا يصبر عليه .

    والثاني :
    أن يكون المراد بالإضلال الإهلاك،
    والتقدير :
    تهلك من تشاء بهذه الرجفة وتصرفها عمن تشاء .
    والثالث :
    أنه لما كان هذا الإمتحان كالسبب في هداية من إهتدى،
    وضلال من ضل، جاز أن يضافا إليه.


    والدلائل العقلية
    دالة على أنه يجب أن يكون المراد ما ذكرناه
    ،


    وتقريرها من وجوه :
    الأول :
    أن القدرة الصالحة للإيمان والكفر لا يترجح تأثيرها في أحد الطرفين
    على تأثيرها في الطرف الآخر ، إلا لأجل داعية مرجحة،
    وخالق تلك الداعية هو الله تعالى ،
    وعند حصول تلك الداعية يجب الفعل
    وإذا ثبتت هذه المقدمات
    ثبت أن الهداية من الله تعالى وأن الإضلال من الله تعالى .


    الثاني :

    أن أحداً من العقلاء لا يريد إلا الإيمان والحق والصدق ،
    فلو كان الأمر بإختياره وقصده
    لوجب أن يكون كل واحد مؤمناً محقاً،
    وحيث لم يكن الأمر كذلك
    ثبت أن الكل من الله تعالى .


    الثالث :

    أنه لو كان حصول الهداية والمعرفة بفعل العبد
    فما لم يتميز عنده الإعتقاد الحق عن الاعتقاد الباطل ،
    إمتنع أن يخص أحد الإعتقادين بالتحصيل والتكوين ،
    لكن علمه بأن هذا الإعتقاد هو الحق وأن الآخر هو الباطل،
    يقتضي كونه عالماً بذلك المعتقد أولاً كما هو عليه،
    فيلزم أن تكون القدرة على تحصيل الإعتقاد
    مشروطة بكون ذلك الإعتقاد الحق حاصلاً،
    وذلك يقتضي كون الشيء مشروطاً بنفسه وأنه محال،
    فثبت أنه يمتنع أن يكون حصول الهداية والعلم بتخليق العبد،




    ثم حكى تعالى عن موسى عليه السلام أنه قال بعد ذلك :
    { أَنتَ وَلِيُّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْغَـٰفِرِينَ }
    وإعلم أن قوله : { أَنتَ وَلِيُّنَا } يفيد الحصر،
    ومعناه أنه لا ولي لنا ولا ناصر ولا هادي إلا أنت،

    وهذا من تمام ما سبق ذكره من قوله:
    { تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِى مَن تَشَآءُ }
    وقوله: { فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا }
    المراد منه أن إقدامه على قوله : { إِنْ هِىَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ }
    جراءة عظيمة، فطلب من الله غفرانها والتجاوز عنها
    وقوله: { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْغَـٰفِرِينَ }
    معناه أن كل من سواك فإنما يتجاوز عن الذنب
    إما طلباً للثناء الجميل أو للثواب الجزيل ،
    أو دفعاً للصفة الخسيسة عن القلب،
    وبالجملة فذلك الغفران يكون لطلب نفع أو لدفع ضرر،
    أما أنت فتغفر ذنوب عبادك لا لطلب عوض وغرض ،
    بل لمحض الفضل والكرم ،
    فوجب القطع بكونه { خَيْرُ ٱلْغَـٰفِرِينَ }


    والله تعالى أعلى و أعلم ،
    وبه الهداية ومنه التوفيق .


    هذا ونوضح بمشيئة الله تعالى في المُداخلة القادمة
    قصة إختيار الرسول الكريم محمد ،
    صلى الله عليه وسلم ،
    لعبد الله إبن أبي السرح كاتباً للوحي ،
    ثم إلتحاق الأخير بالمُشركين مرتداً ،


    وللحديث بقية إن كان في العُمر بقية .



  5. #5




    عبد الله بن أبي السرح
    وهو : -
    عبد الله بن سعد بن أبى السرح
    بن الحارث بن حبيب بن جذيمة
    بن مالك بن حسل بن عامر
    بن لؤي القرشي ،
    أسلم قبل الفتح وهاجر ،
    ثم ارتد فأهدر النبي دمه ،
    استأمن له عثمان
    من النبي صلى الله عليه وسلم
    وكان أخوه من الرضاعة ،
    فأسلم بعد ذلك وحسن إسلامه ،
    توفي سنة (36)، أو (37)هـ.


    وعبد الله بن أبي السرح
    كان أخا لعثمان بن عفان من الرضاعة
    وكان عبد الله قد إرتد
    وإفترى على النبي صلى الله عليه
    أنه يلقنه الوحي ويكتب له ما يريد .


    قال شيخ الإسلام في الصارم (2/230) :

    فوجه الدلالة أن عبد الله بن أبي السرح
    إفترى على النبي صلى الله عليه وسلم
    أنه كان يُتَمِّم له الوحي
    ويكتب له ما يريد
    فيوافقه عليه
    وأنه يصرفه حيث شاء
    ويغير ما أمره به من الوحي
    فيُقرُّه على ذلك
    وزعم أنه سينزل مثل ما أنزل الله
    إذ كان قد أوحي إليه في زعمه
    كما أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
    وهذا الطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم
    وعلى كتابه والافتراء عليه
    مما يوجب الريب في نبوته
    قدر زائد على مجر الكفر به
    والردة في الدين
    وهو من أنواع السب . ا . هـ .


    قصة إرتداده عن الإسلام : -

    روي أنه لما كان يوم فتح مكة
    أمن رسول الله الناس
    إلا أربعة نفر وامرأتين .
    وقال: إقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة .
    وهم : -
    عكرمة بن أبي جهل
    وعبد الله بن خطل
    ومقيس بن صبابة
    وعبد الله بن سعد بن أبي السرح
    وقينتان كانتا لمقيس تغنيان بهجاء رسول الله.


    فأمـــــا
    عبد الله بن خطل
    فأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة
    فإستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر
    فسبق سعيد عماراً وكان أشب الرجلين فقتله.


    وأمـــــا
    مقيس بن صبابة
    فأدركه الناس في السوق فقتلوه.

    وأمـــــا
    عكرمة بن أبي جهل
    فركب البحر فأصابتهم عاصف
    فقال أصحاب السفينة أخلصوا
    فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا هاهنا
    فقال عكرمة
    والله لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص
    لا ينجيني في البر غيره
    اللهم إن لك علي عهداً
    إن أنت عافيتني مما أنا فيه
    أن آتى محمداً حتى أضع يدي في يده
    فلأجدنه عفواً كريماً

    فجاء فأسلم .

    وأمـــــا
    عبد الله بن سعد بن أبي السرح
    فإنه إختبأ عند عثمان بن عفان.
    فلما دعا رسول الله الناس إلى البيعة
    جاء به حتى أوقفه على النبي .
    قال: يا رسول الله بايع عبد الله .
    قال فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثاً كل ذلك يأبى ،

    فبايعه بعد ثلاث.
    ثم أقبل على أصحابه فقال :
    أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا
    حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله.

    فقالوا وما يدرينا يا رسول الله
    ما في نفسك هلا أومأت إلينا بعينك ؟


    قال: إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة أعين.

    *****************************************

    ومما جاء في السنة المُطهرة
    عن قصة إبن أبي السرح :


    والحديث جاء عند النسائي (4078)
    عن سعد قال :
    لما كان يوم فتح مكة
    أمَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس
    إلا أربعة نفر وامرأتين وقال :
    اقتلوهم
    وإن وجدتموهم مُتعلقين بأستار الكعبة
    عكرمة بن أبي جهل
    وعبدالله بن خطل
    ومَقِيس بن ضُبَابة
    وعبدالله بن سعد بن أبي السرح .

    فأما عبد الله بن خطل
    فأُدرك وهو متعلق بأستار الكعبة
    فإستبق إليه سعيد بن حُريب وعمار بن ياسر
    فسبق سعيد عماراً وكان أشب الرجلين فقتله .

    وأما مَقِيس بن صُبابة
    فأدركه الناس في السوق فقتلوه .

    وأما عكرمة فركب البحر
    فأصابهم عاصف
    فقال أصحاب السفينة :
    أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا ههنا
    فقال عكرمة :
    والله لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص
    لا ينجيني في البر غيره
    اللهم إن لك علي عهداً
    إن أنت عافيتني مما أنا فيه
    أن آتي محمداً صلى الله عليه وسلم
    حتى أضع يدي في يده
    فلأجدنه عفواً كريماً فجاء فأسلم .



    وقد صححه الألباني في صحيح سنن النسائي (3791)
    وقال في تعليقه على التنكيل (2/255) :
    ثم خرجت للحديث شاهداً حسناً في الصحيحة 1723.


    ومعــنــى
    قول النبي صلى الله عليه وسلم
    " لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين "
    كما ذكر الخطابي :
    أن يظمر بقلبه غير ما يظهره للناس .

    وقال المعلمي في التنكيل (2/256) :
    وكره أن يومض لأن الإيماض من شعار أهل الغدر
    والغدر لا ينبغي للأنبياء .



    *****************************

    وللحديث بقية إن كان في العُمر بقية .

    نأمل ذكر المصدر ( منتديات أم فراس الثقافية ) عند نقل المُشاركة .


    **************************



  6. #6

    جزاك الله خيرا

    شكرا للتصحيح ولي عودة للمتابعة
    ولكن الا ترى معي اخي الدكتور ان الخط كبير كفاية.؟
    اتمنى ان اكون مخطئة

المواضيع المتشابهه

  1. إسرائيل:نقاط ضعفها مقابل نقاط قوتنا
    بواسطة سري سمّور في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-02-2018, 06:42 AM
  2. كيف يمكن لمتصفح الويب أن يتذكر الفقرة التي وقف عندها المستخدم ???
    بواسطة أوس الحكيم في المنتدى فرسان التقني العام.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-24-2013, 09:17 AM
  3. أجمل شاشات التوقف النادرة الرائعة والمتميزة
    بواسطة معاذ الزين في المنتدى فرسان التصميم والابداع.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-25-2011, 09:12 AM
  4. هل يمكن التوقف عن التدخين بالتنويم المغناطيسي؟
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الطب البديل.
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 05-29-2010, 02:47 PM
  5. قصيدة بعنوان: وتلعثمت في غنجها العصماءُ....للشاعر اسحق قومي
    بواسطة اسحق قومي في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 10-30-2009, 10:50 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •