منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3

العرض المتطور

  1. #1

    نظرية إيقاع الشعر العربي - الأستاذ محمد العياشي

    كتاب نظرية إيقاع الشعر العربي لمحمد العياشي
    إضافة لعرض الكتاب فإن هذا الموضوع يبين صلاحية الأرقام أداة وشكلا للتعبير عن هذه المدرسة للعروض العربي صلاحيتها للتعبير عن سواه من المدارس سواء اختلف في حالي الاختلاف والاتفاق مع مضمون الرقمي. ووجهة نظر المؤلف إلى عروض الخليل، سلبية جدا وذلك بأسلوب مختصر. وأعرض هنا تبيان بعض وجهات نظر المؤلف لأهمية وغرابة بعضها

    1-رأي المؤلف في الخليل وعروضه :

    يقول (9-ص20):"فنحمد الخليل على ما بذل من الجهود في خدمة العربية باهتمامه بالنحو واللغة، ونلومه على اعتراضه للإيقاع الشعري إذ نهض إلى دراسته ولم تكن له المؤهلات والمعدات الضرورية لذلك حتى تورط في الخطأ وورط من بعده في الجهل إذ امتنعوا عن تعقب كلامه."

    ويقول (9-ص30):"وتلك هي البحور التي غامر فيها الخليل حتى إذا تنازعته اللجج وتقاذفته الأمواج راح يستنصر الدوائر ويستصرخ التفاعيل لعله يسحر بها عيون الناس ولكن خذلته التفاعيل ودارت عليه الدوائر. ولم يزل يعالج العلة موقوفا مقطوفا مكسوفا حتى عاجلته التيارات الزاحفة من هنا وهناك فكفَّته ولفَّته وخبَلته وعقَلته فكان أول المسحورين."

    2-تعرفه للإيقاع:

    "الإيقاع في مفهومه الفني مبدأ ومعنى وهو وجداني مناطه النفس عنها يصدر وإليها ينفذ فيهتك أسرارها ويحرك أوتارها، وأما في واقعه العملي فهو توفيق بين نزعتين متناقضتين: الثقل والخفة، وهو جملة من القيم الحركية ذات صفة كمية وكيفية تقوم على أساس الحركة وتخضع في تركيبها إلى مبادئ ثابتة لا تفريط فيها: النسبية والتناسب والنظام والمعادلة والدورية….وهو ليس من المادية في شيء ولكنه يتلبس بالمادة فتجسمه الحركة البدنية والصوتية."

    3- منهج الكتاب:

    يقول الكاتب إنه يعود إلى الشعر الجاهلي ليستخلص منه قواعد الإيقاع دون تأثر بعلم العروض وذلك برصد العناصر الثقيلة التي تستغرق وحدتين من الزمن مثل كمْ ويرمز لها بعلامة موسيقية أقرب حرف لها شكلا ( d.) وصورتها الصوتية (دُمْ إس)والعناصر الخفيفة مثل لَ وتستغرق وحدة زمنية ويرمز لها (p ) وصورتها الصوتية (تك) ويقدم تقسيما جديدا للإيقاعات - فهو يعترض على تعبير بحور - في ثلاثة أهرامات إضافة إلى إيقاع الرجز منفردا. والإيقاع الأول في كل هرم هو الخبب وقيمته 31 ثُم تليه في كل هرم إيقاعات تطول تدريجيا بإضافة القيمة المزيدة لكل إيقاع فيزداد بها عن سابقه في القيمة الحركية بما يماثل الدرج ولهذا يسمي هذه الإيقاعات أدراج الهرم وصولا إلى الإيقاع الأطول الذي وهو قاعدة الهرم، وتذكر أهرامه بدوائر الخليل. ويقول بأن إيقاعاته تمتاز عن بحور الخليل بأن عدد عناصرها ثابت دائما وليس فيها زحاف ولا علة. وقد استعملت الأرقام في التعبير في التعبير عما ذهب إليه اختصارا وتبيانا لقابلية الأرقام في التعبير، تاركا للقارئ الحكم على منهجه من خلال شرح بعض الآليات التي استعملها باستعراض بعض نماذج معالجاته.

    4- نماذج من معالجاته:

    أ-يقول:"وإذا مروا بـ فاعلاتن =232 اعتبرها سبعة عناصر وسوغوا لها سبعة عناصر ومن الوقت سبع وحدات وقتية، وإذا مروا بـ فَعِلاتن=231 اعتبروها ستة عناصر فقط اعتبروها ستة الشعر التالي لحافظ إبراهيم:عناصر فقط وسوغوا لها ستة عناصر فقط بسبب الزحاف." ويضرب مثلا لذلك بيت
    لا تلم كفي إذا السيف نبا ........صح مني العزم والحظ أبى
    2 3 2/ 2 3 2 / 1 3 ........2 3 2 / 2 3 2 /1 3
    7 وحدات/7 وحدات/4 وحدات ......7 ......./ 7 ......./ 4
    فاعلاتن / فاعلاتن / فَعلا{تن} فاعلاتن / فاعلاتن / فَعلا{تن}
    وهذا في رأيه يظهر عيب عروض الخليل لتفاوت عدد عناصر تفاعيله أو أوزانها ولحذف {تن} في العروض والضرب، ويقول بأن عروض الخليل وقع في هذا الخطأ لعدم فهمه مبدأ الاهتضام؛ فإن القيمة الحقيقية لقول الشاعر (لا=2 تلم=3 كفْ=2) هي ستة وليست سبعة وهي كالتالي:
    لاتَ=12/لُـمْ=2/كَفْ=2 والمجموع ستة لأن القيمة الحقيقية لـ(لاتَ)=2 لأن كلا من (لا) و(تَ) [ضحت] بنصف وحدة فصار مجموعهما = (لا=2-5,)+(تَ=1-5,)=2
    ويصبح كل من الصدر والعجز مكونا من ثلاث تفاعيل متساوية خالية من الزحاف:
    لات=2، لُمْ=2، كفْ =2/في إِ =2، ذسْ=2 سَيْ=2/فُ=1، نَ=1 با=2، آس=2
    وهذه ثلاث تفاعيل كل واحدة منها من ست وحداتنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي232-1)/(232-1)/31+آس.
    وهكذا أنزل مبدأ الاهتضام عدد وحدات فاعلات232 إلى 222 كما زاد مبدأ الإسكات وهو تعبير عن سكوت المنشد الجيد مقدار وحدتين زمنيتين في نهاية كل شطر حيث تصبح فَعلا في كل من العروض والضرب ( فعلا آس ) وليست ( فعلا تن) ، حيثُ
    (فعلا آس) =6 [وهكذا تصبح كل التفاعيل متساوية ويكون اهتضام فاعلاتن جعلها متساوية مع فعِلاتن وفعْلاتن فلا زحاف، وبالإسكات فعِلا تعطي فعلاأَسْ فلا علة.]

    ب-ويورد لأبي العتاهية قوله:

    ولو لم تطـعك بنات القلوب ......لـما قبـل الـله أعـمالها
    ولوْ لمْ / تطع كَ /بنا تُلْ /قُلو بِ.......لما سَ /مِعَلْ لا / هُأَعْ ما / لها
    فعولن فعول....... فعولن فعولُ........فعولُ فعولن فعولن فعو لن


    هذا ما نعرفه من عروض الخليل وهو من المتقارب وتفعيلة الضرب فعو بعد حذف لن، ولكنه يقول إن هذا الوزن من الخبب [المتدارك] وتقطيعه كالتالي:
    آس ولو/ لمْ تُطِعْ / كَ بنا / تُلْ قُلو بِ لما / سَ مِعَلا / لا هُأَعْ / مل لها
    ووزنه= أسْ علن فاعلن فَعِلن فعْلن فَعِلن فعِلن فاعلن فاعلن
    فلا زحاف ولا علة وكل تفاعيله من أربع وحدات لأن (أَسْ وَ) =2 بالاهتضام، وبالتالي فإن التفعيلة الأولى! أَس ولو =أَسْوَ + لوْ = 2+2=4.
    ج- ويورد البيت التالي للبحتري:
    أراقب رأيك حتى يصحَّ.......وأنظر عطفك حتى يلينا
    13 / 13 /23 /13 ........13/ 13/ 23/ 23
    وهو حسب ما نعرفه من عروض الخليل من المتقارب باعتبار حاء يصح المشددة في الصدر ولكنه لديه من الخبب وحقيقته هي:
    نا أراقب رأيك حتى يصحْـ.........ـحَ وأنظر عطفك حتى يليـ
    ويسمي رويه بالروي المقلوب، ويبرهن على رأيه بالدائرة التي ترى، وهي دائرة المتفق
    بعينها، وللعلم فهو يقول(ص228):
    "فاعلم أن الدوائر الخليلية ليست من العمل العلمي الجدي في شيء لأن العمل العلمي يقوم على الحقائق المضبوطة والحقائق الثابتة، وإن أي
    عمل في الموسيقى والإيقاع لا يقوم على
    حساسية الأذن هو عمل فاشل." وقال (ص25):"والدوائر الخليلية زيادة مرفوضة مذمومة لأنها تضر ولا تنفع." وليتجنب فكرة الدوائر التي رفضها فإنه يستعمل تعبير تنويع البدء والختم [ وما هي فكرة الدوائر إن لم تكن ذاك؟]ويجسد ذلك أفضل تجسيد في هذا الدرج من الهرم الأكبر الذي مثلته بهذه الدائرة وكل بحورها من دائرة المشتبه.
    ونحصل على الأوزان عن طريق توزيع المقاطع على الدائرة والسير على كل منها لنحصل من كل على بحر مع إضافته كلمة المحير إضافة لاسم البحر لدى الخليل
    الوزن 2 3 2 3 3 – عند الخليل = مجزوء الخفيف......عند العياشي = المحير
    الوزن 3 2 3 3 2 – عند الخليل = المضارع ........عند العياشي = المحير المضارع
    الوزن 2 3 3 2 3 – عند الخليل = المتضب .........عند العياشي = المحير المقتضب
    الوزن 3 2 3 2 3 – عند الخليل مجزوء المتقارب / المقتضب .......عند العياشي = المحير المشتبه

    وله رأي قيم في الإيقاع فهو عنده يقتضي تكرار وحدة معينة، فبمنطقه وحسب عروض الخليل فإن وحدة الإيقاع التي تتكرر هي مستفعلن فاعلن =3234 ويقتضي الجَزْؤ حذف وحدة الإيقاع هذه. على أنه يرى ان وحدة الإيقاع في (داثر البسيط) هي مُتَفعلن فعلن=3133 ،كما أنها في داثر الطويل فعولُ مفاعلن =3313، والمقصود بـ(داثر) الهرم الذي يضم البسيط والطويل، وهو يذكِّر بدائرة المختلف. ويقول بأنه رؤيته تلك على شواهد من الشعر الجاهلي قبل أن يلحقها التحريف لتصبح كما نعرفها قبل زحافها.
    وما أظنه إلا جانب الصواب في هذا، فإن ما ورد من هذا في الشعر الجاهلي قليل بل نادر كما يقول ع.أنيس (14-ص60)، ومنه قول امرئ القيس
    إذا
    قامتا تضوع المسك منهما ....... نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل
    ويوم عـقرت للعذارى مطيتي ....... فيـا عجبا من رحلها المتحمل

    [ وأجد الثقل في البيت الأول أشد منه في الثاني؛ ذلك أن المرء يجد مخرجا من الثقل وميلا لاشعوريا لقراءة البيت الثاني: (ويومَ عقرتو) وهو ما لا يستطيع أن يجده في (تضوَّع ) في البيت الثاني إلأ بالقول (تاضوَّع) وهو ما لا يصح.ومن الأمثلة الأخرى التي يجد المرء نفسه ميالا إلى المد أو إشباع الحركة أثناء إنشادها الأبيات التالية:
    من معلقة طرفة:
    كأن البُرينَ (البرينا) والدماليج علِّقت ......على عشر أو خروع لم يحضَّدِ

    ومن معلقة زهير:
    جعلن القنانَ (القنانا) عن يمين وحزنه.......وكم بالقنانِ (بالقناني) من محِلٍ ومحرمِ
    ولم يقل عن فاعلاتن=232 إنها تحريف وأصلها فَعلاتن=231 مع أن ما ورد من فعلاتن أكثر مما ورد من مفاعلن، لأن مبدأ الاهتضام كفاه ذلك في حال فاعلاتن، وربما حاول ذلك فعسر الهضم وذلك على النحو التالي: لا بد ليعمل مبدأ الاهتضام من وجود وتد مفروق مثل فاعِ=12 تعطي2 في فاع لاتن قابل للاهتضام كما تقدم بيانه، وليس شرطا أن يكون ذلك الوتد مفروقا حسب دوائر الخليل بل يكفي أن يكون سببا متبوعا بوتد يشكل متحركه الأول مع السبب السابق له مادة للاهتضام ، وهو ما يستطيع أن يحل له إشكال مستفعلن ={مس=2+تف عِ تعطي2+لن=2} وفاعلن =12/2، ولكن أيًّا من مفاعيلن=2221 وفاعلن =221 لا تحوي الوتد المفروق القابل للاهتضام لأن المتحرك المفرد في أول كل منهما .فأجاءه قصور الاهتضام في مفاعيلن وفعولن، وتوحد النظر إلى البسيط والطويل إلى القول بالتحريف في كليهما.

    بيت القبض في الطويل (12-ص28):
    موقع القبض هو الخط الرقم 1 فيما يلي

    أتطلب من أسود بيشةَ دونه.......أبو مطرٍ وعامرٌ وأبو سَعْدِ
    3 1 - 3 1 2 - 3 1 - 3 1 2..............3 1 - 3 1 2 - 3 1 - 3 2 2

    وبيت الخبن في البسيط (12-ص44) (موضع الخبن هو الرقم 1):

    لقد خلت حقبٌ صروفها عجبٌ......فأحدثت عبراً وأعقبت دُوَلا
    1 2 3 - 1 3 - 1 2 3 - 1 3 ............1 2 3 - 1 3 - 1 2 3 - 1 3

    وأنا أجد بيت القبض في الطويل أثقل على السمع من بيت الخبن في البسيط، فإن كان ما أجد صحيحا؛ فهل لذلك من علاقة بإمكان الاهتضام -على ما يفهم من رأي المؤلف- ممكنا في تفاعيل البسيط متعذرا في تفاعيل الطويل.

  2. #2

    رد: نظرية إيقاع الشعر العربي - الأستاذ محمد العياشي


    http://www.tunipresse.com/article.php?id=18859

    قلم: نورالدين صمود
    فكرتُ أكثر من مرة في الكتابة عن مثقف تونسي متميز رأيت أنه قد رحل عنا قبل أن ينال حقه من التقدير والاعتراف بقيمته، وبعد حديث عنه مع بعض من يعرفونه وددت أن أٌقابل بعض المسؤولين الثقافيين والرياضيين لأحدثهم عنه وعن وجوب القيام بأي عمل تحية له واعترافا بما قدمه من أعمال في ميداني الثقافة والرياضة، ولما لم أتمكن من مقابلة أحد منهم رأيت من الواجب أن أكتب هذه الكلمة التي أريد أن أنصفه بها لأننا قصّرنا في حقه ولم نعترف بقيمته العلمية والفنية، فهو متعدد المواهب، فقد كان في ميدان الرياضة حارس مرمى «الملعب السوسي» الذي كان من فرق الدرجة الأولى في أوساط القرن الماضي، وعندما عوقب النجم بحله فترة لسبب من الأسباب في ذلك الوقت، انضم معظم لاعبيه إلى هذا الفريق الذي كان يحرس مرماه هذا الرياضي المثقف الشهير آنذاك، وهذا ما أوْهم كثيرا من المهتمين بالرياضة، ومنهم كاتب هذه السطور، أنه كان حارس مرمى النجم لشدة لمعان اسمه وغلبة سطوع النجم الساحلي، حتى أزال عني هذا الظن أحد كبار أنصاره الصديق مصطفى عطية.
    ولتفوق هذا الحارس في الميدان الرياضي وقع اختياره ليكون حارس مرمى المنتخب الوطني فحقق فيه عدة انتصارات من بينها أنه كان سببا في انتصار الفريق الوطني التونسي على نظيره المصري في مباراة حاسمة، وأذكر أنه أصيب في رأسه بالمغرب الأقصى أثناء مباراة بيننا وبين أشقائنا هناك.
    لقد عرفتم، بعد هذا التقديم، أنني أقصد حارس المرمى الشهير محمد العياشي، الذي أعتقد أن جيل الستينيات يذكرون نجوميته جيدا في هذا الميدان، وأنا أرجو بالمناسبة أن يُدْلوا بشهاداتهم في شأنه، لإنصافه وإعطائه حقه من الذكر والشكر، كما أرجو أن ينصفه أهل الثقافة الذين عرفوه وعرفوا قيمته الأدبية أيضا، وها أنا أدلي بشهادتي في الميدان الذي أعرفه وهو الشعر وموسيقاه فأقول: إنه شاعر مجيد وعروضي متمكن، له كتاب بعنوان (نظرية إيقاع الشعر العربي) وعندما وصلت في كتابة هذا الموضوع إلى هنا بحثت عنه في مكتبتي للتأكد من عنوانه وتاريخ نشره وعدد صفحاته...فوجدت عليه بخطه هذه الكلمة: (هدية من المؤلف إلى أخيه نورالدين صمود عربون مودة واحترام. في 6 ماي 1977) وتاريخ نشره هو سنة 1976 وهو يقع في 330 صفحة من الحجم الكبير، وقد عثرت بين صفحاته على ظرف معنون بالعربية: (الأستاذ نور الدين صمود كلية الشريعة وأصول الدين نهج علي طراد تونس) وطابع البريد بـ 40 مليما وعليه رسم بريشة حاتم المكي يمثل طبّالا وجَمَلا وتبدو من بعيد صومعة جامع عقبة بالقيروان، ولم أستطع أن أقرأ عليه من الطابع الذي يدل على تاريخ الإرسال إلا سنة 1977 وهو التاريخ الذي أرسل إلي فيه الكتاب بإهدائه المذكور، وقد كتب على ظهر الظرف بالحروف اللاتينية اسمه وعنوانه هكذا:
    EL AYACHI MOHMED
    8RUE DE NAFTA SOUSSE
    ولكن للأسف كان الظرف خاليا من الرسالة التي أرجو أن أعثر عليها بين أوراقي، كما وجدت بين أوراق الكتاب مقالا كتبته عنه، وهو يقع في عشر صفحات وسطرين بخط غليظ ضاعت منها أربع صفحات، وأذكر أني نشرت حوله موضوعا في إحدى الجرائد ومعه صورته بملابس حارس المرمى، وأكبر الظن أنه هذا الذي عثرت على بعض مسودته في الكتاب.
    وأعود إلى هذا الكتاب فأقول: رغم إعجابي بنظريته وطريقة عرضها، فقد ناقشته نقاشا علميا وافقته في بعض الجزئيات وخالفته في بعضها الآخر، ومخالفتي له لا تقلل من قيمة عمله، «واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية...» كما يقول شوقي، فقد لاحظت أن صاحبنا له معرفة واسعة بالموسيقى وبالترقيم الموسيقي وهذا ما جعله لا يضبط الإيقاع الشعري بالتفعيلات التي اعتاد العروضيون على ضبطه بها وهي : «فعولن فاعلن مفاعيلن فاعلاتن مستفعلن متفاعلن مفاعلتن مفعولاتُ» بتشكيلاتها التي نجدها في البحور الخليلية الستة عشر مع المتدارَك الذي أخرجه الأخفش الأوسط من دائرة البحور المهملة إلى البحور المستعملة، بل ضبطها بالترقيم الموسيقي: «دو ري مي فا صول لا سي/ سي لا صول فا مي ري دو»: طردا وعكسا، وقد دل بذلك على أنه يجيد ضبط موازين الشعر بـ»الصولفاج» أو الترقيم الموسيقي كما يجيدها بطريقة القدماء الذين ضبطوها بالتفاعيل.
    وبالمناسبة أذكر أننا قدمنا هذا الكتاب في برنامج تلفزي شاركت فيه مع الشاعر جعفر ماجد والمايسترو عبد الحميد بلعلجية وناقشنا فيه صاحبه في نظريته حول الإيقاع في الشعر العربي، وقد كان وجود بلعلجية معنا في نقاشنا ذاك لازما لأن استعمال المؤلف للترقيم الموسيقي لا يمكـِّننا من فهم نظريته ومناقشتها، فكان لابد من وجود مترجم يقرّب الصولفاج من التفعيلات حتى نتمكن من فهم ما يريد أن يقوله، وهي عملية صعبة، وقد كنت نقدته، في تلك الحصة التلفزية وفي مقالي الذي أشرت إليه، لأنه شرح نظريته بالترقيم الموسيقي الذي لا يستطيع أن يدركه ويستفيد منه إلا من كان جامعا بين معرفة التفعيلات والصولفاج معا مثله هو، ومثل نازك الملائكة التي استعملت الصولفاج بقلة في كتابها (قضايا الشعر المعاصر) الصادر لأول مرة سنة 1962، ومثل عبد الحميد بلعلجية وبعض أهل الاختصاص من العارفين بالطريقتين.
    ثم دارت الأيام وبُعث «المعهد العالي للموسيقى «أيام تولى البشير بن سلامة وزارة الثقافة في أواسط عقد الثمانينيات، وطلب مني مديره محمود قطاط أن أدرِّس مادة «موسيقى الشعر» أو علم العروض الذي لا بد منه لمن يتخرج من أمثال هذا المعهد، ليعرف من يريد منهم أن يلحن قصيدة، وزنها وموسيقاها ليكون لحنه مرتكزا على قواعد صحيحة، وقد قمت بتدريس هذه المادة فيه طيلة تسع سنوات متتالية تحت إدارة أربعة من مديريه، وقد تخرج، خلال تلك السنوات، كبار أساتذة الموسيقى والملحنين في تونس، ولما عاد إلى إدارتها مديرها الأول طلبت منه إعفائي من هذا العمل والبحث عمن يقوم بتدريس هذه المادة، ولما سألني عمن يمكن أن يعوضني تذكرت محمد العياشي وكتابه «نظرية إيقاع الشعر العربي» الذي نقدت صاحبه لأنه لا يستطيع أن يفهمه إلا مَن له معرفة بالترقيم الموسيقي، فاقترحته وأشدْتُ بكتابه، وقلت له: لا أعرف من هو أحسن منه فيما أعلم صالحا لهذه المهمة، فاستدعاه للقيام بهذا العمل، ولم أعرف كيف سارت الأمور بعد ذلك ولكني علمت أنه اعتذر بعد التدريس مدة لا أعرفها بالضبط لإقامته في سوسة، وقد تعذر عليه مواصلة تدريسه بالمعهد لطول المسافة بينهما، لذلك طلب مني المدير الذي جاء بعده أن أعود إلى تدريس مادة العروض بالمعهد، فعدت إليه سنة واحدة ثم اعتذرت عن ذلك في السنة الموالية.
    وأود أن أشير إلى أن العياشي لم يكتف بتأليف هذا الكتاب فقد قدم أبحاثا طويلة مختصة في العروض بمجلة الفكر، ثم جمعها ونشرها في كتاب أو أكثر أذكر منها عدة مقالات عن (الخزم والخرم)، وهو بحث لا يفهمه إلا المختصون، وأذكر أنه كتب أيضا عن التوقيع في بعض أغاني أم كلثوم، وكل هذه الأبحاث ليست في متناول السواد الأعظم من الناس الذين يحبون النزول إلى حضيض السهول المنحدرة من الموسيقى، ويعسر عليهم تسلق مرتفعاتها وقممها العالية، والملاحظ أن هذا العروضي المقتدر لم يقنع بكتابة الشعر على البحور المألوفة، بل اخترع بحورا أخرى بتركيبات جديدة للتفعيلات المعروفة وكتب عليها شعرا خلق موسيقاه خلقا وابتكرها ابتكارا ووُفـِّق في ذلك أحسن توفيق.
    بعد هذه الشهادة التي أديتها في حق الرياضي المتألق والشاعر العروضي المتمكن، أود أن أعرف شهادات من يعرفونه في الميدان الرياضي الذي أشرت إليه في بداية هذا الحديث وفي الميدان الأدبي الذي أشرت إلى بعضه في هذه الشهادة، من بقية زملائه ومعارفه في كامل أنحاء الجمهورية، وأقترح إطلاق اسمه على ملعب رياضي لائق بقيمته الرياضية، وأن يقيموا دورة رياضية تحمل اسمه يُحيُون بها ذكراه، كما أتوجه بنفس هذا الاقتراح إلى المنتخب الوطني الذي طالما لعب حارسا لمرماه وإلى وزارتي الرياضة والثقافة اللتين تعرفان قيمته وفضله، وأخيرا أرجو أن أكون قد قلت فيه كلمة لإنصافه عسى يستجيب لها بقية من دعوتهم إلى أن ينسجوا على منوالها.

  3. #3

    رد: نظرية إيقاع الشعر العربي - الأستاذ محمد العياشي

    وأنا أجد بيت القبض في الطويل أثقل على السمع من بيت الخبن في البسيط، فإن كان ما أجد صحيحا؛ فهل لذلك من علاقة بإمكان الاهتضام -على ما يفهم من رأي المؤلف- ممكنا في تفاعيل البسيط متعذرا في تفاعيل الطويل.

    حقيقة مبدأ الاهتضام /واظنه الاستساغة الإيقاعية /مصطلح جديد , قد يفتح الباب للتجديد على مصراعية , وقد أسلفنا أن البحور الأساسية بل ما يمكن الاشتقاق منه ولابحور جديدة بل اوزان فقط,فكيف سيكون ؟
    لك جزيل الشكر أستاذنا العزيز.

    http://www.arood.com/vb/showthread.p...8100#post38100
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. محاولات للتجديد في إيقاع الشعر- لأحمد كشك
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-25-2015, 01:38 PM
  2. إيقاع الشعر الشعبي العراقي/عبد الرضا علي
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الشعر الشعبي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-04-2013, 06:35 PM
  3. نظرية العروض العربي - سليمان أبو ستة
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-07-2011, 10:56 AM
  4. ما هكذا يكتب الشعر - الأستاذ علي حسن العبادي
    بواسطة خشان محمد خشان في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 09-01-2009, 11:27 AM
  5. نرحب بالاستاذ/ محمد العياشي
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الترحيب
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-30-2009, 01:23 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •