منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: انتحار

العرض المتطور

  1. #1

    انتحار

    انتحار
    مازال ذلك المنظر ماثلا في ذهني ، رغم محاولاتي العديدة لقلعه من ذاكرتي المجهدة ، كل الصور تغرس في عقلي ، ولا املك حيالها نسيانا ، أصغي الى حديثها المتكرر ، وأجهد مرات عديدة أن اقلع تلك النبتة الحنظلية ، التي تطارد سكينتي الداخلية باستمرار ، ماذا يفيدني التذكر ؟ ماسي كثيرة جلبت لحياتي أياما سودا ، مستمرة بظلالها المقيتة ، ضاغطة على أنفاسي ، سالبة مني حلاوة الأيام ، وطعما فاترا بالجميل المباغت الذي يهل علينا قليلا ، ثم يرحل ويذوب في عتمة أيامنا المظلمة وليالينا البائسة.
    صعدت إلى غرفته الصغيرة كعادتي كل صباح ، كان الأحب إلي والأقرب إلى نفسي الموجعة ، التي أنهكتها المتاعب ، وتركتها خائرة القوى.
    ورغم أن كلهم أعزاء ، الا أنني وجدت في كلماته القليلة ،التي كان يلقيها محاولا الدفاع عني ، ضد عمليات اعتداء مدروسة ، تقام لسلب الأمان من روحي المعذبة ، والقضاء على الطمأنينة المسلوبة.
    حياتي بائسة ، لم أجد ما ترنو إليه الفتاة عادة ، من صدر حنون ، كانت كلماته القاسية ، تستقبلني في مقدم صباحي ، وتودعني إذا ما أظلمت الدنيا ،وودعت ضياء النهار ، وذهب كل مخلوق إلى حضن حبيبه ، يستدر منه الرأفة والحنان الذبيح ، ورغم أن الله قد منّ علي بصفات الحسان ، لا إنني كنت اختلف ،عن المحظوظات ببعض النعيم ، حياتي سارت خائبة ، مترعة بالمرارة وحافلة بالحرمان.
    لماذا تكون الحياة نحوي بهذا البخل الأصم ؟ ولماذا أجد غيري ، يغدق عليهم الأحباب ، كؤوسا من بهجة وحبور ؟ ولماذا تمر أيامي كالحة الظلمة ، عسيرة على الاحتمال؟.
    ولدي ذاك كان الحبيب ، والأخ والرفيق ، بعد إن ادلهمت أيامي ، وزاد بؤسها ، وثقل علي ، ان ألفي حياتي علقما لا يستساغ
    صعدت درجات السلم الطويلة ، وأنا احلم بان أمتع عيني برؤية عزيز أثير ، ولكن حلمي تبدد ضائعا ، كغيره من الأحلام التي ما فتئت تسكن قلبي المعنى ، منتظرة فرصتها لملامسة النور.
    كثرت الخصومات بيننا في الآونة الأخيرة ، ورغم ان أيامي لم تذق طعم السرور ، ولا جربت التوافق ، ولا لمست حلاوة اللمسات ، التي تنعش الفؤاد ، وترعش القلب ، وتجعل البدن مرتويا ، والعقل هادئا ونسمات من الحبور ، تهب على المخلوق ، بل كانت الرتابة تخنق الأنفاس ، وارتفاع الصوت ، يهدد بالويل والثبور ، يئد كل ما ما حلمت به من جمال
    ارتفع زعيقه كالعادة :
    - يا لهذا الجمال الآسر ، إنها جارتنا حسناء ، رائحتها تنعش النفس وتسبي الكيان . ، ولا تبعث منها روائح البصل والثوم
    لم اجب أنا ، إنها عادة له ، يجري خلف الحسناوات ، وأنا اكدح ،للمحافظة على سلامة المنزل ، الذي اخترقته السهام ، وكأنه أحب أن يزيد ناري اشتعالا ، أضاف:
    - الا تشعرين ، إنها أنثى ، هل تدركين ، معنى أن تكون المخلوقة أنثى وبهذا الجمال ؟
    كيف أجيب ؟ وقد جعل حياتي جحيما ، لا يطاق ، وسرق البسمة من أيامي ، المترعة بالخنوع ، و أرغمني على رؤية النجوم ، في سماء الظهيرة الملتهبة ؟
    - أنت : يا من يمتزج الثوم والبصل ، برائحتها النتنة ، الا تفهمين ؟
    لم اقو على الجواب ، ولقد فقدت من كثرة لسعاته ،ما حملته في قلبي من عطف في سالف الأيام ، عزت علي نفسي ، وصعبت حالتي وأنا أناضل من اجل لاشيء ، وأقدم التضحيات عبثا.
    أسمع صوت ولدي:
    - رحمة بأمي ، إنها تشقى طول النهار ، وتقدم لنا المال والطعام ، وكل ما نريد.
    - اخرس ، يا ولد ، لقد أفسدتك أمك بتدليلها.
    فرحت في البداية من دفاع ابني ، ولكن مالبثت الغمة أن استوطنت قلبي ، حين فكرت بالأمر جليا ، كان أبوه معروفا بلؤم الانتقام.
    ارتقى ولدي درجات السلم ، فشعرت ببعض الاطمئنان الذي زال سريعا:
    - ابنك هذا بحاجة إلى تربية.
    قضيت ليلة ليلاء مسهدة ، تمضّني الأفكار ، وتتلاعب بفؤادي المنغصات ، أحاول أن أهديء غليان نفسي ، ثم تغلبني المخاوف ، وأمضي الى تهدئتها من جديد :
    - انه ولده أيضا
    استيقظ في صباح كل يوم ، راغبة في الاستماع ، إلى كلمات ولد بار عزيز ، ولكن ذلك اليوم لم أجده في سريره ، ، بحثت في كل مكان اعتاد ، اذ يذهب اليه ، ثم عدت الى غرفته مجددا ، كان معلقا بحبل على الجدار ، وقد أبعد الكرسي الصغير.
    صبيحة شبر
    21 حزيران 2008

  2. #2
    قصة لافتة عن انقطاع خطوط الاتفاق مابين الام والاب,نحن نبني ونحن نهدم..قصة موجعه جدا,توقعت ان تكون نهايتها مغايرة قليلا تحمل بعض تفاؤل.
    كل التقدير.
    تثبيت
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمه الخاني مشاهدة المشاركة
    قصة لافتة عن انقطاع خطوط الاتفاق مابين الام والاب,نحن نبني ونحن نهدم..قصة موجعه جدا,توقعت ان تكون نهايتها مغايرة قليلا تحمل بعض تفاؤل.
    كل التقدير.
    تثبيت
    الأخت العزيزة الأديبة ريمة الخاني
    جزيل الشكر للتعليق الجميل والتقييم الرائع
    لك خالص الود

  4. #4
    حقا موجعة ومؤثرة جدا
    هكذا تنتهي الحكاية في كل بيت لا تتبع فيه قوانين رب العباد في التربية والتعامل
    سواء بين الأبناء والأمهات
    وسواء بين الأزواج والزوجات
    ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة
    فقد كان خير الآباء وخير الأزواج
    عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم
    لك جزيل الشكر والتحية أختي صبيحة
    وتستحق التثبيت
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريم اليافي مشاهدة المشاركة
    حقا موجعة ومؤثرة جدا
    هكذا تنتهي الحكاية في كل بيت لا تتبع فيه قوانين رب العباد في التربية والتعامل
    سواء بين الأبناء والأمهات
    وسواء بين الأزواج والزوجات
    ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة
    فقد كان خير الآباء وخير الأزواج
    عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم
    لك جزيل الشكر والتحية أختي صبيحة
    وتستحق التثبيت
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الأخت العزيزة ريم اليافي
    جزيل الشكر لتعليقك الجميل وتقييمك الوافي
    دمت بخير

  6. #6
    أقرب إلى الحقيقة من كونها قصة قد تكون خيالية , أشكرك أستاذة صبيحة وإلى الأمان , ألف تحية إليك .

  7. #7
    شكر للكاتبه الرائعه أعدينا لأجواء القصه الممتعه **تقبلي تحياتي
    ليس بدعا أن يكتب الشعر حرّ** قد أرته الأيام نار لظاها
    وأطاحت به صريع الأماني**يمضغ العود كي يبل صداه
    شاعر عارك الحياة بعزم ** كي ينال العلا فنال رداها
    ****
    قد أذاع الأثير آهات نفس ** داميات مجرحات الهموم
    لم يكن طبعها نسيما صبوحا**أنما شواظ قلب كليم
    قد شدى باسما بوجه المآسي **ذائدا عن حياضه كالغريمِ
    لم تمت جذوة الحياة بنفس**كمنت ذاتها بسر عظيمِ

    يعقوب الحمداني

المواضيع المتشابهه

  1. محاولة انتحار!
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 09-09-2017, 03:57 AM
  2. عيادات انتحار !!!
    بواسطة د.غازي حسين في المنتدى فرسان الطبي العام .
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-10-2016, 04:59 PM
  3. انتحار الغرب
    بواسطة د.أنس تللو في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-29-2014, 08:10 PM
  4. انتحار ق ق ج
    بواسطة عبد الله راتب نفاخ في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 08-11-2011, 05:57 PM
  5. انتحار
    بواسطة عبد الاله ابزيري في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 02-13-2008, 05:10 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •