منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

العرض المتطور

  1. #1

    نحتاج إلى حماس الفتحوية

    نحتاج إلى حماس الفتحوية(1-2)
    -الجزء الأول-
    بقلم: سري سمّور

    توطئة

    هذا العنوان ليس كاريكاتوريا، ولا من باب الكوميديا أو السخرية؛ بل هو نتاج تـفكير عميق للخروج من المأزق الفلسطيني الحالي، وحالة الاستعصاء التي بلغت مداها.
    نظرا لأن المصالحة باتت بعيدة، و سياق المصالحة المطروح أقرب إلى المحاصصة، ولأن العلاقة بين القوتين الأكبر على الساحة تبدو في غاية السوء والتوتر وتبادل الاتهامات...وبعد كل هذه السنين واضح تماما بأن أيا منهما لا تستطيع شطب وتجاوز الأخرى، أو تجاهل وجودها، فهناك قاعدة باتت واضحة لكل ذي بصر وبصيرة:لا سلام بدون فتح ولا حرب بدون حماس،وأنه من الأخير للطرفين التعايش مع بعضهما وتوظيف الجهود المبذولة منهما كل ضد الآخر في اتجاه التحرير، لأنه مهما امتلك أي منهما من قوة عسكرية وإعلامية ومالية فلا مجال أن يلغي ويشطب الآخر، أو أن ينجز مهمة التحرير منفردا، ولأن كيمياء شعبنا تقوم على وجودهما معا، وفي ذات الوقت هناك شريحة متزايدة من شعبنا تكفر بكل الفصائل وتعتبرها عبئا عليها؛ فكم تسمع بمن يصرخ:لا خير في فتح ولا حماس ولا الجبهات ولا كل الفصائل...جميعهم يبحث عن مصالحه ولا يهمهم الوطن ولا المواطن...لقد كفرنا بهم جميعا...!
    وتأتي هذه المقالة بعد مرور عشرين سنة على توقيع اتفاق إعلان المبادئ في حدائق البيت الأبيض أي اتفاق أوسلو، والذي يتفق كل من يدافع عنه أو يهاجمه على أنه لم يجعل حياة الفلسطينيين أفضل.
    لا أزعم أنني أقدم في هذه السطور حلاّ سحريا، أو مقترحا ينهي الاستعصاء السياسي بالضربة القاضية، ولكن هي مساهمة أو اقتراح في هذه المرحلة التي تعيش فيها الساحة الفلسطينية حالة حيرة وارتباك، فلا تـقدم في المفاوضات، بل لا أمل فيها، ولا برنامج مقاومة يعمل ويتقدم؛ فمنذ متى كان المستوطنون يتجرؤون على الناس بهذه الطريقة دون ردة فعل؟ومنذ متى كان خبر الاعتداء على المسجد الأقصى عابرا في نشرات الأخبار، ويقابل باستنكار لفظي فاتر؟وكيف يمكن السكوت على «السكوت» عن محاولات تقسيم المسجد الأقصى وبناء الهيكل؟ إن القوتين الكبيرتين في فلسطين أي حماس وفتح أمام مسؤولية شرعية ووطنية وتاريخية وأخلاقية لم يسبق لحجمها مثيل في تاريخهما.

    (1)أمل كبير...بلا أيديولوجيا

    حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح تبلورت فكرتها وبنيت خليتها الأولى أواخر خمسينيات القرن العشرين، وكان الإشهار(الانطلاقة) في مطلع كانون ثاني-يناير 1965م أي حينما كانت الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس وقطاع غزة مناطق غير محتلة، وانتهجت الكفاح المسلح خيارا للتحرير، ولتجييش الناس باتجاه الهدف الرئيس وهو تحرير الأرض، لم تتبن فتح أي أيديولوجية من الأيديولوجيات الموجودة على الساحة العربية آنذاك، وفتحت أبوابها لمن يؤمن بالتحرير أيا كان توجهه، وقد كان من قادة فتح ومؤسسيها من هو قادم من الإخوان المسلمين أو القوميين أو الماركسيين أو من هو بلا أيديولوجيا، وبهذا تمكنت فتح من تجنيد الكثير من العناصر وحشد الأنصار.
    واستبعاد الأيديولوجيا هي نقطة قوة ونقطة ضعف في آن واحد؛ فهي تعطي مرونة، وقدرة هائلة على التجمع والتكتل باتجاه الهدف، إلا أنها تبقي الكتلة قابلة لدخول بعض من ضررهم أكبر من نفعهم من الأفراد، كما أن عدم وجود الحصن الأيديولوجي يجعل القبول ببعض الأطروحات السياسية سهلا...إلا أن استبعاد الأيديولوجيا ظلت نقطة قوة لفتح أكثر منها قوة ضعف على صعيد التأييد الجماهيري والقدرة على التعبئة.
    وعند هزيمة العرب النكراء في حزيران(يونيو) 1967م كانت فتح أملا للطامحين بإزالة عار الهزيمة، لا سيما بعد استبسال مقاتليها في معركة الكرامة(آذار-مارس 1968م) فباتت فتح أمل الجماهير الفلسطينية والعربية وأحرار العالم، ولهذا سارع إلى الانضمام لصفوفها كثير من الفلسطينيين والعرب والمسلمين والثوار من شتى بقاع الأرض، وكان طبيعيا أن تسيطر فتح على مؤسسات منظمة التحرير.
    ولقد تعلّقت الجماهير بفتح أكثر حينما كثرت هزائم زعماء العرب عسكريا، وكثرت فضائحهم السياسية، كما أن الفرد الفلسطيني كانت وما زالت لديه نزعة التميز بهوية مستقلة، وقد رأى فتح تحقق له هذه الرغبة؛ نظرا لأن أرضه محتلة والاحتلال ينكر عليه بشدة أن يـقول عن نفسه بأنه فلسطيني، ونظرا لأن الزعماء العرب يريدون له أن يكون تابعا لهم ملبيا لرغباتهم، دون أن يكون له قرار ولا هوية، وقد كانت فتح التي لا تتبنى أي أيديولوجية ملاذا للفرد الفلسطيني.

    (2)وضع عربي وفلسطيني معقد

    النظام العربي الرسمي ظل مهيمنا على الخيارات الفلسطينية منذ ثورة 1936م التي أوقفت بقرار عربي رسمي، وأداء الجيوش العربية الضعيف في حرب 1948م والذي كان من أسباب النكبة الأولى، والنظام العربي الرسمي وتحديدا جمال عبد الناصر هو الذي أنشأ منظمة التحرير الفلسطينية، وسمح-أو اضطر- لاحقا لحركة فتح الفتية أن تسيطر على المنظمة كنوع من ستر سوءته لأن حركة فتح خاضت مواجهة غير متكافئة مع جيش هزم كل جيوش العرب، فلا مناص آنذاك من أن تصبح فتح هي التي تقود الشعب الفلسطيني.
    ولكن فتح لم يكن وحتى الآن ليس بمكنتها التغريد خارج الإجماع العربي الرسمي؛ فحين كان العرب يسمحون بالكفاح المسلح تألقت فتح، وحينما جنحوا للسلم مع العدو انخرطت فتح في العملية، صحيح أنها حاولت أن تبني صيغة فيها شيء من الاستقلالية الوطنية، لكنها استقلالية ضمن الإطار العربي الرسمي، وفي خضم خلافات العرب واجهت فتح امتحانات صعبة، وخسرت كثيرا، ولعل هذا من مساوئ ترك الأيديولوجيا؛ فقد قام النظام العراقي والليبي بمباركة ودعم مجموعة صبري البنا/أبو نضال(فتح-المجلس الثوري) التي عملت كعصابة قتل مأجورة ضد كوادر وقيادات فتح ومنظمة التحرير، وقام النظام السوري بشق مجموعة سعيد موسى/أبو موسى لتعمل لصالحه وعلى هواه، صحيح أن هذه المجموعات وغيرها لم تـفلح في الحلول مكان فتح الرسمية بقيادتها المعروفة وعلى رأسها أبو عمار، ولكنها استهلكت ما لا يستهان به من طاقة الحركة ميدانيا وإعلاميا، والذين لم يعملوا على شق فتح من العرب، عملوا على ما هو أخطر أي الابتزاز والضغط الخشن والناعم، وعلى اختراق الحركة.
    وكان على فتح أن ترضي الجزائر عبر استضافة البوليساريو، وأن ترضي المغرب بنبذهم أو التصريح مثلا بأن الصحراء الغربية مغربية، وكانت كارثة دخول صدام إلى الكويت، وما تلاها أكبر علامات قدرة النظام العربي الرسمي حسم خيارات فتح وتلقائيا المنظمة وساعد على ذلك ما سأتناوله في الفقرة التالية.

    (3)الساحة الداخلية والخارجية

    قيادة فتح من لجنة مركزية ومجلس ثوري وقيادة عسكرية، كانت حتى أوسلو خارج الأراضي الفلسطينية، والقوات الضاربة لفتح كانت في دول عربية، وقد أخرجت القوات من الأردن (1970-1971م) ثم من لبنان بعد اجتياح 1982م وإن عادت بعد ذلك بعض القطاعات، وتوزع المقاتلون والقادة في دول عربية بعيدة عن خط المواجهة مثل تونس واليمن والسودان والجزائر والعراق، مما أفقد فتح عاملا ميدانيا مهما.
    وفي الداخل الفلسطيني الذي له خصوصية تتمثل بضرورة اتباع نمط العمل العسكري السري القائم على خلايا منفصلة قليلة العدد، لم يتطور الوضع الميداني، وكانت ساحة الضفة الغربية مثلا تتبع ما يعرف بالقطاع الغربي الذي يشرف عليه القائد خليل الوزير(أبو جهاد) عبر طرق التواصل المعروفة في تلك الفترة، وقد تعرضت الخلايا إلى ضربات قوية من الاحتلال وانكشفت وزج بمعظم أفرادها في السجون، دون تنفيذ عمليات نوعية دراماتيكية، لأسباب كثيرة منها ضعف التسليح نسبيا، واعتماد تنظيم الداخل على الخارج.
    وحينما انطلقت الانتفاضة الأولى أواخر سنة 1987م نشطت بعض المجموعات والخلايا ونفذت بعض العمليات المميزة نسبيا مثل قتل العملاء والجواسيس ونصب كمائن لدوريات الاحتلال وإلقاء عبوات ناسفة، وبرزت مجموعات فتحوية مثل الفهد الأسود(جنين ونابلس) والنمور السود(طولكرم) والأسد المقنع(رام الله) وصقور الفتح(غزة)، وذلك تزامنا مع تراجع حدة المواجهة بالحجارة، ووجدت ظاهرة المطلوبين المطاردين، ولكن الاحتلال تمكن من قتل واعتقال معظم النشطاء، ولم تحدث نقلة أو تطور نوعي في نشاط وعمل وسلاح وعدد أفراد هذه المجموعات، ومع انطلاق مؤتمر مدريد وما تلاه من توقيع اتـفاق أوسلو، انتهت هذه الظاهرة.
    الفكرة أن وجود فتح العسكري الضارب في الداخل الفلسطيني المحتل كان متواضعا، مما قلل من أوراق القوة لدى الحركة، ومكن النظام العربي الرسمي من زيادة ضغوطه على قيادتها، وخاصة أن فتح امتلكت مدا جماهيريا كبيرا وواسعا يؤهلها لتكوين خلايا ضاربة مسلحة أكثر قوة من التي وجدت.

    (4)أوسلو...نقطة تحول
    جاء أوسلو نتيجة تراكمات خاصة بفتح ومنظمة التحرير، وبتحولات إقليمية ودولية(كامب ديفيد واجتياح لبنان وانهيار الاتحاد السوفياتي وهزيمة الجيش العراقي) ولا يتسع المجال إلى تقييم مجمل اتـفاق أوسلو، ولكن المؤكد أن الاتـفاق هو نقطة تحول في تاريخ الصراع ومساره، وفي منهج وسلوك حركة فتح، وكون المرحلة الانتقالية لم تنتهي حتى الآن(كان يفترض أن تنتهي سنة 1999) جعل فتح في مرحلة ما بين الدولة ومؤسساتها والثورة ومتطلباتها، وبالتأكيد فإن فتح تحولت من نهج وطريق الكفاح المسلح إلى طريق التفاوض والسياسة، وإن كان التنظير القائم على مبدأ:البندقية غير المسيسة قاطعة طريق...وبالبندقية نزرع وبالسياسة نحصد...خذ ثم طالب بالمزيد...إلخ يعتبر تبريرا مقبولا في مرحلة معينة إلا أنه بتقادم الزمن وبالتحولات التي عاشتها الحركة لا يجد له ما يسنده على أرض الواقع في ظل تغوّل المشروع الصهيوني على الأرض الفلسطينية.
    كما أن أوسلو نقل ثـقل فتح جميعه تـقريبا إلى الداخل، ومثلما كان من الخطأ عدم تـقوية الداخل عسكريا، كان من الخطأ رمي كل الثقل البشري والمادي في الداخل المحتل بعيد أوسلو...يتبع.
    ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
    الأربعاء 12 ذي القعدة 1434هـ ،18/9/2013م

    من قلم:سري سمور(أبو نصر الدين)-جنين-أم الشوف/حيفا-فلسطين
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    نحتاج إلى حماس الفتحوية(2-2)
    -الجزء الثاني-
    بقلم: سري سمّور

    (5)حماس...جناحان للوطن

    حماس ولدت من رحم الإخوان المسلمين في فلسطين، والذين بدأ نشاطهم في الأرض المقدسة منذ أواخر أربعينيات القرن العشرين، وكان العديد من قادة فتح المؤسسين إما منتظمين في صفوف الإخوان، أو على علاقة مع الإخوان في مجال التنسيق والتدريب وغير ذلك.
    ومع ذلك امتازت علاقة الطرفين بالتوتر والصدام في معظم الفترات، ومن الخطأ والتسطيح الظن أن الصدام عمره بضع سنين، ولكن في الماضي كان الصدام يحاصر ويضبط باتـفاقيات شفوية أو مكتوبة بين قادة الطرفين وبإجراءات على الأرض تتوقف فيها المشاحنات تارة، ثم تعود تارة أخرى، وبالطبع يختلف الأمر من منطقة إلى أخرى، فغزة كانت الاحتكاكات فيها منذ زمن بعيد أكثر من غيرها من المناطق.
    ولكن ما سبب الصدام والاحتكاكات التي قادت أخيرا إلى انقسام مستمر؟هل هي الخلاف على من يمثل الشعب ويقوده؟ أم خلاف حول حسم الخيارات الوطنية؟أم خلافات شخصية وسوء تـفاهم؟أم أن مخابرات الاحتلال تـقف وراءها؟أم التناقض في البرامج السياسية؟أم افتقار البنية والقواعد الشعبية للطرفين لثقافة الحوار والرؤية التكاملية؟أم كل ذلك؟
    حماس انطلقت وأخذت تكبر وتتمدد في وقت كانت فيه فتح على وشك الدخول في عملية التسوية القائمة على انتصار وتـفوق العدو، ومثلما كان هناك قيادات فتحوية أصلها إخوان مسلمين، كان هناك قيادات وعناصر حمساوية أصلها فتحوي!
    صعدت حماس، وفازت على فتح في النقابات ومجالس الطلبة التي كانت حكرا على فتح لسنوات طويلة، وتبنت حماس ومارست خيار المقاومة لتحرير الأرض، ووجهت ضربات موجعة جدا للاحتلال.
    ومما ساعد حماس وزاد من أوراق قوتها وجعل الضغط العربي عليها أقل جدوى، أن ثـقلها البشري تركز وتمترس في الداخل، خاصة نشاطها العسكري الضارب، والذي شهد تطورا دراماتيكيا بمرور السنين.
    ولكن حماس لم تستطع أن تحل محل فتح كتنظيم شعبي جماهيري حتى بتقدمها في الانتخابات، وجعلها الزمن الذي لا تـقبل فيه فتح الفوز بأقل من 85%-90% من الأصوات في أي انتخابات تاريخا ماضيا، فقد ظلت فتح التنظيم الأكثر قدرة على الحشد والتأثير وتسيير حركة الشارع الفلسطيني في الداخل، مع أن حماس تبنت ومارست الكفاح المسلح، وهو الأمر الذي ضاعف كثيرا من رصيدها الشعبي، في وقت لم تعد فتح تمارسه، ولكن ظلت حركة الشارع وتوجهاته محكومة بقرار فتح، سلما أو حربا، بدليل انتفاضتي النفق والأقصى، صحيح أن الهبات أولها تكون عفوية شعبية ومعروف أن شعبنا يسبق أو يتقدم على فصائله، ولكن فتح هي ضمانة الاستمرارية بلا منازع، والأحداث الأخرى والأخيرة(استشهاد أسرى واعتداءات متكررة على المقدسات) التي لم تحدث فيها انتفاضة، لأنه ببساطة لا يوجد قرار بالتحرك لدى قواعد فتح أو كوادرها؛ مع أن تنظيم فتح عموما هلامي، وربما يجمع كثيرين منه الانتماء إلى الحركة وكل له رأيه وتوجهاته ومنهجه، ولكن الكتلة الكبيرة من التنظيم الميداني توجهاتها وسلوكها يقرران حركة الشارع.
    قد يكون التعليل أن فتح تملك السلطة وأدواتها ومقدراتها، والدليل أن فتح لا يمكنها مثلا إطلاق المقاومة من غزة لأن المتحكم هناك حماس، مثلما لا يمكن لحماس إطلاق انتفاضة من الضفة الغربية لأن المتحكم فيها فتح، ومع أن هذا الكلام له وجه من الصحة، ولكن ثـبت أن فتح هي الفتيل أو صاعق التفجير في أكثر من اختبار؛ ففتح حين قررت الهدوء كان لها ذلك، وأعني على مستوى الحالة العامة السائدة، وعلى مستوى المزاج والحالة النفسية للشعب الفلسطيني، فما بين 1993م-2000م نـفذت حماس والجهاد الإسلامي وأحيانا الجبهة الشعبية عمليات ضد الاحتلال، امتاز بعضها بالقوة والنوعية(مثل التفجيرات التي توقع عددا كبيرا من القتلى و الإصابات و أسر الجنود) ولكن الحالة العامة لم تكن انتفاضة في تـقييم الجميع، حتى أن حماس نـفسها تـقر بذلك، والسبب أن فتح لم تكن تريد ذلك وإن أقرت فتح أن تهدئة الوضع لم تكن كما تشتهي؛ واليوم تذهب دعوات حماس والجهاد للمقاومة سدى، ومتى قررت فتح الانخراط في عمل مقاوم يتغير كل شيء، وهذا يؤكد القاعدة التي ذكرتها في بداية المقال:لا سلام بدون حماس ولا حرب بدون فتح!

    (6)حماس تحتاج إلى قرار جريء

    الكل مجمع أن الشعب بحاجة إلى فتح، ولا يقصدون فتح بوضعها الحالي الذي يؤكد قادتها وقواعدها أنه بحاجة إلى استنهاض، بل يـقصدون أن الشعب الفلسطيني يحتاج إلى حركة تعبر عنه، وقادرة على الحشد والتجييش دون أن يكون لها أيديولوجيا صارمة، والأهم أن تتبنى المقاومة وبأسلوبها المسلح، حتى لو أبدت مرونة سياسية، وللأسف يرى جزء كبير من عامة الناس أن لا فتح ولا حماس تحققان حلم الشعب، وهناك ضيق لدى شرائح تتزايد من شعبنا من حالة المناكفة والعداء بين الطرفين.
    تكاد الحالة الفلسطينية الراهنة أن تشبه وضع الفلسطينيين عشية انطلاقة فتح قبل حوالي 48 سنة؛ فهناك مزايدات تنظيرية بين القوى المختلفة، وانشغال كل طرف بتأييد جهة ما في المحيط والعالم، وانشغال رسمي وحتى شعبي عربي بالشأن الداخلي، وأرض تضيع وتتسرب وهذه المرة المسجد الأقصى وهو قلب فلسطين يتعرض للتقسيم الزماني والمكاني علنا، فما العمل؟
    من الصعب إطلاق حركة جديدة في فلسطين، ولو انطلقت فقط ستزيد فقط عدد المتحدثين والناطقين وأمناء السر أو ما شابه، وحماس أمام امتحان صعب يتطلب منها قرارا جريئا؛ فمثلما كان قرار الشيخ أحمد ياسين-رحمه الله- وزملاؤه جريئا وفرض إنشاء حماس على تنظيم الإخوان المسلمين، يجب على حماس أن تتخذ قرارا جريئا بأن تتحول إلى حركة شعبية مثل فتح، ويمكنها الحفاظ على تنظيم الإخوان في فلسطين، وهو موجود كما نعلم، بحديديته وبنيته الخاصة؛ ولا أقول بأن تتحول حماس إلى تنظيم يتخلى تماما عن الأيديولوجيا، ولكن أن تصبح تنظيما أوسع أفقيا وعاموديا وأن تخفف من القيود، وبصراحة كلنا يعلم أن التنظيمات هي نظام حياة، ومن عايش سكنات الطلبة والسجون والبيوت الخاصة لكل ملتزم بتنظيم يعرف ذلك، فقد تتشابه التنظيمات في مرحلة معينة بالأهداف السياسية ولكن نظام الحياة يختلف، وقد شهدت كل من حماس وفتح تغيرا في نظامي حياتهما خلال السنوات الماضية، ولكنه ظل محدودا، وعلى حماس التحلي بالجرأة وترك الآراء السلفية في العديد من القضايا كي تتحول إلى تنظيم شعبي جماهيري، وقد فعلت ذلك في بعض المسائل ولكن بخجل وبطء، ومطلوب من حماس أن تتخلى عن الجمود، والأخذ بالرأي المتشدد زيادة في الحيطة، وهي-إن فعلت- لن تتخلى عن كثير من الأمور، لأن شعبنا ببساطة محافظ، والتدين فيه راسخ، ولكن الانغلاق والاستمرار في النهج الحالي لن يحيل حماس إلى تنظيم شعبي جماهيري يلتف الناس حوله مثلما التفوا حول فتح، وبالتالي فإن برنامج المقاومة الذي تتبناه حماس لن يسير، وستظل حماس متورطة في أزمات غزة من كهرباء ووقود وغيرها.

    (7)مبادرة سياسية ثورية جريئة

    وبعد أن تشرع حماس بخطوات عملية كالتي ذكرتها أعلاه، عليها أن تـقدم مبادرة سياسية ثورية؛ وألا تظل أسيرة خيارين لا يقدمان لفلسطين شيئا؛ وأعني الشعارات الكبيرة بعيدة المنال، أو السير في ركب عملية التسوية التي بان عوارها ولا جدواها.
    وهنا على حماس أن تتعلم من تجربة الرئيس البوسني السابق علي عزت بيجوفتش-رحمه الله- فالرجل أدرك أن وجود شعبه المسلم في البلقان مهدد، أو مطلوب منه التخلي عن هويته ودينه، ولأن حفظ النفس من مقاصد الشريعة الإسلامية لم يركب الرجل موجة الشعارات حول مشروع إسلامي كلنا(وأنا أكثر المتحمسين له بالمناسبة) نحلم به من طنجة إلى جاكرتا، لأنه على ثغر البوسنة، وأمامه مهمة آنية هي إنقاذ شعبه من المذابح وحفظ كيانه من نهاية مأساوية، وقد نجح عبر السير بين صخور السياسة المعقدة، من إنـقاذ شعبه المسلم الذي قتل وحوش الصرب وشردوا الكثير منه؛ ونحن شعب فلسطين شعب اللجوء والنكبات بامتياز من حيث العدد والزمن، وأرضنا ضاع معظمها والباقي يضيع وخاصة مسجدنا الأقصى المبارك، فينبغي منا ميعا التركيز على إنقاذ الشعب والوطن، أو ما يمكن إنـقاذه، وهذا مستقبلا يخدم المشروع الإسلامي الكبير، ولكن أن يكون تركيزنا على فلسطين أولا وثانيا وعاشرا!
    وأتذكر مبادرة تـقدم بها أحد قادة حماس من قطاع غزة في 2006 بعد فوز الحركة في الانتخابات عن تصور لتحرير الأراضي المحتلة سنة 1967م خلال عشر سنوات(2016م) ولم تكن الظروف مواتية للاستجابة، لأسباب عدة منها ما ذكرته من أن حماس لم تتمكن من الانتقال من التنظيم الحديدي المغلق التابع للإخوان المسلمين الذي يمارس المقاومة، إلى حركة شعبية فلسطينية مقاومة، والفرصة الآن قائمة؛ فلتتحول حماس إلى ما يشبه فتح في الحشد والتأييد والتجييش والشعبوية، تزامنا مع طرح برنامج يمكن أن يلتف حوله كثير من أبناء الشعب والأمة.
    وأخيرا وليس آخرا في السطور السابقة قدم العبد الفقير تصورا عن ضرورة تغيير ثوري خاص بحماس، فماذا عن فتح ألسنا بحاجة إلى فتح الحمساوية مثلا؟ بلى، ولكن فتح ستتغير تلقائيا عندما تصل المفاوضات إلى طريق مسدود تماما، كما أن تغير حماس بالطريقة التي ذكرت يعني تلقائيا تغيرا ملحوظا في فتح، فقد ثبت تأثر الحركتين ببعضهما رغم الخصام!
    وبانتظار خطوات جريئة وثورية لصالح الشعب والقضية من جميع القوى لا سيما فتح وحماس في الفترة القادمة بعون الله.
    ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
    الجمعة 14 ذي القعدة 1434هـ ،20/9/2013م

    من قلم:سري سمور(أبو نصر الدين)-جنين-أم الشوف/حيفا-فلسطين

المواضيع المتشابهه

  1. قد لا نحتاج لبناء المدارس مستقبلا !
    بواسطة أسامه الحموي في المنتدى فرسان التعليمي.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-31-2018, 03:21 PM
  2. مع هكذا أعداء نحتاج أصدقاء/ مصطفى ابراهيم
    بواسطة مصطفى إبراهيم في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-20-2013, 09:06 AM
  3. خلاص
    بواسطة سالم وريوش الحميد في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 02-18-2012, 06:44 PM
  4. خلاص يا ندا
    بواسطة محمد الشلقامى في المنتدى فرسان الشعر الشعبي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 10-05-2010, 04:50 PM
  5. الدكتور عرفان زهراء :نحتاج الى مؤتمرات تخصصية على مدار العام
    بواسطة ملده شويكاني في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-09-2009, 04:39 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •