فإن سألت عن فتوة الزوج وجماله الحسي وبهائه الجذاب
فاعلم أن محمدا صلى الله عليه وسلم أكمل الخلق جمالا
وأعظمهم حسنا ، وأن خديجة رضي الله عنها أبلغ النساء ظفرا من هذا الوجه وأوفر حظا .
هل رأت عينا بشر على الإطلاق رجلا :
( ربعة من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير ) .
( مربوعا ، بعيد ما بين المنكبين ) .
( أزهر اللون ) .
( ليس بأبيض أمهق ، ولا آدم ) .
( ليس بجعد قطِط ، ولا سبط رجِل ) .
( وجهه مثل السيف ، لا .. مثل القمر )
يده صلى الله عليه وسلم في الهاجرة
( أبرد من الثلج ، وأطيب من رائحة المسك )
كتاب المناقب من صحيح البخاري
باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم ( 6 / 564 – 566 فتح ) ..
وفي حديث جابر بن سمرة :
( خرج إلى أهله وخرجت معه ، فاستقبله ولدان
فجعل يمسح خدي أحدهم واحداً واحداً ، قال :
وأما أنا فمسح خدي ، فوجدت ليده بردا أو ريحا كأنما أخرجها من جؤنة عطار ) .
صحيح مسلم رقم 2329 .
( إذا سُرّ استنار وجهه كأنه قطعة قمر ) ، ( يبرُق وجهه من السرور ) .
كفه صلى الله عليه وسلم ( ألين من الحرير والديباج ) .
ما شم مسك ولا عنبر ولا عبير أطيب رائحة من ريحه صلى الله عليه وسلم .
فتح الباري 6 / 567 .
( إذا مر في طريق من طرق المدينة وجد منه رائحة المسك
فيقال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
مسند البزار عن أنس بن مالك بسند قواه الحافظ في الفتح 6 / 574 .
هذا هو الرجل الذي تزوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
شابا في ربيع عمره ، وهذه صفات حسنه الحسنى
وآيات جماله الأسنى ، فأي أمير يحلم بأن يكون بهذا الصفاء والإشراق
لو مكن من سبيل سحري يصطنع به جماله ؟؟ ..
هل ظفرت امرأة بما ظفرت به خديجة رضي الله عنها منه ؟؟
وهل في الدنيا زوجة أسعد منها به ؟
أو يكون على وجه الأرض زواج أسعد من زواجهما ؟ ..
وهل يكفي في الإشادة به أن نقول : إنه ( زواج أسطوري ) ؟؟؟ ...
تأمل كل سر من أسرار جماله المختوم ؛ تجده مشرق سعد وإسعاد
تعشق كل نفس قرباه ، وتهفو إلى رياض زلفاه
ثم تأمل تفرد خديجة رضي الله عنها دون الخلق بكل ذلك
وظفرها به على جهة الاختصاص
ثم لم تصب منه سواها إلا بعد موتها رضي الله عنها ، وعلى جهة الاشتراك .
أما خصال نفسه صلى الله عليه وسلم الزكية
وصفات خلُقه السنية فإنها أتم حسنا ، وأكمل جمالا وجلالا
ولو أسعفني الزمان لبسطت منها ما يزيد انبهارك .
وأما خديحة رضي الله عنها فيكفيها أنها كانت تدعى في الجاهلية : ( الطاهرة ) .
ويكفيها أن هذا النبي الأجمل الأجل قد أحبها
وتعلق فؤاده بفؤادها تعلق الفنن بقطرات الندى
ولا يزال صلى الله عليه وسلم يحبها ويذكرها وهي ميتة
حتى تقول عائشة رضي الله عنها :
( كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة ؟ .
فيقول : إنها كانت وكانت ، وكان لي منها ولد ) .
كتاب مناقب الأنصار من صحيح البخاري
باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديحة وفضلها( 7 / 133 فتح ) ..
فانظر كيف أوجز النبي صلى الله عليه وسلم
تلك الخصال القدسية أروع إيجاز
ولو مد لها مجال القول والعد لطرز بذلك صفحات .
ترى هل كانت بحاجة إلى إشهار زواجها الأسعد بالقصور والورود والزهور
وقد كانت غنية ثرية ذات جاه واعتبار ؟؟
أم كان لديها من الثقة ، وغنى النفس
وعلو التطلع ما زهدها في استغراق المتع الفانية ؟ ..
وهل يا ترى تكفي هدايا الدنيا كلها لتهنئتها ومكافأتها ؟ ..
كلا .. لقد كافأها من اصطفاها لمصطفاه
( ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب ) .
صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها . كتاب مناقب الأنصار .
باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديحة وفضلها ( 7 / 133 فتح ) .
ولا يقيسن مفكر ذاك القصب إلى هذا القصب
فإن قصور الدنيا جميعا لو وضعت في كفة
ووضعت قصبة من قصبات قصر خديجة في كفة لرجحت تلك القصبة بهذه القصور .
والذي بشرها وتولى تهنئتها لم يكن ملِكا من ملوك الأرض
ولكن ملَكا من ملائكة السماء ، بل هو الأمين عليهم جميعا .
أي حاجة بمثلها رضي الله عنها – وهي بهذا التكريم العلوي الفريد –
أن تسرف في إشهار زواجها على الأرض ؟ ..
وهل يبقي هذا التخليد السماوي في نفسها اللطيفة
توقا إلى صخب التخليد الأرضي ؟ .. كلا .
ألا ما أخف أحلامنا ، وما أشد غبننا في ديننا وحضارتنا ....