منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3

العرض المتطور

  1. #1

    غائِبونَ أم مُغيّبون

    شابٌ قاص مبدع حقيقيّ، قلمه رشيق، ولغته زاخرة بشعريّة شفيفة، ملتزمة.. يستوفي في قصصه الشروط الفنيّة المطلوبة، ولا أرى سبباً مقنعاً يحجبُ عنه فرص الانتشار الجدية وسط هذا الكمْ المُسفّ الذي يغزو مكتباتنا وعقول الناشئة، والغريب أن تجد هذه المنشورات «الهابطة» تحمل تقديمات وموافقات وإطراءات بعض الممسكين بأقدار الثقافة من الكبار.!

    إن هذا السلوك غير المبرر على المستوى الفني على الأقل، ساهم في عزوف الناس عن القراءة وفي تضخيم أزمة «الهبوط الثقافي» إذا جازت التسمية التي نشكو منها جميعاً، في الوقت الذي غيّب فيه هذا الشاب المبدع وغيره، وعانى كما يعاني الكثيرون من رفضٍ غير مبرر لطباعة أو نشر مخطوطاته، والأسباب كثيرة وجاهزة، يكفي أن يذّيل القارئ كلمات مصدرها رأيه الخاص على المخطوط، يدّعي هبوط المستوى الفني مثلاً أو السياسي أو الأخلاقي، وهذا يكفي لرفض تبني أو نشر المخطوط، ولا يعرف صاحب المخطوط سببا للرفض، ولا يُسمح له بأن يعرف.
    همس في أذني هذا الشاب، ونحن نخرج من أمسية أدبية قصصية أحياها قاصّ ألمعيّ واحد، أصرّ ألا يشاركه أحد قطف المجد، وأن يكون وحدهُ درّة فاتحةَ الأمسية، ومسك ختامها، وبعد أن قام بكل الحركات الاستعراضية التي يفتعلها عادة بعض «الكبار»، بدأ في ترتيل لحن قصّته، ولم يفته أن يراقب بين قراءة سطر وسطر ردّة فعل الدهشة لدى الحاضرين، ولا الوقفة المعهودة كإشارة إلى فريق المصّفقين لبدء وصلة تصفيق حارّة.
    انتهت القصّة وكنت وصديقي الشاب نحسبها لم تبدأ بعد.!
    خرجنا نجرّ ذيول الخيبة والأسف لهدر ساعة أو أكثر في سماع هراء تافه ليس له هدف.
    قال صديقي هامساً: هل هذا هو الأستاذ الكبير «فلان» الذي ملأ الدنيا وشغل الناس.؟
    قلت: هو بشحمه ولحمه.
    نظر إليّ بحسرة وهمس كأنه يحدّث نفسه: كيف يصبح الكاتب الصغير كبيراً.؟
    حاولت في سرّي أن أنتقي من كثير الأسباب سبباً فما أفلحت.!
    وبعد أن أخذتني مشاريع الأجوبة إلى متاهات بعيدة وقريبة هزّت ثقتي بنفسي وبالدنيا وبالناس، قلتُ: وليكن.. إذا كان هو وأمثاله كباراً أو صغاراً «والصغار قلّة والحمد لله» فلهم حضور، وهم في قلب المشهد الثقافي، وقد يكون بعضهم من حملة لواء ذلك المشهد، وهو أمر لا يعنيني من قريب ولا من بعيد اللهم غيرتي على الثقافة، بل إنني أقف بكثير من التقدير والاحترام أمام الأعلام الكبار الذين تتلمذنا على أياديهم وإبداعاتهم، الذين كرّسوا القيمة والمعنى الحقيقي الباهي لثقافتنا وأدبنا، فكانوا النخب، والطلائع، لكنني أخص حديثي عن «الصغار»، أولئك المتسلّقين على تهمة الأدب، وما دام الأمر كذلك، فلأحمل عباءتي وأترك ما لا يعنيني، وأدع الأيام تفصل الغثّ عن السمين.
    المفارقة أن المبدعين الأصلاء الشرفاء الذين لا ينافقون ولا يمارون، يطويهم التغييب والإهمال والموت قبل أن يحظوا بفرصة انتشار.
    أما هذا الصغير الذي صار كبيراً، فقد صار كبيراً في كل شيء.. غنى.. ومناصب.. وعلاقات.. ونتاجات أدبيّة غزيرة تتساقط علينا بين جلدات كتب فاخرة، وندوات ومقابلات وسفريّات لا تتوقّف، وتعويضات خرافية، وفِرق تطييب وتطبيل وتزمير..
    قلتُ: حتى هذا لا يعنيني.
    المأساة الأكبر أن هذا الصغير وأمثاله الذين صاروا بقدرة قادر كباراً هم بعض الممسكين بقدر الثقافة، ومصائر المبدعين، وهم قلّة، لكنّها قلّة مؤثّرة.
    من الظلم والإجحاف أن يمسك هؤلاء بأقدار مستقبل النشء، يرفعون هذا ويغيّبون ذاك دون رؤية فنيّة تسعى لضخ دماء جديدة شابّة، كم نحن بحاجة إليها في مسار حيواتنا كلها.
    موقع عدنان كنفاني
    http://www.adnan-ka.com/

  2. #2
    وشكليته المتجردة من الإبداع الحقيقي، واتكائه على كوادر تلمع من بهرجة الدعاية الإعلامية لا وحي اشراقات الإبداع، فضلا عن عاجية الأسماء وأضواء الشهرة، من اثر توابع الرؤية بعين واحدة والسير في قدم واحدة في موكب الحضارة والانفجار المعرفي. في مشهد رث مبتذل مقزم ثقافيا، إذ ما زال المشهد الإعلامي العربي يعاني من عزلة حقيقية تجاه الثقافة وجوهر قضاياها المتأزمة، وربما يبحث المرء عن عزاء له عبر الإعلام الإلكتروني، لكنه يجد أن الحقيقة لاتتعدد، فكل صور إعلامنا العربي هي ذات الجوهر والمضمون الشكلي الزائف ثقافيا، فما بالنا ونحن نحاكمها في لغة الإبداع ومقتضياتها. وهكذا يغدو إعلامنا العربي في غيبوبة عن البعد العلمي الأكاديمي في الطرح ونراه يتهاوى في تلقائية متهورة بلا مضمون، أو المؤدلج بلا نزاهة علمية ،فنراه يتساقط في ادعاء الحقيقة بلا حقيقة، وتجهض روعة الإبداع الحقيقي في رحمة قبل الميلاد ، وتعلن للحياة عاجية الأسماء تحت مسميات إبداعية، تتكئ على مظلة الشهرة دون مضمون حقيقي للإبداع. وغدت مفردة الإبداع تدنس قداستها في سذاجة المضامين ولغة الجسد واستعار النزوات. وتماليات الثمالى في أثير الأضواء وتناثرات الحروف على السطور.(منقول)


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء
    رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
    **************
    قال ابن باز رحمه الله
 :

    لباسك على قدر حيائك
    وحياؤك على قدر ايمانك

    كلما زاد ايمانك زاد حياؤك
    وكلما زاد حياؤك زاد لباسك

  3. #3
    شكرا راما ونزيد عن عالم النقد:


    صباحكم كما نقاء قلوبكم
    موضوع للتوضيح..
    من الطبيعي وتمام الافتراض أيضاً أن من يَكتُب تعليقاً على نصٍّ جميلٍ يقرأه، يكتبُ إيجاباً حول النصّ وعن النصّ وليس عن، ولا إلى كاتبهِ أو كاتبته، أما عن النصوص الهابطة، أو التي لا تنسجم مع ذائقته، ففي أحسن الأحوال يتجاهل، ولا يعلّق..
    من يفعل غير ذلك فهو عينُ النفاق، وشبهةُ الغايات، وحتى لا أعمم أقول، وفي أحسن الأحوال أيضاً يُجامل.!
    أما الكاتب أو الكاتبة، من يتصوّر أن التعليق موجّه لشخصه، أو لشخصها وليس للنصّ، فهو وهم مُرسل، إلا ما رحم ربي.!!
    ع.ك


    موقع عدنان كنفاني
    http://www.adnan-ka.com/

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •