منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

العرض المتطور

  1. #1
    محاضر في جامعة الشلف الجزائر
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    419

    الأسس الفلسفية و الاجتماعية لبيداغوجيا المقاربة بالكفاءات

    *عنوان المقال: الأسس الفلسفية و الاجتماعية لبيداغوجيا المقاربة بالكفاءات


    *الدكتور بوبكر جيلالي


    الملخص:


    تعالج المقالة أسس استرتيجية المقاربة بالكفاءات في التربية والتعليم والتكوين من الجانبين الفلسفي والاجتماعي، أكّد المدخل أنّ أسلوب المقاربة بالكفاءات مظهر من مظاهر التطور الحاصل في عصرنا، وأوضح أسباب هذا التطور. جاء العنصر الأول يقارن بين التربية القديمة والتربية الحديثة بشكل عام، أما العنصر الثاني فهو موازنة بين المقاربة بالأهداف والمقاربة بالكفاءات، أما العنصر الثالث وقف على الأسس الفلسفية والاجتماعية للمقاربة بالكفاءات وهي: الأساس البراغماتي والأساس الوجودي والأساس الواقعي والأساس العلمي التكنولوجي والأساس الديمقراطي والأساس الليبرالي الاقتصادي وأساس العولمة.
    عنوان المقال:الأسس الفلسفية و الاجتماعية لبيداغوجيا المقاربة بالكفاءات


    خطة البحث:


    - مدخل


    1- التربية القديمة و التربية الحديثة


    2- المقاربة بالأهداف و المقاربة بالكفاءات


    3- المقاربة بالكفاءات و أسسها الفلسفية و الاجتماعية:


    أ- الأساس البراغماتي


    ب- الأساس الوجودي


    ج- الأساس الواقعي

    د- الأساس العلمي والتكنولوجي

    ه- الأساس الديمقراطي


    و- الأساس الليبرالي الاقتصادي


    ي- أساس العولمة


    خاتمة مدخل:


    - لكل مجتمع من المجتمعات الإنسانية القديمة و المعاصرة نظمه التربوية و التعليمية، المسئولة عن إعداد الفرد و تكوينه و تعليمه، وفق ما يضمن بقاء المجتمع و استمراره و تطوره. - لكل منظومة تربوية فلسفة ترتكز عليها و تستند إلى مبادئها، تمثل القيم و الاتجاهات و المبادئ الفكرية والاجتماعية والسياسية و الدينية السائدة في المجتمع، التي تحدد نمط شخصية الفرد المرغوب فيه، بفعل التربية والتعليم، وتعكس ذات المجتمع وآماله و تطلعاته. - فلسفة بيداغوجيا المقاربة بالكفاءات جزء من فلسفة التربية والتعليم في عصرنا، فلسفة انبثقت من التطور الذي شهده ولازال يشهده العالم في جميع جوانب الحياة ، فكريا وعلميا وتكنولوجيا واجتماعيا و سياسيا و اقتصاديا ، وتعكس التطور الحاصل بشكل أكبر و أوسع في مجال وسائل و أساليب العمل والتحكم في الطبيعة والسيطرة عليها ، ثم تعدّاها إلى حياة الإنسان، ونتاج ذلك فلسفة التربية وبيداغوجيات التعليم ومقارباته. - التطور الحاصل في الميدان التربوي و التعليمي مرده إلى التغيّر الكبير الذي عرفته فلسفة التربية القديمة ، وظهور أسس فلسفية جديدة تأسست عليها التربية و ارتبط بها التعليم ، فكان أن أعرض الإنسان عن أسس وطرق وطبيعة و أهداف التربية و التعليم الكلاسيكية ، و أقبل على التربية الجديدة


    1-التربية القديمة و التربية الحديثة:


    - تقوم التربية القديمة على ثلاثة أسس رئيسية، نمت بفعل تأثير العديد من الاتجاهات و النظم الدينية و العقلية والاجتماعية، وكذلك النفسية والفلسفية في حياة الإنسان التربوية و التعليمية.


    أولها: أنّ كل ما يحدثه الإنسان وما يقع له في حياته عامة قدر مكتوب و قضاء محتوم، وواجب الإذعان لأحكام القدر.


    ثانيها: الطفل بطبعه شرير، و لا يستأصل الشر من الطفل إلاّ بمراقبة الوالدين المستمرة له و معاقبته.


    ثالثها: لكل إنسان في حياته حدود لا يتجاوزها، عليه بالبقاء في مكانه، و الطفل إذا حاول الخروج من دائرته يقابل بالإرهاب و العقاب و العنف.

    - ترتبت عن الأسس الثلاثة أن تبنّتها التربية و تبنّاها التعليم في القديم أساليب و أهداف جعلت الطفل رجلا صغيرا يقلد الكبار في كل شيء، يقبل كلّ شيء يتلقاه، بعيدا عن أي دور له في تنمية قدراته و في بناء شخصيته و في تعاطيه مع مجتمعه.


    - أما القواعد الهامة في التربية الحديثة و المعاصرة تعبر عن أهداف و غايات من شأنها تجعل الطفل أو المتعلم هو محور الفعل التربوي، و الشريك الأساسي في العملية التعليمية التعلمية. وأهم هذه القواعد مايلي:


    1- التعلّم عند الطفل يكون عن طريق النشاط النابع من قوى الدوافع الغريزية، لذا على المربي أ و المعلم إفساح المجال للمتعلم (الطفل) بما يتفق مع هذه الميول و الدوافع.


    2- في الطفل مواهب كامنة وعناصر و طاقات، عل المربي و المعلم إيقاظها، بوضعه أمام مشكلات معقدة و غامضة جذّابة ليقوم بحلّها، ومساعدته لاكتشاف مواهبه بنفسه.


    3- مراعاة الفروق الفردية في الفعل التربوي بصفة عامة و في الفعل التعليمي التعلمي بصفة خاصة.


    4- الحرص على تنمية قدرات الطفل إلى أبعد الحدود، في إطار ظروف اجتماعية تسمح لطرق التدريس بمسايرة هذه الميزة الاجتماعية.


    5- الارتكاز على مقاييس علمية في التربية والتعليم، تكون من إنتاج البحوث و الدراسات في علم النفس و علوم التربية و هي علوم عرفت تطورا كبيرا.


    6- استناد المناهج التربوية و طرق التدريس واستراتيجيات التعلم إلى فلسفات ونظم فكرية و اجتماعية حديثة و معاصرة ، تختلف عن الأسس الفلسفية و النظم الاجتماعية التي تأسست عليها التربية الكلاسيكية، ومن هذه الفلسفات، الفلسفة البراغماتية ، و الفلسفة الوجودية، و من النظم الاجتماعية، النظام الليبرالي السياسي والنظام الاقتصادي الحر، و الطابع العلمي و التكنولوجي للمعرفة وعالميتها.


    2- المقاربة بالأهداف و المقاربة بالكفاءات:

    - بيدغوجيا المقاربة بالكفاءات أسلوب تربوي و تعليمي تعلمي، انبثق من التطور الذي حدث في حياة الإنسان ككل ، هذا التطور أفرز دواعي وأسباب اختيار المقاربة بالكفاءات ، و الحاجة إليها، و كان قبل ذلك أسلوب المقاربة بالأهداف هو الأسلوب السائد في التربية و التعليم.


    - دخلت بيداغوجيا المقاربة بالأهداف حقل التربية و التعليم إلى الولايات المتحدة الأمريكية في أوائل القرن الماضي ، ثم إلى فرنسا في أواسطه، و دخلت إلى الجزائر في الثمانينيات منه ، انصب كل الفعل التربوي و الفعل التعليمي التعلمي بمقتضى أسلوب التدريس بالأهداف على العناية الفائقة بالأهداف التربوية، من خلال تحديد مستوياتها، وأسس و شروط بنائها، و أساليب و وسائل تحقيقها، و العمل على صياغتها بالدقة اللاّزمة و الكفاية المطلوبة، لإظهار السلوك المتوقع ، و النشاط المنتظر المرغوب من المتعلم في شكل فعل تعليمي ، كذلك الأمر بالنسبة لمعايير و شروط أداء الفعل التقويمي الذي يحكم في نهاية المطاف على فعالية التعليمية القائمة و على نتائجها. لكنّ الواضح أنّ أسلوب التدريس بالأهداف – حسب خبراء التربية و التعليم- أفرز عدة انحرافات و مشاكل في المجال التربوي و التعليمي منها ما يا يلي:


    1- تفكيك الفعل التعليمي إلى مستوى يفقد معه معناه و قيمته لدى المتعلم.


    2- تحديد الأهداف مسبقا على حساب النمو الطبيعي و النشاط الذاتي للمتعلم.


    -3عدم تطابق الأهداف التربوية المسطرة مع محتويات المناهج التعليمية.


    4- عدم انسجام – في معظم الحالات – الأهداف في مستوياتها و تطلعاتها مع الكيان الشخصي للمتعلم من جهة و مع ظروف حياته و مع إمكانيات تحقيق الأهداف و التطلعات من جهة أخرى.


    5- سيطرة الآلية و الروتين على الفعل التعليمي التعلمي مما جعله عرضة للجمود التحجر.


    6- عدم مراعاة التطور الحاصل في حياة الإنسان اجتماعيا وعلميا وتكنولوجيا ، الأمر الذي فصل بين طريقة التدريس بالأهداف والواقع المعيشي ، ففقدت المناهج التعليمية وظيفيتها في حياة المتعلم. - بالإضافة إلى الانحرافات و المشاكل التي أفرزتها بيداغوجيا المقاربة بالأهداف، والتطور الذي عرفته العلوم و التكنوجيا، و التغيرات التي شاهدتها الحياة الاجتماعية، قامت الحاجة إلى بيداغوجيا المقاربة بالكفاءات، من خلال العوامل التالية:


    1- الانفجار المعرفي و التقدم التكنولوجي الذي يشهدهما العالم اليوم جعل خبراء التربية يفكرون في إعادة بناء المناهج التعليمية على مبادئ مبنية على ما هو أيسر و أنفع للمتعلم.


    2- تجنب المناهج التي تجلب للمعلم و المتعلم معا العناء ، و الأخذ بما يوفر الاقتصاد في الجهد و الوقت في عمليتي التعليم و التعلم.


    3- المناهج التعليمية السابقة مثقلة بمعارف غير ضرورية للحياة ولا تسمح لحاملها أن يتدبر أمره في الحياة العملية.


    4- النظر إلى الحياة من منظور عملي.


    5- التخفيف من محتويات المواد الدراسية.


    6- تفعيل المحتويات والمواد التعليمية في المدرسة وفي الحياة.


    7- السعي إلى تثمين المعارف المدرسية وجعلها صالحة للاستعمال في مختلف مواقف الحياة.


    8- تمكين المتعلمين من اكتشاف قيّم المادة التعليمية بأنفسهم عن طريق حسن التوجيه.


    9- الطموح إلى تحويل المعرفة النظرية إلى معرفة نفعية.


    10- التكوين المتمحور حول الكفاءة طموح ،فهو يستدعي القدرة على استعمال المعارف المكتسبة بفاعلية ، فمن وجهة نظر الجانب التعليمي يشكل اكتساب الكفاءات تحديا أكبر و أولى من اكتساب المعارف .


    3- المقاربة بالكفاءات و أسسها الفلسفية والاجتماعية:


    - لقد غيّرت التربية مجراها ، و غيّر التعليم سبيله في العصر الحديث و في أيامنا هذه من استخدام بيداغوجيا التعليم بالأهداف إلى استعمال بيداغوجيا المقاربة بالكفاءات ، وذلك لأسباب عديدة ذكرت من قبل ، و كان ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية، في سنة 1968 م ، وبعد هذه السنة عرفت حركة الإصلاح التربوي و التعليمي المبنية على الكفاءات في الولايات المتحدة الأمريكية و في غيرها من البلدان نهضة كبيرة و تطورا ملحوظا ، أفضى في النهاية إلى العناية البالغة بالكفاءات ، والاهتمام بكل ما يتعلق بخدمة الكفاءة في التربية و التعليم ، لضمان الغايات الكبرى للتربية ، المعلن عنها في النصوص الرسمية أو غير المعلن عنها.

    - تستمد التربية القائمة على الكفاءات مبررات وجودها من أسس فكرية و علمية و فلسفية و اجتماعية كثيرة ، حالّّة في الحضارة الحديثة و المعاصرة ، أفرزها التقدم العلمي والتكنولوجي ، و هو ميزة عصرنا ، و أنتجتها التغيرات المستمرة التي عرفتها الحياة الاجتماعية في جميع مناحيها.


    - و من هذه الأسس ما يتصل بالجانب الفكري ، متمثلا في سيطرة التفكير الوضعي العلمي ، و الاستناد إلى مقومات الروح العلمية ، في كل مشروع اجتماعي ، بما في ذلك المشروع التربوي و الأنشطة التعليمية ، مع الارتكاز على معطيات البحوث و الدراسات العلمية ، في مجال العلوم الإنسانية و الاجتماعية ، خاصة مجال علم النفس و علوم التربية ، مثلما توصل إليه المختصون في التعليمية ، وفي سيكولوجية النمو ، و في سيكولوجية الدوافع ، و نظريات علمية عديدة في علم الاجتماع و علوم اللغة.


    - و منها ما يتعلق بالتقنية أو التكنولوجيا التي تعكس قيام الآلة مقام الإنسان، و تحكّم الإنسان في الطبيعة، و سيطرته عليها، و غزو التقنية كلّ جوانب الحياة، و حضورها في جميع الأعمال التي يقوم بها الإنسان كإنسان في هذا الكون.


    - و بعضها يتصل بالفلسفة ونظرية المعرفة ، مثل الفلسفة البراغماتية أو العملية ، والفلسفة الوجودية ، و الفلسفة الواقعية ، وطرحت الإشكاليات التالية: ماذا نعلّم؟ و من نعلّم؟ و كيف نعلّم؟ و لماذا نعلّم؟ ...الخ من التساؤلات التي تطرح في مجال التربية والتعليم، على منوال إشكاليات نظرية المعرفة، ماذا نعرف؟ وكيف نعرف؟ ولماذا نعرف؟ ومن أين نعرف؟ ...الخ. - و بعضها الآخر يرتبط أساسا بالتحول الاجتماعي ، وبالنظم و الأبنية الاجتماعية التي أنتجها البناء الحضاري الحديث والمعاصر ، مثل الديمقراطية ، التنظيم الاقتصادي الليبرالي ، و العولمة و غيرها من المفاهيم و الأنساق التي تعكس طبيعة التفكير و الشعور و السلوك في المرحلة الراهنة ، و تعكس توجهاتها الاقتصادية و السياسية والاجتماعية و الفكرية ، والأيديولوجية في حياة الإنسان عامة ، و في الميدان التربوي والتعليمي بصفة خاصة.


    - تمثل الأسس الفكرية و الفلسفية والاجتماعية التي تقوم عليها التربية المعاصرة فلسفة هذه التربية ، و فلسفة التعليم بجميع أهدافه و مراحله و مناهجه ، و لما كانت بيداغوجيا المقاربة بالكفاءات واحدة من أساليب التربية و التعليم ، فهي تقوم على فلسفة التربية المعاصرة ، هذه الفلسفة نتناولها من خلال الأسس الآتية:


    أ- الأساس البراغماتي التقدمي:


    - ترجع أصول الفلسفة البراغماتية إلى كتابات هريقليتس (535 – 475 ق.م) المفكر اليوناني وكونتليان (35م – 95 م) الخطيب الروماني وتشارلز بيرس ووليم جيمس (1840-1910 م). تسمى البراغماتية بالأداتية والذرائعية والنفعية والعملية. أفرزت الفلسفة البراغماتية لاحقاً الفلسفة التقدمية، وهي مدرسة إصلاحية تؤكد على دور المدرسة في أن تكون مرآة مصغرة للبيئة، لأنها يجب أن تعكس أنشطة الحياة خارج أسوار المدرسة، في منظومة ديناميكية متكاملة متجانسة.


    - ربطت هذه الفلسفة التربية بخدمة المجتمع مع إعطاء المتعلم قدرا كبيرا من الحرية في اختيار ممارساته. رسّخ جون ديوى معالم هذه النظرية، ودفع بها إلى عالم الشهرة والأضواء، حتى غدت من أكثر المدارس الفلسفية انتشاراً في العالم الغربي والعربي. وقام العديد من المفكرين و الباحثين المحدثين و المعاصرين ببذل جهودٍ علمية وعملية كبيرة لنشر هذه الفلسفة في سائر أرجاء الوطن العربي.


    - تقوم الفلسفة البراغماتية على فكرة، هي أنّ الإنسان كائن بشري متميز عن غيره من المخلوقات بفكره و أخلاقه و معارفه و أعماله،وأساس الفكر و الأخلاق والمعرفة والأعمال عند الإنسان هو المنفعة لا غير. وأيّ فكرة نظرية أو معرفة أو سلوك لا يجلب لصاحبه منفعة مادية ملموسة فهو من قبيل العبث و لا قيمة له، و معيار نجاح الأفكار والأعمال هو ما تجلبه من منافع و فوائد عملية حسية ، أما مقياس الفشل في ذلك هو ما ينتج عن الأفكار و الأعمال من ضرر و هلاك. فالخير في الفكرة و في الفعل منفعة تجلب، و الشر في الفكرة و في الفعل ضرر يدفع.

    - أما المدرسة التقدمية فتدور جميع محاورها حول مفهوم الخبرة، والممارسة، وخطوات التفكير العلمي،القائمة على مهارة حل المشكلات، وخدمة المجتمع الديمقراطي، وتبني مبدأ المشاريع كوسيلة من وسائل التعلم. وتؤكد أيضاً على ضرورة تجاوز الماضي، والمتعلم أحوج ما يكون إلى ثقافة اليوم والغد، يأخذ منها على قدر حاجته للحياة الفاعلة المفعمة بالخبرات الناجحة.


    - لا شك أن هذه المدرسة قامت بثورة فكرية تاريخية ضد المدارس التقليدية التي اهتمت بالمعلومات وقللت من شأن المهارات. لا تؤمن هذه المدرسة بثبات القيم، بل الأخلاق نسبية تتحدد وفق قناعات المجتمع، فالقيم تتفاوت حقيقتها حسب وضع وزمن المجتمع وقناعات الفرد. من هنا فلا حاجة كبيرة للدين والموضوعات نسبية في المناهج والأنشطة التعليمية، و الطريق لكسب المعرفة يكون بالممارسة الحسية ولا يتحقق بالمدارسة التأملية.


    - مهدت الفلسفة البراغماتية للتربية التقدمية ويعتبرها البعض التطبيق التربوي لها. ظهرت هذه المدرسة في أمريكا في بداية القرن العشرين وأبرز روادها هو الفيلسوف والمربي الشهير: جون ديوي. نشطت الحركة التقدمية واكتسحت الساحة التربوية الأمريكية في الفترة ما بين 1920-1945م. دعت هذه الحركة الضاغطة إلى دعم العملية التعليمية بمزيد من الجهود الإنسانية والطاقات المتخصصة، والإمكانات المتاحة. من الواضح أن الحركة التقدمية تجاوزت الجدل الفلسفي النظري، وأنزلت الفلسفة من برج الجدل العالي إلى واقع الناس الفعلي. لفترة طويلة كانت الفلسفة تائهة في دهاليز المثاليات ولم تر نور العمل الإجرائي إلا قليلاً، وكثيرا ما كانت الأفكار تحتقن ثم تختنق في عروق الفلاسفة، لأنها تغذت بالنظريات من دون أن تعرف طريقها إلى عالم التجارب.


    - جاءت المدرسة التقدمية كثورة عارمة على سلبيات النظام التعليمي التقليدي العقيم – حسب البراغماتيين التقدميين- الذي يقوم على التمحور حول المعلم والكتاب المقرر وطرائق التعليم الجامدة. أكدت المدرسة التقدمية في بناء المناهج التربوية التعليمية على القواعد التالية: 1- الخبرة المباشرة مع البيئة المحيطة أفضل مناخ للتعلم.


    2- التعلم الفعّال ينتج من خبرات تعليمية ممتعة قائمة على مبدأ الإبداع وحل المشكلات.


    3- الاعتماد على الكتاب المدرسي والمنهج والتقوقع في إطارهما لا يناسب المتعلمين، إذ أن التعلم الجيّد يجب أن يقوم على أساس مبدأ الحرية والمرونة والخبرة والشمول. 4- المعلم كالموجه الإداري، الذي يتيح ويوفر الأجواء المناسبة للتعليم، من خلال طرح الأسئلة وتوجيه اهتمامات المتعلمين إلى الميادين الإنتاجية.


    5 - مراعاة الفروق الفردية لكل متعلم بحيث يتعلم الطالب كيف يسأل عن البيئة المحيطة به ويستفيد منها وهذه من أهم المهارات الحياتية.


    6- المدرسة عليها أن لا تنحصر في نفسها، وعليها أن لا تنعزل عن المحيط الاجتماعي الخارجي، فبعض رواد المدرسة التقدمية ذهب إلى أبعد من أطروحات جون ديوي حيث اقترحوا: أن تكون جميع البرامج الدراسية من المواد التي يريد المتعلم دراستها ويرغب في تعلمها و من محيط المدرسة، ومن الواضح أن هذا التوجه الجديد تعرض لانتقادات كثيرة.


    7- جميع العلوم والقيم نسبية متغيرة والمدارس يجب أن تركز على أسلوب حل المشكلات وأن تقوم بتزويد المتعلم بالمهارات التي تساعده على التغيير لا المعلومات التي قد تتغير في المستقبل. ب - الأساس الوجودي:


    - تؤمن الفلسفة الوجودية بالحرية الإنسانية المطلقة في الحياة ، وهي بالتالي ثورة حقيقية متواصلة على كل القيم المتوارثة ، وجميع الفلسفات السابقة.


    - الوجودية رؤية فلسفية للوجود الإنساني، ظهرت في أوربا – عقب الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918 م) – في ألمانيا أولاً ثم في فرنسا.


    - لا شك في أن الوجودية كنظرية وتطبيق ليست حركة جديدة بل جذورها في هذا المضمار ضارب في القدم، وعندما تحررت أوروبا من سلطة الكنيسة أصبح المفكر لا يخاف من نشر خواطره الخطيرة، فاستغل البعض أجواء الحرية لنسف كل الحدود الدينية وجميع السدود المجتمعية.

    - تنقسم هذه المدرسة إلى قسمين: القسم الديني المؤمن بالنصرانية، والقسم الملحد. القاسم المشرك بين القسمين أنهما يحاولان فلسفياً بيان ماهية الوجود الإنساني. الوجودية الملحدة هي المعروفة والأكثر شهرة في الثقافة العربية .


    - تلغي هذه الفلسفة خصوصيات الإنسان ككائن اجتماعي يتأثر بمعطيات المجتمع ولا يمكن أن يتغافل عن محيطه الذي يعيش فيه، كما أن النظرة الوجودية تحرم الإنسان من الصلة الروحية بخالقه، فلا تعطي أي وزن للمضامين الدينية.

    - يقوم هذا المذهب الذي نبت في أوربا على فكرة أساسية تنص على أن الوجود الإنساني الذي هو الحقيقة اليقينية الوحيدة ، ولا يوجد شيء سابق عليها، ولا بعدها، وتصف الوجودية الإنسان بأنه يستطيع أن يصنع ذاته وكيانه بإرادته، ويتولى خلق أعماله وتحديد صفاته وماهيته باختياره الحر، دون ارتباط بخالق أو بقيم خارجة عن إرادته، وعليه أن يختار القيم التي تنظم حياته.


    - ترجع بذور مذهب الوجودية إلى الكاتب الدانمركي كيركا جارد 1813-1855م، وقد نمّى آراءه وتعمق فيها الفيلسوفان الألمانيان مارتن هيدجر الذي ولد عام 1889م، وكارل ياسبرز المولود عام 1883م. وقد أكد هؤلاء الفلاسفة جميعا على أن فلسفتهم ليست تجريدية عقلية، بل هي دراسة ظواهر الوجود المتحقق في الموجودات.


    - يعتبر الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر (1905 - 1980 م) أكبر منظر لهذه المدرسة، التي لا تقيم وزناً للدين و لا للقيم الثابتة. انتشرت أفكاره في النصف الثاني من القرن العشرين، وخاصة في ميدان القصة والشعر. من أفكار هذه النزعة التحرر التام من أنظمة المجتمعات، الدعوة العلنية للإباحية الجنسية، تسفيه الأديان، الاستهتار بالمبادئ العامة، تقديس الإنسان، قمع الحِس الجماعي، ونبذ مكارم الأخلاق.

    - تظهر الملامح التربوية الرئيسية في الفلسفة الوجودية في النقاط التالية:


    1- تكون الفلسفة أكثر فائدة إذا بنيت على الحقيقة الإنسانية ، هذا ما يراه جان بول سارتر فالمعرفة الحدسية أساس الفلسفة الكلية.


    2- الإنسان هو الغاية في الحياة، الحياة رحلة يبحث فيها الإنسان عن إجابة للأسئلة المحيرة كي يسعد ولا يستبد به الشك.


    3- التربية بكل مناهجها التعليمية وأنشطتها الفصلية يجب أن تحقق ذاتية الفرد لا أهداف المجتمع.


    4- التحرر من الأخلاق أساس السلوك البشري كله.

    5- تشجيع الشك في كل المسلمات، وتمجيد العقل، والترحيب بالحوار بلا حدود.


    6 - لا تعترف الوجودية بالحق المطلق والفضائل الأخلاقية بل هي العدو اللدود للعقل وللوجود.


    7- تنكر الوجودية على المعلم استخدام العقاب أو التوبيخ أو الإذلال، حتى لو كان الطالب مخطئاً، لأن أهمية التربية ليست بحجم المادة التي يتعلمونها بل بمقدار أو بكيفية الاستفادة مما يتعلمون، و المتعلم هو محور الحركة التعليمية وجميع الخبرات التثقيفية.


    8 - المدرسة في رأي الفلاسفة الوجوديين مسئولة عن فتح المجال أمام التلاميذ للبحث والتدقيق في أي مجال يرغبونه.


    9 - الجانب العملي المستمد من الواقع المادي هو الطريق المؤدي إلى صياغة الشخصية الإنسانية،المؤمنة بذاتها المستقلة عن غيرها.


    10 - تهاجم الوجودية التعليم المهني والتخصصي، فهو يقيد مستقبل الإنسان، لأنه يقلل فرص الاختيار للعمل، وهذا يخدم المجتمع لا الفرد. ج- الأساس الواقعي:


    - ترى المدرسة الواقعية ورائدها الأول أرسطو (384 ق.م – 322 ق.م) أن العناية بالحواس أهم من التركيز على الخيال وتتفق مع المثالية في كون الفضائل ثابتة.


    - أعلت المدرسة الواقعية من شأن الحواس، وأنزلت الفلسفة من سماء التأمل والُمثل إلى عالم الواقع والحواس، وبذلك اتسعت ساحة المناهج التعليمية، لأنها بدأت تشمل العلوم الفلكية والرياضية، علاوة على العلوم الأدبية التقليدية.


    - أيَّد جون لوك(1632 – 1704 م) الفيلسوف الإنجليزي المدرسة الواقعية، لأنها أعطت الفكر النقدي مجالا واسعا، ولأنها ترى أن التجربة والواقع والحواس -لا المثال والتجريد- أساس المعرفة، وأسلم طريق للحصول على العلم، والبحث فيه، والاستفادة منه.


    - الطفل صفحة بيضاء تستقي سطورها من مداد تجارب الواقع، فجاءت هذه الفلسفة لتؤكد على ضرورة دراسة الظواهر الطبيعية إلى جانب العناية بالرياضيات وسائر العلوم.


    - يعد القس جون أموس كومينوس (1592-1670 م) من رواد المدرسة الواقعية الحسية وهو فيلسوف تشيكي. كان كومينوس أول من ألف كتاباً مصوراً للأطفال سماه عالم المحسوسات المصورة، ولم يقتصر اهتمامه على الأطفال فقط إنما شمل به الأمهات، حيث أقام لهن مدرسة متخصصة لتثقيفهن.


    - قدَّم كومينوس عمله المنهجي المبتكر في عالم الطفل عندما ألَّف كتابا عن عالم المحسوسات المصورة ليجعل الصورة من أهم أساليب تعليم الطفل في المدارس ، مع التركيز على تعليم الطفل حقائق الحياة وقد استخدم في كتابه طريقة عرض الأشياء بدلاً من الكلمات والرموز وذلك بعرض الأشياء نفسها مصورة.


    - ويعتبر الباحثون القس كومينوس أول مؤسس للتربية الحديثة الخاصة بالطفل. وإلى هذا اليوم يعتز الأوربيون بهذا العَالم، لأنه اعتنى بالتربية العقلية والأخلاقية على حد سواء، علاوة على أنه وضع منهجه الحسي في التدريس، فأثَّر لعدة قرون في الفكر التربوي العالمي. رغم أن حياته المضطربة كانت مليئة بالمحن والاضطهاد إلا أنه أسعد أطفال العالم بوسائله التعليمية.


    - رسخت الواقعية منهج التجريب والنقد العلمي والشك المنهجي، وشجعت المتعلم على ملاحظة الظواهر الطبيعية بصورة منتظمة، ونادت بإعمال العقل في التحليل، واستغلال الحواس للتوصل للحقائق اليقينية.


    - عكس الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت (1596 – 1650م) جانباً من جوانب هذا المنهج في مقولته الشهيرة "أنا أفكر، وإذن فأنا موجود".


    - لا يمكن الوصول للحقائق الدينية والدنيوية إلا من خلال منهج الشك. المنهج الشكي هو الطريق الصحيح لمعرفة وجود الله، ولمعرفة الحياة، ولمعرفة الحقيقة.


    - وهكذا لم تفرق هذه المدرسة بين عالم المثل والروح وبين عالم الجسد والواقع، ولم تتوسع في التأمل العقلي كما فعل أفلاطون.


    - من محامد الواقعية كحركة فكرية أنها اهتمت بالتربية المهنية، ودعت إلى ضرورة ربط المناهج التعليمية بالمجريات اليومية، والحاجيات الحياتية الفعلية.

    د - الأساس العلمي والتكنولوجي:


    - العلم أخص من المعرفة، و هو جزء منها، تمثله سائر البحوث و الدراسات المنظمة، القائمة على أسس و قواعد محددة، تعرف بمقومات الروح العلمية، و تتبع مناهج و أساليب مضبوطة تسمى مناهج البحث العلمي، كما تستخدم أدوات و وسائل فكرية و مادية، هي وسائل و أدوات البحث العلمي، نتائجها نسبية تتميز بالدقة و التعميم ، وهي عبارة عن قوانين و حقائق علمية.


    - العلم مركب من عناصر، تجمع بينها خصائص تطبع هذا المركب وتطبع كل عنصر من عناصره، هي خصائص الروح العلمية و مقوماتها، بحيث لا تخلو منها شخصية علمية أو دراسة علمية أو منهج علمي أو قانون من القوانين العلمية ، و أي عمل في أي ميدان من ميادين الحياة لا يتضمن هذه الخصائص و لا يقوم على مقومات الروح العلمية فهولا يمتّ بصلة بالعلم و العلماء.


    - إنّ مقومات الروح العلمية تعكس حدود ودرجة الإجماع و الاتفاق بين الناس ، كما تزيل التباين و الاختلاف الذي ينتج عن تعدد و اختلاف الآراء و الأهواء و المعتقدات والانتماءات الدينية و الطائفية و العرقية و الّلغوية و غيرها، فالحقيقة العلمية ثابتة نسبيا ، عامة ، دقيقة، و موضوعية تفرض نفسها على جميع العقول، و تتجاوز حدود الزمان والمكان ، لأنها تقوم على مبادئ تضمن لها ذلك، مثل مبدأ الحتمية و مبدأ النسبية ومبدأ الموضوعية و غيره.

    - قبل النهضة الفكرية والعلمية الحديثة كان التفكير الإنساني مطبوعا بالنزعة الفلسفية في نظرته إلى الأمور، وفي مناهجه و اتجاهاته، لكن الاتجاهات الفلسفية الحديثة كالاتجاه الوضعي و تفرعاته و الثورة العلمية والتكنولوجية و التحولات الاجتماعية في بداية العصر الحديث كل هذا أفرز أسس و مناهج و توجهات جديدة في التفكير، تكللت هذه الأوضاع الجديدة بسيادة التفكير العلمي، وسيطرة الطابع الوضعي المنطقي على حياة الإنسان، وعلى نشاطاته النظرية و العملية، فصارت المعرفة و طرقها وحياة الإنسان برمتها وحضارته و ثقافته ذات طابع علمي بحت.


    - تمثل التربية ظاهرة ثقافية، ووسيلة لنقل التراث والعلوم و الثقافة بجميع مظاهرها بما في ذلك التقنية إلى الفرد، و من جهة إلى أخرى. و ترتكز التربية ويرتكز التعليم بموجب التقدم العلمي و التكنولوجي على مايلي :

    1- بناء المناهج التعليمية و مخططات التكوين والتنظيمات التربوية و المنظومة التربوية بشكل عام عل معايير علمية بحتة.


    2- توظيف و تفعيل النظريات و القوانين التي أنجبتها البحوث و الدراسات العلمية لظاهرتي التعلم و التعليم (طرق ونظريات و استراتيجيات التعلم) مثل النظرية الترابطية و النظرية البنيوية، ومثل إستراتيجية ما وراء المعرفة و إستراتيجية التعلم التعاوني.


    3- تكوين المتعلم تكوينا علميا يتماشى و الكشوف العلمية الهائلة و المتفجرة باستمرار.


    4- الاستفادة من كل الخبرات العلمية و التجارب الميدانية، ونتائج الأبحاث و الدراسات، في علم النفس و علم الاجتماع و علوم التربية، في التخطيط للتربية و التعليم، و في عمليات التنفيذ و التسيير و المراقبة و المتابعة والتوجيه والتقويم و غيرها.


    5- تمكين المعلم و المتعلم من استخدام منتجات التكنولوجيا المتطورة نظريا وعمليا، في عمليتي التعليم و التعلم، وعلى رأسها تقنيات الإعلام الآلي، وشبكة الإنترنيت في إطار تكنولوجيا الاتصال.


    6- توظيف العلوم و التكنولوجيات المتطورة باستمرار، على أنّها وسائل و أدوات لا غير، و ليست غايات لذاتها، فالغاية القصوى هي الحصول على كفاءات، تضمن متطلبات و حاجات الفرد و المجتمع المادية و الفكرية، و تحقق لهما الآمال و التطلعات.

    ه- الأساس الديمقراطي:


    - الديمقراطية لفظة يونانية ، مركبة من مقطعين هما ديموس وكراتوس بمعنى حكم الشعب في اللغة العربية. ارتبط مفهوم الديمقراطية كتنظيم سياسي واجتماعي واضح المعالم و محدد القيم، لدى شعوب أوروبا في بداية العصر الحديث بالثورات التي خاضتها ضد سلطة رجال الدين و حكم الكنيسة، وبالانفجار العلمي و التقدم التكنولوجي، وبالرأسمالية كقوة اقتصادية و نظام سياسي ، فشهدت مع ذلك أوروبا تحولات كبرى و جذرية، فكرية و علمية وتكنولوجية و سياسية و اقتصادية و اجتماعية سمّاها روادها بالنهضة الحديثة، أو الحضارة الحديثة.


    - للنهضة الأوروبية الحديثة مظاهر عديدة، ومظهرها السياسي هو الديمقراطية، كفكر و كثقافة و كسلوك و ممارسة، تتأسس على تمجيد وممارسة الحرية كقيمة إنسانية، في الحياة السياسية بجميع مجالاتها،في التفكير، وفي الرأي و التعبير، وفي الصحافة والإعلام، و في التديّن و التحزّب،و في التنافس على الحكم ، وفي الانتخاب ، وقبول الآخر و الإصغاء إليه، و التداول على السلطة، والمعارضة بالوسائل السلمية.


    - أصبحت الديمقراطية في عصرنا شعارا يتغنى به الكثير من الناس، في السلطة و خارجها، و عنوانا للرفاهة و التقدم و العدالة، و مطلبا تطالب به الشعوب والهيئات و المنظمات الوطنية و الإقليمية والأممية، وتسعى إلى تحقيقه كافة الأنظمة و الحكومات في كافة أرجاء المعمورة. - الديمقراطية كمنظومة سياسية تستند على قيّم و مبادئ فكرية و فلسفية، تتضمن آليات التنظيم والحكم و التسيير و التوجيه، و تشمل كافة مناحي الحياة البشرية الفردية و الاجتماعية، و أهم أدوات تمكين هذه الآليات والقيم في الوجود الإنساني وغرسها في الفرد و في المجتمع التربية و التعليم والتثقيف، و فلسفة التربية في إطار الحياة الديمقراطية تكون روحها من روح الديمقراطية، و تقوم هذه الفلسفة على الأسس التالية:

    1- للفرد في المجتمع حقوق اجتماعية، سياسية و مدنية، أهمّها حق التربية والتعليم و التعلم، في ظروف مناسبة.


    2- تمجيد و ممارسة حق الحرية في ميدان التربية والتعليم، في حدود المصالح الفكرية و الدينية والعرقية للأفراد و الجماعات.


    3- إتاحة الفرص للجميع لممارسة الحقوق الاجتماعية، التربوية والتعليمية، مع مراعاة الفروق الفردية.


    4- بناء أساليب التربية و مناهج التعليم و استراتيجيات التعلم على قيم الديمقراطية، الحرية، العدالة، تكافؤ الفرص، الفروق الفردية، اللاّإكراه واللاّجبر، البراغماتية و غيرها.


    5- جعل المتعلم محور العملية التربوية، و تأسيس النشاط المدرسي على نمو الأطفال التدريجي والمتوازن و المتكامل، و توظيف المدرسة و المعلم والمنهاج لخدمة ذلك. 6- المدرسة جزء من المجتمع، و هي الحياة الاجتماعية نفسها، تعكسها و تعالج مشاكلها، و تطورها.


    7- تقديم محتويات التربية و التعليم على أنّها وسائل لا غايات، ومجردة من الانتماءات السياسية أو العرقية أو الدينية.


    8- العناية بتربية الشخصية تربية شاملة، عقلية و نفسية و بدنية وأخلاقية ووجدانية و اجتماعية، بغرض بناء إنسان متوازن ومتكامل.


    9- تكوين و تربية إنسان مشبع بقيم و مبادئ الديمقراطية، في تفكيره و شعوره وثقافته و نمط عيشه، و في صلته مع الآخرين.


    10- عولمة النموذج التربوي الديمقراطي، وتعميمه بأساليب ووسائل متعددة، منها بيداغوجية المقاربة بالكفاءات. و- الأساس الليبرالي الاقتصادي:


    - ارتبطت الرأسمالية كتنظيم اقتصادي، و كإيديولوجية سياسية وفكرية، بالتحوّلات الكبرى، الفكرية والاجتماعية، و بالتقدم العلمي و التكنولوجي،الذي شهده مطلع القرن الثامن عشر.


    - التحوّلات الكبرى التي جرت في أوروبا الحديثة أفرزت أوضاعا اقتصادية جديدة، كان للصناعة والتجارة و رأس المال فيها الدور الأساسي في تحريك دواليب الحياة الاقتصادية، أدّى ذلك إلى تجمع رؤوس الأموال بيد الطبقة البرجوازية المالكة للإنتاج ولوسائل الإنتاج، و المديرة لعلاقاته و لعناصر الاقتصاد وقطاعاته، مما سمح لها بالتنظير لحياة اقتصادية واجتماعية جديدة، حينها وضعت الأسس و المبادئ الأولى للتنظيم الاقتصادي الليبرالي.


    - تقوم الليبرالية كنظام اقتصادي على قوانين الطبيعة الفيزيقية، التي تؤكد على إبعاد الدولة و الأخلاق والدين عن التدخل في الحياة الاقتصادية، الملكية الفردية و الخاصة للإنتاج و وسائل الإنتاج، الحرية الاقتصادية التي تشمل كافة ميادين الحياة الاقتصادية، العمل و الإنتاج و المنافسة، و قانون العرض و الطلب يحدد أجور العمال، وينظم أسعار السلع في السوق.


    - ارتبطت أسس النظام الليبرالي الاقتصادي منذ قيامها ولازالت ترتبط بعدة مفاهيم و اتجاهات فكرية واجتماعية، قلبت الأوضاع في أوروبا الحديثة، تمثّلت في الاتجاه المادي و الاتجاه العلماني و النزعة الوضعية العلمية و الفلسفة الواقعية و الفلسفة الوجودية والفلسفة البراغماتية، الأمر الذي جعل نفوذ الاقتصاد الحر يقوى و الإنتاج فيه ينمو و يزدهر رغم ما أفرزه من أثار سلبية سياسيا واقتصاديا و اجتماعيا و أخلاقيا.


    - فلسفة التربية و التعليم في المجتمعات الرأسمالية تقوم على أسس اقتضتها الحياة الاقتصادية، بعناصرها وقطاعاتها و علاقاتها وتنظيمها، و أهم هذه الأسس ما يلي:

    1- واقعية التربية و التعليم.


    2- براغماتية التربية و التعليم.


    3- مادية التربية و التكوين.


    4- علمية و تكنولوجية التربية و التكوين.


    5- علمانية التربية و التكوين.


    6- عولمة التربية و التكوين.


    7- تكوين الناشئة على قيم و مبادئ الاقتصاد الحر، كتمجيد العمل والإنتاج والملكية الفردية و المنافسة الحرة و غيرها.


    8- توظيف التربية و المدرسة المجتمع و الأسرة لخدمة الحياة الاقتصادية في ظل الاقتصاد الحر.


    9- بناء كفاءات تتماشى و حاجيات و متطلبات اقتصاد السوق.


    10- عولمة التنظيم الاقتصادي الليبرالي، بوسائل متعددة، سياسية واقتصادية واجتماعية و ثقافية و تربوية، ومن هذه الوسائل بيداغوجية المقاربة بالكفاءات.


    ي- أساس العولمة:


    - العولمة لغة تعني جعل العالم عالما واحدا ، موجها توجيها واحدا ، في إطار حضارة واحدة ، لذلك تسمى الكونية أو الكوكبة، و لقد أجاز مجمع الّلغة العربية بالقاهرة استعمال لفظة عولمة بهذا المعنى.


    - يصعب الوصول إلى تعريف دقيق يحدد ماهية العولمة، لأنها ماهية بصدد التشكل ، و هي قيد الوصف والتحليل و التفسير ، و لأنّها موضع نقاش وجدال، و فرضيات و إدانات و إشادات، بين مؤيّديها والمناهضين لها. - يعرفها أحد المفكرين العرب المعاصرين بما يلي: هي مجموعة من المبادئ السياسية و الاقتصادية، و من المفاهيم الاجتماعية و الثقافية، و من الأنظمة الإعلامية و المعلوماتية، ومن أنماط السلوك و مناهج الحياة، تهدف إلى إدخال الدول و المجتمعات فيها و تبنّيها و العمل بها، و العيش في إطارها، و تتميز العولمة بمجموعة من العلاقات و العوامل و القوى ، تتحرك بسهولة على المستوى الكوني، متجاوزة الحدود الجغرافية للدول، و يصعب السيطرة عليها، وتساندها بيئة قانونية وطنية و دولية، كما تستخدم آليات متعددة، منتجة لآثار ونتائج تتعدى نطاق الدولة الوطنية إلى المستوى العالمي، لتربط العالم في شكل كيان متشابك الأطراف.


    - العولمة كمفهوم و كاتجاه قام بعد زوال القطبية الثنائية، وسيادة القطبية الأحادية بقيادة و.م.أ ، لذا ارتبط مفهوم العولمة بالنظام الدولي الجديد،المفروض على العالم أجمع من قبل قادة العالم المتقدم، وفق مصالحهم وآمالهم و تطلعاتهم ،و على حساب مصالح و آمال المجتمعات و الدول الأخرى ، فأخذ تصور العولمة عدة مفاهيم لدى معارضيها، منها الهيمنة ، الاستعمار ، الاستبداد و التسلط ، الأمركة وغيرها.


    - للعولمة أهداف و آثار سياسية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية،تعود بالنفع على القوى المهيمنة، و تعود بالضرر على الشعوب الضعيفة، وتستخدم أساليب ووسائل متعددة، سياسية واقتصادية، وطنية و إقليمية وأممية، كما تستخدم أخرى علمية و تكنولوجية،ولها أسس و مميزات تتحدد بها، أهمها ما يلي:


    1- فرض نموذج إنساني عالمي فردي و اجتماعي من قبل القوى المهيمنة على كافة مجتمعات ودول العالم( نمذجة العالم).


    2- تبني كافة الشعوب و الدول منهج الإصلاح، في حياتها السياسية والاقتصادية و الاجتماعية والثقافية و الدينية و التربوية، وفق النموذج العولمي المفروض.


    3- إعمال العقل و توظيف العلم في كافة ميادين حياة الإنسان ، دون الاستناد إلى غيرهما.


    4- استخدام التكنولوجيا المعاصرة و منتجاتها في جميع جوانب حياة الإنسان وفي أعماله، بما يضمن الوصول إلى النموذج الإنساني العولمي.


    5- براغماتية التفكير الإنساني و سائر أعماله ونشاطاته في الميدان الفردي والميدان الاجتماعي.


    6- مادية تفكير الإنسان في نظرته إلى نفسه و إلى حياته و إلى الوجود ككل.


    7- علمانية الحياة الإنسانية الفردية و الاجتماعية، وفصل ما هو ديني غيبي ميتافيزيقي عما هو واقعي دنيوي.


    8- ديمقراطية الحياة السياسية و الاجتماعية بالمعنى الليبرالي الغربي.


    9- ليبرالية الحياة الاقتصادية تنظيما وإنتاجا وعلاقات، بالمعنى الغربي للاتجاه و التوجه.


    10- عقلانية و علمية و علمانية و مادية و براغماتية و تكنولوجية و ديمقراطية و ليبرالية الثقافة والتربية و التعليم،لبناء نموذج بشري معولم.


    11- بناء و صياغة (بيداغوجيات) مناهج وأساليب واستراتيجيات التربية والتعليم و التعلم على أسس و قيم العولمة، و منها بيداغوجية المقاربة بالكفاءات.


    خاتمة:


    - تمثل بيداغوجية المقاربة بالكفاءات الأسلوب التربوي و التعليمي الناتج عن التطور الحاصل في مجال التربية والتعليم في عصرنا، له أصول ومصادر فكرية و فلسفية و اجتماعية، و يتحدد بمجموعة من المبادئ و القيم و المناهج، كما يتطلب وسائل وأدوات متطورة، كما يفرز آثارا و نتائج على الفرد والمجتمع، كل هذا في إطار الأسس التي تقوم عليها التربية المعاصرة وفلسفتها.


    - لقد جرّب الإنسان المعاصر في العالم المتقدم عدة مقاربات، و ثبت أنّ النقص والخلل حالّ في كل واحدة منها، لكن بدرجات متفاوتة، فمن أسلوب التلقين أو تبليغ المحتويات، إلى التعليم بالأهداف إلى المقاربة بالقدرات، إلى المقاربة بالكفاءات، و هذه الأخيرة تمثل في فلسفة التربية غاية في ذاتها، و الحقيقة أن العمل التربوي في جميع عناصره نسبي و متطور باستمرار، وكأنّ تاريخ البيداغوجيا انتهى وتوقف بحسب منظور فوكو ياما.


    - تتطلب بيداغوجية المقاربة بالكفاءات ثقافة علمية عالية، و فكرا اجتماعيا ينسجم مع نمط الحياة والظروف التي أنجبت هذه البيداغوجية، كما تحتاج إلى وسائل وأدوات تقنية و في مقدمتها التحكم في المعلوماتية، و في وسائل و تقنيات الاتصال و الإعلام و التثقيف المعاصرة، و على رأسها شبكة الإنترنت، و هذا ما لم تتوفر عليه الدول النامية، مثل الجزائر و هي تدخل التدريس بالكفاءات في نظامها التربوي، حيث أثبتت العديد من الدراسات الميدانية أن شعوب العالم الثالث و بدرجات متفاوتة لا تتحكم في الثقافة العلمية ولا في تقنية الإعلام الآلي المطلوبة في أسلوب التدريس بالكفاءات، و لا تسيطر على تقنيات الاتصال، ولا تمتلك وسائله، و هذا يعيق بلوغ الأهداف المطلوبة من وراء المقاربة بالكفاءات.

    - إن فلسفة التربية المعاصرة بمصادرها و قيّمها، و بالمناهج و الإستراتيجيات التربوية المنبثقة عنها، تعكس توجّهات و إيديولوجيات قوى معينة، في العالم المتقدم بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، متجاهلة التنوع الثقافي والفكري والديني و الاجتماعي واللغوي وغيره، المتواجد في العالم و متجاهلة خصوصية الدولة الوطنية و القومية و غيرها.


    - تتميز فلسفة بيداغوجية المقاربة بالكفاءات بطابعها المادي العلماني البراغماتي الآني، الخالي من الحضور الأخلاقي و الديني، و تأسيس أي فلسفة أو فكر أو ثقافة أو دين على غير مكارم الأخلاق، و على عدم مراعاة المطالب الروحية للفرد و المجتمع، تنتج عنه آثار و مظاهر سلبية، تعكسها معاناة الشعوب و الأمم الحالية للظلم و الاستبداد و الحرب و الفقر و الحرمان و الجهل و المرض، وهي آفات منتشرة في مختلف أنحاء المعمورة.


    - يعتبر البعض أنّ بناء المناهج التربوية على المقاربة بالكفاءات في الجزائر مكسبا ثقافيا، وانتصارا للحضارة و للعلم و للديمقراطية، هذا في رأينا يكون مقبولا لو جاءت السلعة من إنتاجنا، لكنّها مستوردة، وظاهرة استيراد المنتجات العلمية و الفكرية و المادية في أي مجتمع ليست عيبا، إلاّ أنّ الإنتاج المستورد يجلب معه أفكار و قيم وعناصر هوية الجهة المصدرة، ولا تنتقل مجردة من حضور ذات صاحبها فيها، فالذي يعيش بما ينتجه هو يحفظ كرامته و سيادته من الزوال. - أقلّ ما يمكن قوله عن بيداغوجية المقاربة بالكفاءات ، أنّها أسلوب تربوي، من إنجاب الحضارة الراهنة، فيه القوة و فيه الضعف، ويكون أكثر ضعفا إن لم تتوفر شروطه و لوازمه النظرية والعملية والتقنية، و يصبح نقمة إن لم تراع فيه قيّم الأمة وهويتها ، لأنه يصبح شكلا من أشكال الهيمنة و التسلط و الاستعمار. أ‌- مراجع بالعربية:


    1- لسان العرب . ابن منظور. دار المعارف. القاهرة. 2- معجم علوم التربية(مصطلحات البداغوجيا و الديداكتيك). عبد اللطيف الفارابي و آخرون. دار الخطابي للطباعة و النشر. الطبعة الأولى.1994. 3- المعجم الفلسفي. ج 1 و ج 2 . جميل صليبا. دار الكتاب اللبناني.لبنان. 1982. 4- الموسوعة الفلسفية المختصرة. زكي نجيب محمود و آخرون. دار القلم. لبنان. 5- إستراتيجية التدريس و التعلم. جابر عبد الحميد.دار الفكر العربي. القاهرة. الطبعة الأولى. 1990. 6- اتجاهات حديثة في المناهج و طرق التدريس.كوجك،كوثر حسين. عالم الكتب. القاهرة. 1997. 7- تقييم التعليم، أسسه و تطبيقاته. حمدان محمد زيدان.دار العلم للملايين. لبنان. 1980. 8- شبكة الإنترنيت. مقالات، حول العولمة، الديمقراطية، العلمانية، المقاربة بالكفاءات.



    ب- مراجع باللّغة الأجنبية:
    1- Apprentissage et formation des adultesM.E.Nizet, J.PUF.Leducation.paris.1997.
    2- Méthode de travail et stratégie d apprentissage du secondaire a l université.recherche.application.wolfs, J.L. DE BOEK PARIS BRUXELLES 1998.
    3- Définir les objectifs de l éducation.Delandsheere, G. ed. PUF., Paris; 1980.
    4-Didactique fonctionnelle, objectifs, stratégie,
    Évaluation.Minder (Michel). H. Dessains 1980.
    http://boudji.extra-blog.net/

  2. #2
    تحية كبيرة وبعد:
    دراسة هامة وعميقة عولجت من جمع الزوايا إلا زاوية واحدة :وهي كيفية إسقاط ماورد على واقع لايسمح بكل هذا ويقيد اكثر مما يسمح بكل هذا.
    مررت ولك التحية والاحترام على هذ الجهد القيم.
    ملده.

المواضيع المتشابهه

  1. قراءة في المقاربة الميكروسردية
    بواسطة د.يوسف حطيني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-25-2013, 03:14 PM
  2. مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-08-2013, 01:23 AM
  3. الأسس الفلسفية و الاجتماعية لبيداغوجيا المقاربة بالكفاءات
    بواسطة بوبكر جيلالي في المنتدى فرسان التعليمي.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-16-2012, 04:03 PM
  4. المقاربة النصية
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان التعليمي.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-14-2007, 06:47 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •