منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4

العرض المتطور

  1. #1

    حديث عن الثقافة والمثقف

    حديث عن الثقافة والمثقف
    مصطفى إنشاصي
    حديث الثقافة حديث ممتع وشيق فالثقافة لها ما يربو على مئتي تعريف! وفي هذه المرحلة التي يلعب فيها أدعياء الثقافة وليس المثقفين دوراً سلبياً لأنه ليس كل مَنْ زعم أنه مثقف أصبح كذلك سنحاول الحديث عن الثقافة ودور المثقف في التفاعل مع قضايا أمته! فالمثقف إما أن يكون مثقفاً ثورياً ملتزماً بقضايا أمته ومدافعاً عن حقوقها ضد أعدائها في داخل الوطن وخارجه، أو أن يكون موظفاً مرتزقاً منافقاً وانتهازياً يسخر معارفه ومعلوماته لخدمة الطاغية المستبد من أجل تحقيق مكاسب شخصية على حساب مصالح أمته! إما أن يكون مع الشعب أو يكون مع السلطة!
    الثقافة والتاريخ والـوعي
    يقول مالك بن نبي: "لا يمكن أن نتصور تاريخاً بلا ثقافة، فالشعب الذي يفقد ثقافته يفقد حتماً تاريخه. والثقافة ـ بما تتضمنه من فكرة دينية انتظمت الملحمة الإنسانية في جميع أدوارها من لدن آدم ـ لا يسوغ أن تُعتبر علماً يتعلمه الإنسان، بل هي محيط يحيط به وإطار يتحرك داخله، فهو يغذي جنين الحضارة في أحشائه، إنها الوسط الذي تتكون فيه جميع جزئيات المجتمع المتحضر، وهي الوسط الذي تتشكل فيه جميع خصائص المجتمع المتحضر، وهي الوسط الذي تتشكل فيه كل جزئية من جزئياته تبعاً للغاية التي رسمها المجتمع لنفسه، بمن في ذلك الحداد والفنان والراعي والعالم والإمام، وهكذا يتركب التاريخ. وبعبارة جامعة؛ الثقافة: هي كل ما يُعطي الحضارة سمتها ويحدد قطبيها: من عقلية ابن خلدون، وروحانية الغزالي، أو عقلية (ديكارت) وروحانية (جان دارك)، وهذا هو معنى الثقافة في التاريخ".
    هذا الفهم لدى مالك بن نبي يعني وجود علاقة قوية بين الثقافة وسلوك الإنسان، وبين تاريخ أي شعب ووعيه بأحداث ماضيه، وقيم حاضره. نفس الأمر لدى المفكر الألماني هانز ألبرت اشتيغر الذي رأى أن هناك علاقة وثيقة بين الثقافة والتاريخ، أو أنهما شيئان متلازمان لا غنى عنهما لأي أمة أو شعب، وأكد على العلاقة بين الثقافة والسلوك لدى بن نبي من خلال ربطه بين الثقافة والتاريخ والوعي. كما فرق بين الثقافة والمعرفة، بين الثقافة بمعناها الحضاري والثقافة بمعناها الذهني المجرد. ولأننا في حاجة لنموذج المثقف الملتزم بقضايا أمته لا الموظف المرتزق لدى الطاغية ورجل الأعمال أو العبد للأيديولوجيا والحزب سيكون حديثنا عن الثقافة والمثقف بمعناها الحضاري!
    يرى شتيغر أنه لا يمكن أن نفهم علاقة الثقافة بالتاريخ والوعي قبل أن نكشف العلاقة بين الثقافة ومفهوم الدولة والسيادة. ذلك أن حصر معنى القومية والوطنية ضمن مفاهيم سيادة الدولة قد أثر إلى حد بعيد على تصورنا الحالي للثقافة التي هي الكل، وإن عوامل تَكَون تلك الثقافة إنما هي الممارسة. فبودين في تعريفه للسيادة الوطنية جعل الثقافة من أكبر عوامل المفهوم الحديث للدولة. وبذلك لا يمكننا فصل الثقافة عن المفهوم الوطني أو القومي والسياسي للمواطن. بمعنى آخر؛ لا توجد ثقافة وراء مفهوم المواطنة، الذي هو مفهوم الانتماء وليس مفهوم الالتزام، فالمواطن يُعتبر مواطناً لأنه ينتمي غريزياً وتلقائياً وطبيعياً بينما الالتزام هو حصيلة قناعة فردية محدودة الأبعاد أولاً، ومحدودة المراحل ثانياً، ثم هي محدودة الفعالية بحكم طبيعة ما نلتزم به كأفراد أو جماعات.
    وبهذا المعنى تكون كثير من حروب السيادة والاستقلال الأوروبية وما سمي بالحروب الأهلية الأوروبية هي في الواقع حروب ثقافية من الدرجة الأولى، لذا نحن في حاجة إلى إعادة دراسة التاريخ الثقافي لإعادة النظر في مفهومنا للثقافة، فالتاريخ والثقافة متلازمان، فإذا كان التاريخ هو الظاهرة أو الحدث، فالثقافة هي الوعي. وإن كان الحدث يسبق الوعي فلا قيمة له إطلاقاً، لأن أي حدث يقع خارج دائرة الوعي لا قيمة له، ويشترط لكي يكون الحدث حدثاً بالفعل، وجود الوعي بذلك الحدث، والوعي لا يعني المعرفة المجردة، لأنه لو كان كذلك لوجدنا الثقافة عملية جمع المعلومات فقط وحفظها لحين الحاجة، فالوعي هو الذي يفرق بين الثقافة والمعرفة. وكما أنه يفرق بين الثقافة الأكاديمية والثقافة ـ الممارسة. ففي الأولى تكون الثقافة جزء من التاريخ، ونتاج التاريخ أيضاً، وفي الثانية تكون الثقافة هي الوعي، وهنا يمكننا القول أن الوعي بدأ قبل التاريخ، أي أن الوعي بالحدث هو الذي يدخل الحدث إلى التاريخ، وكذلك يمكننا القول أن التاريخ هو جزء من الثقافة .. أي أنه جزء من الوعي، ينجم عنه ويتأثر به. ويمكن اختصار العلاقة بين الثقافة والتاريخ، والعلاقة بين الثقافة والوعي، بأنه لا يمكن لإنسان أن يكون مثقفاً دون وعي، يمكن أن نسميه أي شيء ولكن ليس مثقفاً بالمعنى التاريخي والحقيقي للكلمة، لأن الثقافة "فعل إرادة"، ولا يتأتى ذلك بدون "الوعي".
    ولكن ما علاقة كل ذلك بالثقافة وبمفهوم الدولة والسيادة؟ في الماضي اقترنت الثقافة بالفلسفة، مما أضفى على الفلسفة صفة التحليل دون اعتماد مبدأ التطبيق والممارسة، ولما جاء عصر التنوير في أوروبا تحولت تلك الفلسفات إلى شروح فقط، وصار هم الفرد المتعلم أن يقرأ الشروح حول فلسفة معينة بدل أن يمارس ويعيش تلك الفلسفة، لذلك ازدادت الفجوة بين الفلسفة والثقافة بمعنى الوعي. وأصبحت الثقافة تجميع وتحصيل المعلومات ولم تعد وعياً وصارت الثقافة التي تدور في فلك فلسفة ما؛ مجرد ثقافة تقريرية وليس تحليلية .. تهتم بالجامد والثابت بدل أن تهتم بالمتغيرات على كل صعيد. ذلك ما ساد الواقع في الغرب في القرن التاسع عشر، ما أدى إلى نشوء شبه ثقافة "إقليمية" متعصبة لا تعرف معنى الانفتاح، كل همها هو الغوص في التاريخ، للبحث عن كل ما يدعم وجهة نظر فلسفة ما من الفلسفات التي رافقت نشوء القوميات في الغرب، فتلك الفلسفات أدت إلى اعتبار الاستقلال الثقافي هو من مظاهر وعناصر اكتمال الشخصية القومية، فأدى ذلك إلى انتشار روح التعصب والتشنج في تطبيق تلك المفاهيم، وكثر الحديث عن الاستقلال السياسي والاستقلال الثقافي.
    وقد خلص شتيغر إلى أن الفلسفة عجزت عن صنع حضارات ولكنها صنعت قوميات ودول شوهت مفهوم الثقافة، وأنشأت ثقافات وطنية متعصبة ضيقة الأفق باسم الاستقلال السياسي والاستقلال الثقافي، على الرغم من أنها تنتمي في الوقت نفسه إلى ثقافة أشمل وأوسع، هي الثقافة الغربية، أو بمعنى أصح إلى الحضارة الغربية فالحضارة نسق قيمي عام يشمل عدة ثقافات تشترك في ذلك النسق مع فروق بسيطة محلية تميز ثقافة عن أخرى، تلك الفروق الثقافية هي التي حددت حدود الدولة الوطنية أو القومية في أوروبا!.
    ثقافتنا القُطرية نتاج تقسيمات سايكس -بيكو
    وعلى الرغم من أن ثقافة الفلسفة ساعدت على نشوء الدول القومية إلا أنها حافظت على الوعي بقيمة التاريخ الثقافي العام لأوروبا، وبقي هو المشترك الذي يجمع تلك الدول القومية في نسقه الحضاري العام (الحضارة الغربية) بقيمه الحديثة والمعاصرة التي هي امتداد لتاريخ الثقافة الغربية التي هي من صنع الإنسان، سواء في عصورها القديمة الإغريقية والرومانية أو الوسطى حكم الكنيسة ونظامها الثيوقراطي الإلهي في شخص البابا أو نظامها الحديث والمعاصر. ذلك الي حدث في الغرب وكان نتيجة للتغيرات التي صاحبت عصر النهضة الأوروبية هو نفسه الذي يعيشه وطننا بعد عقود الاستقلال القُطري إلا أنه لم يكن نتيجة تغيرات نهضوية عربية حقيقية ولكن نتيجة اتفاقية سايكس – بيكو! وقد سعت ثقافة الفلسفة والأيديولوجيا لأنظمة سايكس – بيكو على اختلافها وتناقضاتها إلى إحلال ثقافة ونسق قيمي حضاري مخالف بل نقيض لتاريخنا الثقافي ونسقنا الحضاري الإسلامي، حيث سعت إلى خلق قسري لما يسميه رياض نجيب الريس "ثقافة الكيانات الحضارية القروية" كجزء من المحاولات المعقدة، من الداخل والخارج، لإبقاء العرب مجزئين. وليت الخطر على وجودنا كأمة وقف عند ذلك الحد؛ لا! فأقطار سايكس - بيكو إلى جانب سعيها الحثيث لتكوين ثقافة قُطرية مشوهة" ثقافة الكيانات الحضارية القروية"، وتكريس حدود التجزئة الجغرافية نفسياً، فقد عمل فيها الغرب وأنصاره طوال عقود الاستقلال الشكلي التي مضت، على خلق كيانات ثقافية عشائرية محلية، من أجل تهيئة أوضاع تلك الأقطار في الوقت الذي ستعولم فيه ثقافتها وثقافة العالم، لمزيد من التشطير والتفتيت، وإضعاف الأمة!.
    لذلك نحن اليوم في حاجة إلى الثقافة بمفهومها الحضاري لا المعرفي الذهني المجرد، في حاجة لنموذج ثقافة الوعي والممارسة لا ثقافة الفلسفة والأيديولوجيا، بحاجة إلى المثقف الواعي بثقافة وتاريخ الأمة لا الواعي بثقافة القبيلة والعشيرة، المثقف الواعي الملتزم والمتفاعل مع قضايا أمته لا المواطن المنتمي لبقعة من الأرض، في حاجة إلى المثقف المدافع عن حقوق شعب لا المدافع عن شخص أو نظام حكم أو فلسفة وفكر أيديولوجي ..
    إن مَنْ يتأمل واقع أقطار سايكس – بيكو اليوم يجد أن مثقفيها انحطوا إلى الحضيض؛ فهم يستخدمون ثقافتهم الأكاديمية (ثقافة المعرفة) في تدمير أوطانهم والقضاء على ما تبقَ من مقومات قوة ووحدة الأمة وقيمها الحضارية، ففي العراق حقيقة الواقع أن الدولة القُطرية العراقية مقسمة إلى ثلاثة دويلات عشائرية (كردية وسنية وشيعية)، وفي ليبيا بدأ مشروع التقسيم العشائري بولاية برقة، وفي اليمن هناك مطالب بالعودة إلى الانشطار بين شمال وجنوب، واحتمالات تفتيت الجنوب إلى دويلات عشائرية مناطقية، أما الشمال فهو شبه منقسم فالحوثيون لهم دولة وسيادة على بعض محافظاته الشمالية ويحاولون التمدد والوصول إلى صنعاء. أما سوريا فإن إطالة أمد الحرب فيها محاولة لتهيئة الأوضاع إن استطاعوا لتقسيمها إلى ثلاثة دويلات (سنية وعلوية وكردية أو درزية)، وبقية أقطار سايكس –بيكو إذا ما استمر حال حكامها ومثقفيها على حالهم فالدور قادم عليها لا محالة ومخططات تقسيمها معلنة ومعلومة للقاصي والداني!
    أما مصر فهناك حديث عن مخططات لإقامة دويلة سيناء مع غزة أو بدونها، أو دويلة قبطية في جنوب مصر ونوبية وغيرها. وفيها يتجلى أوضح مثال لعمل المثقف الانتهازي المرتزق العبد للنظام أو الأيديولوجيا أو أعداء الأمة، ومتابعة للفضائيات المصرية الحكومية والأهلية يكشف لك مدى الانحطاط الذي أنتجته ثقافة الأنظمة القومية والوطنية، أما عن لجنة الخمسين لتعديل الدستور إذا ما استثنينا بعض الأسماء التي كان يجب أن تحترم نفسها وعلمها وتاريخها وترفض المشاركة فيها حدث ولا حرج، فكل تعديلاتهم تكرس دستور لهدم قواعد الدولة وهدم قيم المجتمع الأخلاقية والاجتماعية وفصل مصر إن بقيت كما هي دون تقسيم عن محيطها العربي والإسلامي وانتزاعها من عمقها وامتدادها الحضاري، باختصار: خلق هوية ثقافية جديدة وغريبة لمصر ليس لها أي علاقة بتاريخها الثقافي والحضاري بتاتاً!
    ذلك هو واقع الأمة لذلك نحتاج مثقفين يجسدوا معنى الثقافة بمفهومها الحضاري، ثقافة الممارسة والسلوك وقيادة الأمة لمواجهة ثقافية الغوغاء والتصدي لمخططات الاعداء ..
    التاريخ: 17/9/2013

  2. #2
    يقول مالك بن نبي: "لا يمكن أن نتصور تاريخاً بلا ثقافة، فالشعب الذي يفقد ثقافته يفقد حتماً تاريخه
    وكذلك اللغة هوية الشعوب,غن ضعفت فهي دليل ضعفه,لني اجد مقالي الخاص بذلك وذا خؤقتا:
    http://www.omferas.com/vb/t50278/
    أما عن فكرة من عب الثقافة من الخارج وجاء ليقدمها لنا فقد كانت منذ ايام الفرنسين...وهي ليست جديدة,وقد تمكنت بفضل الجهل السلوكي الديني الذي كان,وللحديث بقية.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    شكرا أستاذة ريمه لطرح الرابط ، وشكرا لهذا الموضوع الذي اهتديت إليه صدفة.
    قضية الثقافة والمثقفين قضية لاتنتهي ...
    رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء
    رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
    **************
    قال ابن باز رحمه الله
 :

    لباسك على قدر حيائك
    وحياؤك على قدر ايمانك

    كلما زاد ايمانك زاد حياؤك
    وكلما زاد حياؤك زاد لباسك

  4. #4
    أخشى أن أقول أستاذ مصطفى أن الثقافة تعيش هزيمتها الأخيرة..
    وللحديث...

المواضيع المتشابهه

  1. حكايتي مع الثقافة
    بواسطة محمد إقبال بلو في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12-11-2016, 05:00 AM
  2. يحدث في غزة فقط
    بواسطة د. فايز أبو شمالة في المنتدى فرسان الأخبار.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-19-2014, 01:21 PM
  3. لقاء الفرسان مع المفكر والمثقف/عارف الشيخ
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى لقاءات الفرسان
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 03-03-2011, 11:09 AM
  4. حديث اليوم " حديث قدسي ما أروع ما فيه إقرأفي دقيقة واحدة من وقتك "
    بواسطة عماد في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-02-2007, 06:44 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •