ما هي المشكلة ؟
نكون في مشكلة عندما نحس أننا في وضع صعب لا بد من الخروج منه ، أو أننا أمام عقبة لا بد أن نتجاوزها ، أو أننا أمام واقع لا نريده بل نريد غيره ولا بد من الوصول إلى هذا الذي نريده .
هذه هي المشكلة ببساطة وهي تنطبق على أي مشكلة تواجهنا ، وأمثلتها كثيرة منها الواجب المدرسي الذي لا بد أن نؤديه ، وعمل لا بد أن ننجزه في وقت محدد ، وصديقة غاضبة لم تعد تهتم بنا وكيف نصالحها ، وزوجة لا تعرف كيف ترضي زوجها أو العكس ، ووجود أحدنا في بيت لا يقدر على الخروج منه ويبحث عن الوسيلة إلى ذلك ، أو في مصعد قد وقف فجأة ولا يدري ما يفعل ، أو ولد قد علِق في هذا المصعد ، وغير ذلك كثير . كل هذه الأمثلة تمثل صعوبات نحس بها في أنفسنا ونسعى إلى التخلص من هذه الصعوبات وتحقيق أمر معين .
كيف نواجه المشكلة ؟
هناك خطوات بسيطة إذا فهمناها ومارسناها وطبقناها بشكل جيد ، فانه يمكن بعد ذلك أن نواجه أية مشكلة تعترض سبيلنا أو نقع فيها .
تتلخص هذه الخطوات بما يلي : أن نشعر بوجود المشكلة ، ثم نتعرف عليها ونُحدد طبيعتها ، ثم نفكر في الحلول المتعددة لها ، ثم نطبق الحل الأمثل ، ونتأكد من ذلك ، ثم نتفكر فيما حصل . وهذا يتطلب بذل الجهد في التفكير من اجل تطبيق هذه الخطوات على المشكلة والتدرُّب والتمرُّس من اجل اكتساب المهارات المتعلقة بها . مع العلم أن المشاكل قد تكون بسيطة أو معقدة وقد تستغرق وقتا وقد نحل بسرعة فائقة جدا .
تطبيق عملي : كيف واجهت أم المؤمنين عائشة حادثة الإفك ؟
سنعرض هنا لحادثة الإفك التي تعرضت لها أمنا عائشة رضي الله عنها ، وسنأخذ فقط الجانب الذي تعرضت له عندما تركها الجيش وحيدة في الليل ، فماذا فعلت؟
يمكن تصور الخطوات التي قامت بها أُم المؤمنين عائشة على النحو التالي:
1. الشعور بوجود المشكلة والوقوع فيها . من المهم معرفة انه لا معنى للمشكلة ما لم يَحُس بها الشخص أو من له علاقة بها . فأُمُّنا عائشة أحسَّت أنها في مشكلة عندما عادت ولم تجد الجيش ، فقد واجهتها صعوبة أو وجدت نفسها أمام واقع لا تريده وتبحث عن المخرج لذلك .
2. الحفاظ على التماسك النفسي وعدم التضعضع والخوف . فقد حافظت أُمُّنا على رباطة جأشها وتماسكت ، مع أن الموقف في غاية الشدة لأنها وحيدة وقد تركها الجيش ورحل . ويتحقق التماسك النفسي بالاستعانة بالله تعالى بالدعاء والصلاة والذكر ، وإحسان الظن بالله وبالمسلمين ممن لهم علاقة بالموضوع ، والتفاؤل بالخير . كما أن للجانب الإيماني العام تأثيره . ولا بد من الحفاظ على ذلك في كل مراحل حل المشكلة .
3. تحديد ماهية المشكلة ومعرفة أبعادها . حددت أُمُّنا المشكلة في أن الجيش قد رحل وتركها فصارت وحيدة . وهذا يترتب عليه أن تخاف على نفسها من الموت أو الأسر أو الاعتداء .
4. التفكير في حلول ممكنة للمشكلة .
ماذا يمكن أن يكون جال بخاطر أمُّنا :
• اللحاق بالجيش ، لكنها لم تجد الراحلة ، والظلام قد حل ، ولا يمكنها السير لوحدها .
• البقاء في نفس المكان مع الاختباء .
• الذهاب إلى مكان آخر .
• الانتظار في نفس المكان في حالة عودة الجيش أو نفر منهم ، لأنهم إذا فقدوها فلا بد أن يعودوا أدراجهم إلى المكان ليبحثوا عنها .
•البحث عن أحد قد تخلف مثلها من الجيش ، أو أحد يتعقب الجيش .
5. تطبيق الحل الملائم من بين الحلول والبدائل المتاحة . ارتأت أمنا البقاء في مكان الجيش لعلهم يرجعون أو نفر منهم . وفعلا حضر صفوان ، ويبدو أنها ظنت أنه مُرسَل من قِبَل الجيش فركبت الجمل دون حتى أن تناقشه في الموضوع . ولهذا لم يخطر ببالها أن يقال ما قد قيل عنها فيما بعد ، لان هذا قد أرسله الجيش ليأخذها .
6. التفكر في المشكلة ونتائجها وأبعادها . حيث تبين لأم المؤمنين أنها كانت على صواب فيما فكرت فيه واتخذته من قرارات . وخرجت من المشكلة أقوى مما كانت ، وترتب على ذلك الكثير من الأحكام والمعالجات ، فكان في ذلك الخير الكثير . كما أن مثل هذه المشاكل صار لها حل معلوم يمكن اتباعه في حالة وقوعها ، وهذا لم يكن الحال قبل وقوعها .