شامُ .. . يا شامُ يا أميرةَ حبي=كيفَ ينسى غرامَهُ المجنونُ
أعزائي :
كما أسلفت لكم سابقاً أنا لست دمشقي الانتماء ولا الولادة ولا النشأة ولا السكنى ، ولكنني دمشقي الهوى , دمشقي القلب .
دمشق، هذه المدينة التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ ، وتشرئب بعنقها نحو الحداثة والمعاصرة ، وترنو بعينيها نحو المستقبل الآتي .
هذه المدينة بكل تناقضاتها الصارخة – وما أكثرها - أحببتها وشغف قلبي بحبها ، أحببتها حتى الثمالة، وحتى أخر قطرة حب في شراييني , ولا أدري لماذا ولأي سبب .
فهي تدخل القلوب بلا استئذان ، وبدون الحصول على جواز سفر .
كانت لي فيها إقامة مؤقتة لمدة تقل عن العامين بقليل ، واليها لي زيارات متعددة .
أحببتها، بخطوطها العريضة وتفاصيلها الصغيرة ، بعراقتها وحداثتها ، بشوارعها العريضة الحديثة وحواريها الضيقة القديمة ، بمحافظتها وتحررها ، بإيمانها وكفرها ، بغناها وفقرها ، بناسها طيبين وماكرين، و……
بكل هذه المتناقضات أحببتها - ويبدو أن متناقضاتها اجمل مافيها - وعشقتها وهل على العاشق من حرج ?.
متناقضات تسير جنبا إلى جنب بتآلف وتناغم وانسجام غريب عجيب قلّ نظيره ، يعطي لهذه المدينة فرادتها وخصوصيتها .
أعجب بالشام الكثير، وأحبها الكثير ، وعبر عن هذا الحب والإعجاب الكثير الكثير ، ولكن أبرع من تغنى بها شعراً وعرض محاسنها نثراً هو الشاعر الكبير نزار قباني -رحمه الله - فله فيها قصائد تعد من عيون الشعر العربي ، ومقطوعات نثرية لا أجمل ولا أحلى ، كيف لا وهو ابن دمشق البار وكما قيل : فأهل مكة أدرى بشعابها .
وأرقّ من غازلها غناءً ، سفيرتنا إلى النجوم السيدة فيروز - أطال الله عمرها - فلها فيها قصائد غنائية تقطر فخراً واعتزازاً ودفئاً وعذوبةً , دبّجها لها الشاعر الزحلي سعيد عقل المدلّه عشقاً بشامة الدنيا دمشق , فهي لم تنسى ولن تنسى أن بداية انطلاقتها الفنية كانت من دمشق . فكأنها في كل مرة كانت ترد بأغنية جزءاً من دينٍ ثقيلٍ تحمله في عنقها لدمشق , وتعرب عن عرفانها وجميل شكرها لمن كانت سبباً في نجاحها وشهرتها .
كلما غبت عن الشام وعدت إليها بعد حين ، يحضرني بيت من الشعر للشاعر نزار قباني يقول فيه :
هاهيَ الشامُ بعدَ فُرقةِ دهرٍ=أنهرٌ سبعةٌ وحورٌ عِـينُ
وآخر قولي أن السلام عليكم وسلامٌ على دمشق وساكنيها .
- سامي العبيدي -