عطر الفضفضة
فى ديوان " قلب طالع ع المعاش "
للشاعر د. / محمود عبد الحفيظ
بقلم / محمود الديدامونى
شجن البعاد لوّن عيون الليل بعطر الفضفضة
والذكريات بتخلّي أنفاس الحياة تملا الفضا
وتنام على شط الوجع تواريخ ..
ينزل عليها الطّل يغزلها حكايات
يخضر طعمك يا وجع " " 1 "
من هذه المقطوعة ننطلق إلى فضاء الشاعر ونحاول الولوج إلى عالمه الشعرى نرقب معه ما يبوح به عالمه ، كيف انفعل الشاعر به وكيف أثر فيه ؟ بل كيف صاغ الشاعر حكاياته ؟ وفى أى شكل قدمها للمتلقى ؟ .
• عندما يستحيل الصمت وتتقد جذوة الكلام ، يذهب المرء إلى أحد أمرين أولهما : الضحك وثانيهما : البكاء ، وهو الأكثر تعبيرا دائما خاصة لدى الشعراء ، يقول الشاعر :
مين اللي قال الدمع في عيونك يعيبك ؟ " 2 "
هذا هو موقفه ، البكاء كائن حي يعترف بقدرته على اقتحام النفس ، وتصفيتها من أشجانها ، فبعده يشعر بالراحة ، مهما كانت المقولات التى تدعى عكس ذلك ، فهو يؤمن به ، ويصبر عليه ، ففى هذا الديوان الذى بين أيدينا ، نجد الشاعر باكيا .. كتب الشاعر ، لكنه لم يتكلم ، ترك نفسه تنساب وتنسال أحرفا على الأوراق فى صمت موجع ، نزف فيه الشاعر ميراثا .. وواقعا .. ومستقبلا ويؤكد هذه الحالة التى اعترته وهيمنت على كل مناحى الحياة حوله :
جفّ القلم لمَّا الكلام في القلب جف
وعلى الورق رسم العرق والدمع كف ،
خمسة ف تمانية باربعين
والعشق بعد الأربعين يبقى ترف
والناس كتيرة ع الطريق مصفوفة صف
والبغبغان جوه القفص عمَّال يقول
ليه انحرف .. ليه انحرف .. ليه انحرف ..؟!! " 3 "
هم يستنكرون عليه مشاعره ، لقد تحولت أسمى المشاعر الإنسانية فى نظر أولئك الذين يتشدقون بسير الغير – أصبح الحب عندهم ترفا وقد يرونه جريمة خاصة عندما حدد الشاعر ذلك بمرحلة سنية ، الحب بعد الأربعين ، والسؤال الذى يطرحه الشاعر ضمنيا وهل فى ذلك جريمة ، هو يطرحه على استحياء ، وهم يجاهرون بأن ما يفعله بل ما يشعر به يعد انحرافا .. رغم أن الحال وصل عند المحب مداه :
بقى لى عشرين سنة عايش بتدبيرى
طالت حبال الدّلا .. ما عكرت بيرى
وانت اللى لسّه يا دوب ع السكة بسم الله
طيّرت نومى ... وفوّعتِ دبابيرى " 4 "
وهذا يعود بنا إلى إهداء الديوان ، الذى نرقب فيه ملامح الرؤية عند الشاعر ، وهو فى كل ذلك يعترف بأن الأمر ليس سهلا ، بل يؤكد فى مقطوعة مكملة للمقطوعة السابقة قائلا :
بينى وبينك قطر واقف ع الرصيف
نازل أنا ..
وانت اللى لسّه بتركبى
والناس بتخلّى الشطّ يرسى مركبى
سلمت ع الشطّ البطاقة والجواز والتذكرة
وختمت أوراقى اللى فاضلة كلها بختم الرجوع
نازل أنا .. " 5 "
أى قطار يتحدث عنه الشاعر ؟ ، هو يعترف ضمنيا بقطار الزمن ، يقترب من محطته الأخيرة بالنسبة له ، بينما هى لا تزال عشبا أخضرا يتلمس الفرصة للحياة والوجود ، يقدم الشاعر هنا من خلال هذه القصيدة ، مساحات شاسعة من الحوار ، ويمنحنا فرصة للتخيل ، ماذا يحدث لو ابتعد المحبوب عن محبوبته ؟ كيف يواجه هذا المصير المحتوم ؟ هو يدرك هذا المصير لكنه يقاومه ، من خلال هذا العناد الذى ضمنه الإهداء :
" فإن تمنعوا ليلى وحسن حديثها
فلن تمنعوا مني البكا والقوافيا " " 6 "
سيظل يبكى ويقول الشعر ، وهذا يعود بنا إلى طبيعة الشعر ودوره فى تخطى الحواجز الزمانية والمكانية ليكون هو الفاعل فى الوجود الإنساني ، " إذن، الشعرية وما تتضمنه من حنين وخيال ورغبة في الإبداع، والخلود ومقاومة الموت، كلها تجعلنا كائنات ننجذب إلى الماضي ورموزه. وكما يعبر الكاتب الأرجنتيني الكوني بورخس بهذا الصدد، إذ يقول: «البشر يحبون الماضي، وحيال ذلك لا أستطيع شيئاً أنا وجلادي، لكن في يوم من الأيام سيكون هناك رجل له رائحتي، وهذا الرجل سيهدم أسواري، كما هدمت الكتب، وسيمحو ذاكرتي، وسيكون ظلي ومرآتي دون أن يعلم». " 7 "
إن هذا الديوان الذى بين أيدينا ينبع من تجربة وجودية ، ولا يهم فى الواقع إن كان الشاعر قد عاش هذه التجربة ، أو نسبها لأحد غيره ، ما يهم فى الواقع هو العملية التى تنتقل بها الذات من الممارسة إلى المعرفة ، والتى تسمح برؤية مغايرة لتلك التى ارتبطت ذهنيا بالفلاسفة والعلماء ، ولقد ذهب " ميشال سير " إلى أن هناك شمسين شاملتين : العقل والألم .. لم يعرف العلم بعد لغة النحيب ، فى هذا المكان المأساوى يبدأ عقل الثقافة الثالثية ، نحن نفكر ونعرف ونتألم .. نحن نعرف من خلال المؤثر العاطفى والعقل ، غير المنفصلين والشاملين ، أحدهما فى قلب العلم والآخر فى صميم الثقافة ، نحن نفكر لأننا نتألم ، ولأن هذا الألم موجود ..
يعبر الأدب إذن عن كونية من طراز آخر ، قائمة على تجربة خاصة لا يتحقق معناها كله إلا إذا وعت الذات التي تصوغها البعد الأنثروبولوجي للتجربة ، وحاولت تجاوز المتخيّل للدخول فى الرمزى ، وفى هذا المنظور ، لا تعود الذات ترى نفسها كوحدة مطلقة ، ولا ترى غيرها كما تريد أن تراه ، بل من خلال ما هو مشترك فيهما ، من خلال انتمائهما الواحد إلى البشرية باعتبار ما يًكونهما . " 8 "
• جنس أدبى جديد :
إن ديوان " قلب طالع ع المعاش " يعد تواصلا جميلا مع مسيرة الشعر الطللي ، يتناص معه أحيانا فى حجم البكاء ، لكنه أبدا يعبر عن ذات مفعمة بالحزن مليئة بالأسى ، من منطلق مغاير لا يعرف التوسل ، ولا يعرف البكاء من أجل البكاء ، بل من منطلق الكرامة والشموخ والكبرياء ، هذه المغايرة ولّدت جنسا أدبيا جديدا يقوم على رافدين أساسيين للغة العربية ، الفصحى والعامية ، هو موجود بالفعل ، لكنه لم يكن أبدا متوهجا ومنظما بمثل ما هو متوهج ومنظم هنا فى هذا الديوان الملحمة القصصية إن جاز القول ، فالشاعر يصوغ قصيدته فى قالب يجمع بين الفصحى والعامية ، ليس من باب التطعيم والتلاعب باللغة كما يفعل البعض من شعراء العامية ، ولكنه يفعل ذلك تنغيما وتنظيما وعناقا حقيقيا حميما بين الفصحى والعامية من خلال مقاطع منتظمة من وجهى اللغة ، يسهم كل وجه منها فى وضع لبنة مكملة للأخرى ، ولا يمكن هنا أن نصدر حكما عشوائيا ، بل هى رؤية تستند على قراءة ، ولنقرأ سويا هذه المقاطع المتواصلة من شعر الفصحى وشعر العامية ولنحكم على مدى تماسكها :
كنت اشتكي أيام ما كان العمر يسمح .. والشباب
كانت عيوني ،
ع الطريق مرّة .. ومرّة ع الكتاب
لمّا استلمت البندقية وشفت ع الشط الكلاب ..
أجِّلت حاجتي كلها ..
ورسمت صورتك ع الخليج
............
( وعلى الخليج ..
علمت قلبي كيف يعشق أرضه ..
ويؤجّل الأحلام حتى ينتقى وطنا لها ...
وقرى تقيم العرس فى وضح النهار
علمته أن الطريق إلى عيون الأمهات ..
يضيئه ومض الشفار
أنّ الفرار ..
عار .. وأن الصمت عار
أن البدايات التى تهتزُّ فى رحم تموت ..
أن البيوت على البراكين القديمة ...
لا يقرّ لها قرار )
وينسحب الحكم على الديوان القصيدة كله هكذا ، هذا العناق المحكم ، والقدرة على الإيحاء بأن القصيدة تسير بلغة واحدة ، ليس هناك ثمة فواصل تعوق قدرة المتلقى على التواصل مع النص الشعري . ولعل موضوع القصيدة ، والحالة التى خرجت من رحمها جعلتنى أتذكر قصيدة " شموس أوراق الخريف المائلة إلى المغيب " لفيكتور هوجو:
غربت الشمس فى هذا المساء فى السحب
غدا تأتى العاصفة والمساء والليل
ثم الفجر وضياؤه كالبخار المحقون
ثم الليالى ، ثم النهر ، والزمان لا ينقضى
هذه الأيام كلها تمر ، تمر زرافات
فوق سطوح البحار ، فوق سفوح الجبال
فوق أنهار الفضة ، فوق الغابات حيث يحوم
ما يشبه النشيد الغامض لأحبائنا الأموات
صفحة المياه ، وقمم الجبال
المجعدة دون أن تشيخ ، والغابات الدائمة الاخضرار
ستجدد شبابها ، ونهر الحقول
سيأخذ المياه دوما من الجبال ويقدمها للبحار
أما أنا ففي كل يوم يزداد انحناء رأسى ،
أسير، وحين تبردني هذه الشمس الفرحة ،
أنصرف قريبا ، وسط الغبطة
من دون أن ينقص العالم الواسع والسعيد شيء " " 9 "
لا شك أنه يمكننا ملاحظة أن الشاعر يعود من خلال سلسلة المتوازيات ، إلى الموضوع المطروق المتعلق بالمقابلة بين خلود الطبيعة ، وقصر الحياة البشرية المحكومة بالشيخوخة والموت ، وهنا يمكن أن نكتشف أن كل ما جاء بقصيدة "هوجو " يسوقنا إلى البيت الأخير ، على هذا المستوى ، هل سيبقى للقصيدة " معنى " يمكن تحويله إلى مضمون فكري ..
وهنا نلمح هذا التوجه من شاعرنا الدكتور محمود عبد الحفيظ ، القصيدة كلها تسير نحو الخاتمة :
ألفين سلام لك من دموع القلب يا عطر الحبيب
ولّا يوصلك منّى عتاب طول ما انت عنّى بعيد غريب
لكن عشان خاطري وعشان كل اللى فات ..
ما تحبنيش
حالف أطفّى نارى بدموعك ... واعيش ..
بينى وبينك فى الهوى مسافات
حالف أسامحك ..
بس لمّا العمر يدّينى عشان أوفى اليمين
بتحبّى عطر الياسمين ؟؟
وانا عطر إيه ؟
وانا حتّى مين ؟!!
...........................
خايف عليك منّك .. وخايف م الزّمن
لو كان بإيدى كنت أدفع مهما كان غالى التّمن
داير بقلبى وقلبى داير بى ف زمن عمّال يدور
تطلع بدور ..
وتغيب بدور ..
فرّقت قلبى ع الشوارع والبيوت صدقة وندور
قلبك مدينة منوّرة ..
إزاى تردّينى وانا ..
حامل وسام المظلومين
بتحبّى عطر الياسمين ؟؟
وانا عطر إيه ؟
أنا حتى مين ؟!!
وان كنت حتردّى بجواب ..
يا هلترى بإيدى الشمال ..
أستلمه .. ولّا باليمين ؟؟
بتحبّى عطر الياسمين ؟؟
ولعل ما ذكرنى بقصيدة " فيكتور هوجو " ، هو تلك الحالة الشعورية المهيمنة على ديوان " قلب طالع ع المعاش" ووضع الشاعر الديوان بين شقى رواية العجوز والبحر... بين :
" لماذا خلقت الطيور الصغيرة بهذه الرقة . والمحيط بهذه القسوة ؟ إن المحيط رقيق ورائع ، ولكنه يستطيع أن يكون قاسيا ويتغير على هذا النحو فجأة ، ومثل تلك الطيور المحلقة تغوص وتتصيد .. إنها بأصواتها الرقيقة الحزينة أرق من أن تواجه البحر " .
( سانتياجو ، الفصل الأول من " العجوز والبحر "
و..... " وهمس قائلا : وفراشي .. إنه صديقي.
واستطرد قائلا : إنه فراش بكل ما في الكلمة من معنى ، وسيكون شيئا عظيما .. إنه مريح عندما تهزم .
ثم قال : لم أكن أعرف قط أنه مريح إلى هذا الحد .
وتساءل قائلا : ومن الذي هزمك ؟
أجاب بصوت عال : لاشيء .. أنا الذي أوغلت بعيدا "
( سانتياجو ، الفصل الأخير )
• الزمن وكاميرا الشاعر :
أعود إلى منطقة أخرى فى الديوان لا يمكن تجاهلها فهى نسيج فعال داخل الديوان ، أحد مقومات هذا العمل الشعرى القصصى ، عنصر الزمن ، ذلك الزمن العمودى الذى يغاير الحس المشترك ، الذى يهرب أفقيا مع مياه النهر .. مع الريح العابرة .. إنها اللحظة المجمّدة ، حيث ترتيب التزامنات يثبت أن للحظة الشعرية منظورا ما ورائيا ..
ولذلك يسعى الشاعر جاهدا للجمع بين الضدين فى الازدواجية ، الشاعر وحده هو الذى يرى تناقضا فى الازدواجية ، ويرى التزامن والتعاقب فى لحظة واحدة ..
الشرق شرق القلب .. والغرب الرحيل
والشمس لمَّا تميل تجيب ضلك وراك
قلبي انعصر بينك وبين المستحيل
الدَّقة واحدة ازاي يكون فيها اشتراك ؟؟
ولنقرأ سويا تلك اللحظات التى توقف فيها الزمن ، لتسلط كاميرا الشاعر على كل موجودات الحياة سواء تلك التى تملكها الطبيعة من سماء وأرض وبحر ونهر وليل ونهار ، وأشجار ورياح وأمواج .. مفردات الطبيعة على إطلاقها ، تشارك الشاعر همه وحزنه ، وقد يحملها بعضها ، وقد يحمل عليها أحيانا ..إنه فى حالة تناغم كامل مع الطبيعة ، خاصة الطبيعة التى وجد فيها فضاءُ واسعا للبوح ( تماما كما فعل سنتياجو ..) .. البحر .. فضاء إسكندرية ... هناك عوامل مشتركة بين الشاعر وسنتياجو ، فكان من الواجب أن يكون الديوان كله عبارة عن بث المواجيد وخلق الحوار مع سنتياجو ، وهذه نقطة غاية فى الأهمية .. وهى خلق تجانس بل جعل ذلك المحاورة التى افتتح بها الديوان والتى انتهى بها الديوان أيضا ، من لحمة الحدث ومن لحمة الروح الطاغية لهذا الديوان القصيدة ... وهذا يدفعنا أيضا للعروج على طبيعة ما كتب الشاعر ، كما سبق وطرحنا فى صدر القراءة من تساؤلات ، هل هو شعر فقط ؟ أم قصة شعرية ؟ أم قصة ؟ أم ماذا ... ؟
الواقع أننى أجبت وقلت إنها تقترب من روح الملحمة ، وإن كنا نحن العرب لم نكتب الملاحم الشعرية بمعناها الإغريقي ، وإنما نجد داخل الديوان كل مستلزمات العمل ليصبح ملحمة من شعر وهو عنصرها الذى تصاغ به ، والقص وهو عنصرها الذى تقدم من خلاله ، وحواراتها من حيث تجسيد الشخصيات التى تدفع بالأحداث ..المهم أننى لا يمكن أبدا أن أقع فى شرك أن أطلق عليها ملحمة بمعناها الحقيقي ، بل هى تقترب من تلك الروح ، ولنعد مرة ثانية لتلك اللحظة التى توقفت فيها الحياة ليرصد الشاعر ما يريد أن يرصده ولنرى امتلاكه لكل الأدوات التى طوعت عنصر الزمن فى يمينه :
الشمس في قلب السما متسمرة
والصيف عفاريته على سطوح البيوت متشمرة
وعلى الطريق صرِّيخ ما تلقى ..
وان لقيت .. ما تلقى شبرين ضل
الصهد خلى الدم في عروق الحياة ينشل
الإيد يا دوب تمسح عن الوش العرق
والرِّجل فوق الأرض حمل سنين ..
على ضهر الزمن هدّه انخرق
وانت الوحيد واقف بطولك ع الطريق ..
بعيون حزينة بحلم واحد ..
من زمان متعمَّرة
والشمس في قلب الَّّسَّما متسمَّرة
.....................
صوتك في قلبي ..
ألف حاجة بتاخده مني بعيد بعيد
صوتك في قلبي ألف حاجة بتخنقه
وان عيني غفلت مرة واحدة في السنة ..
أحلم بصوتك والعساكر جاية واخداه في الحديد ..
بتعلقه على أعلى جامع في البلد .. وبتشنقه
وعيون كتيرة جاية من كل السكك متنمَّرة
والشمس في قلب السما متسمَّرة
......................
صوتك في قلبي كان زمان ... هوَّ الأمان
كنت اسمعه .. وكأني باسمع صوت أدان
صوتك في قلبي ..
زي صوت " رفعت " في أول ليلة في رمضان
وانا من زمان محروم من الأحضان
لا عيون تدفِّي القلب نظرتها .. ولا فيضان
صوتك بِعد ..
رقصت عفاريت النهار في الضل
والصهد خلى الدم في عروق الحياة ينشل
عشش في قلبي الحزن .. والفرح انقتل
سنتين تلاتة القلب أصبح للهموم مستعمرة
والشمس في قلب السما متسمرة
.....................
لو كان بإيدي أشتري الدنيا ..
واخلِّي في إيدك المفتاح
لو كان بإيدي أعرف الغيب والقدر..
واختار لك الأفراح
نفسي اوعدك ..
قلبك على شطِّي أنا يرتاح
نفسي أوعدك ..
لكن الزمن واقفلي بالمرصاد
فارد شباكه ..
لا افتكر ضحكة عيونك لمَّا أشتاق لك ..
ولا يطلع صباح
نفسي اوعدك ..
لكن صواريخ الزمن منصوبة فوق الشَّط
طار الحمام أو حط
قاصداني انا ..
الليل بطوله أزرعه أحلام هنا ..
وعند الحصاد ..
ألقى سفينتي ع الشُّطوط متدَّمرة
والشمس في قلب السما متسمَّرة
...................
قلبي زرعته لاجلك انت جنينة ..
فيها الورد .. والياسمين
وحلفت ما يدخلها غيرك حتى لو كان مين
واخترت لك أجمل نجوم طالعة ف سما ..
واخترت لك أجمل عيون متبسمة
واخترت لك أجمل طريق تمشي عليه
وقريت عليك ألف تعويذة حسد
وفتلت حبلين من مسد ..
لا يلمحك راجل .. ولا ..
تخطر على بالي ، ... ، ...
والشمس في قلب السما متسمَّرة
تحياتى للشاعر الدكتور محمود عبد الحفيظ ، على ديوان خلق داخلنا كل هذه التساؤلات ، وقدم لنا رؤية متمايزة ومتميزة فى عالم الشعر الباكى ، وكما قلت ، ليس البكاء هنا من أجل البكاء ، بل كان حفظا لما تبقى فى الوجوه من مياه . بكاء الكرامة والثورة والحياة .. لا بكاء النحيب والموت ..
محمود الديدامونى
فى أول أبريل 2007 م
الموافق 13 ربيع أول 1428 ه
الهوامش :
1. قلب طالع ع المعاش .. الديوان
2. السابق .............. الديوان
3. السابق الديوان
4. السابق الديوان
5. السابق الديوان
6. من شعر توبة بن الحمير
7. البكاء على الأطلال ليس حكرا على العرب .. نظم مهنا
8. السابق
9. الديوان
10. قضايا أدبية عامة...... د. لطيف زيتونى .. عالم المعرفة