بينما كنت أجلس في تمام الساعة السابعة والنصف صباحآ أرتشف قهوتي التي لا طعم لها دون أن ترافقها جريدتي الصباحية التي تختلط فيها الأحداث من عيد ميلاد ابنة مسؤول أحياها نخبة من مصاريع الجيل الجديد إلى أطفال تسلب طفولتهم ونساء تقطف أنوثتهن بسبب تردي الوضع الأقتصادي إلى ركن صغير بأحد أطراف الصحيفة يأتي خبر بأن الجوع يهدد أرواح الكثيرين في شمال جنوب إحدى القرى المنسية
والقوارض بالقرية تهجرها سعيآ للرزق
وبين قوسين تدشين قرية سياحية وبأسفل الصفحة خبر عاجل ... بناء جدار عازل وبجانب الخبر الفنانة سلوى فوق العادة تحيي حفل غنائي بمناسبة تفجير الأزمة الاقتصادية
نظرت إلى ساعتي وقد توقفت عقاربها عند الساعة الثامنة ودقيقة صمت قاتلة أنتظر بها الدوام الرسمي في بعض الدوائر الرسمية لمعالجة بعض الأمور العالقة بين الروتين وبين إصراري الذي يعتبره البعض إصرار رجل متخلف بأن لا أتجاوز القانون والضمير لدفع رشاوى تزود حاجتي في بعض دوائر الدولة بجناحين لتحلق في الأفق بسرعة تفوق خبر سرعة بناء الجدار العازل التي تقيمه الشقيقة مصر مع شقيقتها غزة ولكني اتصل ولا أحد في مكتبه يجيب قلت لاشك ساعتي تتقدم للأمام بسرعة نتيجة عطل فيها قد تكون أعطالها نابعة من شعوري أنا وهو شعور الفقير بالهروب من الزمن ومن نظرات أطفالي وهي تلاحقني بجميع أركان المنزل وكأنها تقول لماذا أنت أبي آه لو أستطيع استبدالك بأب يشتري لي
الألعاب وبعض الحلوى والبسكويت المغطس بنظرات تحمل شعور الخيبة والحرمان ذهبت لأستطلع الأمر هل هو عطل ما في ساعة يدي أم أنه عطل في بعض الأنظمة الإدارية
اقتربت من زوجتي لأستطلعها الأمر وكادت أن تشاهدني إلا أني أخذت أدراجي وابتعدت عن ناظريها خوفآ أن تطلب مني ما هو فوق طاقتي فقلت بنفسي الحمد الله لم تشاهدني
أصبحت أخجل من رجولتي أمامها وهي تطالبني بأقل المطلوب وأنا عاجز أمامها وأهرب منها حتى لا تنجرح رجولتي
وجاء الفرج عندما فتحت المذياع وتكلمت المذيعة بلهجتها المعهودة والتي لا تخلو من الأنوثة المزيفة في سبيل متابعة محطتهم الاستعراضية وقالت المذيعة بصوت يلامس أحاسيس المستمعين من الرجال ومشاعر الغيرة عند النساء من هذه المذيعة المميزة في استقطاب مسامع رجالهم وقالت أحباااااااابي مستمعي قناة ( صرح الهروب من الواقع ) تقترب الآن الساعة من التاسعة والنصف حيث موعدكم مع الإعلامي المأجور صادق شريف
أبو الشرف علمت حينها أن ساعتي ليس بها أدنى عطل ولكن ما الأمر هل يعقل اليوم عطلة رسمية وأنا من البرد القارص بسبب ارتفاع سعر الوقود جعلني أتلخبط في حساباتي ذهبت إلى مفكرتي وبدأت أبحث فيها لكن الأمر لم يكن كذلك وأصبحت الأفكار تتبعثر بداخلي توقعت في هذه اللحظة عيني على موعد تسديد فاتورة الهاتف المرتفعة بسبب استخدام الانترنت هنا ضحكت رغم ألمي وفقري وقلت بسري سبحان الله أجور المكالمات واستخدام الهاتف مرتفعة تتناقض مع البطء الشديد في شبكة الانترنت
هل سيأتي يوم ونمتطي مراكب الحضارة ونخرج من التصريحات المتكررة والتي يأتي بها كلمات معسولة نعمل نسعى نحاول نطور نغير ننفذ
وبينما أنا أضحك من سرعة النت انتفضت من مكاني وتذكرت أنه لدي ما أنجزه بالدوائر الرسمية وبسرعة أمسكت سماعة الهاتف وأجريت اتصالاتي ببعض الدوائر الرسمية ولكن في كل مكان كان يكلمني عامل المقسم أو المستخدم ويقول لي نفس العبارة المتكررة في جميع دوائر الدولة وهي : (المدير في جولة ومعه نائب المدير ولا نعلم متى ينتهي من جولته ) سبحان الله هذا الرد كأنه مرسوم متفق علية لكنه لو كان مرسوم لا أعتقد بأن أحدهم سيتقيد به ولاسيما نحن العرب نهوى مخالفة المراسيم والقوانين انطلاقا من المثل الذي يقول خالف تعرف
قلت لنفسي خير وسيلة للنسيان هو النوم أسرعت إلى فراشي قبل أن تشاهدني زوجتي وأطبقت عيناي ولكن الأفكار لا تزال تدور بفكري
راودني سؤال من سيحاسب المسؤول عن أي إهمال أو تقصير ومتى نتحرر من مفهوم صاحب السيادة حضرة المسؤول وقبل أن تراودني أفكار أكثر تمردا قلت لنفسي يجب أن أتوقف عن التفكير لأنه ممنوع أن تتكلم ممنوع أن تفكر احذر أنت في دولة عربية
</b></i>