منهج القرآن الكريم في استعمال ألفاظه
كتبها: فيصل الملّوحي
ملحوظة ضروريّة:
لهذه الشبكة فضيلة تسهيل نشر الفكر والجمال بين الخاصّة والعامّة، بيد أن الثقة بما تنشره ضعيفة، لأننا لا نستطيع التأكد من شخصيّات الكُتّاب. ومن المعلوم أنّ ما ينشر فيها لا يُقبل اعتماده في الأبحاث العلميّة.
أردت أن أنبّه إلى خطأ ورد في كلام نسب إلى مرجع علميّ، فكتبت كلمات سريعة لتصحيح خطأ قد ينتشر بين العامّة، ولا أخشاه على الخاصّة.
والحقيقة أني لم أرد التوسّع في الموضوع لسببين:
١ – أن كتابة موضوع كهذا يحتاج إلى وقت لا أجده.
٢ –أنّ الموضوع مطروق، وليس ما أقول بجديد على أهل العلم، فقد تقدّمت فيه أبحاث عديدة، وقد يجد الباحثون عبارات يحسّون أنها صادرة عنهم،
وتلبية لرغبة أحبّة كتبت وجيزاً في الموضوع لعلّه يفي بالغرض، ويكفي عامّة متصفّحي هذه الشبكة، مع أن الاختصار يسيء إلى الموضوع فأقع في حرج مع أهل الاختصاص.
تمهيد:
من الدراسات الأدبيّة العلميّة لأيّ نصّ لكاتب أن تدرس الألفاظ، وتحدّد مدلولاتها الخاصّة، فقد ينتقي الكاتب ألفاظاً من اللغة، ويستعملها لمعان محدّدة أضيق ممّا يستعمله أهل اللغة، فالطفولة معروفة المعنى في اللغة، ولكن الكاتب قد يعني بها الإنسانيّة بعامّة في مرحلة الخلق الأولى بدون أن يضيف إليها كلمة الإنسانيّة كأن يقول: ( الطفولة مرحلة مبكّرة في الحياة تفتقر إلى القدرة على تأمين ما يُحتاج إليه في الحياة )، والشرط اللازب لها التزام الكاتب هذا المعنى في كل بحثه الخاصّ بالحديث عن الإنسانيّة وربما في كلّ بحوثه.
أو ربّما يُنتقد لانحرافه عن المعنى اللغويّ كأن يستعمل الفشل مثلاً بمعنى الإخفاق (المنتشر على ألسنة العامّة ) وهو يعني في اللغة الضعف.
وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين۞ - الأنفال٤٦
قال الزجاج: أَي تَجْبُنوا عن عدوّكم إِذا اختلفتم، أَخبر أَن اختلافهم يضعفهم.
وهكذا جرت العادة في ملاحق الدراسات للشعراء والأدباء والكتّاب.
وحاشا لله أن نسوّيَ كلامه بكلام غيره حين ندرس ألفاظه الخاصّة، ولكننا بحاجة إلى فهمه وتعمّق هذا الفهم بما لدينا من وسائل بشريّة ممكنة.
ربما للبحث – في جزء منه – صلة بعلم من علوم اللسان، وهو حياة الألفاظ. وفقه اللغة بمعنى التدقيق في معاني المفردات أو فرع من علوم المعجميّة.
أولا: ألفاظ وردت مدلولاتها توافق اللغة السائدة في عصر نزول القرآن الكريم، سواء كان اختياره استعمال قريش أو تميم ..،وهي أكثر ألفاظ القرآن الكريم. كالحمد والشكر والطاعة..
وربما أدخل في البحث شيئاً آخر يرتبط بالمجاز اللغوي: - المثال الأوّل: قوله تعالى في سورة هود: فأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّار لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ۞١۰٦ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ۞١۰٧وَأَمَّا الَّذِينَ سُـعِدُوا فَفِي الْجَنَّـةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْـرَ مَجْـذُوذٍ۞١۰۸ قال الطبري ويعني بقوله: ما دامت السموات والأرض: أبدا: لأن العرب إذا أرادت أن تصف الشيء بالدوام أبدًا قالت:هذا دائم دوام السموات والأرض، بمعنى أنه دائم أبدًا.
وقد يكون لي رأي خاصّ، ففي اللغة كلّ ما علاك فهو سماء، تقابلها الأرض، و الآخرة إذا كان تصوري لها صحيحا لا بدّ أن يكون لها سماء وأرض، أقول هذا الكلام غير جازم، فقد تكون طبيعة الأشياء غير ما هي عليه في الدنيا.
فإذا قبلنا هذا المعنى فلا صلة لتعبير الآية بالمجاز المشار إليه.
- المثال الثاني: قوله تعالى في سورة الصافّات: إنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ٦٤۞ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤوسُ الشَّيَاطِينِ٦٥۞
قال ابن كثير: إِنَّما شَبَّهَهَا بِرُؤوسِ الشَّيَاطِين وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَة عِنْد الْمُخَاطَبِينَ لِأَنَّهُ قَدْ اِسْتَقَرَّ فِي النُّفُوس ( العربيّة حينها ) أَنَّ الشَّيَاطِين قَبِيحَة الْمَنْظَر.
ملحوظة: أحبّ أن أشير في هذه العجالة أنّ اللغة العربيّة الفصحى التي خلدت هي مجموع الألفاظ والمجازات والقواعد التي انتقاها القرآن الكريم من لغات العرب وما قيس عليها، وإن كانت لغة قريش هي السائدة، واندثرت لهجات عربيّة كانت حيّة في وقت نزول القرآن الكريم اندثاراً كاملاً أو جزئيّا.
ثانيا: ألفاظ صارت مصطلحات خاصّة بالرسالة الجديدة، فالتزم بها العلماء والعامّة كالصلاة بهيئتها من الأقوال والأفعال( صلّوا كما رأيتموني أصلّي ) وكانت تعني في اللغة الدعاء، والصوم وهو الامتناع عن الطعام والشراب والجماع في وقت معلوم، وكان يعني الامتناع عن أيّ أمر والزكاة والحجّ والآخرة وكثير من الألفاظ..
وصارت هذه المعاني مقصودة وحدها إذا أُطلق لفظها.
ولكن لا مانع من استعمالها بمعناها اللغويّ الأصل، بشرط أن توضّحها قرينة لفظيّة تفهم قصد القائل أو سياق النصّ أو سياق الحال...
ثالثاً: ألفاظ استعملها القرآن الكريم بمعناها اللغويّ العامّ كالكفر والفسق والظلم، ثمّ حدّد لها علوم التوحيد والحديث والفقه معانيَ خاصّة، فالكفر خروج عن الملّة، أي يُنفى عن صاحبه الدين، والفسوق إبقاء على وصف الإسلام فيه مع ارتكابه الكبائر.وقد استعمل الأباضيّة مثلا مصطلحات أخرى، فقالوا عمّن ينفون عنه صفة الإسلام: كافر الملّة، وعن مرتكب الكبيرة كافر النعمة.
ولاشكّ أنّ هذا التخصيص ضروريّ للعلوم التي صنّفها العلماء لاحقا. ولكنّ الخطر المحدق بقارئي القرآن الكريم أن يفهموا نصّه وفق المعاني المستحدثة للألفاظ.
انظر في معاني هذه الألفاظ:
١- قال– تعالى:إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌيَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ۞ – المائدة ٤٤- قال ابن كثير: لَيْسَ بِكُفْرٍ يَنْقُل عَنْ الْمِلَّة. ٢ - قال– تعالى:وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ۞ المائدة ٤٧- قال ابن كثير:الْفَاسِقُونَ" أَيْ الْخَارِجُونَ عَنْ طَاعَة رَبّهمْ الْمَائِلُونَ إِلَى الْبَاطِل التَّارِكُونَ لِلْحَقِّ، وقد يكون الخروج عن طاعة الله إنكاراً للعبوديّة له، أو تقاعسا. ٣ -- قال – تعالى:اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ۞ قال ابن كثير:أَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال الْقَوْل الْأَوَّل وَهُوَ أَنَّهَا فِي مُسْتَوَى مِنْ الْأَرْض فِي مَكَان فَسِيح بَادٍ ظَاهِر ضَاحٍ لِلشَّمْسِ تَقْرَعهُ مِنْ أَوَّل النَّهَار إِلَى آخِره لِيَكُونَ ذَلِكَ أَصْفَى لِزَيْتِهَا وَأَلْطَف كَمَا قَالَ غَيْر وَاحِد مِمَّنْ تَقَدَّمَ.
لقد أصاب من قال: شجرة الزيت التي نستضيء بها في شريعتنا لا تمتّ إلى المعسكرالشرقيّ ولا إلى المعسكرالغربيّ(بالمعنى المعاصر)، وهو أمرلا يتنافى مع القواعد العامّة، لكن الخطأ أن نقول إنّ هذا المعنى مأخوذ من هذه الآية.
ولبيان خطر هذا الفهم أفردت هذه الألفاظ القرآنيّة في قسم خاصّ رغم أنّ هذا الإدراج خطأ علميّ، والصحيح أنْ يُدرج في القسم الأوّل، .
رابعا: ألفاظ استخدمها القرآن الكريم لمعان قصد إليهاقد يستعمل القرآن الكريم لفظاً معيّنا، و لكن نفهم من السياق معنى مخصّصا من أكثر من معنى:
ولن تكون الألفاظ التي أعرض لها كلّ ألفاظ القرآن الخاصّة، وإنّما سأكتفي ببعض الأمثلة.
- البئر والجبّ:
فالبئر معطّلة، أي لا يُستقى منها.
والجبّ اعتاد الناس على السقيا منه، ولذلك رمى إخوة يوسف أخاهم في جبّ ليلتقطه بعض السيّارة، فالطريق يرتاده المسافرون ويحتاجون إلى السقيا.
} فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ۞–الحجّ ٤٥ }
"فَكَأَيِّنْ" أَيْ كَمْ "مِنْ قَرْيَة أَهْلَكْنَاهَا" وَفِي قِرَاءَة أَهْلَكْتهَا "وَهِيَ ظَالِمَة" أَيْ أَهْلهَا بِكُفْرِهِمْ "فَهِيَ خَاوِيَة" سَاقِطَة "عَلَى عُرُوشهَا" سُقُوفهَا "وَ" كَمْ مِنْ "بِئْر مُعَطَّلَة" مَتْرُوكَة بِمَوْتِ أَهْلهَا "وَقَصْر مَشِيد" رَفِيع خَالٍ بِمَوْتِ أَهْله.الطبريّ أَيْ لَا يُسْتَقَى مِنْهَا وَيَرِدُهَا أَحَد بَعْد كَثْرَة وَارِدِيهَا وَالِازْدِحَام عَلَيْهَا. ابن كثير [/TD]
} قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَاتَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِالْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ۞–يوسف ١۰ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ۞ - يوسف ١٥} الجبّ: البِئْر لم تُطْوَ. [/TD]
" قَالَ قَائِل مِنْهُمْ " قَالَ قَتَادَة وَمُحَمَّد بْن إِسْحَاق : وَكَانَ أَكْبَرهمْ وَاسْمه رُوبِيل . وَقَالَ السُّدِّيّ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ يَهُوذَا وَقَالَ مُجَاهِد هُوَ شَمْعُون " لَا تَقْتُلُوا يُوسُف" أَيْ لَا تَصِلُوا فِي عَدَاوَته وَبُغْضه إِلَى قَتْله وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَبِيل إِلَى قَتْله لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ يُرِيد مِنْهُ أَمْرًا لَا بُدّ مِنْ إِمْضَائِهِ وَإِتْمَامه مِنْ الْإِيحَاء إِلَيْهِ بِالنُّبُوَّةِ وَمِنْ التَّمْكِين لَهُ بِبِلَادِ مِصْر وَالْحُكْم بِهَا فَصَرَفَهُمْ اللَّه عَنْهُ بِمَقَالَةِ رُوبِيل فِيهِ وَإِشَارَته عَلَيْهِمْ بِأَنْ يُلْقُوهُ فِي غَيَابَة الْجُبّ وَهُوَ أَسْفَله . قَالَ قَتَادَة : وَهِيَ بِئْر بَيْت الْمَقْدِس " يَلْتَقِطهُ بَعْض السَّيَّارَة " أَيْ الْمَارَّة مِنْ الْمُسَافِرِينَ فَتَسْتَرِيحُوا مِنْهُ بِهَذَا وَلَا حَاجَة إِلَى قَتْله " إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ" أَيْ إِنْ كُنْتُمْ عَازِمِينَ عَلَى مَا تَقُولُونَ . قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن يَسَار : لَقَدْ اِجْتَمَعُوا عَلَى أَمْر عَظِيم مِنْ قَطِيعَة الرَّحِم وَعُقُوق الْوَالِد وَقِلَّة الرَّأْفَة بِالصَّغِيرِ الضَّرْع الَّذِي لَا ذَنْب لَهُ وَبِالْكَبِيرِ الْفَانِي ذِي الْحَقّ وَالْحُرْمَة وَالْفَضْل وَخَطَره عِنْد اللَّه مَعَ حَقّ الْوَالِد عَلَى وَلَده لِيُفَرِّقُوا بَيْنه وَبَيْن أَبِيهِ وَحَبِيبه عَلَى كِبَر سِنّه وَرِقَّة عَظْمه مَعَ مَكَانه مِنْ اللَّه فِيمَنْ أَحَبّه طِفْلًا صَغِيرًا وَبَيْن اِبْنه عَلَى ضَعْف قُوَّته وَصِغَر سِنّه وَحَاجَته إِلَى لُطْف وَالِده وَسُكُونه إِلَيْهِ يَغْفِر اللَّه لَهُمْ وَهُوَ أَرْحَم الرَّاحِمِينَ فَقَدْ اِحْتَمَلُوا أَمْرًا عَظِيمًا . رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق سَلَمَة بْن الْفَضْل عَنْهُ . -المطر والغيث:
فالمطر: في اللغة ماءُ السحابِ
والغيث: في أصل اللغة الإغاثة والنُّصرة عند الشِّدة، ثمّ استعمل للمطر الذي ينبت الكلأ ( لا حاجة هنا للتفصيل في تحوّل الواو – غوث – إلى ياء في غيث - )
ولكن القرآن الكريم خصّص المطر للعذاب، واستعمل الغيث بالمعنى الذي شاع في اللغة.
{وأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ۞ - الشعراء١٧٣}
"وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا" حِجَارَة مِنْ جُمْلَة الْإِهْلَاك "فَسَاءَ مَطَر الْمُنْذَرِينَ".
وقد تكرّر لفظ المطر بهذا المعنى أربع عشرة مرّة في القرآن حصرا بمعنى العذاب..
الجمل والإبل والبعير:
قال تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ۞ – الأعراف ٤٠
توزّع المفسّرون كلمة الجمل في هذه الآية بين معنيين:
- الجمل وهو الحيوان المعروف بلفظ آخر وهو البعير. وقد نصّت كتب اللغة على هذا.
بدأ الله تعالى بخلق الإبل قبل الجبال والسماء والأرض، قال تعالى”أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت۞والى السماء كيف رفعت۞والى الجبال كيف نصبت۞وإلى الأرض كيف سطحت۞” سورة الغاشية – 17– 2۰) الإبل لا واحد لها من لفظها وهي مؤنثة لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميين فالتأنيث لها لازم،والجمع آبال. 0
ملحوظة: قد تعني كلمة بعير الحمار، ففي قوله تعالى: قالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ۞- يوسف ٧٢ فقد اختلف المفسرون على معنيين: الجمل والحمار.
- حبل غليظ، وهوما رضي به كثيرمن المفسّرين،ومنهم صاحب( في ظلال القرآن دون أن ندخل في الخلاف على حقيقة الكتاب وفائدته والرضا بصاحبه أو السخط عليه).
[/TD][/TABLE]ويلحظ أن المعنى لا يتأثّر، فمقصودها أن المذكورين لا يدخلون الجنّة قطعا: لا يمكن دخول الحيوان ولا الحبل الغليظ سَمّ الإبرة، وربما كان المحال أقرب إلى الحيوان،
ولكنّ الحبل الغليظ قد يلائم الصورة البلاغيّة أكثر
.
إضافة ضروريّة:
بدأ الله تعالى بخلق الإبل قبل الجبال والسماء والأرض، قال تعالى”أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت۞والى السماء كيف رفعت۞والى الجبال كيف نصبت۞وإلى الأرض كيف سطحت۞” سورة الغاشية – 17– 2۰ ) الإبل لا واحد لها من لفظها وهي مؤنثة لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميين فالتأنيث لها لازم،والجمع آبال. 0
الشكّ والريبة: الشَّكُّ: نقيض اليقين، قد يُمدح صاحبه، وقد يذمّ
أمّا من ناحية التركيب التعبيريّ، فإنّها تُسبق ب ( في ).
|
[/TR]
[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
الريبة: هي شكّ، ولكنّها تزيد عليه في الاستعمال القرآني معنى الذمّ لمن اتصف به.
قَدْ أَرَابَ الرَّجُل : إِذَا أَتَى رِيبَة وَرَكِبَ فَاحِشَة - ابن كثير
الشَّكّ وَالتُّهْمَة - القرطبي
وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ۞ – سبأ ٥٤ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ۞ – إبراهيم ٩ قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ۞ – هود ٦٢ لَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ۞ – هود ١١۰ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ۞ سب ٥٤أ فإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِين ۞– يونس ٩٤
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ۞– النساء ١٥٧ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ۞– إبراهيم ١۰ قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ۞– يونس ١۰٤
بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ۞ النمل ٦٦
وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ۞سبأ٢١
ملحوظات:
١ - ليس ما ورد هنا أمراً مبتوتا به، وليس مما ورد فيه نصّ قاطع، وإنّما هو استقراء نصيب فيه ونخطئ، ويمكن لأيّ عالم أن يفنّده بما لديه من أدلّة.
٢ - للكُتّاب أن يلزموا أنفسهم بهذه المعاني للألفاظ، ولهم كذلك أن يبقوا على المعنى اللغويّ الأصل,
٣ – يعرض بعض الباحثين ألفاظاً ليدخلوها في هذا القسم، ولكنها قد تكون من المبالغة وإقحام أمور لا علاقة للبحث بها، فلفظ الأمّة ورد في القرآن الكريم على معان كالطريقة والجماعة والرجل الجامع للخير والزمان، ولكنّها بالرجوع إلى المصادر اللغوية نجد أنها تحمل هذه المعانيَ، وليست من استعمال القرآن الكريم الخاصّ.