منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

العرض المتطور

  1. #1

    جلال الدين الرومي.. بين الشعر والتصوف

    جلال الدين الرومي.. بين الشعر والتصوف

    (في ذكرى وفاته: 5 جمادى الآخرة 672هـ)

    سمير حلبي



    من بين فحول شعراء الصوفية في الإسلام برز اسم الشاعر الفارسي الكبير "جلال الدين الرومي" كواحد من أعلام التصوف، وأحد أعلام الشعر الصوفي في الأدب الفارسي.

    ميلاده ونشأته

    وُلد "جلال الدين محمد بن محمد بن حسين بن أحمد بن قاسم بن مسيب بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق" بفارس في (6 من ربيع الأول 604هـ = 30 من سبتمبر 1207م) لأسرة قيل: إن نسبها ينتهي إلى "أبي بكر"، وتحظى بمصاهرة البيت الحاكم في "خوارزم"، وأمه كانت ابنة "خوارزم شاه علاء الدين محمد".

    وما كاد يبلغ الثالثة من عمره حتى انتقل مع أبيه إلى "بغداد" سنة [607هـ = 1210م] على إثر خلاف بين أبيه والوالي "محمد قطب الدين خوارزم شاه". وفي بغداد نزل أبوه في المدرسة المستنصرية، ولكنه لم يستقر بها طويلاً؛ إذ قام برحلة واسعة زار خلالها "دمشق" و"مكة" و"ملسطية" و"أرزبخان" و" لارند"، ثم استقر آخر الأمر في "قونية" في عام [632هـ = 1226م] حيث وجد الحماية والرعاية في كنف الأمير السلجوقي "علاء الدين قبقباذ"، واختير للتدريس في أربع مدارس بـ"قونية" حتى توفي سنة [628هـ = 1231م]، فخلفه ابنه "جلال الدين" في التدريس بتلك المدارس.

    جلال الدين في عالم التصوف

    وقد عُرف "جلال الدين" بالبراعة في الفقه وغيره من العلوم الإسلامية، إلا أنه لم يستمر كثيرًا في التدريس؛ فقد كان للقائه بالصوفي المعروف "شمس الدين تبريزي" أعظم الأثر في حياته العقلية والأدبية؛ فمنذ أن التقى به حينما وفد على "قونية" في إحدى جولاته، تعلق به "جلال الدين"، وأصبح له سلطان عظيم عليه ومكانة خاصة لديه.

    وانصرف "جلال الدين" بعد هذا اللقاء عن التدريس، وانقطع للتصوف ونظْمِ الأشعار وإنشادها، وأنشأ طريقة صوفية عُرفت باسم "المولوية" نسبة إلى "مولانا جلال الدين".

    اهتم "جلال الدين الرومي" بالرياضة وسماع الموسيقى، وجعل للموسيقى مكانة خاصة في محافل تلك الطريقة، مخالفًا في ذلك ما جرى عليه الإسلام، وما درجت عليه الطرق الصوفية ومدارس التصوف.

    .. شاعرًا

    اتسم شعر "جلال الدين الرومي" بالنزعة الصوفية الخالصة؛ فقد كان شعره أدبًا صوفيًّا كاملا، له كل المقومات الأدبية، وليس مجرد تدفق شعوري قوي، أو فوران عاطفي جياش يعبر به عن نفسه في بضعة أبيات كغيره من الشعراء، وإنما كان شعره يتميز بتنوع الأخيلة وأصالتها، ويتجلى فيه عمق الشعور ورصانة الأفكار، مع سعة العلم وجلال التصوير وروعة البيان.

    ويُعد "جلال الدين" شاعرًا من الطبقة الأولى؛ فهو قوي البيان، فياض الخيال، بارع التصوير، يوضح المعنى الواحد في صور مختلفة، له قدرة على توليد المعاني واسترسال الأفكار، ويتسم بالبراعة في انتقاء الألفاظ واختيار بحور الشعر، وتسخير اللغة والتحكم في الألفاظ.

    وتصل قمة الشاعرية عند "جلال الدين الرومي" في رائعته الخالدة "المثنوي"، وقد نظمها لتكون بيانًا وشرحًا لمعاني القرآن الكريم، ومقاصد الشريعة المطهرة؛ ليكون ذلك هدفًا إلى تربية الشخصية الإسلامية وبنائها، وزادًا له في صراعه مع قوى الشر والجبروت، وعونًا له على مقاومة شهوات النفس والتحكم في أهوائها، وتكشف "المثنوي" عن ثقافة "جلال الدين الرومي" الواسعة، والتعبير عن أفكاره بروح إنسانية سامية، تتضاءل إلى جوارها بعض الأعمال التي توصف بأنها من روائع الأعمال الأدبية.

    وقد استخدم "جلال الدين" في "المثنوي" فن الحكاية بإتقان بارع، وهي في حركتها وتطورها وحوارات أشخاصها لا تقل روعة عن بعض القصص المعاصر، وتتميز الشخوص بأنها ثرية متنوعة في تساميها وعجزها ونفاقها وريائها، وحيرتها بين الأرض وما يربطها بها، وبين السماء وما يشدها إليها، كل ذلك في تدفق وانسياب غامر، وعرض شائق، وأسلوب جذاب أخَّاذ ولغة متميزة.

    أهم آثاره



    ترك جلال الدين الرومي عددًا من المصنفات الشهيرة منها:

    المثنوي: وقد نظمه في ستة مجلدات ضخمة تشتمل على (25649) بيتًا من الشعر، وقد تُرجم إلى العربية، وطُبع عدة مرات، كما تُرجم إلى التركية وكثير من اللغات الغربية، وعليه شروح كثيرة، وهو كتاب ذو مكانة خاصة عند الصوفية.

    ديوان "شمس تبريز":، ويشتمل على غزليات صوفية، وقد نظمه نظمًا التزم فيه ببحور العروض، وهو يحوي (36023) بيتًا بالإضافة إلى (1760) رباعية، ويشتمل أيضا على أشعار رومية وتركية، وهو ما يدل على أنه كان متعدد الثقافة، وأنه كان على صلة بعناصر غير إسلامية من سكان "قونية".

    "فيه ما فيه":، وهو عبارة عن حشد لمجموعة ذكرياته على مجالس إخوانه في الطريقة، كما يشتمل على قصص ومواعظ وأمثال وطرائف وأخبار، وهو يخاطب عامة المثقفين على عكس كتابه الأول الذي يخاطب خاصة الصوفية.

    "المجالس السبعة":، وهو يشتمل على سبع مواعظ دينية وخطب ألقاها أثناء اشتغاله بالتدريس.

    وذلك بالإضافة إلى مجموعة رسائله، وفيها تلك الرسائل التي وجهها إلى شيخه "شمس الدين تبريزي"، وهي تصور تلك العلاقة الروحية السامية التي ربطت بين الشيخ "شمس الدين" وبين مريده "جلال الدين"، تلك الرابطة الوثيقة من الحب المتسامي الرفيع.

    توفي "جلال الدين الرومي" في (5 من جمادى الآخرة 672 هـ = 17 من ديسمبر 1273م) عن عمر بلغ نحو سبعين عامًا، ودُفن في ضريحه المعروف في "قونية" في تلك التكية التي أنشأها لتكون بيتًا للصوفية، والتي تُعد من أجلِّ العمائر الإسلامية وأكثرها روعة وبهاء بنقوشها البديعة وزخارفها المتقنة، وثرياتها الثمينة، وطُرُزها الأنيقة.

    وقد ظهر على الضريح بيت من الشعر يخاطب به "جلال الدين" زواره قائلا:

    "بعد أزوفات تربت مادر زميني مجوى

    درسينهاي مردم عارف مزارماست"

    ومعناه:

    يا من تبحث عن مرقدنا بعد شدِّ الرحال

    قبرنا يا هذا في صدور العارفين من الرجال

    أهم مصادر الدراسة:

    تاريخ الأدب العربي: كارل بروكلمان – أشرف على الترجمة: أ.د. محمود فهمي حجازي – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة: 1413 هـ = 1993م، - القسم الرابع: 7-8.

    دائرة المعارف الإسلامية: هـ. سما – فنسنك – كب – هفنك – ليفي بروفنسال- ترجمة: إبراهيم زكي خورشيد – أحمد الشنتناوي – د. عبد الحميد يونس – دار الشعب – القاهرة: [د.ت] – المجلد: 12.

    مولانا جلال الدين الرومي وجولة في ديوانه شمس تبريزي: د. مختار الوكيل – مجلة المنتدى بالعدد الأول – السنة الأولى: صيف 1978م.

    - مثنوي مولانا جلال الدين الرومي - ترجمة إبراهيم الدسوقي شتا – الزهراء للإعلام العربي – القاهرة 1412 هـ = 1992م.

    __________________

    مستشرق فرنسي: الصوفية هي الحل
    حاوره: هادي يحمد**- 20/06/2004



    اعتبر المستشرق الفرنسي المسلم "إريك جيوفروي" (المختص في الصوفية بجامعة لوكسمبورج، شمال فرنسا) أن المستقبل في العالم الإسلامي سيكون حتما للتيار الصوفي.

    وفي هذا الحوار الخاص لـ"إسلام أون لاين.نت" يعتبر المستشرق الفرنسي -الذي عاش في القاهرة وعدة مدن خليجية- أن العمل السياسي الإسلامي لا يتوفر على قوة الروحانيات التي تمتلكها الصوفية، نافيا في ذات الوقت أن تكون الصوفية منفصلة عن واقعها الاجتماعي والسياسي.

    * مع بروز المعارضة الإسلامية للاحتلال في العراق، هل تعتقد أن ما يسمى بالعمل السياسي الإسلامي قد عاد ليكسب أراضي جديدة؟.

    - لا أعتقد أن العمل السياسي الإسلامي قد عاد بالفعل ليحتل الواجهة من جديد؛ ففي مصر التي هي المهد الأول للإسلام السياسي نجد أن هناك نوعا من الانكماش عن الشأن السياسي، وغلبة الجانب الدعوي. لذلك لا أعتقد أن الظاهرة الإسلامية تكسب مزيدا من المساحات في العالم العربي والإسلامي. والعراق يبقى حالة خاصة، والمقاومة التي انبعثت ضد الاحتلال هي من وجهة نظر معينة ضد مشروع إمبريالي يرمي في بُعد من أبعاده إلى تجسيم حلم إسرائيل الكبرى، والنفط يبقى هنا عاملا ثانويا. فالمسألة الدينية ليست غائبة عن قضية احتلال العراق، ونحن نعلم أن لجورج بوش ارتباطات بخط متطرف داخل الكنيسة الكاثوليكية، وهذا ما لا يجب إهماله.

    وفي علاقتها بالحركات الإسلامية بالذات نجد أن الأنظمة العربية عملت على إدماج الصوفية في الحكم بهدف محاربة الظاهرة الإسلامية، فوزير الأوقاف المغربي أحمد التوفيق هو صوفي، كما أن الشيخ أحمد الطيب في مصر -وهو خلواتي- أصبح رئيس جامعة الأزهر بعد أن كان مفتيا للديار المصرية، وفي الجزائر نجد أن بوتفليقة قريب جدا من الصوفية، وهو ما برز في حملته الأخيرة.

    ما يمكن أن نستخلصه من ذلك هو أن العمل السياسي الإسلامي أقل قوة عما كان عليه مثلا منذ عشر سنوات، وبالمقابل فما ألاحظه هو عودة عامة إلى الصوفية بشكل عام؛ لأن الناس باتوا يعتقدون أنه لا توجد حلول دون روحانيات، وطبعا يجب الانخراط فيما هو اجتماعي وسياسي؛ لأن الإسلام ليس دين اعتزال، ولكننا لا نستطيع أن نبني مجرد مشاريع سياسية دون أن نتحصل على بُعد روحي، وفي هذا العالم المليء بالمساوئ فإن ما يحتاجه الناس فعلا هو الروحانيات الداخلية.

    * إذن أنت تعتقد أن الحركة الصوفية يمكن أن تكون بديلا للعمل السياسي الإسلامي في العالم الإسلامي؟.

    - هذا ما أعتقده، ولست الوحيد الذي يعتقد ذلك، وما أعنيه بالصوفية هنا ليس الصوفية الشعبية، ولكن الصوفية بمعناها الروحي؛ لأن الصوفية تمكننا من العودة إلى الإسلام الإنساني والعقلاني، وهي المنزلة التي لا يمكن بلوغها إلا بالإسلام الروحاني قبل كل شيء.

    * ولكن الصوفية كحركة دينية كانت دائما على هامش التغيير السياسي في العالم الإسلامي، بل إنها في أمثلة عديدة تحالفت مع المستعمر وأوجدت له الشرعية!.

    - هذا غير دقيق تماما؛ لأن جزءا من رجال الإصلاح ومقاومة الاستعمار كانت منطلقاتهم صوفية، فعندما ننظر -مثلا- إلى الأمير عبد القادر في الجزائر، نجد أنه كان رجل سياسة وأيضا أحد كبار رجال الصوفية في نفس الوقت، ويمكن من خلال أنموذجه أن نفهم معاني الصوفي المقاوم. فالصوفي هو الذي يريد أن يكون حركيا في الكون مع مصدر روحاني، بينما الإسلامية السياسية تنتج خطابها الخارجي الشكلي والأيديولوجي دون أن يكون لها سند روحي قوي.

    * ولكن هناك من يرى أن الصوفية لها خلفية أيديولوجية أيضا، وهناك من يقول إنها بوابة لعلمنة العالم الإسلامي؛ لأن أحد مبادئها الكبرى هو الانشغال بإصلاح النفس، أي اعتبار الديانة شأنا فرديا.

    - الصوفية هي أولا وقبل كل شيء العمل على التحرير الذاتي، ولكن عندما نحقق التحرير الذاتي يمكن العودة إلى الخطاب بين الناس، وهو ما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم. وعندما نتابع حياة جميع أساتذة الصوفية نجد أنهم لم يعيشوا خارج إطارهم الاجتماعي، فصحيح أنه في فترة معينة يعيش الصوفية "الخلوة" في الصحراء أو في غيرها، ولكنهم يعودون بعد ذلك إلى الناس والمجتمع، إذ إن لهم دورا اجتماعيا مهما في هذا الإطار.

    فالطرح الذي يقول: إن الصوفية لا يفكرون إلا في الخلاص الفردي هو طرح مغلوط، وعندما نعود إلى تاريخ الصوفية نجد أن هذا غير صحيح، فقد مارس الصوفية السياسة في أحيان كثيرة كما مارسوا أدوارا ثقافية واجتماعية، ثم إننا يمكن أن نلحظ أن هناك مدا جديدا من الأجيال الجديدة للصوفية يعي الأبعاد الاجتماعية للصوفية. فإلى حد سنوات السبعينيات كان الانطباع الحاصل أن الطرق الصوفية مرتبطة بسن معينة متأتية من التقليد، وماكثة في الزوايا والتكايا، غير أن الأمر تغير الآن، فهناك العديد من الشباب غير مكتفين بما يقال لهم وينظرون إلى كون الصوفية عملية تحرير داخلي وخارجي في نفس الوقت.

    * عندما ننظر إلى الاحتلال في فلسطين أو العراق وأفغانستان والشيشان، وضرورة تحرير الأراضي العربية والإسلامية تحريرا فعليا نتساءل عن مدى جدوى التحرير الذاتي بالمعني الصوفي؟.

    - إذا أخذنا فلسطين كمثال، فيجب أن نعلم أن هناك صوفية يسعون إلى لقاء رجال روحانيين يهود من أجل تحقيق السلام، فهناك الطريقة الإبراهيمية التي تعمل بكفاءة في الأراضي المحتلة، لماذا الإبراهيمية؟ لأن إبراهيم هو أصلنا جميعا، وهذه الطريقة تدعو إلى عدم استعمال العنف من أجل تجاوز المأزق السياسي. ولكن هناك طرقا صوفية أخرى تناضل ضد إسرائيل أيضا، ولكن بطريقتها. فعندما ننظر إلى الطرق الصوفية في سوريا نجد أنها تقوم بدور بارز في الدعوة إلى الصمود ضد التدخل الخارجي اليوم. وعندما نعود أيضا إلى الطريقة السنوسية في ليبيا سنلحظ أن الصوفية قاومت الاستعمار الإيطالي، كما أن الزوايا المغربية في القرن الثالث عشر قاومت الاستعمار البرتغالي.

    هذا لا يعني أن الزوايا كانت دائما مراكز مضيئة، ولكن هناك من الزوايا من تستجيب لروح الصوفية الحقة التي تتميز بالانفتاح.

    * هل هذا يعني أن الصوفية هي المجسم الحقيقي للبعد الإنساني للإسلام؟.

    - بالضبط، ولهذا يقول الصوفيون بأن الصوفية هي قلب الإسلام، فإلى عهد الغزالي كانت الثقافة الإسلامية مطبوعة بالصوفية، حتى بالنسبة لرجال الإصلاح، رغم أن هذا الكلام لا يقال كثيرا.

    ورغم أن الوهابيين حاربوا الصوفية في العصر الحديث، فإن التيار السلفي الإصلاحي لم يحارب الصوفية بشكل مطلق، ولكنه حارب المظاهر الشعبية منها وبات مقتنعا بأن الصوفية هي إحدى الفرق الإسلامية.

    * عندما نتحدث عن الإسلام الفرنسي وطبقا لرؤيتك التي طرحتها لا نرى له من مستقبل إلا المستقبل الصوفي إذن؟

    - نعم هناك بداية توجه في هذا الإطار، وحتى الرأي الشعبي الفرنسي مقبل على هذا الاتجاه الروحي ويشجعه، فكثير من الفرنسيين يبحثون خارج المسيحية عن أبعاد روحية، والصوفية في هذا الإطار، فإن الصوفية الإسلامية تجذب أكثر من غيرها، خاصة عندما نعلم أن أكثر شاعر مقروء له في الولايات المتحدة هو ابن الرومي، أي شاعر صوفي، ونلاحظ أن الكثير من المعتنقين للإسلام في فرنسا مثلا جاءوا للإسلام عن طريق الصوفية.

    حتى بالنسبة للاتجاه الجديد داخل الشباب من أصول مهاجرة، فإنه مقبل على هذا التوجه الصوفي، وهناك فكرة متواترة ولكنها صحيحة تماما في الغرب، وهي أن الناس لهم كل شيء في الجانب المادي، غير أنهم يفتقدون الجانب الروحي، وبذلك تمثل الصوفية الصوت الحي الذي يناديهم. ولكن لماذا صوفية الإسلام؟ لأن صوفية الإسلام قريبة من الأوربيين أكثر من غيرها، فاليهودية دين مغلق، والمسيحية لا تمتلك زخم الإسلام الروحاني، والبوذية بعيدة عنهم.

    __________________



    جلال الدين الرومي يغزو أميركا بروائعه الأدبية

    ومترجم مؤلفاته الخالدة كولمان باركس يزور مسقط رأسه






    من ستيف هولغيت، المراسل الخاص لنشرة واشنطن









    واشنطن 16 آذار/مارس 2005 - هو أكثر الشعراء شعبية في الولايات المتحدة. ورغم أنه لم يكن معروفا فيها قبل عشرة أعوام، إلا أن الإقبال على دراسة أعماله انتشر في كل الجامعات الأميركية. كما تنشر الأبواب الثقافية في الصحف الصادرة في كل المدن الأميركية الكبرى تقريباً مواعيد وأماكن قراءات أشعاره وإلقاء محاضرات عنه وعن أعماله. وأكبر مقياس على مدى شهرته، هو قيام مجموعة من نجوم السينما والمطربين بتسجيل أشعاره.

    من هو هذا النجم الأدبي المتلألئ؟ وهل أنجبت الولايات المتحدة شاعراً شهيراً آخر مثل وولت ويتمان يتغنى بقصائد أميركا؟ أم أنه روبرت فروست -- الحائز على جائزة بوليتزر أربع مرات - آخر يخاطب أرواحنا؟

    في الواقع إن هذا الشاعر ليس أميركيا على الإطلاق. ولا يمكن للأميركيين أن يأملوا في الالتقاء به ورؤيته في إحدى قاعات المحاضرات أو البرامج الحوارية على شاشة التلفزيون؛ فقد رحل هذا الشاعر عن عالمنا منذ أكثر من 700 عام. وإذا كان اسمه قد لمع وأصبح معروفاً في الولايات المتحدة منذ فترة قصيرة، فإن الإيرانيين يضعونه في مكان قريب من قلوبهم جميعاً منذ قرون. إنه أحد أعلام الشعر الصوفي في الأدب الفارسي، جلال الدين الرومي المعروف في الولايات المتحدة باسم "رومي."

    إن أبعاد الولع بجلال الدين الرومي في الولايات المتحدة إن كانت لم تصل تماماً إلى مرتبة الولع بفريق البيتلز التي كانت سائدة في وقت من الأوقات، فإنه رغم ذلك ولع مثير للدهشة والإعجاب. فخلال السنوات العشر الماضية، حسبما تقول مصادر متعددة، فاقت مبيعات دواوين جلال الدين الرومي مبيعات دواوين أي شاعر آخر في الولايات المتحدة. وبالبحث على شبكة الانترنيت نجد أن كتابة اسم الرومي ينتج عنها ظهور حوالي 800 ألف موقع ورد اسمه عليها. وتوجد في الأسواق الأميركية الآن، سواء كانت تلك الأسواق في حرم الجامعات أو في محلات بيع الكتب أو أماكن أخرى، روزنامات (نتائج حائط) وأكواب قهوة وقمصان أو تي شيرتات عليها صور جلال الدين الرومي.

    ورغم أن هذه المظاهر لشهرة الرومي في الولايات المتحدة تعتبر مماثلة لمظاهر شهرة أي فنان شعبي أو شخصية ثقافية في الولايات المتحدة، فمن الخطأ الاستهانة بالنجاح الذي تحققه أشعار الرومي في الولايات المتحدة، أو الشك في أن كلماته المستمدة من التقاليد الإسلامية قد لا تتفق مع احتياجات واهتمامات العديد من الأميركيين.

    وتقول فيليس تيكيل المحررة بمجلة بابليشار ويكلي، وهي مجلة للإصدارات الأدبية، إن شعبية الرومي "تعود إلى ما نعانيه من ظمأ روحي كبير." وفي حديثه عن الموضوع نفسه، قال الشاعر الأميركي كولمان باركس، الذي كانت ترجماته لأشعار الرومي أكبر عامل أدى إلى شعبيته في الولايات المتحدة، إن طبيعة أفكار المذهب الصوفي التي تغلب على أشعار الرومي وجدت صدى لها بين الأميركيين الذين يسعون إلى هذه الخاصية.

    إن التساؤلات التي طرحها الرومي بأسلوب شعري "لا أعلم من أين جئت، ولا أعرف ما يجب أن أفعل،" تعتبر معبراً عن مشاعر عدد لا يحصى من الأميركيين الذين يتمتعون بحس روحي قوي.

    ومنذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، أشار عدد من المعلقين إلى أن الرومي كان بمثابة المعبر الذي وصل بين الأميركيين والإسلام. وقد يتفق الكثيرون مع الشاعر الألماني هانز ماينكي الذي قال إن شعر الرومي هو "الأمل الوحيد في الأوقات المظلمة التي نعيش فيها."

    وكانت أكثر الشخصيات فاعلية في زيادة الوعي والمعرفة بالرومي، هو المترجم الرئيسي لأعماله الشاعر الأميركي كولمان باركس. ويقول جيمس فاديمان "إن سر شهرة وشعبية الرومي في الولايات المتحدة هو كولمان باركس." وكان نشر كتاب باركس بعنوان الرومي المميزThe Essential Rumi في العام 1995 هو الشرارة التي أشعلت اهتمام أميركا بشاعر اللغة الفارسية.

    وفي لقاء أجري معه في الآونة الأخيرة، أشار باركس إلى أن مهمته لترجمة أعمال الرومي بدأت بطريقة غير معتادة. وقال "لم أكن سمعت به من قبل قط" قبل أن يقدم إليه الشاعر الأميركي المعروف روبرت بلاي أحد دواوين الرومي في 1979، وكان مكتوبا بأسلوب أكاديمي رديء، وكان هو الترجمة الانجليزية الوحيدة لأشعار الرومي في ذلك الوقت، فقال الشاعر بلاي لباركس حينئذ "إن تلك الأشعار تحتاج لمن يفك عقالها ويخرجها من القفص المحبوسة فيه."

    وسرعان ما شرع باركس في العمل. وحسبما قال، "لقد صغت أشعاره كشعر حر أو مرسَل باللغة الانجليزية الحديثة." معرباً عن اعتقاده بأن تلك الصياغة "هي أقوى ما لدينا من تقاليد وأعراف شعرية." وقال باركس إنه رغم أن هذا الأسلوب للترجمة لم يكن مألوفاً، فإنه اجتهد بشدة "لكي يظل دقيقاً ومتفقاً مع ما رسمه الرومي من صور شعرية، وآمل أن يكون أيضاً متفقاً مع روحه." ثم أضاف "هناك موسيقى شعرية كثيفة في مؤلفات الرومي، لكنني لا أستطيع نقلها أو ترجمتها. إنني أنصت إلى ما ينبض بين أبيات شعره من مشاعر وعواطف، وأحاول أن أحذو حذوها لكي أستخرجها،" وأجعلها تنطلق مغردة وباهرة.

    عكف باركس على ترجماته مدة سبع سنوات، دون أن يفكر في نشرها. وفي نهاية المطاف بعث بما ترجمه من أشعار الرومي إلى الناشر الأميركي هاربر كولينز، الذي نشر أول ديوان للرومي. وكان النجاح غير المتوقع الذي حققه هذا الديوان هو الذي أدى إلى تأليف كتاب باركس (الرومي المميز) الذي يحظى بشعبية غير عادية، والعديد من الكتب الأخرى التي أنتجها باركس في الآونة الأخيرة. وقد بيع من تلك الكتب مجتمعة، أكثر من 500 ألف نسخة وهو نجاح شعبي وتجاري كبير قلما يحظى به شاعر.

    وبكثير من الحماس يتحدث باركس، وهو شاعر وأستاذ سابق للأدب، عن أعمال شاعر القرن الـ13 العظيم. فيقول "إن هذا الشعر كتبه جزء مختلف من النفس البشرية. ولا أعني الشخصية، لكنه شيء آخر مبهم يتجاوزها.

    ولا يغفل باركس احتمال أن تقرب أعمال الرومي بين الأميركيين والمسلمين، فيقول "إن الأميركيين لا يرون أشياء كثيرة في العالم الإسلامي. ومن بين تلك الأشياء جلال الدين الرومي. إننا لا ندرك تماماً ما في أعماله من جمال." وأعرب عن أمله في أن تسهم تلك الترجمات في تيسير الفهم وأن "تصبح بوابة يمكن أن تدخل منها أشعار الرومي". ويرى باركس أن نفحات قصائد الرومي تحمل في ثناياها جوهر الرسالة الإسلامية، ألا وهي التسليم بقضاء الله عز وجل.

    ورغبة باركس في رأب الصدع في التفاهم بين الإسلام وأميركا، هي ما ستأخذه في القريب إلى أماكن ربما لم تخطر على باله ولم يتخيلها حينما بدأ ترجماته. ففي أواخر آذار/مارس سيسافر إلى أفغانستان البلد التي ولد فيها جلال الدين الرومي، ليقدم قراءات شعرية كجزء من برنامج ثقافي مشترك بين وزارة الثقافة الأفغانية ووزارة الخارجية الأميركية. وأثناء وجوده في أفغانستان سيزور عدداً من المدن من بينها مدينة بلخ مسقط رأس الرومي (كانت بلخ في زمن الرومي داخل حدود طاجكستان).

    وقال باركس وهو يعبر عن توقعاته بأن تكون رحلته رحلة سعيدة، "إن هناك من سيقرأ القصائد بالفارسية وسأقرؤها أنا بالانجليزية، وستكون مصحوبة بموسيقى." ومن المقرر أن يلتقي باركس خلال زيارته لأفغانستان بأعضاء جماعة إسلامية تتبع المذهب الصوفي الذي أنشأه جلال الدين الرومي المعروف باسم المولوية.

    تجمع بين جلال الدين الرومي وكولمان باركس قواسم مشتركة من بينها حب الاستطلاع والإحساس بالسعادة والابتهاج والرغبة في الفهم والتجربة، وهو ما سيجمع الآن بين شعبين مختلفين لديهما مشاعر روحية مشتركة
    __________________




    --------------------------------------------------------------------------------

    من غزليات
    جلال الدين الرومي " مولوي" (1207_ 1273)

    ترجمة: حميد كشكولي

    إنّي نهايتك

    أما قلتُ لا تذهبْ إلى هناك فإنّي الحبيبُ ،
    و أنّني نبعُ الحياة في سراب العدم ؟
    فلو هجرتَني لمئة ألف عام ،
    لابدّ أن تكون عندي أخيرا لأنّي نهايتك .

    أما قلتُ لا تبتهج بما تبديه لك الدنيا ،
    لأنّي صورة بهائك؟
    أما قلت إنّي البحر وأنت فيه سمكة وحيدة ،
    ولا تذهبْ إلى اليابسة فإنّي يمُّ صفائك؟
    أما قلتُ لا تقتربْ مثل الطيور من الفخّ ،
    تعال فأنّي قوة طيرانك و بأس جناحك؟

    أما قلت إنّهم سيقطعون طريقك و سيطفئون نار فؤادك ،
    فأنّي نارك ولهيبك ودفء هوائك؟
    أما قلت إنهم سيعكّرون ماء العيون ،
    و إنّك ستفقد دربَ النبع فأنّي ينبوع صفائك؟
    أما قلتُ لاتسألْ أنّى ستكون عاقبة العباد ،
    فأنّني المبدع الخلّاقُ ؟
    إن كان قلبك نيّرا سترِدُ حتما المنزل ،
    أو إن كنت َ على خُلق الآلهة ،
    فاعلم أنني سيّد محرابك.
    ****

    لا تذهبي وحدك!

    في خطى الغنج و الدلال تسيرين ، فلا تروحي وحدك !
    يا حياة الأحبة في البستان لا تذهبي وحدك!
    يا أسباب الأشياء لاتدخلي الروض وحدك!
    أيّتها الأفلاك لاتدوري بدوني ،
    ويا أيها القمر لا تشتعلِ وحدك!
    فهذه الدنيا بك جميلة ، و تلك الدنيا أيضا ،
    فلا تكوني في هذه بدوني ،
    ولا في الأخرى وحدك!
    أيها الظاهر لا تظهر بدوني !
    أيها اللسان لا تشْدُ وحدك!
    أيها البصر لا تنظر بدوني!
    و يا أيتها الروح لا تروحي وحدك!
    الليل يتمرأى في مرآة القمر نورا ،
    أنا الليل و انتِ قمَري ،
    فلا تتحركي في السماء وحدك!
    الأشواك نجت من النار بفضل الورد ،
    أنت ِالورد وأنالشوك ،
    فلا تدخلي الروض وحدك!
    أجسُّ خفقان رؤيتك لأحدّق في عيونك،
    قفي ! انظري ! ، أنا أنتظر ُ ، لا تذهبي وحدك،
    أنت غريم الشاه ، يا زهوا أنا نديمك ،
    وحين ترتفعين إلى سماء الديار ،
    فيا أيها الناطور لاتحرس الديار وحدك!
    ويل ٌ لمن يهيم في الدروب في غفلة من نورك ،
    أنتِ نور في الطريق ، فيا أيها الدليل لاتتركني لوحدي!
    أنتِ عند الناس العشقُ،
    ولكنّي أسميك الهة الهيام ِ ،
    أنتِ تسْمين فوق أوهام الجميع ، فل تتركيني لوحدي!
    *****


    مالعمل؟
    مالعمل، با مسلمين؟
    فأنا لا أدرك ذاتي.
    لستُ مسيحيا ، ولا يهوديا، ولا كافرا، زلا مسلما.
    لم آتِ من الشرق ، ولا من الغرب ،
    لا من البَرِّ ولا من البحر؛
    لم تصنعني الطبيعة في مصانعها، ولا مدارات سماوية.
    إنّي لست من التراب ، ولا من الماء، ولا من الهواء، ولا من النار،
    لستُ من جنة الخلدِ ، ولا من الغبار، ولا من الوجود ، ولا من الكينونة.
    لا أتحدر من الهند، ولا الصين ، ولا بلغاريا،ولاساقسين،
    ولستُ من بلاد العراقين ِ، و لا من خراسان.
    أنا أصلا لستُ من هذا الدنيا، ولا من الآخرة، ولا من الفردوس ولا الحجيم.
    لستُ من آدم، ولا من حواء،
    لا من عدْن ٍ ، ولا من رضوان.
    فمكاني هو اللامكان، و آثاري لا تترك أيّ أثر،
    إنّي لستُ من أي جسد ، ولا من أية روح ، لأنّي تابع لروح الحبيب.
    طلّقت ُ الثنائية ، فأرى العالمَين ِ واحدا،
    أبحث ، أعرف ثمة "ج" ، وأرى ، فأنادي.
    إنّه الأول ، وإنّهُ الأخير ، إنّهُ الظاهر، وإنّه الباطن؛
    إنّي لا أعرف أحدا سوى "ياهو" و " يامن هو" .
    أنا ثمل بكأس العشق ِ ، والعالمان تجاوزا مدى ادراكي.
    احتفالات الخمر والعربدة تشغلني عن كل شئ ،
    ولو غفلت لحظة من عمري دون أن أعيشها ، لندمت عن حياتي منذ تلك اللحظة.
    ولو غنمتُ منها لحظة في هذه الدنيا،
    لسحقتُ كلا العالمين ، ولرقصتُ ابتهاجا بهذا النصر العظيم.
    فيا شمس تبريز! أنا ثمل في هذا العالم،
    وليس لي ما أقول سوى الثمالة والعربدة.

    ملاحظة: القصائد أصلا بدون عناوين ، وتلك العناوين من عندي .وأن الترجمة قمت بها بتصرف.



    ملف رائع عن قونية

    http://www.alwaraq.net/konia/konia.htm
    __________________




    --------------------------------------------------------------------------------

    رابط مفيد وجميل فيه ملف عن قونيا واكتشاف جلال الدين الرومي

    http://www.alwaraq.net/konia/konia.htm

  2. #2
    شكرا على هذا الجهد والفائدة الكبيرة
    بنت الشام تنقبين عن الماس
    وتقدمينه بحب
    لك الود

المواضيع المتشابهه

  1. من كلمات جلال الدين الرومي
    بواسطة أ. زيناء ليلى في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-09-2017, 06:52 AM
  2. الشعر والتصوف..
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 06-18-2014, 12:43 PM
  3. مثنوي - جلال الدين الرومي
    بواسطة أبو فراس في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-21-2014, 02:17 AM
  4. كتاب فيه ما فيه - جلال الدين الرومى
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-13-2014, 03:59 AM
  5. مهرجــان جلال الديـن الرومي
    بواسطة ملده شويكاني في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-17-2008, 08:33 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •