عن الحوار والتواصل
لما نسعى إلى الكشف عما يعنيه الحوار ، سنجد بأنه مفهوم يتعدى مستوى الكلام ويتضمن دلالات أخرى كالقدرة والكفاءة والقوة الأخلاقية والشجاعة....
ولعلنا بهذا الطرح سننفتح على مفهوم التواصل بوصفه واحدا من مقومات الحياة البشرية على مدى العصور.
فيما يتعلق بشروط الحوار يكفينا الرجوع إلى عشرات الكتب والمقالات التي كتبت حول هذا الموضوع ، والتي تؤكد كلها على ضرورته وأهميته وفائدته وقيمته الإنسانية والأخلاقية . وطبعا مع ما يستلزمه من استماع للآخر، واحترام رأيه ، وعدم الرغبة في إقصائه، والتنكر لرأيه، والإيمان بنسبية الحقيقة ، وقس على ذلك...
ويبقى من الضروري كذلك فهم أهمية التواصل باعتباره يقود إلى غايات إيجابية ، وفيما إذا كنا قادرين على ضمان نتائج إيجابية يستفيد منها الفرد والمجتمع والإنسانية جمعاء .
فما مدى إمكانية تحقق مثل هذه الأهداف النبيلة في عالم يسوده التعصب العرقي ، والثقافي ، والمذهبي ، والأزمات والصراعات بين الدول...والتي تزيد من تعميق الهوة ليس فقط بين المجتمعات بل حتى بين الأفراد .؟
تثار في هذا السياق مواقف وأطروحات غايتها تجاوزالأزمة وخلق مناخ مناسب لحوار الثقافات على أساس سلمي يرتكز على حد أدنى من احترام القيم الإنسانية ، لكن نجاح مثل هذه المبادرات رهين بتربية الأفراد من أجل اكتساب سلوكيات تقرب بينهم على أساس قيم العدالة والحرية والمساواة والإيمان بالتنوع والاختلاف الثقافي ...
ما نقصده هنا هو أن تحقيق هذه الرهانات يرتكز على فكرة التسامح
على نحو ما أعلنت عنه منظمة اليونسكو حينما اعتبرت " التسامح قيمة أخلاقية سياسية وقانونية مرتكزة على المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان ، وخاصة منها
التنوع ، واحترام المعتقد ، والرأي، والعدالة القائمة على مبدإ الانسجام داخل الاختلاف ، والهادفة إلى تحقيق السلام ، والأمن ، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للأفراد والشعوب "
إن الحوار والتواصل أساس للمنفعة الفردية والعامة بالنسبة للإنسانية جمعاء .
أما من حيث كونها قدرة على بناء علاقة مع الغير فذلك من حيث طبيعتها الفردية وبوصفها قيمة اجتماعية
.
وإذا كانت هناك فعلا حاجة للتواصل والحوار بين الأفراد ، فمن اللازم التأكيد على أنها بالنسبة للدول تعتبر مسألة حيوية لأن انغلاق الفرد يؤدي إلى عزلته فقط ، لكن انغلاق الدول على نفسها قد تكون له انعكاسات كارثية كالحروب مثلا.
حسن لشهب