سألني الأستاذ سلطان الزيادنة من الأردن الشقيق عن :( خاتم بمعنى أفضل ، وخاتم بمعنى آخر )فقال :(أناقش صديقاً يعتقد معتقداً أن كلمة خاتمإذا أضيفت لجمع العقلاء على سبيل المديح فهي لا تعنيإلا الأكمل والأفضل،مثال خاتم النبيين ،يقول: تعني أفضلهم وأكملهم ولا تعني آخرهم
وأريد أن تساعدني فضلاً لا أمرا في تأصيل لفظة "خاتم" اللغوي ومعانيها وهل ورد في التراث الأدبي العربي -شعره أو نثره -مضافة لجمع العقلاء بمعنى آخرهم )
وبحثت عن إجابة سؤاله وأضفت إلى بحثي ما أذكره من دراستي وقراءاتي المتواضعة ، وأقول بتوفيق الله :
جاء في آيات التنزيل الحكيم ( القرآن الكريم ) :
( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما ( 40 )الأحزاب
وجاء في تفسير الإمام الطبري لهذه الآية الكريمة :
خاتم النبيين ، الذي ختم النبوة فطبع عليها ، فلا تفتح لأحد بعده إلى قيام الساعة
وقال اللحياني من علماء اللغة والتفسير :
خِتَامُ القوم ، وخَاتِمهم ، وخاتَمهم ( بالكسر والفتح ) آخرهم
ومحمد صلى الله عليه وسلم ( خاتم الأنبياء ) و( الخاتم ) من أسمائه عليه الصلاة والسلام ، وكذلك ( العاقبُ ) من أسمائه صلى الله عليه وسلم ؛ ومعناه آخر الأنبياء . وقال العجاج : كارِمُهم ، ومعنى ( ختم ) في اللغة التغطية على الشيء .
وجاء في ( كِتَابُ الإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ بِأَنَّ الْجَنَّةَ ... » بَابُ ذِكْرِ مَا خَتَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمُحَمَّدٍ، من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وهو حديث مرفوع :
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَكْمَلَهُ ، إِلا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ : هَلا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ ؟ قَالَ : فَأَنَا اللَّبِنَةُ ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ "
وفي اللغة : خَتَمَ له بالخير ( بلغ آخره )
وفي التراث الأدبي من الشعر قال الشاعر :
إن الخليفة إن الله سَرْبَلَهُ = سِرْبَالَ مُلْكٍ به تُرْجَى الخَواتيم
وقال الأعشى :
وصهباءُ طافَ يهودِيُّها =وأَبْرَزها وعليها خَتَمْ
والخاتَم: ما يوضع على الطينة وهواسمٌ مثل العَالَم
وقيل : (آمين) خاتم ربِّ العالمين على عباده المؤمنين ) بفتح التاء وكسرها في ( خاتم )؛ بمعنى ( طابعه وعلامته التي تدفع عنهم الأعراض والعاهات )
كيف لا ( يكون محمد صلى الله عليه وسلم خاتما للأنبياء والمرسلين ، وقد صدَّقَتْ معاني اللغة التي نزل بها القرآن على معنى أصل الكلمة وهو ( الخاء والتاء والميم ) ألم تتدبر معنى :
ختمَ فلان القرآن ؟! أليس معناه أنه قرأهُ إلى آخرهِ ؟!
وخاتمةُ السورة بمعنى آخرها !!
وقد جاء في التنزيل الكريم في القرآن ختامه مسْكٌ ) أي آخره كما جاء في التفاسير ، أي آخر مايجدونه رائحة المسك
وقال تعالى ختم الله على قلوبهم ) فلا تعقل ولا تعي شيئا بعد ختمه وطبعه عليها بقفل محكم ، اقرأ إن شئت قوله سبحانه وتعالى أم على قلوب أقفالها ) وقوله وإن يشأ الله يختم على قلبك )قال قتادة يعني ينسيك ما آتاك فيكون آخر شيء
وقال الزجاج في معنى الآية الأخيرة يربط على قلبك بالصبر على أذاهم في قولهم لك ( افترى على الله كذبا )
وتقول دلالات اللغة العربية أن معنى؛
( افتتحتُ الشيءَ نقيضُه اخْتَتَمْتُهُ )
والخاتم ( بفتح التاء أو كسرها ) من الحُلِيِّ كالذهب والفضة والياقوت والمرجان والماس وكذا من الحديد
وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن لبس الخاتم للرجال إلا لذي سلطان ، إي إذا لبسه لغير حاجة ، وكان للزينة المحضة للنساء ، أما للرجال فهو مكروه ، ويتخذه ذو السلطان ليطبع به على الأوراق ( خاتم الملك )
أخي الفاضل الأستاذ سلطان الزيادنة : جزاك الله خيرا ، لقد استفدت من سؤالك الطيب يقينا بأن محمدا صلى الله عليه وسلم
هو آخر الرسل والأنبياء المبعوثين بدين ( الإسلام ) العام لجميع البشر بمعنى الانقياد والطاعة لله رب العالمين
وهو حبيبي رسول الله أكملهم وأفضلهم وآخرهم
كما حاول صديقك أن يصفه قبل أن ينفي عنه أنه خاتَمُ أو خاتِمً الأنبياء
وحذار من هذه الأقاويل التي تشكك المؤمن في عقيدته السماوية وحبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم
أما عن نزول عيسى عليه السلام بعد ظهور المسيخ الدجال ــ لعنه الله ــ فهذا ليهدي الناس الذين جاء المسيخ ليضلهم عن طريق الله وعبادته على دين الإسلام الذي نزل به محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء وخاتمهم والذي صلى بهم جميعا إماما في بيت المقدس في رحلته التي لا تخفى على بصيرة لثبوت حدوثها قطعيا في التاريخ ومعراجه إلى رب السماء والأرض باعث الرسل والأنبياء عليهم جميعا الصلاة والسلام مما يؤكد الأفضلية والختام المسك الذي نزل شاملا وعاما برسالته صلى الله عليه وسلم للناس أجمعين .
هذا والله أعلى وأعلم