ثقافة الماسنجر
بقلم - أميمه العبادلة:
هناك مشكلة في مفهوم ثقافة الماسنجر وأصول التعامل معه عند الكثيرين.. الجميع يعتقد أن الماسنجر متاح أو يتيح لأي أحد كل شيء وأي شيء بكل سهولة.
لست أدري ما سبب تغافل الجميع عن تفهم كون الماسنجر ما هو إلا وسيلة للاتصال السريع والرخيص والتي لا تختلف أبدا عن الهاتف.. والهاتف النقال.. والذان لا نستخدمهما إلا للضرورة وفقط.. أي أنه ليس استخداما مشاعا ولا متاحا لكل من هب ودب..
ربما كان سوء استخدام البعض لهذه الوسيلة أدى لانتشار الفهم الخاطئ والثقافة السلبية بين مستخدميه.. فالماسنجر مختلف كليا عن غرف الدردشة التي لا يستخدمها غير المراهقين وأصحاب العقد النفسية والكبت المجتمعي..
سألت صديقا وأنا أشكو له امتعاضي جراء تطفل "البعض" فأخبرني أن هؤلاء "البعض" وبمجرد رؤية اسم الشخص متاحا بلون أخضر فهم بذلك يعتقدون سلفا أنه كمن افترش الطريق أمام داره ودعا الجميع للجلوس معه للتسامر..
غريب حقا.. لكن وجود الشخص على الماسنجر متاحا ما هو إلا كالهاتف النقال عندما يكون مفتوحا غير مغلق ليستقبل المكالمات الواردة والمهمة متى وصلت.. ولا يعني ذلك أن يعمل الهاتف برنات متواصلة أو بخط مفتوح.. ولا يعني أيضا على أن نرد على أرقام مجهولة الهوية.. ولا يعني أننا تحولنا لموظف استقبال اتصالات وفقط.. هل يجب أن نكون على أهبة الاستعداد ومتفرغين تماما لأي اتصال وارد في كل الأوقات..؟!!
تساؤل مهم يخطر ببالي الآن: هل لأن الهاتف الأرضي أو النقال يعملان مقابل مبلغ مالي كفاتورة أو كروت الدفع المسبق فهذا هو الأمر الوحيد الذي يكبح مستخدميهما من التعامل العشوائي..؟!!
لنفترض جدلا أن شركة الاتصالات أطلقت حملة الاتصال المجاني لفترة ما.. هل يعني ذلك أننا سنتعرض لفوضى اتصالات عشوائية ممن نعرف وممن لا نعرف..؟!!
إلى أي كارثة ثقافية وصلنا..؟!! هل نحتاج في مدارسنا لمناهج تختص بالاتيكيت والسلوك الإنساني.. ومناهج خاصة تواكب الثقافة التكنولوجية التي نعيشها الآن..؟!!
سمعت تعليقا من خفيف الظل "جورج عزمي" ذات مره أن الناس من كثرة متابعتهم للتلفاز والمسلسلات بدأوا يظنون الدنيا مجرد تلفزيون كبير ولهم كامل الصلاحيات في متابعة أحداثه عن كثب دون استئذان مسبق أو حتى مراعاة لمشاعر الآخرين وخصوصيتهم..
هل انتشار برامج الواقع أدى لاعتقاد الناس وتعاملهم مع الماسنجر على سبيل المثال بهذه الطريقة الغريبة..؟!!
ما أؤمن به أن الماسنجر هو وسيلة سريعة ومريحة للتواصل المستمر بين الأهل والأصدقاء المقربين جدا جدا جدا ولضرورة عمل ملحة جدا وفقط.. ولتضعوا مليار خط تحت كلمة فقط.. مع العلم أنني لضرورات العمل أنزع للتواصل عبر الإيميل برسائل مكتوبة..
لا يعني، على سبيل المثال لا الحصر، أن فلان من الناس قريبي إذا فلا بد من إضافته.. عائلتي الممتدة يبلغ تعدادها ستة آلاف فرد.. هل من المنطق أن أقوم بإضافتهم جميعا..؟!! بالتأكيد وقطعا الإجابة هي لا.. قد نضيف فردا أو اثنين لشدة تميزهم فيكون التواصل حينها إثراء اجتماعيا وثقافيا وفكريا لنا دون شك..
ولا يعني أن فلان من الناس توصل لمعرفة بريد الكتروني عبر رسالة عامة على الشبكة العنكبوتية أن يقوم، بالضرورة، بإضافة صاحب البريد لمجرد تعارف أجوف.. فطبيعة عملنا كصحافيين، مثلا، تجعل من السهولة معرفة بيانات التواصل معنا.. وما هي معلنه إلا من أجل التواصل الهادف لعمل على سبيل المثال، أو لدعوة صحفية، أو لتكليف ما..
أيضا لا يعني كونك زميل عمل أن تفرض نفسك عنوة دون سابق استئذان.. لا أدري كيف لأحدهم أن يبدأ في مخاطبة شخص ما والتحاور معه وفرض ذاته على فراغ المساحة قبل أن يعرف طبيعة الشخص وطريقة تفكيره وما يناسبه وما لا يناسبه، وإن كانت هناك مساحة متاحة له أصلا أم لا..؟!!
قد يقول عبقري زمانه: من الأفضل أن يكون أيميلك سريا.. وقد يقول آخر لا تكوني في وضع متاح أو ضعي رسالة شخصية تفيد بانشغالك.. أو لا تستخدمي الماسنجر مادمتِ منزعجة منه.. ولكل هؤلاء أقول لا شأن لكم ومازلتم تتدخلون فيما ليس من شأنكم..
تنويه أخير فقط أنني لا أعني شخصا بعينه وإنما هي سلوكيات متناثرة استفزتني لابد من التنبه لها لذا كتبت عنها.. وفقط..