منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 1 من 8 123 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 73

العرض المتطور

  1. #1

    رواية/الخندق بعد الأخير/عبد الإله الخاني

    رواية الخندق بعد الأخير
    **************
    الدكتور عبد الإله الخاني
    مقدمة:
    يبدو الميل إلى إقامة مجتمع متوازن , من خلال رؤية واضحة فحسب, ميلا مسالما بدون شروط,
    ليس له سوى معنى حياة عبثية لاوجود لها عمليا في العالم المتصارع اليوم , او جسرا يعلو عن كل الزاحفين.
    ربما يكون هذا الميل مقبولا بشرط ان يكون تكتيكا ً او سلوكا ً موجها لداخل المجتمع يولد فيه انسجاما ما محببا , ولكن يستحيل فهمه على انه مصير .
    وعندئذ , إذا أريد إقامة المجتمع على أساس الحرب الدفاعية , لاتبدو فكرة الاستنجاد بنزيل السجن أمرا غير معقول لأن المجتمعات الأخرى تلجأ إلى هذه الطريقة ..
    وعندئذ أيضا ً يبدو اللامعقول معقولا جدا..
    الدكتور عبد الإله الخاني
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

    يتبع
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2

    رد: رواية/الخندق بعد الأخير/عبد الإله الخاني

    1-
    لكل واحد من الأولاد الذين يمشون في الشارع متجهين إلى بيوتهم ويأكلون ويشربون ويضحكون , أهل ينتظرون أوبته , إلا أن " صقر" لم يكن واحدا من خلق الله هؤلاء , فقد كان آيبا إلى الدار التي اعتاد المبيت فبها عند المغيب , عندما أطلت مضيفته أم محمد , وصاحت به كما تصرخ لكلب:
    -صقر تعال . خذ الجرة وأملأها بالماء من " الفيجة" قبل أن أبطشها برأسك.
    " كانت امرأة ذات رأس مثل الكرنب الكبير ( المشرش ) ولكنه رأس كرنب آدمي شديد السمرة أزرقها فيه فم بلا شفاه , مشقوق من الأذن إلى الأذن لأنه خال من الأسنان والأضراس ,ضرب إهاب وجهها الجدري , وقد لفت هذا هذا الرأس بمنديل أزرق عقدته عند نقرتها , زاد شكلها غلظة بهذا وصف صقر أم محمد احد زملائه يوما.
    تذكر صقر ما سمعه قبل قليل وهو سائر في الشارع , إذا انفرج باب فجأة وبرز منه صبية بيضاء البشرة ناصعة تنادي:
    -سامي ! أين انت يا سامي , تعال كل ! ألم تشعر بالجوع؟نحن بانتظارك.
    الفارق بين الندائين واضح تمام الوضوح , بحيث يصدم النفس , وهذا ماجعله يقف بشكل عفوي ويغيب عن نفسه بضع ثوان غارقا في تفكير عميق ؛ كان انفراج الباب قد اتاح له ان يشاهد فناء البيت فاستوقفه ما رأى , غرفة تصدرتها مقاعد مذهبة ومناضد صغيرة ذات زجاج لماع استقرت عليها تماثيل رائعة وتهاويل بديعة , وقد عرشفي ارض الدارنباتات خضراء زاهية , مددت خلال أوراقها شرطان ومصابيح صغيرة كهربائية ملونة , يبرق نورها بين تلك الأوراق ثم ينطفئ ثم يبرق ثم ينطفئ باستمرار, فخلب ذلك لبه ,فأين هذا من خفض العيش الذي يحياه عند أم محمد , لقد كان بيتها , أو بالأحرى كوخها , ذا غرفة واحدة بدون أية فسحة ولابلاط لها بالمعنى الصحيح وغنما أرضها تراب مكبوس , وكان سرير أم محمد عبارة عن ألواح خشبية على قوائم من العيدان الضخمة , وهو مسند إلى الحائط ومرتبته حشوها قشر الذرة , ذلك ظاهر من بعض جنباته التي تفتقت وبرزت من خروقها بعض هذه القشور, والأغطية من الجلود والثياب المنبودة , وقد جعلت أم محمد له مناما على كوم من مثل هذه الثياب ,وكان أثاث الغرفة بضع مقاعد لكل منها ثلاث قوائم , ومائدة منجورة السطح دون البطن , وكانت أم محمد تطبخ الطعام مستعينة بمنصب للطبخ وقدور مكسورة وملعقتين من الحديد, وكان صابونها من صنع البيت الأسود يابسا كالحطب ,لم يوفق صقر يوما ما رغم محاولاته ونزقه ان يجعله يرغو , كما لم يعرف الدفء في الليل مع هذا اللحاف الغاطس في ملحفة وسخة يهرب منها في أكثر آناء الليل , ويبقى الغلام متدثرا بالملحفة دون اللحاف.
    تذكر كل هذا ثم عاد لنفسه وهز كتفيه وتابع سيره إلى الفيجة حيث التقى عليها بالغلام درغام الذي كان يعرفه.
    كل هذا لم يستوقفه سوى بعض ثوان , ولو انه شعر بثورة داخلية على أم محمد إلا أنها أضافها إلى حساب ثورات عديدة تؤلف قائمة مستطيلة , كانت تفصح عن نفسها بشكل او بآخر و وهاهي الآن تنفجر بدون أن يشعر , إذا ما إن جاء درغام يزيح له جرته عن فم " الفيجة" ليملأ صفيحته حتى أعطت هذه الحركة لثورته دفعا جديدا, فألفى يده ترتفع لتهبط بقوة على يافوخ د رغام الذي اصطدم رأسه بعنف , بنتيجة هذه الضربة بنتوؤ كائن في الصفيحة التنك التي أراد ملأها , فانشق جلد خده " وساح " دمه..
    كانت جرة صقر قد امتلأت , فلم يلتفت إلى عواء رفيقه درغام وغادر" الفيجة" بكل هدوء !.. وشعر بأنه ليس من أولئك الغلمان الذين ما إن يضربوا غلاما حتى يفروا خائفين , غنه يضرب بكل جدارة وبكل اقتدار.
    وحين عاد إلى أمه أم محمد استقبلته بكمية لا بأس بها من الشتائم قائلة:
    -لماذا أطلت الغياب يا حمار؟..
    ومع هذا , فإن بصره لم يرتفع في وجه أم محمد , ومشى إلى زاويته وتكوم فيها , هكذا بملابسه المهلهلة الوسخة التي زركشها الطين.
    كان هذا آخر المطاف لنهاره ذاك النهار المليء بالمغامرات التي هي على قده : نومه في الزاوية , ليس عليه أن يفعل شيئا أو أن ينتظر شيئا , ليس هناك عشاء ولا غيره, وهل في دار أم محمد عشاء؟..
    سمع سماعا بأن الناس يتناولن العشاء قبل ان يناموا .. كان ذلك علما نظريا ولكن كيف وماذا يتناولون ؟, ذلك ما يجهله.
    ص 4
    ************

    يتبع

    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3

    رد: رواية/الخندق بعد الأخير/عبد الإله الخاني

    تثاءب الصبح وتثاءب صقر في وقت واحد,نهض فورا وقفز من زاويته قفزا ,كان يعرف وظيفته اليومية جيدا, إطعام الدجاجات وتغيير الماء أمامها ..حذار أن تمس البيضات . أم محمد أعلم بها وهي تعرف عددها سلفا,دجاجاتها مضبوطة .. يقل بياضها في الشتاء حتى أواخر شباط حتى يبدأ بالازدياد..يتفقد موضع الرغيف "الحاف" الذي تركته له ام محمد قبل أن تنام , فيجده في مكانه , يتناوله ويقضمه بأسنانه طارحا بعض زواياه التي يبست من تركه في الليل مكشوفا.
    وبرغم انه لا يزال في العاشرة من عمره إلا انه واع تماما بان هذا البيت ليس له إنه ضيف فيه.وغن كان ضيفا لأجل لا يعلم متى ينتهي , لم يمسس كأسا بيده ولا قطعة من " المالقي" أو أداة سريعة العطب , هكذا عودته ام محمد.إذا رغب في شربة ماء فأمامه " الكيلة "رقيقة المعدن , فإن أقل حركة تصدمها بأي شيئ آخر تطعجها , فقد أصبح شكلها مثل " العلك" الذي خرج لتوه من الفم,دخل السواد في معظم أجزائها المثناة , ومع ذلك فإنه يعلم انها : هذه "الكيلة" .. ليس له غيرها ولن يكون له غيرها.ويعلم أيضا انه إذا كسر كأسا من البلور فإن كف ام محمد سيهوي على رأسه , وهو كف ش" بالمخباط" الخشبي السسميك الواسع الذي تضرب به ام محمد الملابس عند غسلها على شاطئ نهر تورا في حي الصالحية في موقع بين الدور الطينية القديمة الكائنة هناك.
    رافقتها أول أمس وشاهد ما تصنع عندما جاءت وجدت ثلاث نسوة أخريات سبقنها إلى حافة النهر حيث تنخفض الأرض حتى تصبح مع الماء في مستوى واحد.
    حيت أم محمد لداتها ثم قرفصت وبدأت تعمل وبدا حديث بين النسوة الأربع كل واحدة تقص قصتها مع زوجها وأولادها وجيرانها.كان مع واحد منهن ابنها ..نفر الولد من صقر منذ اللحظة الأولى وتكوم بجانب أمه التي كانت تجاذبه ألفاظ الأمومة العذبة .. تساءل صقر كيف يكون من له أم وكيف يشعر؟وتساءل لماذا لا يكون له أم وهل ينتقي المرء أما له من سائر خلق الله الذين يراهم سائرين في الطريق ؟ولكنه لم يستطع أن يحصل على جواب إنه لا يعلم .. ليت احد الأشخاص يعطيه الجواب الشافي , على كل حال لو كان الإنسان ينتقي أما له فإنه بالتأكيد لن يختار أم محمد أما له أبدا .. وهو بطبيعة الحال لن يسألها هذا السؤال,ستأتي الأيام ويفكر بهذا الموضوع وينتقي من بين الناس الشخص المناسب لهذا السؤال يطرحه عليه .. الهام أن هذا الوقت ليس هو الوقت الملائم.
    بعد مضي بضع دقائق اكتشف أن رائحة النهر رائحة كريهة , فهي رائحة عفن ذات وخم يخدش الأنف , والنسوة اللواتي يغسلن الملابس مستعملة , علب من التنك , ورجلا معروق الوجه طويل القمة , يلبس سروالا و"شحاطة: قال له ابو لبادة:
    -ابو معروف .. صقر يريد عملا..
    تفرس أبو معروف بصقر طويلا ثم قال بلا اكتراث:
    -لا بأس .. علمه يجمع أعقاب السكاير.
    يتبع
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4

    رد: رواية/الخندق بعد الأخير/عبد الإله الخاني


    في اليوم الأول طاف صقر شوارع المدينة عدة مرات , مرات كانت عينا, على الأرض دائما وأبدا.. تذكر قول أبي لبادة :
    عقب السكاير يجب التقاطه بسرعة لافرق إذا كان سليما او مداسا بالأرجل , ثم أصبحت عيناه مرنتين تغطي الأرض وفي الوقت ذاته تلعب عل الأيدي والأصابع الحاملة للفافات , إذا أحوج الأمر وبان ان النحصول ضئيل , لابأس باختطاف السيكارة من بين أصابع المارة المدخنين في وسط الزحام.
    في نهاية النهار عاد صقر بمحصوله إلى الدكان .. دكان أبي معروف فشاهد في داخلها منهمكا بخلط كمية من الدخان , الحاصلة من فك الأعقاب , بمسحوق أبيض .. فأعطاه المحصلة فنقده أبو معروف قطعة نقدية من فئة خمسة فرنكات.
    لهذا عاد في اليوم الأول إلى دار ام محمد بشعور جديد شعور من هو قادر على الحصول على المال .كان يراقب أم محمد بعينين مفتوحتين من زاويته التي اعتاد ان يتكوم فيها , ولكنه لم بنم فورا كعادته .. أما أم محمد فلم تنتبه له .. ولكنه في تلك الليلة نام نوما متقطعا, كان تفكيره كله منصرفا إلى العمل الذي سلك فيه أمسه, وينتظر يزوغ الفجر بفارغ الصبر.
    في اليوم الثاني كان محصوله أكثر : يساوي ضعف ما جناه أمس,لهذا كانت مكافأته من أبي معروف اكبر : نصف ليرة..في هذه المرة عاد إلى دار أم محمد بربع ليرة , لأنه لم يجد الوقت الكافي لإنفاق أكثر من نصف القطعة النقدية التي اكتسبها, وفاته أن يتفقد جيوب بنطاله عندما ما أمرته أم محمد بخلعه لتغسله في اليوم التالي ففعل .. وشعر بوجهه أصبح جمرة حين تحسست أم محمد الجيب فوجدت فيه ربع ليرة.. وجاء إلى ذهنه فتح مبين عندما سألته عن مصدر فأجابها على الفور:
    -كلفني صاحب دكان بأن أشتغل له ببيع الخضرة واعطاني إياها.
    كان موقف ام محمد غير منتظر , فقد تهلل وجهها , وقالت له:
    أكثر من هذا ياصقر . وبقيت قطعة النقد معها .. وانتظر ان تتغير معاملتها له , ولكن أمله ذهب عبثا , فأوعزت له بان بملأ الماء بنفس اللهجة السابقة.
    واطرد عمل صقر في الأيام التالية : بتقاضى كل يوم نصف ليرة يشتري بنصفها مما يشاهد في أيدي أترابه ويعطي الباقي لام محمد , فلما مضى عليه شهر كانت مكافاته قد نمت ووصلت إلى مبلغ ليرة واحد.
    أصبح لوسعه ان يدخل السينما.
    وفي أحد الأيام الساعة الثالثة بعد الظهر جاء إلى شارع الدرويشية فوقف أمام باب سينما سوريا , وكان باب السينما والردهة التي تليه مزدحمة بالأولاد وبالكبار من كل الأعمار..بائع الكعك وعلى رأسه :"القرش" يروح ويغدو امام الباب , وقد جلس على طرفي الباب بائعا الليمون شراب الليمون .. ووقف صقر ينظر إلى أحدهما وقد وضع السطل الأبيض ذا الغطاء البلوري , وتسمرت عيناه على يد البائع وهي تمسك بالساعد الرفيع الطويل الذي هو على شكل " ماسورة" معدنية صفراء والذي ينتهي في أسفله بانتفاخ معدني ضخم , كان يغمس ساعده هذا في السائل الأصفر الذي تخلله قطع الثلج فإذا أراد وفعه سد ثقبا في أعلى الماسورة بسبابته ثم وجه الانتفاخ يسيل في الكأس ورفع سبابته عن الثقب الأعلى فإذا بشراب الليمون يسيل في الكأس حتى امتلأت ثم ناولها إلى الشاري .
    يتبع

  5. #5

    رد: رواية/الخندق بعد الأخير/عبد الإله الخاني

    في اليوم الأول طاف صقر شوارع المدينة عدة مرات , مرات كانت عينا, على الأرض دائما وأبدا.. تذكر قول أبي لبادة :
    عقب السكاير يجب التقاطه بسرعة لافرق إذا كان سليما او مداسا بالأرجل , ثم أصبحت عيناه مرنتين تغطي الأرض وفي الوقت ذاته تلعب عل الأيدي والأصابع الحاملة للفافات , إذا أحوج الأمر وبان ان النحصول ضئيل , لابأس باختطاف السيكارة من بين أصابع المارة المدخنين في وسط الزحام.
    في نهاية النهار عاد صقر بمحصوله إلى الدكان .. دكان أبي معروف فشاهد في داخلها منهمكا بخلط كمية من الدخان , الحاصلة من فك الأعقاب , بمسحوق أبيض .. فأعطاه المحصلة فنقده أبو معروف قطعة نقدية من فئة خمسة فرنكات.
    لهذا عاد في اليوم الأول إلى دار ام محمد بشعور جديد شعور من هو قادر على الحصول على المال .كان يراقب أم محمد بعينين مفتوحتين من زاويته التي اعتاد ان يتكوم فيها , ولكنه لم بنم فورا كعادته .. أما أم محمد فلم تنتبه له .. ولكنه في تلك الليلة نام نوما متقطعا, كان تفكيره كله منصرفا إلى العمل الذي سلك فيه أمسه, وينتظر يزوغ الفجر بفارغ الصبر.
    في اليوم الثاني كان محصوله أكثر : يساوي ضعف ما جناه أمس,لهذا كانت مكافأته من أبي معروف اكبر : نصف ليرة..في هذه المرة عاد إلى دار أم محمد بربع ليرة , لأنه لم يجد الوقت الكافي لإنفاق أكثر من نصف القطعة النقدية التي اكتسبها, وفاته أن يتفقد جيوب بنطاله عندما ما أمرته أم محمد بخلعه لتغسله في اليوم التالي ففعل .. وشعر بوجهه أصبح جمرة حين تحسست أم محمد الجيب فوجدت فيه ربع ليرة.. وجاء إلى ذهنه فتح مبين عندما سألته عن مصدر فأجابها على الفور:
    -كلفني صاحب دكان بأن أشتغل له ببيع الخضرة واعطاني إياها.
    كان موقف ام محمد غير منتظر , فقد تهلل وجهها , وقالت له:
    أكثر من هذا ياصقر . وبقيت قطعة النقد معها .. وانتظر ان تتغير معاملتها له , ولكن أمله ذهب عبثا , فأوعزت له بان بملأ الماء بنفس اللهجة السابقة.
    واطرد عمل صقر في الأيام التالية : بتقاضى كل يوم نصف ليرة يشتري بنصفها مما يشاهد في أيدي أترابه ويعطي الباقي لام محمد , فلما مضى عليه شهر كانت مكافاته قد نمت ووصلت إلى مبلغ ليرة واحد.
    أصبح لوسعه ان يدخل السينما.
    وفي أحد الأيام الساعة الثالثة بعد الظهر جاء إلى شارع الدرويشية فوقف أمام باب سينما سوريا , وكان باب السينما والردهة التي تليه مزدحمة بالأولاد وبالكبار من كل الأعمار..بائع الكعك وعلى رأسه :"القرش" يروح ويغدو امام الباب , وقد جلس على طرفي الباب بائعا الليمون شراب الليمون .. ووقف صقر ينظر إلى أحدهما وقد وضع السطل الأبيض ذا الغطاء البلوري , وتسمرت عيناه على يد البائع وهي تمسك بالساعد الرفيع الطويل الذي هو على شكل " ماسورة" معدنية صفراء والذي ينتهي في أسفله بانتفاخ معدني ضخم , كان يغمس ساعده هذا في السائل الأصفر الذي تخلله قطع الثلج فإذا أراد وفعه سد ثقبا في أعلى الماسورة بسبابته ثم وجه الانتفاخ يسيل في الكأس ورفع سبابته عن الثقب الأعلى فإذا بشراب الليمون يسيل في الكأس حتى امتلأت ثم ناولها إلى الشاري .
    يتبع

  6. #6

    رد: رواية/الخندق بعد الأخير/عبد الإله الخاني

    وانتشى صقر من هذا المنظر حتى انه لكي يفسح المجال للبائع حتى يكرر عمله هذا, ناوله عشرة قروش , وجعل يفتح عينيه ليستمتع بمناظر مراحل العملية التي أتقنها بائع الشراب,واخذ صقر من يد الرجل كأس الليمون , وتساءل هل حقا ملئت هذه الكأس له؟ .. ونظر حوله , فلم يجد أحدا, ووضع الكأس على شفته وتنازل منها مصة قصيرة اتبعها فورا بواحدة أخرى,وشعر براحة , ثم توقف وجال ببصره فيما حوله , فأبصر الاولاد برمقونه بنظراتهم المندهشة الفضولية , فرفع رأسه تياها.
    فكر صقر أن الحياة مواتية لمن يريد ان يتناولها , وحين جلس على مقعده في الصالة نظر إلى يمينه فوجد لمن يمينه فوجد رجلا يلف ساقه اليمنى على ساقه البسرى وقد برز صدره وعلقت بين إصبعيه لفافة من التبغ ,وظل يسترق النظر إليه حتى أطفئت الأنوار , فجعل يرفع ساقه اليمنى ليلفها على ساقه اليسرى , ووجد لهذا صعوبة في بادئ الأمر ثم تركزت الأمور من بعد ذلك .
    وظل منظر اللفافة بين أصابع الرجل ينهش في نفسه .. إنه هو الذي يجمع الدخان فلماذا لا يحضر لنفسه واحدة من اللفائف .إن بعض ما يلتقطه لا يزال طوله مناسبا يصلح للتدخين بهيئته تلك لك يدخن صاحبها الذي رماها أكثر من بعها..
    وصمم صقر على أمر..
    عندما عادت الأنوار في فترة الاستراحة خفض ساقه ثم شعر بمنهانة من هذا الخفض .. لماذا يخفضها؟ غيره أعلى مركزا؟ عاد ولف الساق اليمنى على الساق اليسرى وقال في سره . وممن أخاف ؟ ثم قال:
    -وإذا كنت صغير السن .. كان الصغير لا يلف ساقا على ساق؟
    وبقيت ساقه اليمنى هي التي تصعد فوق ساقه اليسرى , ولم تتوصل اليسرى إلى ان تستريح ولو مرة على الساق اليمنى, فلقد اعتقد أن الأصول هكذا..
    أصبح الآن في جلسة مستريحة فلقد أجال بصره فيما حوله , فلم يجد أحدا ينظر إليه جميع الموجودوين تقريبا في مثل وضعه , يتصرفون مثل تصرفه .. الأمر بالنسبة له أصبح طبيعيا .
    من يربكه على تصرفاته نفسه , يظلل منغمسا بالتفكير في حنايا ذاته يراقبها , قد يمسح عليها إعجابا بها وقد يضربها بالسوط وهذا السلوك الأخير هو الذي يصبغ معظم تصرفات صقر

    يتبع
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  7. #7

    رد: رواية/الخندق بعد الأخير/عبد الإله الخاني



    اما إذا استراح فهو بلا جدال منطلق التفكير إلى التطوير وتصعيد الميول .. قد لا يكون الصعود مستقيما , قد يكون منحرفا , ولكنه تطور على كل حال.
    الهام الآن هو الرغبة في الحصول على دراهم أكثر .. من أين يأتي بهذه الدراهم؟ التفكير الجديد استلزم مالا . أم محمد تطلب المزيد , قالت له أمس:
    -آه يا شيطان يا ملعون , إنك تخفي عني . أنت تكسب من معلمك أكثر لماذا لا تأتني بدراهم أكثر؟
    وعندما كرر على مسامعها القسم الغليظ على أنها واهمة قالت :
    -غدا سأذهب إلى معلمك وأسأله.
    زعق عندما سمع قولها , وتصور تهاويل شتى وتمسك بأهداب ثوبها , دخيلك . لم يدر بخلده أنها لا تعرف معلمه وانه عن لم يخبرها باسمه والحارة التي تقوم فيها دكان معلمه فلن توفق إلى ذلك , لم يدر يخلده شيء من هذا , كل ما أراده هو الحيلولة بينها وبين الاتصال بمعلمه قال لها:
    -سوف آتيك بأكثر , سوف آتيك بأكثر.
    في اليوم التالي خرج من دار السينما بشعورين يتقاذفانه فإنه كما يتقاذف لاعبان كرة المطاط:
    الحياة جميلة فيها سرور , والحياة تحتاج إلى مال يجب الحصول عليه بمقدار أكبر.
    عندما استيقظ في اليوم التالي وضع أمام الدجاجات الماء والطعام المعهود وخرج, طاف كالمجنون شوارع المدينة وأزقتها لالتقاط مقدار أكبر , مقدار كبير جدا م أعقاب السجائر , وأثناء تطوافه هذا عثر بين ما التقطه على أربعة أنصاف لفائف , وبرغم أن هذه الأنصاف تعطي نسبة لا بأس بها في المحصلة التي سيسلمها إلى معلمه ,إلا أن رغبته في التدخين جعلته يخبئ هذه الأنصاف في جيب مستور من ملابسه.
    وعندما قدر أن الكمية بلغت حدا يسعفه في الحصول على مبلغ اكبر من أي مبلغ آخر كان قد استوفاه من معلمه ذهب رملا..
    ما إن أصبح صقر على مسافة عشرين مترا من دكان كعلمه , حتى تمهل في السير ثم توقف ,كان هناك أفراد من الشرطة في الدكان ترفع موجوداتها قطعة قطعة , وتشم ما تحتها وتحملق , قلبت الدكان رأسا على عقب , سمع أفراد الشرطة ولهجتهم الآمرة الحانقة , شاهد وجوههم الجهمة.
    لم يرق الوضع لصقر,وأدرك بغريزته ان الوضع غير طبيعي فهناك أمور تجري على شكل مألوف فانكفأ وأثناء سيره اجتمع بابي لبادة الذي بادره بلهجة مستعجلة:
    -هل ذهبت إلى دكان معلمك؟
    -انكفأت عنها عنها قبل أن أصل إليها .
    -حسنا فعلت لا تذهب اليوم ولا غدا ولا بعد غد . يجب أن تغيب عن الأنظار بضعة أيام.
    -لماذا؟
    -إن الشرطة تتحرى دكانه بحثا عن الحشيش المخدر , فإذا ذهبت قبضوا عليك.
    -شاهدته أمس يخلط الدخان بمادة بيضاء تشبه البودرة.
    -هس ..هس..س
    يتبع

    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  8. #8

    رد: رواية/الخندق بعد الأخير/عبد الإله الخاني



    اما إذا استراح فهو بلا جدال منطلق التفكير إلى التطوير وتصعيد الميول .. قد لا يكون الصعود مستقيما , قد يكون منحرفا , ولكنه تطور على كل حال.
    الهام الآن هو الرغبة في الحصول على دراهم أكثر .. من أين يأتي بهذه الدراهم؟ التفكير الجديد استلزم مالا . أم محمد تطلب المزيد , قالت له أمس:
    -آه يا شيطان يا ملعون , إنك تخفي عني . أنت تكسب من معلمك أكثر لماذا لا تأتني بدراهم أكثر؟
    وعندما كرر على مسامعها القسم الغليظ على أنها واهمة قالت :
    -غدا سأذهب إلى معلمك وأسأله.
    زعق عندما سمع قولها , وتصور تهاويل شتى وتمسك بأهداب ثوبها , دخيلك . لم يدر بخلده أنها لا تعرف معلمه وانه عن لم يخبرها باسمه والحارة التي تقوم فيها دكان معلمه فلن توفق إلى ذلك , لم يدر يخلده شيء من هذا , كل ما أراده هو الحيلولة بينها وبين الاتصال بمعلمه قال لها:
    -سوف آتيك بأكثر , سوف آتيك بأكثر.
    في اليوم التالي خرج من دار السينما بشعورين يتقاذفانه فإنه كما يتقاذف لاعبان كرة المطاط:
    الحياة جميلة فيها سرور , والحياة تحتاج إلى مال يجب الحصول عليه بمقدار أكبر.
    عندما استيقظ في اليوم التالي وضع أمام الدجاجات الماء والطعام المعهود وخرج, طاف كالمجنون شوارع المدينة وأزقتها لالتقاط مقدار أكبر , مقدار كبير جدا م أعقاب السجائر , وأثناء تطوافه هذا عثر بين ما التقطه على أربعة أنصاف لفائف , وبرغم أن هذه الأنصاف تعطي نسبة لا بأس بها في المحصلة التي سيسلمها إلى معلمه ,إلا أن رغبته في التدخين جعلته يخبئ هذه الأنصاف في جيب مستور من ملابسه.
    وعندما قدر أن الكمية بلغت حدا يسعفه في الحصول على مبلغ اكبر من أي مبلغ آخر كان قد استوفاه من معلمه ذهب رملا..
    ما إن أصبح صقر على مسافة عشرين مترا من دكان كعلمه , حتى تمهل في السير ثم توقف ,كان هناك أفراد من الشرطة في الدكان ترفع موجوداتها قطعة قطعة , وتشم ما تحتها وتحملق , قلبت الدكان رأسا على عقب , سمع أفراد الشرطة ولهجتهم الآمرة الحانقة , شاهد وجوههم الجهمة.
    لم يرق الوضع لصقر,وأدرك بغريزته ان الوضع غير طبيعي فهناك أمور تجري على شكل مألوف فانكفأ وأثناء سيره اجتمع بابي لبادة الذي بادره بلهجة مستعجلة:
    -هل ذهبت إلى دكان معلمك؟
    -انكفأت عنها عنها قبل أن أصل إليها .
    -حسنا فعلت لا تذهب اليوم ولا غدا ولا بعد غد . يجب أن تغيب عن الأنظار بضعة أيام.
    -لماذا؟
    -إن الشرطة تتحرى دكانه بحثا عن الحشيش المخدر , فإذا ذهبت قبضوا عليك.
    -شاهدته أمس يخلط الدخان بمادة بيضاء تشبه البودرة.
    -هس ..هس..س
    يتبع

    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  9. #9

    رد: رواية/الخندق بعد الأخير/عبد الإله الخاني


    وضع أبو لبادة سبابته على شفتيه بشكل مستعرض وحملق بعينيه الواسعتين في وجه صقر الذي خرس لساعته, وإذا بأبي لبادة , وبدون تحية أو سابق إنذار يختفي بقدرة قادر وبسرعة جنونية, مما دعا صقر إلى أن يدخل في باب بناية وينتظر فرأى رجال الشرطة يمرون.
    كان ذلك يعني بالنسبة لصقر , أن يتفض يده من غشيان سينما سوريا , ومن أن ينظر إلى بائع الشراب يضع سبابته على ثقب الماسورة دون أن يتاح له أن يشرب , وان يتعرض لغضب أم محمد لأنه لن يكون بوسعه أن يأتيها بالدراهم كعادته.
    كل هذا ورد على مخيلته دفعة واحدة , فظهر عليه الذهول ومشى مبتعدا رويدا رويدا .. وعاد أبو لبادة فما احتفل به صقر ولا نظر إليه ,فأدرك هذا ما يجول في ذهن صقر الصغير فأسرع وسد عليه الطريق,وأصبح رأسه مقابل رأسه مباشرة ونظراته تغوص في أحداق صقر.. الذي ما عن رفع بصره إليه حتى احس برعشة .. وطال التقاء النظرات بالنظرات..
    قال أبو لبادة:
    -تريد دراهم؟
    -...
    -حسنا ..تشتغل لحسابي.
    -بماذا؟
    -تقف أمام دور السينما وفي مواقف الباصات , تمد يدك إلى الجيوب بخفة متناهية دون أن يشعر بك احد وتأخذ ما فيها .. فإذا وقعت بيد الشرطة خلصتك أنا..
    تفتحت أحداق صقر كأن الفرج قد أدركه , وأدرك بقوة بصيرته وتصور يديه ملأ ى بالدراهم , فهز رأسه موافقا وعيناه مزدهرتان فرحا..وأكمل أبو لبادة:
    -اسمع .. مقابل تخليصي لك أتقاضى أنا نصف ما تحصل عليه أنت
    -كيف أفعل؟
    لم يفهم شيئا مما تفوه به أبو لبادة لا يعنيه أن يأخذ منه أبو لبادة النصف .. هو اعرف بهذه الأمور .. المهم ان يحصل على المال..
    يتبع

  10. #10

    رد: رواية/الخندق بعد الأخير/عبد الإله الخاني

    كيف؟
    ص 15
    -هلم بنا ادربك.
    ونكس صقر رأسه ثم رفع عينيه إلى أبي لبادة بين مصدق ومكذب .. وقد صعب عليه ما سمع فقال:
    -هل الدراهم التي في جيوب الناس لنا؟هل أمد يدي إلى جيب أم محمد التي أسكن معها؟
    جاءت هذه الكلمات مفاجئة لأبي لبادة , وحار بماذا يجيب! ثم جاء جوابه بطيئا في بادئ الأمر وقويت لهجته فيما بعد:
    -الذي ليس معه يؤخذ منه , والذي معه يعطي ويزاد..
    لم يفهم حجر من ذلك شيئا وظل مبهوتا فأصاف أبو لبادة :
    -لماذا لايعطوننا ؟ يجب ان نعيش.
    وسكت أبو لبادة ينتظر وفعل صقر _ ولكن حجر ظل ساكتا , صراع في نفسه قائم , وعاد أبو لبادة يقول :
    -إلا إذا كان معك دراهم .. هل معك؟
    لم يجب صقر بكلمة واحدة بل مشى مع أبي لبادة عاقدا حاجبيه , تتقاذفه الفكر , هذا الذي يقوله أبو لبادة شيء صعب , ولكن أصعب منه أن يبقى بلا دراهم .. والسينما؟والمشروبات والألعاب؟
    عندما وصلا إلى موقف باص كان الناس ينتظرون وصول ونظر صقر أبي لبادة ,فأشار إليه هذا بالانتظار والترقب..وقفا وكأنهما من خلق الله هؤلاء المنتظرين.فلما وصلت السيارة , تقاطر عليها المنتظرون فاتجهوا إلى بابها الخلفي وكونوا جمهورا متلاحما .
    قال أبو لبادة لصقر:
    -انظر..
    واندس بين الجمهور وراح يناطح ويزاحم إلى صعد ثم انتقل إلى الباب الأمامي ونزل منه , وأخذ بيد صقر ومشى حتى أصبحا في سكان قصي أخرج أبو لبادة ورقة نقدية من ذات الخمس ليرات وقال صقر:
    -هذا ما توصلت إليه من حركتي هذه , والآن حاول بدورك , أن تفعل مثلي . حاول دائما أن تدخل يدك وتخرجها بسرعة , لا تفتش فيها إذا لم تعثر فيها على شيء قريب المتناول . ولتصاحب حركة جسمك كل حركة يدك في الجيب.
    وهكذا ..
    عندما أوفى النهار على نهايته , انتحى صقر قصها حيث أخرج من جيبه حصيلة ماجناه طول النهار فوجده ليرتين ورقيتين وثلاث ليرات فضية وعددا ولفرا من الفرنكات ,ولم ينتظر حتى وافى أبا لبادة في مقره حيث أخرج أمامه كل ما تجتمع لديه دون أن يخفي شيئا فقاسمه أبو لبادة على النصف .
    عاد صقر يرقص رقصا ولا يمشي مشيا وإذا به يلتقي بأم محمد وجها لوجه في الطريق , ارتعش لدى رؤيته لها , ولكنه تجلد قالت له:
    -أين كنت؟
    -كنت ماشيا في الطريق أتفرج.
    -ماذا تفعل؟
    -لا أفعل شيئا
    -رأيتك مع أبي لبادة أنا اعرفه واعرف ماذا يعمل عند المواقف وبماذا يشتغل , تعال.
    س 18
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

صفحة 1 من 8 123 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. تحميل رواية ياسين قلب الخلافة - عبد الإله بن عرفة pdf
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-03-2015, 06:10 AM
  2. وفاة المحكم الدولي/عبد الإله الخاني
    بواسطة فراس الحكيم في المنتدى فرسان الترحيب
    مشاركات: 85
    آخر مشاركة: 11-14-2010, 05:30 PM
  3. وفاة المحكم الدولي/عبد الإله الخاني
    بواسطة عقاب اسماعيل بحمد في المنتدى فرسان الترحيب
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-13-2010, 08:41 AM
  4. حصريا/مسرحية الملك نقمد/عبد الإله الخاني
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 38
    آخر مشاركة: 04-07-2010, 06:41 PM
  5. المحكم الدولي /عبد الإله الخاني
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى أسماء لامعة في سطور
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 08-25-2009, 07:55 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •