تاريخ كتبته أبواق الأباطيل، وحركته تضحيات المجاهيل.
يمكن أن يتغيرالعنوان إلى:
تاريخ صنعه المجهولين، وحركته تضحيات المعذبين:
أو:
تاريخ كتبه اللاعقون لقصعة السلطان،وحركته دماء الثائرين على الطغيان
كلها عنوانين، تصح لتصب في ملحمة واحدة. إلا وهي ملحمة صناعة التاريخ.
كلنا نقرأ التاريخ القديم، وبشوق قصة الفاتح العظيم الأسكندر المقدوني، والذي بكى عند أسوارالصين،حينما لم تبق أمامه بلدا يفتحهاويغزوها.
وكلنا نقرأ الملحمة الأغريقية لهوميروس، والمشهورة بالألياذة، والتي أرخت لفتوحات الأسكندرالكبير. كما نقرأ في المقابل الملحمة الفارسية الشاهنامة للفردوسي، والتي أرخت لفارس وأمجاد فارس.
كلها ملاحم مشوقة من التاريخ القديم، لأمبراطوريات سادت ثم بادت.
لكننا لانعرف من هوالجندي المقدوني؟؟ الذي أنقذ في اللحظة الأخيرة حياة الأسكندر، من ضربة السيف التي أمتدت من ورائه لتغتاله، وهو في طريقه لفتوحات الشرق القديم.
كلنا سمعنا بالكاسب الفقير، وبائع الخضارالتونسي، المجهول ألبوعزيزي، والذي أشعل النار بنفسه، ليوقد شرارة الثورة التي ألهبت مشاعرالشعب التونسي، ليثورفيحطم دكتاتورية زين العابدين بن علي.
فتلهب تلك الحادثة البسيطة التضحية، والكبيرة المغزى. لتلهب مشاعرالغضب في الشارع العربي من أقصاه لأقصاه، فنسمع بحوادث مماثلة من موريتاينا غربا إلى الأردن وسوريا شرقا.
وبالتالي تلهب الثورة الشعبية في مصر،لإسقاط فرعونها المتشبث بالحكم لأكثرمن ثلاثة عقود.
نعم سيكتب التاريخ عن حسني مبارك وعن زين العابدين بن علي، وغيرهم من الطواغيت. ولكن سوف لن يكتب عن البوعزيزي، ولاعن من إشعل النار بنفسه إحتجاجاعلى فقره وفقدان قوت يومه من فقراء مصر أوالجزائر أوالسعودية.
الذين أرخوا للثورة الحسينية، وتحمسوا ليعرفوا من هم رجالات الثورة غيرالإمام الحسين(ع)؟؟
نعم من هم تلك الفئة القليلة من الرجال، من باعت دنياها بإسترخاص دمها، وأعز ماعندها، لتشتري رضى خالقها، بمؤازرة سيد شباب أهل الجنة، في نهضته التي أنقذت دين الله من التحول إلى سلطان دائم، وإنحراف هادم، لأسس العدالة التي قامت عليها الرسالة الإٌسلامية.
نقبوا كتب التاريخ والسيرة فتعرفوا على خمسة وربما ستة من الأصحاب، من كان له باع في الجهاد والعلم وقراءة وتعليم القرآن في مسجد الكوفة.
لكنهم إصطدموا بالحقيقة الصارخة، المثيرة للتأمل، والمخيبة للأمال، في كون التاريخ، لايعرف عن أولئك الرجال الأفذاذ،شيئا سوى إستبسالهم في واقعة كربلاء!!!
لذلك أكتفوا بذكرإسم الشهيد البطل من أصحاب الحسين(ع)،ثم ذيلوا كلامهم بجملة:
لانعرف عنه شيئا آخر!!!!
الله أكبر. فمن هو جون الشهيد ذلك الذي مثل الزنوج في معركة الإسلام، في طف كربلاء.
كل مايعرف التاريخ عنه هو،إنه كان مولى للصحابي الجليل أبوذر الغفاري، وبعد موت شهيد الربذة، إنتقل ليخدم في بيت العصمة والطهارة من آل الرسول(ص).
ثم لايعرف عنه شيئا آخر!!!
ومن هوعابس بن شبيب الشاكري، البطل الذي أحجم كل جيش إبن سعد من نزاله،تهيبا منهم لشجاعته وأقدامه!!! حتى إضطريقاتل بدون درع واقي!!!
الله أكبر لذلك البطل الذي خاطبه أصحابه أجننت ياعابس؟؟
فيجيب:
أي والله، إن حب الحسين قد أجنني.
الله أكبر. مجاهيل لاتعرف أصولهم، ولا ماضي حياتهم، ومع ذلك حركوا تاريخا، ستظل الأجيال تذكره،وتتغنى به، وإلى يوم قيام الساعة!!!!
أكثرمن ثلاث عقود، والشعب العراقي يصفق لصدام!! وبعد سقوطه شاهد العراقيون والعالم وأندهشوا لحذاء أبوتحسين، وهويصفع صورة الطاغية المهزوم!!! ويصرخ هذا المجرم قتل شبابنا ودمر بلدنا، فماذا عملت بالعراق؟؟؟ كان يصرخ ويبكي!!
فمن هو أبوتحسين؟؟؟ ليحضى بتلك المناسبة الفريدة التي سيخلدها التاريخ له، وهو يصفع صورة من أجبربلدا كاملا على التصفيق له، ولمدة ثلاثة عقود!!!
أنه عراقي بسيط من عامة الشعب، لانعرف عن ماضيه شيئ، سوى تصرفه العفوي، بصفع صورة الدكتاتورالمقبور.
ومثله أيضا قندرة منتظرالزيدي التي رمى بها رئيس أكبردولة في العالم، وهو يزورالعراق الذي أستباحته قواته بعد سقوط الصنم البعثي.
حوادث ومواقف لمجاهيل حركت التاريخ. فتأمل وتأمل، لتعرف التاريخ بمن حركه،لا بمن تنعم على من كتبه.
ولازلنا نتأمل.