الهروب إلى المعتقل
أقسم أنه يناضل من أجل مبادئه ، وأنه فى سبيل ذلك قد يلجأ إلى الخداع ، بدت عليه علامات الصدق ، ساعتها ، أحسست أنه سيخلصنى من براثن أسرى لمعت عيناى بفرحة غامرة ، وارتسمت على شفتيه ابتسامة واسعة .
لأول مرة أحلم ، نعم .. إن كل محاولات الحلم كانت محاصرة .. الخوف بدد كل محاولاتى .. فقط كنت أحاول .. أما الآن .. ينطلق الحلم رغماً منى يبدد خوفى ، تواترت التساؤلات على عقلى ، هل يمكن أن يصبح الحلم حقيقة .. هل أنا فى حلم أم فى علم .. هل … توقفت قائلاً يكفينى الحلم ..
عدت إلى نفسى ، ورأيته يحاول بكل قوة .. فرض أسلوبه على كل شئ .. الحصار ، نعم ، هكذا أخبرنى .. الآخر كالخفاش يرتطم بالجدران إذا ما شعر بالنور تلون له صديقى كالحرباء وانقض عليه ، لفظ أنفاسه الأخيرة بينما هللت ورحت أعبر عن سعادتى ، اقترب منى ، راح يتحسسنى قبلته وشكرته .. رأيت شيئاً فى عينيه .. تغاضيت ، أخبرته أنه حقق حلمى الكبير ، عقب قائلاً : وحلمى أيضاً ..
تملكتنى الدهشة .. شعر بذلك فقال : ألم أقل أننى أناضل من أجل المبادئ ..
ابتسمت له ابتسامة باهتة .. بينما كانت هواجسى تحوم حول عقلى تبدد تركيزه ..تركنى مودعاً .. عاودتنى لحظات السعادة .. تركت نفسى للحظة ورحت فى نوم عميق واستسلمت للواقع الحلم ..
استيقظت على وقع الأقدام المتداخلة ، الليل قد بسط نفوذه والكهرباء لا تزال معطلة والشموع يصفعها الهواء المتسرب من النوافذ المتهالكة ..
طمأنت نفسى .. فقد مضى الخوف إلى الأبد حيث لا عودة .. الأصوات المتداخلة تتزايد والحركة لا تتوقف .. تبدو الأشباح أمام عينى .. تتمايل ، تعدو ..تقفز .. تحكم حصارها حولى .. وأنا لازلت أقاوم فكرة الخوف 0
صرخ أحدهم : اخلعى قرطك الذهبى .. فقلت ، اخلعى أساورك وحليَّك .. فعلت ، اخلعى .. اخلعى .. فعلت ..
أحسست أننى أتجرد من حيائي .. استجمعت قواي .. التقطت " ولاعتى " .. ضغطت بقوة .. أنارت من حولى .. رأيته يتجرد هو الأخر ، كاشفاً القناع الذى علا وجهه .. تذكرت كلمته .. الخداع ..أحسست بأننى أصبحت صيداً سهلاً .. نظرت إلى ما تبقى من ثيابى .. قليل .. وإلى ما تبقى من "ولاعتي" وجدته كثيراً .. نظرت إليه وجدته عارياً .. وفى لمح البصر أشعلت نفسى وارتميت فى أحضانه متشبثاً به ..