وهل هي عملية تجميع أوراق الاتهام؟
لا يختلف أثنان على أن الادارات الاميركية تُحمْل وزر أخطائها إلى حلفائها أو لبعض الرموز.
وإدارة الرئيس أوباما, تسير كما يبدوا على هذا المنوال بعد أن ارتكبت الكثير من الأخطاء. وهي كما يبدوا أعطت الاشارة لبعض وسائط الاعلام, لكشف الغطاء وفضح المستور عن بعض الادوار , وكأنها جزء من عملية تجميع أوراق الإدانة والتجريم والاتهام بحق من قررت أن تبرر صرفهم من خدمتها أو سوقهم إلى القضاء, أو تصفيتهم بحادث مريب أو بانقلاب. ويصب في مصلحة هذا الكلام ما نشرته بعض وسائط الاعلام, ومنها على سبيل المثال:
·فصحيفة يني تشاغ, وجهت اتهام لحكومة حزب العدالة والتنمية جاء فيه: تركيا وبدلاً من أن تكون الجسر الذي يصل الغرب بالشرق, ودولة صاحبة كلمة مسموعة في الشرق الأوسط, أصبحت الآن دولة على وشك أن تفقد كل المزايا الاستراتيجية , فهي لم تعد بعيدة من الشرق بل أن الغرب بات بعيداً عنها. و ذلك بسبب كل سياستها الخارجية المتخبطة وغير المتزنة. وصفقة الصواريخ الاستراتيجية التي أبرمتها مؤخراً مع الصين إشارة أن تركيا أضاعت طريقها في السياسة الخارجية.
·وصحيفة جمهورييت التركية, سخرت من وضع أردوغان وحكومته بمقال جاء فيه: أردوغان شكل بنية سلطوية مكروهة من المعارضين بشكل لا مثيل له في تاريخ تركيا. وحكومته ستنهار عندما يخرج الشعب التركي إلى الشوارع, ولا سيما إلى ميدان تقسيم الأمر الذي يخيف رجب طيب أردوغان.
·وصحيفةDaily Radical, نشرت خبراً جاء فيه: أكد خورشيد كوناش النائب عن حزب الشعب الجمهوري ضرورة محاكمة حكومة حزب العدالة والنمية في قضية تأمين مواد كيميائية للمجموعات الإرهابية المتطرفة في سوريا. وبين وجود عناصر أتراك وسوريين تابعين لتنظيم إرهابي بين المتهمين.
·وصحيفة سوزجو, وجهت عدة اتهامات لأردوغان ولحزبه, ومن هذه الاتهامات:
1.مصطفى كمال أتاتورك حقق منجزات كبيرة من عام 1923م وحتى وفاته في عام 1938م. بينما حكومة السيد أردوغان قضت على أمانته المادية والمعنوية وجميع ما انجزه خلال 11عام. إذ باعت تراث أتاتورك بثمن رخيص, وباعت جميع منجزات الجمهورية التركية من منشآت اقتصادية ومعامل وجزءً من الخطوط الجوية التركية بسعر رخيص لتحقيق أرباحاً من ورائها.
2.استقالة جنرالين و710 ضابط من الجيش التركي خلال شهرين فقط. وبهذه الاستقالة الأخيرة التي قدمها جنرالان, أرتفع النقص في عدد جنرالات الجيش التركي من 13 جنرالاً إلى 15 جنرال.
3.تركيا رابع دولة على مستوى العالم من حيث حجم الديون الخارجية, ودخلت ضمن قائمة الخمسة دول الأكثر ديناً خارجياً في العالم, والتي تجاوزت مع بداية الربع الثاني من هذا العام 7,336 مليار دولار. مع أن حكومة أردوغان كانت تتفاخر وتتباهى بأنها صفرت الديون الخارجية.
·وصحيفةPueblos en Resistencia, وجهت اتهاماً لدول جاء فيه: تشكل السعودية وتركيا وقطر مثلث الموت الذي يقوم بتنسيق تام مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في سوريا, ويمكن أن نعتبر الولايات المتحدة الامريكية أيضاً جانباً من جوانب هذا المثلث, كما أن الشخصية الرئيسية التي لعبت دوراً رائداً في تشكيل هذا المثلث إلى حد بعيد هو رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جبر آل ثاني.
·وصحيفة التلغراف, نشرت خبراً جاء فيه: عناصر القاعدة يدخلون سوريا بعد إقامتهم بمنازل آمنة جنوب تركيا.
·وكالة أسوشييتد برس, عممت خبر جاء فيه: قال السيناتور جون ماكين للسفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد: استمرارك بالقول إن ما يحصل في سوريا حرب أهلية تحريف كبير للحقائق.
·وصحيفة يني مسج, نشرت خبراً جاء فيه: تركيا في فوهة المدفع, فجميع الأخبار الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط تشير إلى أن كل التطورات بالأزمة السورية تسير ضد تركيا. فلقد قامت تركيا بكل شيء لإرضاء حلفائها في واشنطن وإسرائيل, وحولت سورية من دولة صديقة إلى دولة عدوة. والآن هي الطرف الخاسر في هذه المعادلة, لأنها ستدفع فاتورة اللعبة القذرة التي جرت في سوريا.
·وصحيفة ديلي مللييت Milliyet Daily, نشرت خبراً جاء فيه: الجميع بات يعلم أن السياسة الخارجية التي اتبعتها الحكومة التركية في السنوات الأخيرة مع دول الجوار لم تأت بنتائج جيدة, بل على العكس فسياسة صفر المشاكل التي أعلنتها الحكومة أتت بنتيجة وحيدة, وهي صفر الجيران, ولكن في الفترة الأخيرة بدأت تلوح في الأفق ملامح تشير إلى تحسن العلاقات مع كل من العراق وإيران.
·وصحيفة الواشنطن بوست, نشرت خبراً جاء فيه: حكومة أردوغان سلمت المخابرات الايرانية قائمة بأسماء 10 ايرانيين يعملون لصالح الموساد في بلادهم وصلوا لتركيا للاجتماع بمشغلهم الموساد . ووصفت هذه الخطوة بالخسارة الكبيرة للموساد الإسرائيلي انتقاماً من إسرائيل على عدم اعتذارها لأردوغان عن غارتها على سفينة مرمرة, وكذلك فتح صفحة جديدة مع طهران.
·تصريح الصحفي التركي، جومالي أونال، مدير مكتب صحيفة "زمان" التركية في القاهرة، وهي صحيفة تابعة لجماعة فتح الله كولن، في حوار مع صحيفة الوطن المصرية، والذي قال فيه: رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان دكتاتور يقود حزباً ديمقراطياً، و أنه صوت لحزب العدالة والتنمية لعدم وجود بديل له. وقد يكون الرئيس التركي عبد الله غول هو البديل المناسب لأردوغان في نظر الجماعة.
·تصريح المدير العام لقناة 24 التركية الصحفي، يغيت بولوت، والذي جاء فيه: ألمانيا هي من تضغط لإلغاء مشروع بناء المطار الثالث في إسطنبول، لكي لا تخسر شركة الطيران الألمانية "لوفتهانزا" المنافسة أمام الخطوط الجوية التركية، وأن بريطانيا تمارس منذ أشهر ضغوطاً على تركيا لإلغاء مشروع "قناة إسطنبول"، لأنها تعتبر فتح ممر مائي يصل بين البحر الأسود وبحر مرمرة خرقا لاتفاقية مونترو لتنظيم حرية الملاحة في مضيق البوسفور.
يرى منتقدو السيد رجب طيب أردوغان, بأنه في وضع حرج. و بات يشعر بالخطر اكثر فأكثر. فالإطاحة بحلفائه في أكثر من مكان, لم تنته فصولها بعد. فهناك منهم من يحاكم, ومنهم من يلاحقه الاعلام بأقسى التهم والاتهامات كرئيس الوزراء القطري السابق. وحتى نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية بات في حيرة من أمره فألتزم الصمت خوفاً من أن يطاله غضب إدارة أوباما. وحتى أنه راح يتنصل كل ما تغنى به من موشحات وتصريحات. ولذلك وجد السيد رجب طيب أردوغان أن مصيره سيكون كمصير صديقيه حمد وأبن عم حمد. ولا مفر أمامه من إجراء تغيير في مواقفه وسياسة حكومته, لإنقاذ نفسه على الأقل. والدليل على صحة هذا التحليل بنظرهم, تنقلات أردوغان الأخيرة بين عدة عواصم , بهدف وصل ما أنقطع ورتق ما أنفتق. وكذلك إعلانه على الملأ أنه يؤيد الحل السياسي في سوريا والذي كان يرفضه. وهذا الموقف الجديد بنظر منتقديه سببه المعطيات التالية:
·فرياح التغيير داخل حزبه باتت في غير مصلحته, وتصب في صالح عبد الله غول.
·وتشكيل تحالف دولي لمحاربة الإرهاب بات أمراً غير مستبعد, وخاصة بعد أخذ نوري المالكي زمام المبادرة في هذا الموضوع وأقنع الادارة الاميركية بضرورة البدء بتشكيله. ومثل هذا الأمر سيحمل أردوغان المسؤولية عن تنامي الإرهاب. ولهذا السبب سارع أردوغان لتوجيه أجهزة الأمن التركية لإلقاء القبض على كل متهم بالإرهاب من جنسيات الدول الأوروبية وتسليمه إلى سلطات بلاده.
·التقارب الاميركي الإيراني سيكون على حساب تركيا وسيقذف به خارج اللعبة.
·انضمام تركيا للسوق الأوروبية المشتركة بات من رابع المستحيلات. لأن المعارضة الفرنسية والألمانية لانضمام تركيا تعززت نتيجة الاتهامات لأنقرة بدعم الإرهاب.
·إصرار نتنياهو على إذلال أردوغان رغم الوساطة الأمريكية وتنازلات أردوغان.
·تدهور العلاقات التركية المصرية من سيء إلى أسوأ بسبب مواقف أردوغان.
·ازدواجية أردوغان أوهنت مواقفه. فمع أنه يتصف بعدم المرونة وأنه لا يتراجع أمام معارضيه لأنه يعلم جيداً أنه لو تراجع خطوة فسيطالبونه بخطوات أخرى، ومع ذلك يطالب غيره من الزعماء بما هو لا يؤمن به ولا من صفاته ولا يقبل فيه.
·رمادية وتضارب مواقف أردوغان من النظام في سوريا ومن فصائل المعارضة السورية.
·سياسة أردوغان هدفت إلى إعلاء الجانب الاقتصادي على الجانب الانساني.
·سياسة أردوغان اعتمدت أن يشهر لسانه بأطول من قامته و قدراته وامكانياته.
· اتهامهم لأردوغان ثنائية وازدواجية مواقفه في سوريا وأفغانستان. فهو من ارسل قواته لمحاربة القاعدة في أفغانستان وحماية قوات الناتو, بينما يدعمها في سوريا.
·تكرار أردوغان لتصرف أجداده العثمانيين الذين أرسلوا قواتهم لاحتلال الوطن العربي بدل أن يرسلوا هذه القوات لحماية ودعم المسلمين في الاندلس والذي نجم عنه ضياع الاندلس من بين أبدي المسلمين. وذلك حين بات هم أردوغان دعم الثورات في الوطن العربي وتفجير بعض الدول والمجتمعات, وادخاله بعض الدول في جروب أهلية وطائفية ومذهبية, بينما هو صامت عن ابادة المسلمين في أماكن أخرى, وحتى صامت عن إرهاب إسرائيل بحق المسجد الأقصى والفلسطينيين.
أما مؤيدو السيد أردوغان, فيعتبرون أن سياسات حكومته ناجحة وحققت تطور اقتصادي كبير. وأن سياسته الخارجية ستحقق مكاسب لتركيا والعالم الاسلامي, ومن هذه المكاسب:
1.فرض موقف تركي جديد على الساحتين الدولية والاقليمية. يحقق من خلاله توسيع مصالح ومواقفها على الصعيدين الاقليمي والدولي , وزيادة رقعة حجمها الأمني.
2.جعل تركيا ممر دولي آمن وإجباري لخطوط النفط والغاز, وميناء لتصدريهما لأوروبا.
3. إصرار أردوغان على حصول تركيا على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي عن الشعوب الاسلامية في ظل نظام دولي بدأت تترسخ معالمه من جديد.
4.إعادة الاعتبار لتركيا على أنها الممثل للطائفة السنية كما كان في عهد العثمانيين.
أما العامة من الناس فموقفهم من السيد أردوغان يتلخص بهذا الكلام: يبقى السيد رجب أردوغان مجرد إنسان يخطئ ويصيب. وسياسي يحكم على الأمور ويتعامل معها وفق مدى اتساع ثقافته وفهمه للأصول الدين الاسلامي الحنيف ومدى تفقهه فيه. وهذه الثقافة وهذا الفهم هو من يحدد الخطوات الصحيحة الواجب اتباعها في كل حدث وحادث وأمر جلل. وأن الله سبحانه وتعالى يحاسب على النوايا, ويحاسب كل من لم يبذل جهداً ممكناً لجمع الكلمة وتوحيد الصف ,ومنع الاقتتال, ووقف أي صراع مرير يريق الدماء ويزهق الأرواح.
لا ندري إن نحج أردوغان في تحقيق ما يصبوا إليه, أم أنها كانت أحلام وأماني لرجل مريض؟ وما علينا سوى الانتظار لعام 2014م لنرى هل يصمد أردوغان أم سيرحل و يلحق بحمد.
الجمعة: 6/12/2013م العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم