من حكايات التراث الشعبي الفلسطيني
الطيّب له الطيّبات
على لسان الآباء والأجداد
جمع وبحث وكتابة : أ . تحسين يحيى أبو عاصي
غزة – فلسطين
Tahsseenn2010@hotmail.com
-----------------------------
مرض ملك مرضا شديدا ، وعجز جميع الأطباء عن علاجه ، وازدادت صحته سوءا على سوء .
علم بمرضه جميع سكان المملكة ، وانتشر أمره بين الناس ، فلا علاج له ، وهو لا محالة سيموت بمرضه بعد أيام .
وعلى أطراف مدينة الملك ، كان فقير يعمل بستانيا عند أحد الأثرياء ، وأثناء عمله وقعت عينه على ثمرة تفاح فوق شجرة خالية من ثمار التفاح باستثناء تلك الثمرة .
قال في نفسه : هذه الحبة سوف تكون بإذن الله علاجا للملك من مرضه ، قطفها ثم ذهب بها إلى الملك ، وعندما وصل القصر منعه الحرس من الدخول ، فهو رجل فقير معدم ذو ثياب رثَّة بالية ، ولا يستحق مقابلة الملك .
أصرّ الرجل على الدخول ، وشرح لرجال حراسة القصر ، أنه يملك له علاجا شافيا .
قال له الحرس : أيها الصعلوك : إن كان علاجك هذا لا يشف الملك من مرضه فسوف نقطع رأسك ، فقد أحضرنا له كل أطباء الدنيا وعجزوا عن علاجه !!! .
وافق الفقير على ذلك ودخل إلى الملك قائلا له : يا ملك الزمان : إنك سوف تشفى من مرضك بإذن الله ؛ إن أكلت هذه التفاحة ، متوكلا على الله ، واثقا بأن الله سوف يشفيك عن طريقها .
وافق الملك فأكل التفاحة ونفسه مطمئنة واثقة ، وبدأت صحته تتحسّن تدريجيا حتى شفي تماما من جميع أمراضه ؛ فطلب الملك من حاشيته أن يُحضروا له الفقير .
وقف الفقير بين يدي الملك وقال لحاشيته : أعطوه كل شيء يتمناه من مال ومن ملك ، حتى لو طلب منكم قصري هذا ، أو طلب وزارة من وزاراتي .
توجهت حاشية الملك إلى ذلك الرجل الفقير ؛ لتعطيه ما يطلب ويتمنى ، وعرضوا عليه قصرا فاخرا ، ولكن الفقير رفض ، ثم عرضوا عليه بساتينا وأموالا ، ولكنه رفض أيضا ، حتى عرضوا عليه كل شيء ، والفقير يرفض كل عرض ، فقال رجال حاشية الملك : لم يبق للملك مال ولا مُلك إلا عرضناه عليك .
قال الفقير لرجال حاشية الملك : هل بقي من مُلك الملك شيئا لم أره بعد ؟
قالوا نعم : بقي قصر للملك في وسط البحر وهو بعيد عنا ؛ لذلك لم نعرضه عليك .
قال أريد أن أدخله وأرى ما به .
دخل الجميع القصر الواقع في عرض البحر ؛ وأخذ الفقير يتفقد القصر شبرا بشبر ، فوقعت عينه على زجاجة عطر، من العطر الملكي الثمين ، قال : أريد هذه الزجاجة ولا شيء غيرها .
تعجّب الجميع من صنعه ، كيف يترك القصور والبساتين والأموال والخيرات ويرضى بتلك الزجاجة ، التي لا تساوي شيئا أمام ذلك العز والمال والمُلك والثراء ؟ .علم الملك بطلب الفقير ووافق عليه ، ثم أمر حاشيته أن تراقب الفقير .
ذهب الفقير ومن معه من رجالات الملك إلى الشجرة التي كانت تحضن في أعلاها تلك الثمرة من ثمار التفاح والتي كانت علاجا للملك ، وفتح زجاجة العطر، ثم سكبها عند جذع الشجرة وعلى أغصانها وأوراقها .
علم الملك بما فعل الرجل الفقير، وطلب بأن يمثل بين يديه من جديد ، وعندما وقف بين يديه سأله قائلا : لماذا فعلت ذلك ؟
قال الفقير للملك: يا جلالة الملك المعظم : إنما جزاء الطيب أن نقدم له طيبا مثله ، وما جزاء الإحسان إلا الإحسان ، ولولا هذه الشجرة لما شفاك الله من مرضك .
زيارتكم لمدونتي وتعليقاتكم عليها شرف كبير لي
www.tahsseen.jeeran.com مدونتي : واحة الكتاب والأدباء المغمورين
tahsseen.maktoobblog.com قلب يحترق في واحة خضراء