منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 7 من 7

العرض المتطور

  1. #1

    محاكمة ساحرات " سالم"

    محاكمة ساحرات " سالم"


    الحلقة الأولى


    ترجمة : ريم بدر الدين بزال


    كانت محاكمة ساحرات سالم سلسلة من جلسات الاستماع تلاها إعدام الأشخاص المتهمين بمزاولة السحر و الشعوذة في ولاية ماساشوستس و قد امتدت مابين فبراير 1692 و مايو 1693 و عرفت رسميا بمحاكمة ساحرات سالم.
    و قد كانت جلسات الاستماع الأولية في عام 1692 قد عقدت في عدد من القرى في أنحاء الولاية قرية سالم التي تعرف اليوم ب دنفرز و قرية ايسبويتش و اندوفر و بلدة سالم.
    و كانت المحاكمة الأشهر تلك التي عقدت في محكمة اوير و تيرمينر 1692 في بلدة سالم و التي قام احد الكتاب المعاصرين لها بتوثيقها فكتب:
    و الآن و قد تم شنق تسعة عشر شخصا و أعدم واحد حتى الموت و أدين ثمانية آخرون بما يعني أن ثمانية و عشرون شخصا أغلبهم كانوا فيما قبل أعضا ء في بعض الكنائس في انجلترا الجديدة وما يربو على نصفهم يمتلكون قدرة عالية في التعبير و المكانة الاجتماعية. لكنهم لم يتخاذلوا بينما كان حوالي الخمسين شخصا قد اعترفوا بممارستهم السحر الأسود و لم يصدر الحكم ضد أي احد منهم بالإعدام. و قد سجن ما يزيد على مائة و خمسون شخصا و اتهم مائتان آخرون ,ثم انتهت الصفقة السرية التي عقدها اوير و تيرمينر. " روبرت كالِف"

    "توفي على الأقل خمسة من المتهمين في السجن و عندما وضعت حدا لهذه المحكمة كان هناك على الأقل خمسون شخصا في السجن في معاناة و بؤس كبيرين بسبب البرد الفقر و كان الكثير منهم قد اتهم دون جريرة و بينة و قد جرى إتلاف أدلة براءتهم مما حدا بي إلى إطلاق سراح بعضهم بموجب كفالة نقدية و طلبت من القضاة إعادة النظر في وسيلة لإطلاق سراح الباقين منهم قبل أن يدركهم الموت في السجن. و بناء على هذا امتلك بعض القضاة الدليل على أن من سبقهم من القضاة استخدموا العنف ضد المتهمين دون الاستناد الى أرضية صحيحة و هذا التوقف وضع الأسس الأولى لمحاكة القضاة السابقين و تلاشي السحابة السوداء التي هددت المقاطعة بالدمار ." الحاكم وليام فيليبس /21فبراير /.1693
    ما جرى في سالم يعتبر حلقة واحدة في سلسلة طويلة من حالات الهستيريا الجماعية كما عبر عنها في الأدبيات السياسية و الأدب الشائع بأنها قصة تحذيرية عن أخطار العزلة و التعصب الديني و تلفيق الاتهامات دون أدلة حقيقية .
    هذه الحالة ليست فريدة و هي مثال على ظاهرة أمريكية كبيرة : محاكمة الساحرات في الحقبة المعاصرة" لكن بعض الباحثين يرون أنها ذات تأثيرات كبيرة على التاريخ الأميركي اللاحق له. و قد قيل مرارا و تكرارا أن محاكمة ساحرات سالم كانت الصخرة التي تحطمت عليها الحكومة الدينية في أميركا.
    مدخل :
    كانت الخوارق الطبيعية جزء من الحياة اليومية في القرن السابع عشر في أميركا الكولونيالية و ذلك لان الاعتقاد بوجود الشيطان و سيطرته على الأرض و هذا المفهوم ا ستمد أصوله من المنهج الديني في أوروبا في القرن الخامس عشر.
    و كان المزارعون يستخدمون السحر لاستدعاء وصفات سحرية خاصة تساعدهم في الزراعة . و مع مرور الوقت تحولت فكرة السحر الأبيض إلى السحر الأسود و ارتبطت في فكر العامة بالشياطين و الأرواح الشريرة.
    و منذ العام 1560 و حتى 1670 أصبح الإعدام بتهمة السحر الأسود شائعا و ارتبطت الخرافات بالشياطين

    في كتابه المعنون " ضد السادية المعاصرة" 1669 يزعم جوزيف جلانفيل أنه بإمكانه إثبات وجود الساحرات والأرواح في عالم الخوارق الطبيعية . و قد كتب جلانفيل عن إنكار البعث الجسدي و الأرواح الخارقة للطبيعة . و يقول في أطروحته أنه يتوجب على الإنسان الذكي أن يؤمن بقدرة السحرة و ظهور الأشباح و إذا اعتراه الشك في حقيقة الأرواح فهو لا ينكر فقط وجود الشياطين و أنما ينكر وجود الله عز وجل.
    و في حقيقة الأمر يريد جلانفيل أن يثبت أنه لا يمكن إنكار الخوارق و أن من ينكرها يكون مهرطقا لان إنكاره لها هو كفر لوجود الملائكة.
    و هذه الأطروحات التي قدمها العديد من الكتاب كـ جلانفيل و كوتون ماثر سوقت فكرة وجود الشياطين و هذا ما أثر بتعزيز مخاوف الأفراد من فاعلية الشياطين على الأرض .
    و قد اعتقد النساء و الرجال على حد سواء في بلدة سالم أن كل المصائب تعزى إلى تأثير الشيطان و هو الملوم الأول بوفاة الأطفال و فساد المحاصيل و الخلافات التي تحدث بين أفراد الطائفة.. الخ و بسبب تفشي الاتهامات ضد مزاولة السحر اعتبرت مظاهر متعددة من السياق التاريخي لهذه الحقبة كعوامل مؤهبة .

    التوقيع:

  2. #2
    الحلقة الثانية

    ترجمة ريم بدر الدين بزال


    السحر في انكلترا الجديدة


    فقدت أربع و عشرين امرأة حياتها في هستيريا السحر التي اجتاحت مدينة سالم..لماذا سمح مجتمع سالم لهذه المأساة بالحصول ؟ هل كان للخوف و الخرافة الدور الأكبر في هذه المأساة أم أن عوامل أخرى كانت السبب وراء هذا؟
    وقعت هذه الأحداث في عام 1692 خلال فترة اضطرابات حرجة في قرية سالم و التي تعتبر جزءا من مقاطعة ماساشوستس و التي تتبع حينذاك للحكم البريطاني. و كانت المقاطعة تنتظر قدوم الحاكم الجديد و ليس هناك جهة تطبق القانون عندما حدثت جائحة هستيريا السحر. و لدى وصل الحاكم ويليام فيبس للولاية كانت المشانق قد امتلأت بالساحرات وما زاد الأمر سوءا هو التمرد الذي قادته مجموعات من الأمريكيين و الكنديين الأصليين ضد المستوطنات الانجليزية الجديدة.


    واجهت قرية سالم الكثير من التحديات من أجل البقاء فكان على الأسر أن تقوم بتأمين احتياجاتها بنفسها كحياكة الملابس و زراعة الخضار و تربية الماشية و لم تكن أعمال الزراعة سوى جحيما متواصلا في ظل الطقس السيئ و الأرض الصخرية العسيرة على الزراعة و كان الجفاف أو الفيضان يتولى إفساد حصيلة عمل عام بأكمله.ناهيك عن أن جائحة الجدري قد تقتل عائلة كاملة و لهذت السبب لن يكون مستغربا أن يعتقد الناس في المستوطنة أن الشيطان يترصد وراء كل مصيبة و أن الأرواح الشريرة تتجول بينهم بحرية.
    و لكن كانت هناك عوامل أخرى وراء اصطياد الساحرات و هو نمط الحياة عند البيورتانيين أنفسهم و الإيمان المطلق بالشيطان و السحر و الانقسامات داخل المجتمع .
    الدين و السحر
    كانت الكنيسة هي الحجر الأساس في حياة القرن السابع عشر في انكلترا الجديدة ة كان معظم الناس في ماساشوستس من أتباع المذهب البيوريتاني و هم المستوطنين الذين نزحوا من انكلترا طلبا للتسامح الديني لكن في حقيقة الأمر كانت تعاليم البيوريتانية المتعصبة بعيدة جدا عن التسامح و كان مما يخرق القانون عدم حضور الكنيسة و كان الرجال و النساء يجلسون في طرفين متقابلين مفصولين أثناء الصلوات الطويلة. و كان نمط الحياة لديهم مستقيما و صارما بحيث كان على الناس أن يعملوا بشكل جدي و أن يكبتوا مشاعرهم و أفكارهم و كنوا يقمعون الفروقات الفردية ووصل بهم التعصب إلى درجة أن تفرض الكنيسة على النساء لباسا قاتما و كئيبا.
    و بما أنهم كانوا يعيشون وفق نظام أخلاقي صارم ساد بينهم الاعتقاد بان كل الخطايا ابتداء من النوم في الكنيسة و انتهاء بالسرقة يجب أن تلقى العقوبة .و كانوا يعتقدون أن الرب سيعاقب على كل التصرفات الخاطئة فإذا عانى احد الجيران من أزمة ما كمرض أحد الأولاد أو فساد المحصول فلا بد أنها مشيئة الرب و لا يتوجب عليهم أن يساعدوه.
    و اعتقد البيوريتانيون بوجود الشيطان كما يؤمنون بالله و كل إنسان يواجهه الصراع بين قوى الشر و الخير و لكن الشيطان يختار الأفراد الأضعف و هم النساء و الأطفال و المجانين ليجري عليهم غوايته. و من يتبعون الشيطان يعتبرون ساحرات في الوقت الذي كانت مزاولة السحر الأسود هي اكبر خطيئة قد يقترفها الإنسان و عقوبتها الموت.
    و خضوعا للتعاليم البيوريتانية الصارمة كانت أول امرأة اتهمت بالسحر الأسود في سالم هي من طبقة المنبوذين اجتماعيا تيتوبا المستعبدة و سارة جود و هي متسولة بلا مأوى و سارة اوزبورن و هي امرأة كبيرة في السن و مريضة تزوجت من خادمها .
    و كان الخوف من السحر الأسود في انكلترا الجديدة شائعا كما كان في أوروبا لعدة قرون و قد حوكمت أكثر من 100 ساحرة في انكلترا الجديدة ثم شنقن خلال القرن السابع عشر لوحده و لكن الإعدام الأخير في أميركا وقع في سالم علم 1692 .
    نظام الطبقات الاجتماعية و الاقتصادية
    كانت سالم في عام 1692 تقسم إلى قسمين رئيسيين بلدة سالم و قرية سالم. و قد اعتادوا أن يسموا قرية سالم بمزارع سالم و كانت في حقيقة الأمر جزءا من البلدة و لكنها استقلت بفعل اقتصادها و ترتيبها الاجتماعي و هويتها الثقافية . فقد كان سكان قرية سالم من المزارعين الفقراء الذين يحاولون زراعة محاصيلهم في تربة صخرية وعرة . بينما كانت بلدة سالم على العكس منها تحظى بالرخاء الاقتصادي و مركزا للتبادل التجاري مع لندن و معظم من يعيشون في البلدة كانوا من التجار الأثرياء. و لسنوات طويلة حاولت قرية سالم أن تستقل عن سلطة البلدة و كانت البلدة تعتمد على القرية في الحصول على الطعام من محاصيلها الزراعية التي تحدد البلدة أسعارها و تقوم بجباية الضرائب من القرية و بالرغم من المسافة الطويلة بين التجمعين حيث تمتد لمسافة 3 ساعات سيرا على الأقدام فإن قرية سالم لم تحصل على كنيستها الخاصة إلا في عام 1674 .
    لكن هذا الفصل الاجتماعي امتد إلى قرية سالم نفسها بحيث كان الذين يقيمون بالقرب من ايسبويتش رود هم أقرب إلى الطبقة التجارية في البلدة و هم من الحدادين و النجارين و صانعي الحبر و هؤلاء أصبحوا أثرياء و دعموا التطورات الاقتصادية و لكن السواد الأعظم من سكان قرية سالم و هم المزارعين الذين يعيشون بعيدا كانوا يعتقدون أن التأثير الذي يجره مجتمع البلدة سوف يؤثر على قيمهم البيوريتانية .و كانت أكثر العائلات مقاومة للتغيير الاقتصادي هي أسرة بوتنامز و كانت عاملا قويا و مؤثرا خلف قضية محاكمة الساحرات.
    ازدادت الأمور سوءا عندما اختارت قرية سالم الموقر صامويل باريس كاهنا للقرية و كان رجلا متعصبا للقيم البيوريتانية بحيث نبذ كل القيم الدنيوية و الرخاء الاقتصادي القادم من البلدة باعتبارها من تأثير الشيطان و قد استطاع بقدرته الخطابية إيجاد حزبين متنازعين في قرية سالم.
    و مما لا شك فيه أن الحسد و الاستعلاء بين الحزبين المتنازعين لعب دورا مهما في محاكمة الساحرات فقد كان الذين اتهموا الساحرات هم من الفلاحين الذين يقيمون في مزارعهم البعيدة و القوا بالتهمة على الذين يقطنون بالقرب من ايسبويتش رود.
    و لم يكن مستغربا أن الموقر باريس كان المؤجج الرسمي لمحاكمة الساحرات من خلال خطبه الوعظية التي أشعلت هستيريا السحر .



  3. #3
    محاكمة ساحرات سالم
    الحلقة الثالثة
    ترجمة ريم بدر الدين بزال


    الحياة في سالم 1692
    أطفال البيوريتانيين
    كان ما ينطبق على الكبار و البالغين في مجتمع سالم الصارم و المنضبط دينيا يمشي سواء بسواء على الأطفال فعليهم الترتيل في الكنيسة و حضور الطقوس المختلفة و إخفاء الفروقات الفردية و أي إظهار لعاطفة الفرح أو الذعر أو الغضب لم يكن مستحبا و كانت عقوبة العصيان شديدة جدا و كان الأطفال نادرا ما يلعبون فالألعاب و الدمى كانت قليلة جدا فالبيورتانيون كانوا يرون في هذه النشاطان نوعا من ضياع الوقت الآثم.
    و بالرغم من هذا كان الذكور أكثر حظا من الإناث فقد وجدوا بعض الأشياء التي تطلق العنان لمخيلتهم فكانوا غالبا يعملون كمتدربين خارج المنزل ليمارسوا مهارات كالنجارة أو الحرف اليدوية و كان مسموحا للذكور بالاكتشاف خارج المنزل فكان متاحا لهم السباحة و الصيد بينما توجب على الفتيات أن يساعدن أمهاتهن في المنزل بالأشغال المنزلية اليومية كالطبخ و الغسيل و الخياطة و تربية الحيوانات.
    و قد كان مسموحا للأولاد بتعلم القراءة لكن الكتب المتاحة في المنازل لم تكن إلا الكتاب المقدس و بعض الكتب التي تحذر من السحر و الشياطين بينما كانت كتب الأطفال تكاد تكون معدومة و إن وجدت فهي لتحذير الأطفال من السلوك السيئ و العقاب الذي ينتظرهم على أفعالهم الآثمة . و في شتاء بارد حيث تكون البنات داخل المنزل لن يكون أكثر جاذبية لهن من القصص الخيالية التي ترويها " تيتوبا " سرا لأنها كانت محرمة بشكل صارم و التي كانت تدهشهن و لكنها تملؤهن بالخوف و الشعور بالإثم و كانت أحاسيسهن خليط من الرهبة و السرور بأنهن اقتحمن عالما مجهولا و ربما كان هذا السبب في الهستريا الجماعية التي اجتاحتهن فكن السبب في إطلاق عملية صيد الساحرات لكن تصرف المجتمع إزاء الموضوع كان كارثيا ,

    محاكمة ساحرات سالم / الحلقة الرابعة

    ترجمة ريم بدر الدين بزال
    Sarah Good

    سارة جود
    ولدت سارة جود عام 1653 لأب يدعى جون سولهارت يمتلك نزلا صغيرا و كانوا ميسوري الحال لكن تم الاستيلاء على عقار والدها خلال مقاضاة ظالمة فبقيت سارة لا تملك شروى نقير.
    و قد تزوجت للمرة الأولى من خادم يدعى دانييل بول لكنها توفي تاركا ديونا كثيرة عام 1686. و كان زواجها الثاني محكوما بالبؤس منذ البداية حيث كانت تعمل مع زوجها ويليام جود لإيفاء الديون التي تركها زوجها الأول. و بطبيعة الحال لم تستطع هذه العائلة أن تمتلك منزلا فكانوا يستأجرون غرفة في بيت مشترك و كان لديهما طفلان أحدهما يعمل كأجير في بلدة سالم لقاء الطعام و المبيت و لكن شيئا فشيئا بدأت تزداد الصعوبة في الحصول على مسكن في مجتمع يحتقر سارة و يعتبرها من ذوي السمعة السيئة و كان المجتمع يعتبر أسرة سارة مصدرا للانزعاج في البلدة مما أدى بهم لان يصبحوا بحلول 1692 متسولين .
    و كان احتقار المجتمع لسارة وسمعتها السيئة و اعتبارها شخصا هامشيا بينهم سببا رئيسيا لتكون أول المرشحات للاتهام بممارسة السحر الأسود
    و في فبراير من العام 1692 صدرت مذكرة توقيف بحق كل من سارة جود و سارة اوزبورن و تيتوبا بتهمة الشعوذة ضد بيتي باريس و ابيجيل وليامز ثم انضم الكثير من الناس ليدلوا بشهادات تتعلق بسلوكهن الضار و استدعائهن الأرواح الشريرة و خصوصا سارة جود.
    و يؤكد الباحث برنارد روزينثال في كتابه "قصة سالم" ان سارة جود اختيرت أولا لبدء المحاكمات بها كان لان معظم الناس كانوا يريدون تطهير قرية سالم منها. حتى ان ابنتها الصغيرة ذات الست سنوات هددت كي تشهد ضد والدتها و مع أن زوجها لم يتهمها بالسحر فإنه قال أنه يمتلك أسبابا منطقية تجعله يعتقد أنها كانت في طريقها لتصبح ساحرة و ربما قال هذا ليدفع التهمة عنه
    و في احد الاقتباسات من سجلات محاكمة سارة يقول وليام جود: كانت تدفع عربتها بشكل سيء تجاهي و أقول و قلبي يتمزق أنها كانت عدوة حقيقية لكل ما هو خير."
    ولكن سارة رفضت بعناد كل التهم التي وجهها لها القاضي جون هاثورن برغم رأي الأغلبية الساحق ضدها. و عندما سألها القاضي هاثورن قبل جلسات الاستماع: لم آذيت هؤلاء الأطفال ؟ قالت: أنا لم أؤذ أيا منهم أنا احتقر هذا الفعل. ثم أضافت : هذه التهمة ملفقة.
    لكن سارة جود بالرغم مما سبق اتهمت سارة اوزبورن بإيذاء الفتيات و ذلك عندما رأتهم يتهاوون في حركة غريبة في قاعة المحكمة . و بناء على هذا الاتهام الذي ساقته جود تجاه زميلتها اوزبورن يعتقد المؤرخون أنه هو السبب الأقوى الذي أضفى الشرعية على محاكمة الساحرات.
    وعندما ادعت إحدى الفتيات أن سارة جود طعنتها بسكين و أحضرت نصل سكين مكسور لتثبت ادعائها اقترب رجل من القاضي و اعترف أن النصل المكسور يعود له و كان ذلك بحضور الفتاة المدعية فكان هذا الرجل الوحيد الذي دافع عن سارة جود.. لكن القاضي تجاهل هذا الاعتراف الذي يبطل الاتهام و طلب من الفتاة المضي في ادعاءاتها مع تذكير واهن بالتزام الحقيقة.

    و قد أدينت سارة و حكم عليها بالموت شنقا و تأجل تنفيذ الحكم ريثما تضع سارة مولودها و اتهمت ابنتها ذات الست سنوات دوركاس بالشعوذة و سجنت لمدة سبعة أشهر و عندما أطلق سراح الفتاة المشروط بقيت محطمة نفسيا لبقية حياتها . بينما وضعت سارة مولودها في السجن لكنه مات بعد فترة وجيزة قبل تنفيذ حكم الإعدام.
    و حدد يوم الثلاثاء التاسع عشر من يوليو 1692 لتنفيذ حكم الإعدام و عند المشنقة اقترب منها الموقر نيكولاس نويس مساعد رئيس الكنيسة في كنيسة سالم و طلب منها ان تعترف لتنقذ روحها من اللعنة الأبدية لكن سارة جود صرخت بصوت عال : أنت كاذب، انا لست ساحرة إلا بمقدار ما أنت مشعوذ. ستقضي على حياتي الآن لكن الرب سيمنحك دمي لتشربه" و يقول برنارد روزينثال "كان هذا الامتناع الفوري عن الاعتراف هو الذي قاد جود للمشنقة أكثر من أي دليل آخر ضدها.
    و جدير بالذكر ان الصورة التي وثق بها الأدب محاكمة ساحرات سالم تلقي الضوء على الكيفية التي نظر بها المجتمع للمحاكمات و على الحقيقة الفعلية لها. فقد صورت سارة جود دوما على أنها امرأة مسنة بشعر ابيض و بشرة متجعدة و انها في الستين أو السبعين من العمر و لكن بنفس الوقت قال نفس الكتاب ان سارة كانت حاملا و ان لديها ابنة بعمر ست سنوات. و أتت الشهادات من مزارعي سالم و من القضاة لتصف سارة بأنها عجوز حيزبون مزعجة و طريحة الفراش .
    كيف يستقيم هذا و ذاك؟ لعل هذا يعود إلى أن الظروف التي عايشتها سارة قد جعلتها تبدو مسنة و قبيحة و طريحة الفراش . و من ناحية أخرى فقد كرس الأدب دوما صورة الساحرة على أنها امرأة عجوز شريرة. و إذا كانت سارة جود تمثل النمط المثالي للساحرة التي تستحق الإدانة فإنه ليس بمستغرب أن كل الأنماط الأخرى ستحمل ذات الصورة . صحيح ان سارة كانت شخصية هامشية و بلا شك مصدر إزعاج لجيرانها و لكن محاكمة ساحرات سالم أديرت بشكل غير عادل مع إصرار مسبق على إثبات التهمة دون الحصول على أية قرينة. فالهامشية لا تستحق الشنق و لم يثبت أبدا و لم تعترف سارة أنها كانت تمتهن السحر الأسود.(سارة جود، سارة جوب، محاكمة ساحرات سالم تاريخيا و أدبيا، بحث مشروع تخرج، جامعة فرجينيا ،ربيع 2001)

  4. #4
    كنت قرات تلك الرواية قديما ومازالت لدي أظن وربما اخرجتها لاعيد قراءتها,والسؤال هنا:إن كان جذر الرواية واقعيا فماذا عن السحر الأسود الذي بات مصعدا همته في عالم الهزيمة الذي نعيشه الان؟.
    مع التحية.


    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #5
    ريمة الغالية
    كثيرة تلك الروايات التي تحدثت عن محاكمة ساحرات سالم لكنني الان اترجم ملفا كبيرا عن هذا الموضوع له علاقة بالتأريخ و التوثيق أكثر منه بالأدب او السينما
    هذه حقائق ذكرتها كتب التاريخ الاميركي الذي ينبغي ان نعلم اولادنا من اين بدأوا حتى يدركون لماذا انتهينا هنا
    يسعد صباحك ريمة

  6. #6
    سلامي للجميع

  7. #7
    المجتمع الأمريكي بني على الظلم والاغتصاب ، والقتل والدم والاغتصاب ، وتوظيف القضاء للظلم ، واستعمال منطق القوة لا قوة المنطق ، عبر التاريخ اختلقوا أسبابا لظلم الناس والعنصرية واحتقار غيرهم ، واغتصاب أرض الغير ، وما تغير شيء حتى الآن سوى مكياج الوجه القبيح !!

المواضيع المتشابهه

  1. "فرنسا 24" و"الحرة" … أو حين تتنكر "الدبابة" في ثوب "الميديا" كتبه شامة درشول‎
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-18-2015, 10:36 AM
  2. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-13-2012, 08:03 AM
  3. "فيسبوك" أكبر أداة تجسس عالمية.. و"ياهو" و"جوجل" واجهتان لـ"cia"
    بواسطة شذى سعد في المنتدى فرسان التقني العام.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-21-2011, 07:52 AM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-23-2010, 08:22 AM
  5. مقتطفات مُنظّمة من " قواعد الشعر " /عطاف سالم
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-23-2008, 07:46 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •