منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3

العرض المتطور

  1. #1

    النزعة الإنسانية على حقيقتها..

    لعل بداية النزعة الإنسانية، هي بداية الانحرافات السلوكية التي تهدف إلا سيادة الظلم الضمني للإنسان!.
    الدليل مبادئها المناقضة للاديان:
    النزعة الإنسانية


    إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي



    التعريف :


    النزعة الإنسانية هي اتجاه فكري عام تشترك فيه العديد من المذاهب(*) الفلسفية والأدبية والأخلاقية والعلمية، ظهرت النزعة الإنسانية في عصر النهضة(*).


    التأسيس وأبرز الشخصيات:


    ظهر المذهب الإنساني في إيطاليا في بداية عصر النهضة الأوروبية.


    وأبجديات النزعة إنما تترجم الانتفاضة التي عبّرت عنها النهضة الأوروبية باعتبارها تغيراً في الفكر نجم عنه تغير في جميع شؤون الحياة. فالإنسان الأول كان مكبلاً بقيود الكنيسة(*) طوال فترة الإظلام الفكري المسماة بالعصور الوسطى والتي استطالت إلى أكثر من عشرة قرون، إذ كان خلالها مطالباً بالطاعة العمياء لرجال الدين وكان يُساق كما يساق القطيع، ويكفي أنه من طبيعة فاسدة بسبب الخطيئة الأصلية!! أما المرأة، فهي لا ينبغي أن تُحب لأنها سبب الخطيئة، لذا عزف رجال الدين عن الزواج بها. وإذا سمحوا لغيرهم بالارتباط بها بالزواج فذلك فقط باعتبارها وسيلة للإنجاب واستمرار البشرية. أما الرجال فهم وسيلة أيضاً لتحقيق أهداف الكنيسة، وكل من خرج على هذه الأهداف يواجه الموت حرقاً.


    ومن أسماء الرواد الأوائل للمذهب الإنساني بوجيو وبروني، والمحامي البارز مونتبلشيانو وكلهم عاشوا خلال القرن الخامس عشر الميلادي.


    أراسمس ولد في روتردام سنة 1466م ويعد من أكبر ممثلي المذهب الإنساني من ناحية معرفته بالأدب اليوناني واللاتيني.


    في فرنسا مثل المذهب ستيفانوس وسكاليجر ودوليه.


    ويعد رينيه ديكارت 1956 – 1650م الفيلسوف الفرنسي من أنصار المذهب الإنساني ولكنه يؤمن بوجود الله تعالى.


    وكذلك سبينوزا 1632 – 1677م الفيلسوف الهولندي وهو يشبه ديكارت في الاعتقاد.


    وكتابات جان جاك روسو 1712 – 1778م تحمل الطابع الإنساني.


    وجون لوك 1632 – 1704م الفيلسوف الإنجليزي كان إنساني المذهب(*).


    والفيلسوف الألماني كانت 1724 – 1804م في مذهبه الانتقادي كان إنساني المذهب.


    والفيلسوف شيلر المتوفى سنة 1937م الإنجليزي الألماني الأصل.


    والكاتب الفرنسي فرانسيس بوتر، ألف كتاباً بعنوان المذهب الإنساني بوصفه ديانة جديدة.


    والأديب الإنجليزي ت.س. إليوت 1888 – 1965م يعتبر نفسه من أتباع المذهب الإنساني، وهو من أبرز ممثلي الشعر الحر.


    الأفكار والمعتقدات :


    تأكيد الفردية الإنسانية:


    في مجال الدين(*): الاستجابة لحكم الفرد الخاص ضد سلطة الكنيسة(*) وتأييد فكرة ظهور الدول القومية.


    في مجال الفلسفة(*): تأكيد ديكارت للوعي الفردي عند المفكر وشدة الاعتماد على الفعل وتغليب وجهة النظر المادية الدنيوية.


    قصر الاهتمام الإنساني على المظاهر المادية للإنسان في الزمان والمكان.


    المذهب الإنساني أوحى بالأفكار التحررية لقادة الفكر في عصر النهضة(*) الأوروبية ووصل إلى ذروته إبان الثورة(*) الفرنسية.


    الثقة بطبيعة الإنسان وقابليته للكمال، وإمكان حدوث التقدم المستمر.


    تأكيد أن الشرور والنقائض التي اعترضت طريق الإنسان لم يكن سببها الخطيئة كما تقرر النصرانية، وإنما كان سببها النظام الاجتماعي السيئ.


    الدفاع عن حرية(*) الفرد.


    إمكان مجيء العصر السعيد والفردوس الأرضي، ويكون ذلك بالرخاء الاقتصادي، وتحقيق ذلك يكون بتبديد الخرافات والأوهام ونشر التربية العملية.


    وقد نقد الفلاسفة والمفكرون الإنسانية ومن أهم ما جاء في نقدهم:


    إن تقدم العلم الحديث لم يصحبه تقدم في قدرة الإنسان على حسن استعمال العلم.


    وإن البشر وجهوا اهتماماتهم جميعاً إلى المسائل الدنيوية، ونسوا كل ما يسمو على ذلك وتركزت مطامعهم في الأشياء الزائلة التي يسرها لهم العلم، وحدث من جراء ذلك صدع بين تقدم الإنسان في المعرفة وتقدمه الأخلاقي.


    إن الإنسانية تؤكد على زيادة خطر الإسراف في الاعتماد على الآلة، فهذا الإسراف قد يقضي على الأصالة والابتكار.


    كما أن الأسس الأخلاقية لا تصلح إلا إذا استندت إلى الاعتقاد بوجود نظام أسمى من النظام الدنيوي والإيمان بالمبادئ الخالدة المطلقة، أما إذا اقتصرت الآداب على أن تكوم خاضعة للمواءمة بين الإنسان وبيئته، كلما تغيرت الظروف وتبدلت الأحوال، فإنها بذلك تفقد قيمتها العامة.


    وطريق الخلاص هو رفع الأخلاق(*)، ولا يحدث هذا إلا بإيحاء من الإيمان الديني، أما الآداب العلمانية فلا تمنحنا الخلاص.


    إن المذهب الإنساني قدم للإنسانية وعوداً لم يحققها، كما أنه أفقد الناس الشعور بالحقائق الروحية، وجعل الناس عبيداً للقوى المادية(*) العمياء.


    إن وجود الشر ينقض أداء المذهب(*) الإنساني لصلاح الإنسان وقابليته للتقدم.


    وقد عزى الناقدون إخفاق عصبة الأمم في تسوية المشكلات في العالم وانتشار الفاشية والنازية إلى ظهور المذهب الإنساني.


    إن عيوب المدنية الغربية ترجع في الغالب الأعم منها إلى المذهب الإنساني في تياره الإلحادي(*).


    ومن أهم الأفكار التي تبنتها النزعة الإنسانية ما يلي:


    يجب على الإنسان أن يبحث دائماً عن معنى وجوده وحياته.


    الحياة في حد ذاتها شيء رائع ويستحق أن يعيشها الإنسان مهما احتوت على صراعات وتناقضات وآلام.


    على الإنسان أن يواجه الألم ويتسلح بالأمل في نفس الوقت.


    على الإنسان أن يهتم بالمادة قبل الروح لأنها الشيء الوحيد الذي يستطيع إدراكه والسيطرة عليه.


    إن الطريقة الوحيدة كي يحقق الإنسان إنسانيته هي في التمتع بكل الملذات الجسدية والحسية لأنها الشيء الوحيد الذي يستطيع الإنسان لمسه وإدراكه.


    الإنسانية ترحب بالقومية والوطنية والمحلية، ولكنها تأبى العنصرية لأنها امتهان صارخ لبقية العوامل المشكلة للنسيج الإنساني الشامل، والأدب العنصري ليس سوى جسماً غريباً في نسيج الأدب الإنساني سرعان ما يلفظه ويأباه.


    الجذور الفكرية والعقائدية:


    إن الحركة الفكرية التي نشأت في عصر النهضة(*) الأوروبية هي الأساس في ظهور الإنسانية. وكان الوقود الذي أشعل هذه الحركة يحتوي على الفكر اليوناني الوثني(*) المعارض للفكر الديني، والآداب اليونانية واللاتينية ومن هنا كان شعار الإنسانية كلمة الفيلسوف اليوناني القديم "إن الإنسان مقياس للأشياء جميعها" فضلاً عن انغماس الإنسان بالمادة في بدايته، وحب اكتناز المال والثروات، والاستمتاع بالحياة الزائلة.


    أماكن الانتشار:
    انتشرت الإنسانية في أوروبا ثم عمت الغرب والشرق ومعظم سلبيات المدنية الغربية الحاضرة تعتبر ثمرة من ثمارها.


    ويتضح مما سبق:
    أن النزعة الإنسانية هي مذهب(*) فلسفي أدبي مادي لا ديني، يؤكد فردية الإنسان ضد الدين(*) ويغلب وجهة النظر المادية(*) الدنيوية وهو من أسس فلسفة(*) كونت الوضعية وفلسفة بتنام النفعية وكتابات برتراند راسل الإلحادية(*)، وهذا يعني فشل هذا المذهب على الصعيد العقدي، أما فشله على الصعيد العملي الواقعي المؤثر بصورة ملموسة في أسلوب سلوك الفرد، فدليله أنه منَّى الإنسان بأمان كاذبة لم تتحقق على الإطلاق، ونسي أن طريق الخلاص لا يمكن أن يتم إلا من خلال خاتم الأديان . وهذا أمر ينبغي أن يتنبه له المسلم وهو يتعامل مع نتاج هذا المذهب حيث أن الإسلام قد كرم الإنسان، وتعاليمه كلها إنسانية(ولقد كرمنا بني آدم..) ؛ لكن بعض الناس يختار الكفر فيسلبه الله هذا التكريم ( أولئك هم شر البرية ) .


    ------------------------------------------------------------
    مراجع للتوسع:
    - شيلر: من نوابغ الفكر الغربي، د. عثمان أمين.
    - مجلة عالم الفكر، المجلد الثاني العدد الثالث 1974م. مقال بعنوان الهيومانزم.
    - الموسوعة الفلسفية المختصرة، ترجمة فؤاد كامل ورفاقه، دار القلم – بيروت.
    - Studies in Humanism by F.C.S. Schiller, Macmillan, London, 2nd ed. 1912.
    - Humanism: Phillosophical Essays by F.C.S. Schiller, Macmillan. London 1912.
    - Essay Concerning Human Understanding by J. Locke ed. r. Wilburn. London 1947.
    - History of Philosophy by F.C. Copleston Burns, London 1947.
    - History of Modern Philosophy by H. Hoffding, London 1956.

  2. #2

    رد: النزعة الإنسانية على حقيقتها..


    لايمكن وضع الإنسان فوق كل شيء..وبلا ضوابط... وغلا طغا وعربد وأفسد:

    كيف نشأت النزعة الإنسانية في الفكر الأوروبي؟


    العودة إلى التراث الأغريقي والروماني ساهمت في ذلك
    الثلاثاء - 3 شهر ربيع الأول 1437 هـ - 15 ديسمبر 2015 مـ





    A
    A


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    غلاف الكتاب

    باريس: هاشم صالح
    منذ البداية يمكن القول إن النزعة الإنسانية هي تلك الفلسفة التي تضع الإنسان والقيم الإنسانية فوق كل شيء. إنها النزعة التي تثق بالإنسان وتتفاءل بإمكانياته وإنه قادر على صنع التقدم الحضاري. وقد نشأت هذه الحركة الثقافية في إيطاليا أولا في القرن الرابع عشر. ثم انتشرت من هناك إلى بقية أنحاء أوروبا وبلغت ذروتها في القرن السادس عشر: عصر النهضة بامتياز. وهي تعتبر الإنسان أجمل الكائنات وأفضلها وأرقاها وتثق به وبمستقبله كل الثقة. عندئذ عاد المفكرون الأوروبيون إلى النصوص اليونانية - الرومانية التي كانوا قد نسوها أو أهملوها طيلة العصور الوسطى المظلمة الكارهة للفلسفة والثقافة والمفعمة «بالجهل المقدس المسيحي». لقد عادوا فيما وراء المسيحية أو ما قبلها إلى اكتشاف نصوص أفلاطون وأرسطو وهوميروس وفيرجيل وشيشرون وسواهم كثيرون. ومن أهم المفكرين والشعراء النهضويين ذوي النزعة الإنسانية نذكر بتيرارك، وبيك الميراندولي الذي كان معجبا جدا بالعرب ويعتبرهم قدوة ومثالا، هذا بالإضافة إلى مارسيل فيشان، وإيراسموس الذي لقبوه بأمير عصر النهضة.
    لقد ضاق كل هؤلاء ذرعا برجال الدين ومواعظهم وأفكارهم التقليدية المكرورة منذ مئات السنين. وشعروا بالاختناق في ذلك الجو المغلق للعصور الوسطى حيث لا توجد إلا اليقينيات القطعية والتعاليم اللاهوتية المفروضة عليك فرضا من فوق وعن طريق الإكراه والقسر. ولذلك راحوا يقفزون على كل العصور الوسطى التي تبلغ الألف سنة لكي يعودوا إلى أجواء اليونان والرومان حيث كانت الحرية متوافرة. وهكذا راحوا يترجمون كبار كتاب اليونان إلى اللغة اللاتينية أو اللغات القومية الأوروبية التي كانت في طور الانبثاق آنئذ: كالإيطالية، والفرنسية، والإنجليزية، والألمانية، إلخ.
    ينبغي العلم أنهم أثناء العصور الوسطى كانوا يتحدثون عن الآداب الإنسانية- والآداب الإلهية. وكانوا يقصدون بالأولى مجمل المعارف الدنيوية التي يدرسونها للطلاب في كليات الفنون والبلاغة. وأما الثانية فكانوا يدرسونها في كليات اللاهوت المسيحي حيث يهتمون بالدين والإنجيل وشرحه والتعليق عليه. وكانت الدراسات اللاهوتية تهيمن على الدراسات الإنسانية بشكل واضح طيلة العصور الوسطى. وذلك لأن العلوم الإلهية أشرف من العلوم الإنسانية وأجل شأنا. وكانت الفلسفة تعتبر بمثابة خادمة طيعة لعلم اللاهوت المسيحي. وكان كلام رجال الدين شبه معصوم ولا يناقش وإنما يطاع فقط. ثم ابتدأت الأمور تتغير بدءا من القرن الرابع عشر حيث ظهر بتيرارك وتجرأ على إبداء إعجابه بالكُتاب «الوثنيين» السابقين على المسيحية. يا للفضيحة! ثم تلاه آخرون كثيرون ومشوا على نفس الخط. وبرر هؤلاء أخذهم عن فلاسفة اليونان والرومان بأن كتبهم تحتوي على الحكمة والعلم والعقلانية الصائبة على الرغم من وثنيتها. وبالتالي فيجوز الأخذ عنهم دون أن نتخلى عن الإيمان. وهذا هو موقف الفيلسوف العربي الأول الكندي الذي كان قبلهم بسبعة قرون تقريبا! ألم نقل لكم إن الأنوار العربية سبقت الأنوار الأوروبية وأثرت عليها؟
    ولكن رجال الدين انزعجوا من هذا التصرف واعتبروه خروجا على المسيحية. وقالوا إن الحكمة لا توجد إلا في الكتب الدينية. وهكذا جرت معركة بين الطرفين استمرت عدة قرون حتى انتصار الحداثة.
    لقد وضع هؤلاء الفلاسفة النهضويون والإنسانيون الإنسان في مركز كل اهتمام أو تساؤل. وقالوا إن كل معرفة لا تهدف إلى الرفع من شأن الإنسان لا جدوى منها ولا لزوم لها. وراحوا يحلمون ببناء مجتمع يختلف عن مجتمع القرون الوسطى المستكين لأقوال الكهنة والمستسلم للمقادير والظروف. راحوا يحلمون بتثقيف الإنسان وتهذيبه لكي يصبح عقلانيا ذكيا معتمدا على نفسه وإمكانياته لا متواكلا ولا كسولا. وقالوا إن التوصل إلى ذلك لا يمكن أن يتم من خلال الاعتماد على الكتب الصفراء لرجال الدين المسيحيين وإنما من خلال كتب كبار شعراء وفلاسفة اليونان والرومان.
    على هذا النحو انطلقت الحركة الإنسانية قوية فاتحة. وكان من أهم ممثليها على مستوى أوروبا كلها: إيراسموس، خوان لويس فيفيس، غيوم بوديه، جاك لوفيفر ديتابل، لورنزو فالا، وآخرون كثيرون. وبفضل المطبعة الآلية التي ظهرت في ذلك الوقت راحت كتب هؤلاء المفكرين الإنسانيين تنتشر في كل الأوساط بسرعة البرق. ففي السابق كان نسخ الكتاب الواحد بخط اليد يستغرق أسابيع كثيرة أو حتى شهورا. وأما الآن فقد أصبحت طباعته وبمئات النسخ تتم بين عشية وضحاها... هنا نكتشف أهمية التكنولوجيا. فاختراع المطبعة آنذاك لا يقل خطورة وأهمية عن ظهور الإنترنت وثورة المعلوماتية حاليا.
    وكل ذلك ساهم في انتشار الأفكار الجديدة لعصر النهضة والإصلاح الديني في آن معا. ولذلك قال أحدهم: لولا غوتنبرغ لما كان لوثر! المقصود لولا المطبعة لما نجح الإصلاح الديني. فهي التي أتاحت انتشار كتب لوثر البركانية الرائعة في كل أنحاء ألمانيا كانتشار النار في الهشيم. وهكذا فجر البابوية تفجيرا وأحدث زلزالا في القارة الأوروبية كلها.
    ولحسن حظ هؤلاء الفلاسفة الجسورين فإن الأمراء الإيطاليين راحوا يدعمونهم معنويا ويغدقون عليهم ماديا. بل وحموهم من ضغط الكنيسة والعامة والمتعصبين دينيا. هذا ما فعله أمراء مدينة فلورنسا التي أنجبت أشهر الرسامين والفنانين والعلماء والفلاسفة.
    فبفضل مساعدتهم راح المفكر مارسيل فيشان يترجم مؤلفات أفلاطون وتلامذته. وقد تشكلت أول أكاديمية علمية في مدينة فلورنسا. وكان من حسن حظها أن هاجر إليها كبار علماء بيزنطة بعد سقوط القسطنطينية على يد محمد الفاتح.
    ولكن هذه الأكاديمية تعصبت لفكر أفلاطون إلى حد أنها منعت تدريس فكر أرسطو الذي دخل إلى إيطاليا عن طريق العرب: أي عن طريق فلسفة ابن سينا وابن رشد بشكل خاص.
    ومعلوم أن فلسفة أفلاطون مثالية خيالية، في حين أن فلسفة تلميذه أرسطو واقعية مادية. ويمكن القول بأن كل تاريخ الفكر البشري منذ ذلك الوقت وحتى اليوم مقسوم إلى قسمين: قسم مثالي وقسم واقعي، قسم يتبع أفلاطون وقسم يتبع أرسطو. فبعض فلاسفة الإسلام مثلا يقعون في جهة أفلاطون، ولكن ابن رشد يقع في جهة أرسطو، وهلم جرا.
    وبعدئذ انتشرت الفلسفة ذات النزعة الإنسانية في ألمانيا وهولندا قادمة من إيطاليا ثم دخلت إلى فرنسا. وعندما عارض رجال الدين دخول الفكر العربي الفلسفي بحجة أنه آت من جهة أعداء المسيحية و«الكفار» قال لهم فلاسفة النهضة: هذا الفكر يشكل جزءًا لا يتجزأ من ميراث البشرية والإنسانية. ونحن بحاجة إليه وسوف نأخذ به ونستفيد منه أيا تكن الجهة التي جاء منها.
    ثم ظهر تيار جديد لدى العلماء من رجال الدين وهو ما يمكن أن ندعوه بالنزعة الإنسانية المتدينة: أي تلك التي توفق بين الكتابات المقدسة من جهة، وكتابات أدباء اليونان والرومان وفلاسفتهم من جهة أخرى. ويمكن اعتبار المفكر الهولندي إيراسموس أكبر مثال على هذا النوع. وكذلك المفكر الإنجليزي توماس مور. وبالتالي فالنزعة الإنسانية ليست كلها إلحادية. بل إن التيار المؤمن كان هو الغالب عليها في ذلك الزمان. الإلحاد لم ينتصر إلا لاحقا في القرنين التاسع عشر والعشرين.
    ولكن حروب المذاهب داخل المسيحية بين الكاثوليكيين والبروتستانتيين وكل المجازر التي رافقتها وضعت حدا للنزعة الإنسانية المتفائلة جدا بنوايا الإنسان وإمكانياته. فقد كشف الإنسان عن وجهه القبيح أثناء تلك الحروب المذهبية المدمرة وبدا أنه قادر على ارتكاب أبشع الأعمال والمجازر. وهذه هي حالة العالم العربي اليوم. وبالتالي فما عاشوه هم سابقا نعيشه نحن حاليا. وهنا يكمن التفاوت التاريخي بين المجتمعات الأوروبية المستنيرة - والمجتمعات الإسلامية التي لم تستنر بعد إلا في شرائح ضيقة.
    ثم طرأ تحول على مفهوم النزعة الإنسانية وأصبح أكثر واقعية إن لم يكن أكثر تشاؤما. وهذا ما يتجلى في كتابات الفيلسوف الفرنسي مونتيني (1533 - 1592) الذي صور الإنسان كما هو عليه لا كما نحلم أن يكون. فالإنسان المثالي الذي يترفع على الصغائر ولا يفعل إلا الخير لم يعد له وجود لديه. وإنما بدا الإنسان على حقيقته بخيره وشره، بعجره وبجره. فبقدر ما هو قادر على صنع المعجزات وتحقيق التقدم، بقدر ما هو قادر على ارتكاب أكبر المجازر والحماقات في حق أخيه الإنسان إذا ما اختلف عنه في العقيدة أو المذهب.
    وعندئذ ابتدأت تظهر نزعة إنسانية معادية للدين كرد فعل على حروب المذاهب والطوائف المسيحية وما رافقها من فظائع ومجازر. وقال بعض المفكرين: إذا كان اللاهوت المسيحي يسمح بارتكاب كل هذه المجازر الدموية بين أبناء الدين الواحد فلا حاجة لنا به! ولكن البعض الآخر ركز فقط على مسؤولية رجال الدين المتعصبين وليس على الدين ذاته. وقالوا بأن الأصوليين التكفيريين فهموا الدين بشكل خطأ وحرفوه عن مساره الصحيح. ومعلوم أن الكاثوليكيين البابويين كانوا هم الأغلبية ولذا كانوا يكفرون البروتستانتيين وبقية المذاهب المسيحية ويستبيحون دماءهم تماما كما يفعل «داعش» الآن. ثم واصلت الحركة الفلسفية الإنسانية مسيرتها إلى الأمام في القرون التالية وولدت الفلسفة الكانطية في القرن الثامن عشر. وهي أكبر فلسفة نقدية تكشف عن إمكانيات العقل البشري ومحدوديته في آن معا. وقد أكدت الفلسفة الكانطية عندئذ على كونية الجنس البشري ووحدته وقالت بأن الإنسان قادر على صنع التقدم: أي الخروج من مرحلة الأصولية والتخلف إلى مرحلة الحضارة والاستنارة وتحسين الأوضاع المعيشية على هذه الأرض. ثم استمرت الحركة الإنسانية بعدئذ حتى ولدت الإعلان الشهير لحقوق الإنسان والمواطن بعد الثورة الفرنسية.
    https://aawsat.com/home/article/5198...A8%D9%8A%D8%9F


  3. #3

    رد: النزعة الإنسانية على حقيقتها..

    ارتبط الانحراف السلوكي مع حمى التنصير والتخلص من سطوة الثقافة العربية المنتصرة والطباعة:
    في ما يأتي تبويب زمني مختصر لتاريخ الطباعة العربية في القرن التاسع عشر، ابتداءً من انتشار الطباعة في الغرب، ثم تسربها إلى الشرق، بمشاركة عربية وفارسية وتركية.

    لم تقتصر الطباعة العربية على بلاد العرب، وهذا ما يؤكده محمد سعيد الملاح في سرد موجز وشامل لتاريخ الطباعة باللغة العربية في العالم في مقالة له، تناول فيها الطباعة العربية في أوروبا، ودخول المطابع المصنوعة في البلاد العربية وروسيا عالم الطباعة، وغيرها من المحاور، متسائلًا: "لماذا نشأت الطباعة العربية في أوروبا؟"، ومجيبًا أنه سؤال يجيب عنه الدكتور قاسم السامرائي بقوله إن الطباعة العربية في أوروبا مرتبطة بصناعة الورق أولًا، وحمّى التنصير ثانيًا، والهيمنة الاستعمارية ثالثًا، وتطور الاستشراق ووصله إلى نظام مبني وفق قواعد منظمة رابعًا. فلو لم يصنع الورق في أوروبا لما كان هناك من طباعة، ولو لم يكن الاستعمار الأوروبي لما كان هناك مجال للتنصير المنظم، ولو لم يكن الاستشراق والتنصير لما كانت هناك طباعة عربية في أوروبا. وقد طبعت المطابع الأوروبية زهاء 167 كتابًا عربيًا قبل أن يظهر أول كتاب عربي مطبوع في المشرق.

    بدايات غربية

    تأريخ الطباعة العربية بالغرب يعود إلى عام 1486، حين طبع الراهب الدومينيكي مارتن روث كتاب "الرحلة والحج في ما وراء البحار إلى قبر السيد المسيح بمدينة القدس المقدّسة" لمؤلفه برنارد دي برايندباخ عند الطباع الهولندي إرهارد رويفيتش في ألمانيا. وفي عام 1492، أحضر إسحق غرسون، أحد علماء المهاجرون اليهود، إلى الآستانة مطبعة تطبع الكتب بالعبرية والإسبانية واللاتينية واليونانية، طبعت التوراة في 1494 وقواعد العبرية في 1495، وأنتجت أكثر من مئة كتاب في مختلف العلوم والفنون، لكن بقي استعمالها مقصورًا على اليهود، حتى حرّم السلطان بايزيد الثاني فن الطباعة على غير اليهود. وفي 1505طبعت مطبعة إسبانية في غرناطة للراهب بيدرو دي ألكالا على قوالب خشبية كتابي "طريقة تعلّم اللغة العربية بسرعة" و"قائمة عربية بالحروف القشتالية". وفي 1514، أكد باحثون أن أول مطبعة عربية تطبع بالأحرف العربية ظهرت في فانو بإيطاليا بأمر البابا يوليوس الثاني، دشنها البابا ليون العاشر، وسميت "مطبعة الفاتيكان"، وأول كتاب عربي طبع فيها كتاب ديني ثم سفر الزبور في 1516. ثم طبع القرآن الكريم في مطبعة باغانيني المشهورة بالبندقية، لكن أحرقت النسخ كلها. وفي1516 طبعت مطبعة بيتروس باولوس في جنوا الإيطالية كتاب "المزامير" بأربع لغات: العربية والعبرية واليونانية والكلدانية. وفي 1524، بدأت الطباعة العربية في انجلترا عندما طبع فينكين دي وُردِه في لندن كتاب روبرت وِيْكفيلد "الأطروحة اللاتينية في موضوع اللغات العربية والآرامية والعبرية". وفي 1538، بدأت فرنسا الطابعة العربية بكتاب "القواعد العربية"، وفي 1551، طبعت التوراة في الآستانة باللغة العربية. وفي 1566، طبعت مطبعة الكلية الجزويتية بروما طبعت كتاب "اعتقاد الأمانة الأردتكسية كنيسة روما" بالعربية. وفي 1573، طبعت مطبعة إشبيلية "تهافت النحلة المحمدية" لسكاليخر. وفي 1575، طبعت مطبعة ميديتشي في روما الكتب باللغة العربية لتعليم المنصِّرين اللغة العربية.

    في 1582، بدأت الطباعة العربية في ألمانيا بكتاب "في الألفباء العربية" لمؤلفه يعقوب كريستمان، أول أستاذ للغة العربية في جامعة هايدلبرغ، كما طبع كتاب عربي آخر في هايدلبرغ في 1583، هو الترجمة العربية لرسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية. وفي1585 ، طبع الطباع البندقي بازا كتاب "البستان في عجائب الأرض والبلدان"، وهو الأول من نوعه باللغة العربية الذي يخلو من الدعاية الدينية. وفي 1585، بدأت الطباعة العربية في بلجيكا وهولندا. وفي العام نفسه، أنشئت مطبعة دير مارقزحيا في لبنان، غير أن بعض المصادر يرد ذلك إلى عام 1610.

    مشاركة عربية

    في1611، أسس بطرس كرستن مطبعة عربية في ألمانيا، تولت طباعة مجموعة من الكتب العربية، منها "النحو العربي" في ثلاثة أجزاء. وفي 1613، طبعت مطبعة ليدن بهولندا "قواعد اللغة العربية" للمستشرق توماس أربينيوس، ونشر المارونيان نصر الله شلق العاقوري وجبرائيل الصهيوني كتاب "التعليم المسيحي"، وطبعت المطبعة الملكية في باريس كتاب "في صناعة النحو"، وكتاب "الفلاسفة العرب". وفي 1619، نشر جبرائيل الصهيوني ويوحنا الحصروني "مختصر نزهة المشتاق" للإدريسي في باريس. في 1636، أنشئت أول مطبعة في إيران في منطقة جلفا بأصفهان، وبعد عامين، أمر الكاردينال ريشيليو بطباعة كتاب "قواعد اللغة العربية" لتوماس أربينيوس. وفي 1650، أسست في لندن مطبعة عربية، وطبعت كتاب "تاريخ الدولة الخوارزمية".

    في 1660، نشرت مطبعة أكسفورد "في صحة العقيدة المسيحية"، وفي 1663، حقق إدوارد بوكوك كتاب "تاريخ مختصر الدول" لابن العبري، ونشره بعنوان "ألمع من أخبار العرب".

    وشهد 1702إنشاء مطبعة الدباس بحلب. وفي 1716، أفتى شيخ الإسلام في اسطنبول بجواز استخدام المطبعة، بعد 222 سنة على إدخال اليهود مطبعتهم إلى الآستانة، فقام سعيد أفندي بن محمد أفندي، السفير التركي في فرنسا، بالتعاون مع ابراهيم أفندي بإنشاء أول مطبعة تطبع بحروف عربية في اسطنبول. وأنشئت في 1720 مطبعة الشوير بلبنان. وبدأ في عام 1723 ظهور مطابع اللغة العربية في تركيا. وفي 1726، انشأ سعيد شلبي وإبراهيم متفرقة مطبعة بإسطنبول بموافقة السلطان. لكن جرجي زيدان يقول إن الطباعة في هذه المطبعة بدأت في 1728. وفي 1727، سمح لمطبعة ابراهيم الهنغاري بإسطنبول بطباعة القرآن الكريم.

    وفي 1733، أنشأ عبد الله زاخر مطبعة عربية في لبنان بدير مار يوحنا الصائغ بالخنشارة، طبعت 800 نسخة من كتاب "ميزان الزمان" في 1834. وفي عام 1751، انشأ الشيخ يونس نقولا جبيلي المشهور بأبي عسكر مطبعة القديس جاورجيوس للروم الارثوذكس في بيروت، استخدمت شكلين جديدين للحروف أقرب إلى لخط النسخي، أبدعهما عبد الله الزاخر.

    وفي 1798، أتى نابليون إلى مصر ومعه مطبعة ومترجمون لطبع المنشورات والأوامر باللغة العربية، وكان هناك مطبعة فرنسية أخرى في مصر يديرها مارك أورل.

    في القرن التاسع عشر

    تناول الملاح الطباعة العربية في القرن التاسع عشر، ابتداءً بعام 1800 مع مطبعة قازان التي أصبحت مركزًا للطباعة الإسلامية في روسيا، وعام 1814 مع مطبعة لايدن التي طبعت القرآن الكريم ومعجم مفهرس للقرآن الكريم. وفي 1816، أتى المطران بطرس جروة بمطبعة من لندن إلى دير الشرفة بلبنان، ومن مطبوعاتها العربية كتاب "مجمع الشرفة المعقود".

    في 1819 أو 1821، أنشئت مطبعة بولاق أو "المطبعة الأهلية" وتمثل هذه المطبعة الباب الواسع الذي دخل منه العرب إلى النهضة الحديثة. وبعد 1820، نهضت الطباعة العربية في مصر والهند وروسيا، مع إنشاء مطبعة دار السلام الحجرية في الكاظمية (1821)، وكباعة مطبعة بولاق قاموس إيطالي عربي (1822)، و"الشافية" لابن الحاجب و"التصريف العزي" لشيخ الأزهر حسن محمد العطار (1824). وفي 1828، أصدر والي مصر محمد علي باشا جريدة "الوقائع المصرية" بالعربية والتركية. وفي 1830، قامت أول مطبعة في أصفهان وطبعت الرسالة الحسينية، كما قامت مطبعة عبرية في فلسطين قبل إنشاء المطابع العربية، وأول مطبعة حجرية في العراق. في 1834، أحضرت الإرسالية الأميركية مطبعتها العربية من مالطا إلى بيروت.

    في 1846، ظهرت مطبعة بالقدس تطبع بالأحرف العربية، وبعد عام تم إنشاء مطبعة حجرية بالجزائر طبعت جريدة "المبشر"، وفي 1848 أسست المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيون، وكانت تطبع على الحجر ثم صارت تطبع على الحروف في 1854.

    في 1850، دخلت الطباعة الآلية إلى الجزائر. وفي 1853، أنشأ الشاعر اللبناني حنا بك الأسعد مطبعة حجرية في قصر بيت الدين. وبعد عام، كانت المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعين أول مطبعة تخرج عن الصبغة المسيحية وتنشر كتب النحو والأدب.

    في 1854، أنشئت أول مطبعة عربية في دمشق. وفي 1856، أسست المطبعة المارونية في محلة الصليبة بحلب، وفي 1857، أنشأ خليل أفندي الخوري "المطبعة السورية" في بيروت.

    في 1858، تم تأسيس مطبعة الدومينيكان الحجرية في الموصل، وفي 1859، أنشأ رومانوس يمين مطبعة "إهدن".

    في 1860، بدأ العمل بالمطبعة الرسمية التونسية، كما أنشأ الأنبا كيرلس الرابع بطريرك الأقباط المطبعة "الأهلية القبطية". وتوالى إنشاء المطابع في العراق وسورية ولبنان ومصر، واهمها في 1864 كان مطبعة ولاية دمشق التي نشرت جريدتها الرسمية السورية، وأول مطبعة عربية في القدس، وبداية الطباعة في المغرب، والمطبعة اللبنانية في 1869وطبعة الجوائب في الآستانة في 1870، أنشأها احمد فارس الشدياق، ومطبعة ابراهيم المويلحي بالقاهرة، ومطبعة الولاية بحلب في 1880، و"المطبعة الحُمَيْدِيَّة" في بغداد في 1881، وأول مطبعة في الحجاز في 1882، ثم المطبعة الميرية، وهي الأولى في مكة المكرمة، في 1883، والمطبعة الثعالبية في الجزائر في الجزائر في 1885، واول مطبعة في البصرة في 1888، والمطبعة الأدبية المصرية بالقاهرة في 1899.
    http://elaph.com/Web/News/2016/2/107...entry=BackPage

المواضيع المتشابهه

  1. حاولت كثيراً أن أفهم داعش على حقيقتها فلم أفلح ..
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-28-2014, 09:10 AM
  2. صور من المعركه الحقيقيه التي يزيفون حقيقتها
    بواسطة الحمداني في المنتدى فرسان الأخبار.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-02-2014, 10:44 AM
  3. النزعة الحكائية في شعر فواز عيد
    بواسطة د.يوسف حطيني في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-12-2013, 06:58 PM
  4. ما هي النزعت، الصفت، المرسلت، العصفت، الذريت؟
    بواسطة د نبيل أكبر في المنتدى فرسان التفاسير
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-07-2012, 12:54 PM
  5. شيوع النزعة تحت الوطنية
    بواسطة عبدالغفور الخطيب في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-06-2011, 04:27 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •