منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 6 من 6

العرض المتطور

  1. #1

    الحشمة حياء ام شرف؟ في حكاية اخشيبون

    الحشمة حياء ام شرف؟ في حكاية اخشيبون

    بقلم:عماد موسى

    اخشيبون حكاية من الحكايات الشعبية الفلسطينية للاطفال، والتي بادرت مؤسسة شمس(جت-المثلث-2009) الى اطلاقها ضمن مشروع احياء الحكايات الشعبية الفلسطينية ونشرها وتعميمها،وقد لفت انتباهي هذه المبادرة الاحيائية للتراث الشعبي الفلسطيني، ولهذا النوع من الحكايات الشعبية الطفلية تحديدا،ويجدر الاشارة الى ان المسالة لم تتوقف عند حدود الانتباه والقراءة، بل تجاوزتها الى القراءة النقدية فوجدت نفسي اقدم قراءة لهذا المنتج التي تم اعادة الحياة الى جسده المترمد بعد قطيعة معرفية، و انقطاع ليس بالقصيرمع الفلوكلور.
    فالحكاية الشعبية كما هو شائع في الدراسات الشعبية هو" أسلوب اجتماعي هدفه الإصلاح والتقويم والتوجيه والموافقة في مجال الحياة العامة، لذا نجد فيها النقد اللاذع والسخرية المرة والنادرة، كما نجد فيها العبرة الرادعة والإقناع بحقيقة الواقع الأليم."
    فحكاية"اخشيبون" تبدأ كسائر الحكايات الشعبية ببادئة تكاد تكون بصمة سردية يتسم بها السرد الشعبي وهي"كان يا ما كان في قديم الزمان" وقد نجد بعض الحكايات قد اضاف السارد على هذه البادئة جملة،"وفي سالف العصر والاوان" للتأكيد على ماضوية الحدث، وعلى بعد الحدث الزمكاني(الزمان والمكان)،وذلك لان الحكاية الشعبية تتفادى تقديم حدود معينة للزمان أوالمكان. فهي لا تولي اهتماما بتقنية الوصف للامكنة والشخصيات .
    من هنا نجد أن السارد يقدم بطلة الحكاية "مرجانة" بعد البادئة مباشرة فيقول:"كان يا ما كان في قديم الزمان فتاة اسمها "مرجانة".
    الشخصيات والصراع
    يتكئ البناء السردي في حكاية اخشيبون على شخصيات متنوعة تجمع الانساني والخرافي ،اما المكان فهو فضاء خرافي افتراضي تدور احداث الحكاية فوقه ، فيدور الصراع بين "الدبيبة" الكائن الخرافي الذي يريد ان يأكلها وبين مرجانة الانسان الانثى وتظهر شخصية الدبيبة كشخصية مخيفة بشكل فجائي ،وهي ضعيفة التفكير لانها غير قادرة على مغادرة كهف غزيرة الجوع. وفي المقابل يكشف السارد قدرات مرجانة العقلية حيث تمكنت من اقناعه بعدم اكلها مقابل ان يوصلها الى منزل والدها،."وقالت:ان انت اخذتني الى منزل والدي اعدك بان اقدم لك خروفا سمينا". ولم تصدق الأم عودتها فاقنعت الدبيبة بان تاخذها لعند خالتها. "وهناك تعطيها خروفين بدل الخروف" .فالتكرار للواقعة اللغوية يشي بقوة الى مدى هيمنة غريزة الجوع على الكائن الخرافي،لذلك كانت استجابتة سريعة. ونلاحظ ايضا، ان فعل الاقناع والتحقق في الصراع لم يشكل عقبة. فالاقناع لم يتطلب جهدا من مرجانة فيكفي ان تقول: جملة في موضوع الطعام، فهي كافية لاشباع المأمول لغريزة الدبيبة، ليصبح التحقق مسألةاحتمالية، الا ان الرغبة في الاكل غير متحققة فعليا، لانه لو تحققت لكانت نهاية السرد مآساوية ومخالفة للبناء الحكائي السائد في الحكاية الشعبية،ولذا اتسمت الوقائع اللغوية بالبساطة في التعبير،عبر استعمال الافعال والجمل القصيرة التي تؤدي الغرض مباشرة، وتحقق الهدف فلا تحتاج الى تخييل او تاويل.او الى توظيف لغة استعارية او ترميزية.لانها موجه للاطفال.
    الحشمة بين الحياء والشرف الانثوي
    ان الشخصية الرئيسة في الحكاية انثى "مرجانة" ، فهي التي تصنع الحدث ، فهذه الانثى تحاول الانتقال من بيت امها "الانثى" الى بيت خالتها:الانثى، فهذا الانتقال كان كاشفا للغايات والاهداف، فهذه الانثى تواجه انثى تقول لها:"ابنتي في بيت خالتها،
    نائمة في فرشتها
    ملتحفة في حشمتها".
    ولما لم تستقبلها الام وفقا لهذا الاعتقاد تذهب بها الدبيبة الى منزل خالتها،وهناك تواجه الموقف ذاته،فتقول:
    "بنت اختي عند والدتها
    نائمة في فرشتها
    ملتحفة بحشمتها"،
    فجملة "ملتحفة بحشمتها" تحمل دلالة عميقة وهي: العفة الانثوية المتدثرة بالحياء الانثوي، والذي يؤكد على ذلك قول السارد عن مرجانة أنها:" ركضت حتى وصلت الى المدينة، وخافت أن يطردها أهلها ان هي عادت الى المنزل وذلك لانها باتت عدة ليال خارج البيت مما يلحق العار بها وباهلها" وبتفكيك النسق اللغوي نجده يتكون من :
    الخوف من الطرد من المنزل
    المبيت خارج البيت عدة ليال
    الحاق العار بها وبالعائلة
    فخوف مرجانة ناتج عن الرغبة المدفونة في اللاوعي وهذه الرغبة الرافضة لانزال العقوبة، بها على ذنب لم تقترفه،وفي الوقت نفسه يتدخل الوعي الاجتماعي فتفضل البقاء في المدينة حتى لا تلحق العار الاجتماعي بنفسها واهلها.
    ويقوم السارد "الذكر" بدفعها الى التفكير في الاحتجاب اي التواري عن الانظار، حتى لاتدخل في مواجهة مع "الدبيبة" من جهة وفي مواجهة مع اهلها من جهة اخرى ، نتيجة جلبها العار لغيابها عن المنزل عدة ليال..،والنجار "الذكر"في الحكاية يصبح منتجا لأدوات الاحتجاب للانثى،وهذه دلالة رمزية ايضا فلماذا يضع السارد "لذكر" "مرجانة" الانثى في مواجهة مع الذكورة وان يضعها في موقف تحدي،ووينطبق هذا الامر ايضا على الانوثة التي تردد جملة كأنها لازمة في الحكاية"ملتحفة بحشمتها" ،مما دفعها الى التفكير الخضوعي لثقافة المجتمع،
    من هنا يمكننا ان نقرأ صناعة الصندوق الخشبي ذو العجلات على انه صناعة لادوات احتجاب الانثى. فهو يحمل دلالة الاحتجاب الرمزي في حكاية اخشيبون.
    واما الشخصية الذكرية الثانية فهي الامير الذي يطل من شرفة قصره لمراقبة الناس الذين يلتقطون ما يرمى لهم من بقايا طعامه، فهو رمز للطبقة الاجتماعية ، ليكتشف أمر الفتاة"مرجانة" والذي يكتشف مع اكتشافها صفة التحافها بالحشمة فقد اختبأت في الصندوق الخشبي لتحمي نفسها من الانظار، وتوارت خلف حشمتها، فلهذا يقرر الامير الزواج منها، ويستدعي والديها، وتنتهي الحكاية بانفضاض الحشمة بعلم ورضى الجميع وتتوارى الدبيبة عن الانظار, فالفتاة في الحكاية تمثل تصورا اجتماعيا ثقافيا،عن الانثى التي لا يقبل المجتمع بمبيتها خارج المنزل، لان هذا يتعارض مع مبدأ الحشمة، (العفة). لذا نجد ان الحوار في الحكاية قد جاء مقتضبا بما يخدم البناء الحكائي:وكلما التقت بالدبيبة كانت تكرر هذه اللازمة: :خشيشبان،خشيشبان
    ما شفت عروس احمر منقوش"
    وتمتازهذه الحكاية الشعبية بتحقق النهاية السعيدة وبتلازم تقنية فنية هي قفلة الحكاية، "وعاشت مرجانة والامير في ثبات ونبات ورزقا صبيان وبنات".فهذه الحكاية مثل سائر الحكايات الشعبية تعتمد على الصدف والمفاجات.

  2. #2
    مشكور أخي عماد موسى , لقد أبدعت بالوصف والتحليل وكشفت عن الأهداف الرامية وراء هذه الحكايات الشعبية المثيرة, بقصد التسلية والتي بنفس الوقت تشرح وتؤكد طباع المجتمع في مأكله ومشربه وعاداته , وفي لباسه وأسرار عواطفه , وما أكثر الحكايات الشعبية , وما أرقاها , وما أحلى خيالها ونسجها وسردها بلغة مفهومة سهلة , لا يعتريها تعقيد لغوي , ولا بيان نحوي , بل تميل عادة إلى اللهجة الشعبية الواضحة لأخذ عبرة أو نيل فكرة هادفة .
    أشكرك مرة ثانية , لقد أبدعت بالوصف والتحليل .

  3. #3
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آمنه أم وليد مشاهدة المشاركة
    مشكور أخي عماد موسى , لقد أبدعت بالوصف والتحليل وكشفت عن الأهداف الرامية وراء هذه الحكايات الشعبية المثيرة, بقصد التسلية والتي بنفس الوقت تشرح وتؤكد طباع المجتمع في مأكله ومشربه وعاداته , وفي لباسه وأسرار عواطفه , وما أكثر الحكايات الشعبية , وما أرقاها , وما أحلى خيالها ونسجها وسردها بلغة مفهومة سهلة , لا يعتريها تعقيد لغوي , ولا بيان نحوي , بل تميل عادة إلى اللهجة الشعبية الواضحة لأخذ عبرة أو نيل فكرة هادفة .
    أشكرك مرة ثانية , لقد أبدعت بالوصف والتحليل .
    مرة ثانية اتوجه لك بالشكر الجزيل على قراءتك المستفيضة لها النوع من الحكايات والقصص التي تحكى للاطفال بهدف التسلية والتربية واحيانا التعليم وتقديم المواعظ وها انا اكتشف فيك خصلة طيبة وهي روح القراءة والنقد والبحث المعرفي اشكرك اشكرك يا سيدة امنة ام وليد

  4. #4
    شكرا لك أستاذ عماد واظن ان القصص الشعبية تملك ثقافة مجتمعية كبيرة في شحنتها اللغوية، لكن كلمة "حشمة" اراها وضعت بطريقة سمجة تماما، لالزوم لها، إلا لو كان السارد يريد امرا ما، والمفروض ألا يكون هناك أيماءة مغشوشة تبعد القارئ عن مرمى النسق، بكل الاحوال, القصة رائعة كقصة شعبية( وقد كانت قصص زمان طويلة بشكل مشبع تماما ومليئة بالخيال كثيرا).
    شكرا مرة اخرى.
    تعددت يابني قومي مصائبنا فأقفلت بالنبا المفتوح إقفالا
    كنا نعالج جرحا واحد فغدت جراحنا اليوم ألوانا وأشكالا

  5. #5
    أؤيد\ الاخ أسامة فيما رمى إبيه,وأقدم دراسة جمعية عن الحكايا الشعبية ربما تهمكم:
    http://omferas.com/vb/t41151-2/#post209916
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  6. #6
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسامه الحموي مشاهدة المشاركة
    شكرا لك أستاذ عماد واظن ان القصص الشعبية تملك ثقافة مجتمعية كبيرة في شحنتها اللغوية، لكن كلمة "حشمة" اراها وضعت بطريقة سمجة تماما، لالزوم لها، إلا لو كان السارد يريد امرا ما، والمفروض ألا يكون هناك أيماءة مغشوشة تبعد القارئ عن مرمى النسق، بكل الاحوال, القصة رائعة كقصة شعبية( وقد كانت قصص زمان طويلة بشكل مشبع تماما ومليئة بالخيال كثيرا).
    شكرا مرة اخرى.
    استاذ اسامة الحموي ان موضوع العنوان ليس جزءا من الحكاية هو عنوان صحافي لصحيفة تهتم بالجندر وهنا نبحث في الجندر في الحاكية الشعبية بمعنى كيف تنظر الحكاية الشعبية للمرأة وقمنا بدراسة الحكاية ضمن هذه الرؤيا مع محاولة لتحليل البنى اللغوية المشكلة للسرد والبناء الحكائي، شكرا لسعة صدرك

المواضيع المتشابهه

  1. البلاليط من أكلات الخليج الدسمة والشعبية الطيبة
    بواسطة همام الخاني في المنتدى فرسان المطبخ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-07-2011, 09:43 AM
  2. الحزمة الرائعة والخاصة بتحويل وندوز 7 إلي وندوز 8
    بواسطة فراس الحكيم في المنتدى فرسان البرامج الهامة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-11-2011, 02:46 PM
  3. خيال ُ الجسور!
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان النثر
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-13-2010, 07:51 PM
  4. التوجه نحو الحزمة العريضة لتحسين الإنترنت في سوريا
    بواسطة فراس الحكيم في المنتدى الشبكات والشهادات
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-16-2009, 05:33 PM
  5. ليت َ هذا من خيال!
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 12-01-2008, 06:31 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •