التفكير وطرقه واستراتيجياته
المقدمة

تشهد الرياضيات تطورا ًسريعاً في مناهجها وطرائق تدريسها لدرجة أن بعض المختصين في تعليم الرياضيات يرون أنهم لم يعودوا قادرين على مواكبة هذا التطور وأنهم لم يعودوا متأكدين من أن الرياضيات التي يدرسها أبناؤنا اليوم سوف تكون ذات منفعة لهم عند تخرجهم من الجامعة وخروجهم للحياة العملية .


فعلينا كمعلمين أن نركز على التعليم المستقبلي وأن نوجه عقول طلابنا نحو التفكير وحل المشكلات .


فهناك مثل صيني مشهور يقول " أعطني سمكة أشبع اليوم وعلمني كيف أصطاد أشبع مدى الحياة "


إن التفكير بات ضرورة من ضروريات الحياة بالنسبة للإنسان ولا غنى عنه كالتنفس، ويبدو أن التعلم الفعال لمهارات التفكير الإبداعي أصبح حاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى ، لأن العلم أصبح أكثر تعقيداً نتيجة التحديات التي تفرضها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في شتى مجالات الحياة.


وسوف نتناول في هذا البحث


طرائق التفكير العامة


استراتيجيات تنمية التفكير لدى الطلاب


كيفية تقيم المعلم لنمو التفكير لدى الطلاب


السلوكيات التي يجب أن يتحلى بها المعلم من أجل توفير البيئة الصفية اللازمة لنجاح عملية تعليم التفكير


ما هو التفكير


]هو سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير تم استقباله عن طريق واحدة أو أكثر من الحواس الخمسة اللمس ، البصر ، السمع ، الشم، التذوق."


حاول مثلاً أن تحل المسألة التالية: ما نصف قيمة 2+2 ؟ هل تسمع نفسك وأنت تمر في خطوات الحل؟ هل تسمع نفسك وأنت تقرر ما إذا كانت تأخذ نصف 2، 2 ثم تجمعهما. أم تجمعهما ثم تأخذ النصف ؟ إذا كنت تلاحظ ما يدور في ذهنك من عمليات ، وإذا كنت تعلم الخطوات التي تقوم بها لكي تحل المشكلة أو تتخذ قرار فأنت تقوم بالوعي والتفكير


طرائق التفكير العامة


التفكير الدقيق


وهو أن يعطي المدرس طلابه معلومات دقيقة وأن يطلب منهم أن يكونوا دقيقين في تعبيراتهم سواء في مناقشاتهم الشفوية أو أعمالهم التحريرية


التفكير التأملي


ويتطلب هذا النوع تحليل الموقف إلى عناصره المختلفة والبحث عن العلاقات الداخلية بين هذه العناصر


ويمكن لمدرس الرياضيات أن يساعد طلابه على اكتساب هذا الأسلوب من التفكير عن طريق مساعدتهم على تحليل المسائل ورسم خطة الحل أولاً وبالذات في مسائل الهندسة


حيث يحدد معطيات السؤال ويرسمه ثم يحدد المطلوب


يتلخص في استنتاج قاعدة عامة أو استخلاص خاصية عامة من الحالات الخاصة


التفكير الاستدلالي


يعتمد هذا الأسلوب على المنطق من حيث أن تطبيقه لقواعد عامة صحيحة في البرهنة على صحة القضايا الخاصة ، فنظريات الهندسة تعتبر قواعد عامة صحيحة لأن صحتها تثبت بالبرهان ويعتبر كل تمرين قضية خاصة.وعند استخدام التفكير الاستدلالي يجب ملاحظة أن كل خطوة من خطواته لابد وأن تستند إلى قاعدة صحيحة ، وأي خطوة ليس لها هذا السند لا تعتبر صحيحة


ومن المهم في تدريسنا للرياضيات أن يكتسب الطالب المهارة في استخدام جميع هذه الأساليب أثناء دراسته للرياضيات ، فهذا يساعده في دراسته وفي حياته اليومية


وأهم عنصر في التفكير الرياضي هو القدرة على تكوين علاقات بين الأنماط المختلفة حيث أن الرياضيات إطار معرفي متصل من داخله وفق مجموعة من المفاهيم والإجراءات لذا فهي بالغة التعقيد.


وتكشف البحوث المعنية بسيكولوجية تعلم الرياضيات عن أهمية التميز بين نوعين من الفهم


الفهم الو سيلي


وينشأ من تعلم الحقائق والقواعد لتطبيقها في مسائل معينة مصممة خصيصاً لإثبات صدق القاعدة ، إلا أنه يسهل نسيان هذه الحقائق.


الفهم العلاقي


وينشأ عن البصر بما وراء القواعد من أسباب وهذا النوع من الفهم يكتسب بالمعايشة والاستغراق فيه وتأويله ومن ثم إعادة تركيب القاعدة النسبية لفهم ما وراءها وما تقوم عليها من أسانيد . وهذا الفهم هو الأكثر بقاءً في الذاكرة .


والهدف من تعلم الرياضيات يجب أن يكون اكتساب الفهم العلاقي لا الفهم الو سيلي.


والرياضيات أسلوب لحل المشكلة يجرى في العقل وعلى الورقة بالصور التالية


لفظيا


في صورة الحديث الذاتي وتناول الأشياء من خلال ذلك الحديث وباستخدام الذكاء اللغوي وتخطيط العمليات في صورة مسائل لفظية وحلولها المكتوبة.

ذاتية داخلية:

بالتعلم والملاحظة مشاركة الآخرين في تحقيق أهداف مشتركة وتبادل الأفكار والتساؤل والمناقشة في حلول المشكلات


فيزيقياً


بتحويل المسائل اللفظية إلي رسوم وأشكال مصورة وخطوط تظهر رؤية العقل أبعاد المسألة والتفكير بمصطلحات الفراغ والتواصل بالرسم الهندسي .


رمزياً


بكلمات مكتوبة ورموز يلزم تفسيرها وتسجيل المشكلات الرياضية وتناولها واستخدام نظم مختلفة للتسجيل وترجمة كل ذلك إلى شفرات رياضية.


وتركز الأبحاث الرياضية على الأساليب التي يتوصل بها الطلاب إلى الحلول في المشكلات أكثر من التركيز على الحلول ذاتها ، لذا يجب أن ننمي تفكير الطلاب الرياضي ونحفزهم بالأسئلة حتى ولو ارتكبوا أخطاء في حل المسائل فلا بد من إتاحة الفرصة لهم ليشرحوا تلك الأخطاء ويزودوا بالصواب، مما يعينهم على تصحيح مسار تفكيرهم ووصولهم للحل .


فالمعلم يطلب دائما من الطالب أن يفكر جيداً وكثيراً مايتهمه بأنه لا يفكر وقد يكون سبب فشل الطالب في التفكير هو أنه لا يفهم ما لمطلوب منه أو ماهي الوظيفة المعرفية المطلوبة منه.


والملاحظ أن الطلاب يتبعون التعليمات دون أن يفكروا في سبب ما يقومون به من أنشطة


معرفية ونادرا ما يتساءلون عن الإستراتيجيات التي يقومون بها أثناء التعلم .


استراتيجيات لتنمية التفكير


وضع خطة:

]لكي نعلم الطلاب الوعي بالتفكير يجب أن نعلمهم وضع خطة عمل يحتفظوا بها في عقولهم تساعدهم في متابعة السلوك بصورة واضحة. وأثناء القيام بالنشاط يدعو المعلم الطلاب أن يعبروا عن تقدمهم في عملية التعليم وعن عمليات التفكير التي يقوموا بها .
وبعد الانتهاء من النشاط التعليمي يشجع المعلم الطلاب على تقيم أدائهم في ضوء اتباعهم القواعد التي أعطاها لهم.
ومدى استفادتهم منها وهل اتبعوها فعلاْ وهل هناك بدائل أخرى أفضل في المستقبل

طرح الأسئلة


توجيه المتعلم لنفسه أسئلة قبل التعلم وأثنائه تيسر الفهم وتشجع الطلاب للتوقف والتفكير في العناصر الهامة في المادة.


الاختبار القصدي


يستطيع المعلم أن يشجع الوعي بالتفكير بمساعدة الطلاب على استكشاف نتائج اختياراتهم وقراراتهم قبل وأثناء عملية القرار بحيث يدرك الطالب العلاقة بين قراره وسلوكه وما انتهى إليه من إنجاز .


التقدير


تشجيع المعلم للطالب على الأداء الجيد الذي قام به وإعلانه على الطلاب ليحصل على تقديرهم ينمي تفكيره ويحفزه على الاستمرار.


رفض كلمة لا أستطيع


يوضح المعلم للطلاب أن كلمة أنا لا أستطيع - أنا بطيء – أنا لا أعرف- كلها مرفوضة ولكن من حق الطالب أن يقرر ما يحتاج إليه من معلومات لتساعده، وهذا ينمى وعي الطلاب بالتميز بين ما يعرفونه وما يحتاجون لمعرفته وينمي لديهم المثابرة والجد للحصول على ما يحتاجون.


تحديد المصطلحات التي يستخدمها الطلاب وتوضيحها


إن المعلم حين يطلب من الطلاب أن يوضحوا أساليب عمليات التفكير فهذا يساعد الطلاب على تحديد أخطائهم وتعديلها بأنفسهم.. مثلاً


يوجه المعلم السؤال التالي للطالب : أنت إجابتك كذا في حين الإجابة عند زميلك كذا كيف وصل كل منكما للحل ؟ أريد أن تراجع خطوات الحل وأثناء ذكر خطوات الحل ( دون تقيم) حتى يدرك الطالب أين الصواب وأين الخطأ .


تسجيل حل المسائل في دفتر


يجب على المعلم أن يساعد طلابه في اكتساب المهارة في تسجيل حل المسائل في دفاترهم ، وذلك بتنظيمه المعلومات على السبورة وعرضه الرسوم بالألوان وإبراز أجزاء السؤال والمعطيات والمطلوب هذا يجعل الطالب يسجل الحل بصورة صحيحة منظمة.


المعلم كقدوة


مع كل ما سبق من أساليب يتبقى المعلم كمثال هو صاحب التأثير الأكبر على الطلاب، لديه وعي بالتفكير يساعد طلابه على تنمية الوعي بتفكيرهم ، فهو يشارك طلابه في خططه وأهدافه وتقييم وتفسير سلوكه وحين يقوم بأخطاء يعترف بأن هناك أشياء لا يعرفها ولكنه يضع خطة لمعرفتها .


السلوكيات التي يجب أن يتحلى بها المعلمون من أجل توفير البيئة الصفية اللازمة لنجاح عملية تعلم التفكير


تنمية ثقة الطلاب بأنفسهم عن طريق الاستماع إليهم و تقبل أفكارهم


احترام التنوع والانفتاح


تشجيع المناقشة والتعبير وطرح الأسئلة ومساعدة الطلاب على الإجابة عليها مما يساعد على إطلاق أفكارهم بغض النظر عن اعتقادهم بأنها صائبة أو خاطئة..


إعطاء وقت كاف للتفكير- إعطاء تغذية راجعة إيجابية.


لا تطلب منهم الاتفاق مع كل عمل وطريقة تقوم بها بل اسمح لهم بالاختلاف في الآراء،وأحذر أن تفرض عليهم أنماط محددة.


تقبل بروح رياضية ما يقدمه طلابك من ذوي الفكر الإبداعي وكن متسامحاً حتى لو أدى ذلك إلى الإخلال بزمن الحصة


كلف طلابك بواجبات مفتوحة تتيح لهم الحد الأقصى من الفرص والإبداع والفردي


فر لطلابك فترات نشاط وفترات هدوء وتذكر تأثير التهيئة الذهني والتثبيت الوظيفي


شجع طلابك على اكتساب المعرفة من مصادر مختلفة


شجع الطلاب على حل المسألة بأكثر من حل واشر إلى أحسن الحلول، وأن يحل مسائل متعددة من خارج الكتاب المدرسي


راع الفروق الفردية بين طلابك وذلك بإعطاء الطالب المتفوق أسئلة تتحدى قدراته ومواهبه ، وإعطاء الطالب المتوسط أسئلة تحقق ذاته في الفصل، وكذلك الطالب الأقل من المتوسط لا تصر على التفكير المنظم خطوة خطوة بل دع أفكار الطلاب تنطلق على سجيتها ولكن يجب أن تصر على ذكر الطالب سبب كل خطوة يقوم بها .


كيف يتم تقيم مدى نمو قدرات الوعي بالتفكير


إذا استطاع الطالب أن يصف ما يدور في ذهنه حين يقوم بحل المسائل وأن يحدد العمليات التي يقوم بها فهو في هذه الحالة يكون قد أصبح أكثر وعياً بتفكيره


وحين يُسأل يستطيع أن يقرر الخطوات التي يتبعها و يحدد الطرق التي واجهته في حل المسائل ويستطيع أن يحدد النقص في بياناته وكيف يضع الخطط للحصول عليها


إن مهمة مدارسنا هي تزويد عقول طلابنا بأسس التفكير المنتج وإذا لم نجعل طلابنا قادرين على حل ا لمشكلات ، وقادرين على متابعة دراستهم مستقلين عن المدرس فإننا نكون قد أنتجنا القليل من تدريسنا للرياضيات

إن كل طالب مدفوع نحو هدف معين وينبغي على المعلم أن يحدد هذا الهدف و أن يتوصل إلى دافع يوجه الطالب نحو الإتقان في مجال هذا الهدف .
[وأخيراً أيها المعلم نم في نفسك روح المغامرة وذلك بممارسة جميع الأفكار بنفسك ولنفس.
منقول