ولكن كونوا ربانيين
يقول الله عز وجل: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران:79].
كلمة " رباني " ، وكلمة " رب " ، وكلمة " ربيون " ، وكلمة " ربان " ، وكل المادة المكونة من " الراء " و " الباء " تدل على التربية، والولاية، وتعهد المربي، وتدور حول هذا المعنى.
قال سيبويه: " زادوا ألفاً ونوناً في الرَّباني أرادوا تخصيصاً بعلم الرب دونَ غيره من العلوم، وهذا كما قالوا: شَعْراني ولِحْياني ورَقَباني "
(كونوا ربانيين) الصيغة في الأمر جماعية، ليكون التوجه أن نكوِّن بيئة ربانية، وأن تكون بيئتنا إسلامية، فنجعل بيئتنا وبيوتنا ومجتمعنا تسير على النهج الرباني.
ويروي الإمام البخاري رحمه الله عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنه وعن أبيه قوله ( أي كونوا ربانيين حكماء فقهاء .
ويقال : الرباني هو الذي يُربي بصغار العلم قبل كباره ).
وقد أوضح ابن حجر رحمه الله شمولية معنى صغار العلم وكباره فقال:
" المراد بصغار العلم ما وضح من مسائله، وبكباره ما دقّ منها " .
وقيل : " يعلمهم جزئياته قبل كلياته ، أو فروعه قبل أصوله أو مقدماته قبل مقاصده".
قال الماوردي ـ رحمه الله ـ:
"واعلم أن للعلوم أوائل تؤدي إلى أواخرها، ومداخل تفضي إلى حقائقها، فليبتدئ طالب العلم بأوائلها لينتهي إلى أواخرها، وبمداخلها ليفضي إلى حقائقها، ولا يطلب الآخر قبل الأول، ولا الحقيقة قبل المدخل فلا يدرك الآخر، ولا يعرف الحقيقة؛ لأن البناء على غير أُسٍّ لا يُبنى، والثمر من غير غرس لا يُجنى ".
وقال ابن الأعرابي: لا يقال للعالم ربَّاني حتى يكون عالمًا معلمًا عاملاً.
ولما مات ابن عباس قال محمد بن الحنفية: ( اليوم مات رباني هذه الأمة).