رووداو - أربيل
خطف معرض للفنان السوري عبدالله العمري أنظار وسائل الإعلام في ألمانيا ومختلف دول العالم، الذي عرض فيه رؤيته الفنية المبتكرة للرؤساء وكبار الساسة، بتصويرهم على هيئة لاجئين أو مشردين، محاولاً إظهار أهمية الأفراد العاديين من الشعوب، الذين باتوا مجرد أرقام في إحصائيات عدد اللاجئين أو القتلى جراء الحروب.
وتظهر اللوحات الرئيس الأميركي الثري دونالد ترامب كلاجئ ذي هيئة رثة، يحمل طفلته وأغراضه على ظهره وصورة لعائلته، إلى جانب كيس أسود، في مشهد يذكر باللاجئين الذين كانوا يقصدون ممر البلقان الذي يوصلهم إلى شمالي أوروبا.
وتتضمن لوحات معرض "الهشاشة" الزيتية أيضاً شخصيات كالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيسين السابقين الأميركي باراك أوباما والفرنسي فرانسوا هولاند، ورئيس الوزراء ديفيد كاميرون، وهم يظهرون كأشخاص فقراء أو مشردين في حاجة أو سكارى، فيما يبدو الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي فلاحاً بسيطاً في الزي الشعبي، يحمل عصا إلى جانب بقرته.
ويصطف قادة كأوباما وزعيم كوريا الشمالية كيم جون أون ورئيس النظام السوري بشار الأسد، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس المصري السيسي، والرئيس الإيراني حسن روحاني، وزعيم حزب الله حسن نصر الله في طابور، مترقبين توزيع الطعام وهم يحملون صحوناً، في إحدى لوحاته، الشبيهة بصورة لتوزيع الطعام على اللاجئين في مخيم.
ويمكن رؤية المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وأوباما وبوتين والأسد وهيلاري كلينتون وترامب ووزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، كجزء من حشد يتزاحم للحصول على الأكل في لوحة أخرى، تشبه الصورة الشهيرة الملتقطة لسكان مخيم اليرموك في دمشق.
ويقول "العمري" (31 عاماً) للقناة الألمانية الثانية، إنه يرغب من خلال لوحاته هذه في التمكن من تصور كيف ستبدو "كبار الشخصيات" إن كانوا مكاننا، كيف سيبدون لو كانوا في موضع الفقراء، واللاجئين والمهجرين.
ويوضح لموقع "بينتو" الألماني، أنه لا يريد أن يسلبهم من سلطتهم، كي يشعر على نحو أفضل، بل أن الأمر متعلق برغبته في جعلهم بشراً مرة أخرى، كناية عن تجريدهم من الهالة المرسومة حولهم، في كونهم غير عاديين.
أما ما دفعه لذلك، يقول لشبكة "AJ" الإنكليزية، إنها كانت بمثابة ردة فعل شخصية على قصته كشخص مهجر، وعندما تنامى الغضب داخله أراد أن ينتقم بشكل لطيف عبر الفن.
ويقول إنه عبر لوحاته يمنح المتفرج الفرصة للتعرف على القوة الحقيقية للهشاشة. ويوضح أنه خلف "واجهة السلطة لا يتبقى لدى الديكتاتوريين شيء".
وتظهر إحدى لوحات معرضه رئيس النظام السوري بشار الأسد وهو جالس في قارب للاجئين، في تذكير بآلام ملايين اللاجئين الذين فرَّوا منه، وفق موقع "بينتو".
ويقول الفنان السوري، الذي يبدي عدم رضاه عن التغطية الإعلامية عن اللاجئين، إنه يتم التحدث في سياق الحديث عن اللاجئين عن الكم والأرقام، ويتم التجاهل تماماً أن هؤلاء اللاجئين أشخاص وأفراد، وبشر لديهم قصصهم.
والعمري، الذي رسم نفسه في واحدة من لوحاته، من سكان العاصمة السورية دمشق، وكان قد درس الأدب في جامعتها.
وترك الشاب السوري بلاده، في شهر سبتمبر/أيلول من العام 2012، كي لا يلتحق بجيش النظام "بعد أن أصبح كل شيء فوضوياً"، متجهاً نحو أوروبا، ويعيش حالياً في بلجيكا.
ويقول العمري إنه بالطبع كان يشعر في البداية بالغضب، عندما يفكر بسياسي كبشار الأسد، ثم لاحظ بعدها أنه من الأفضل قلب هذا الغضب إلى قوة، والتي من خلالها يجرد القوي من قدرته.
وعُرضت أعماله في بريطانيا ولبنان وفي العاصمة الألمانية برلين. وتُعرض لوحات "الهشاشة" في معرض أيام في دبي، إلا أن اللوحات لا تضم شخصية حاكم الإمارة.
ويدعو العمري الفنانين والعاملين في مجالات أخرى إلى المزيد من الانخراط في الوضع السياسي الاجتماعي، وأن ذلك ما يدفعه للعمل في هذا المشروع.