منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

العرض المتطور

  1. #1

    كان لأمي 8 كذبات /د. مصطفى العقاد

    Bكانت لأمي ثماني كذبات

    يقول المخرج السوري الدكتور مصطفى العقاد

    ليس دائما ً: تقول أمي الحقيقة !!..

    ثماني مرات : كذبت أمي عليّ !!!...

    تبدأ القصة عند ولادتي ، فكنت الابن الوحيد في أسرة شديدة الفقر

    فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا ....

    وإذا وجدنا في يوم من الأيام بعضا ًمن الأرز لنأكله ويسد جوعنا :

    كانت أمي تعطيني نصيبها .. وبينما كانت تحوِّل الأرز من طبقها إلى

    طبقي كانت تقول : يا ولدي تناول هذا الأرز ، فأنا لست جائعة ..

    وكانت هذه كذبتها الأولى

    وعندما كبرت أنا شيئا قليلا كانت أمي تنتهي من شئون المنزل وتذهب

    للصيد في نهر صغير بجوار منزلنا ، وكان عندها أمل أن أتناول سمكة قد

    تساعدني على أن أتغذى وأنمو ، وفي مرة من المرات استطاعت بفضل

    الله أن تصطاد سمكتين ، أسرعت إلى البيت وأعدت الغذاء ووضعت

    السمكتين أمامي فبدأت أنا أتناول السمكة الأولى شيئا فشيئا ، وكانت أمي

    تتناول ما يتبقى من اللحم حول العظام والشوك ، فاهتز قلبي لذلك ،

    وضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها ، فأعادتها أمامي فورا وقالت :

    يا ولدي تناول هذه السمكة أيضا ، ألا تعرف أني لا أحب السمك ..

    وكانت هذه كذبتها الثانية

    وعندما كبرت أنا كان لابد أن ألتحق بالمدرسة ، ولم يكن معنا من المال

    ما يكفي مصروفات الدراسة ، ذهبت أمي إلى السوق واتفقت مع موظف بأحد

    محال الملابس أن تقوم هي بتسويق البضاعة بأن تدور على المنازل

    وتعرض الملابس على السيدات ، وفي ليلة شتاء ممطرة ، تأخرت أمي في

    العمل وكنت أنتظرها بالمنزل ، فخرجت أبحث عنها في الشوارع المجاورة ،

    ووجدتها تحمل البضائع وتطرق أبواب البيوت ، فناديتها : أمي ، هيا نعود

    إلى المنزل فالوقت متأخر والبرد شديد وبإمكانك أن تواصلي العمل في الصباح ،

    فابتسمت أمي وقالت لي : يا ولدي.. أنا لست مرهقة ..

    وكانت هذه كذبتها الثالثة

    وفي يوم كان اختبار آخر العام بالمدرسة ، أصرت أمي على الذهاب معي ،

    ودخلت أنا ووقفت هي تنتظر خروجي في حرارة الشمس المحرقة ،

    وعندما دق الجرس وانتهى الامتحان خرجت لها فاحتضنتني بقوة ودفء

    وبشرتني بالتوفيق من الله تعالى ، ووجدت معها كوبا فيه مشروب كانت

    قد اشترته لي كي أتناوله عند خروجي ، فشربته من شدة العطش حتى ارتويت ،

    بالرغم من أن احتضان أمي لي : كان أكثر بردا وسلاما ، وفجأة نظرت

    إلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه ، فأعطيتها الكوب على الفور وقلت لها :

    اشربي يا أمي ، فردت : يا ولدي اشرب أنت ، أنا لست عطشانة ..

    وكانت هذه كذبتها الرابعة

    وبعد وفاة أبي كان على أمي أن تعيش حياة الأم الأرملة الوحيدة ، وأصبحت

    مسئولية البيت تقع عليها وحدها ، ويجب عليها أن توفر جميع الاحتياجات ،

    فأصبحت الحياة أكثر تعقيدا وصرنا نعاني الجوع ، كان عمي رجلا طيبا

    وكان يسكن بجانبنا ويرسل لنا ما نسد به جوعنا ، وعندما رأى الجيران

    حالتنا تتدهور من سيء إلى أسوأ ، نصحوا أمي بأن تتزوج رجلا ينفق

    علينا فهي لازالت صغيرة ، ولكن أمي رفضت الزواج قائلة :

    أنا لست بحاجة إلى الحب ..

    وكانت هذه كذبتها الخامسة

    وبعدما انتهيت من دراستي وتخرجت من الجامعة ، حصلت على وظيفة

    إلى حد ما جيدة ، واعتقدت أن هذا هو الوقت المناسب لكي تستريح أمي

    وتترك لي مسؤولية الإنفاق على المنزل ، وكانت في ذلك الوقت لم يعد

    لديها من الصحة ما يعينها على أن تطوف بالمنازل ، فكانت تفرش فرشا

    في السوق وتبيع الخضروات كل صباح ، فلما رفضت أن تترك العمل

    خصصت لها جزءا من راتبي ، فرفضت أن تأخذه قائلة :

    يا ولدي احتفظ بمالك ، إن معي من المال ما يكفيني ..

    وكانت هذه كذبتها السادسة

    وبجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة الماجيستير ،

    وبالفعل نجحت وارتفع راتبي ، ومنحتني الشركة الألمانية التي أعمل بها

    الفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا ، فشعرت بسعادة بالغة ،

    وبدأت أحلم ببداية جديدة وحياة سعيدة ، وبعدما سافرت وهيأت الظروف ،

    اتصلت بأمي أدعوها لكي تأتي للإقامة معي ، ولكنها لم تحب أن تضايقني

    وقالت : يا ولدي .. أنا لست معتادة على المعيشة المترفة ...

    وكانت هذه كذبتها السابعة

    كبرت أمي وأصبحت في سن الشيخوخة ، وأصابها مرض السرطان ،

    وكان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها ، ولكن ماذا أفعل فبيني وبين

    أمي الحبيبة بلاد ، تركت كل شيء وذهبت لزيارتها في منزلنا ، فوجدتها

    طريحة الفراش بعد إجراء العملية ، عندما رأتني حاولت أمي أن تبتسم لي

    ولكن قلبي كان يحترق لأنها كانت هزيلة جدا وضعيفة ، ليست أمي

    التي أعرفها ، انهمرت الدموع من عيني ولكن أمي حاولت أن تواسيني

    فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر بالألم ...

    وكانت هذه كذبتها الثامنة

    وبعدما قالت لي ذلك ، أغلقت عينيها ، فلم تفتحهما بعدها أبدا ...

    إلى كل من ينعم بوجود أمه في حياته :

    حافظ على هذه النعمة قبل أن تحزن على فقدانها ...

    وإلى كل من فقد أمه الحبيبة :

    تذكر دائما كم تعبت من أجلك ، وادع الله تعالى لها بالرحمة والمغفرة.
    واحتسب اﻷجر من الله تعالى . رحمك الله يا أمي أم الايتام

    كم كانت كذباتك تشابه هذه الكذبات ،غفر الله لنا ولك . .

  2. #2
    جميلة القصة ومكانها ليس هنا دكتورة.
    #00FF00
    إمضاء / عبدالرحمن سالم سليمان
    مع أرق التهانى ودوام التوفيق والنجاح

المواضيع المتشابهه

  1. نرحب بالأستاذ/هاني العقاد
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الترحيب
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 01-24-2012, 04:25 PM
  2. نرحب بالاستاذ/محمد العقاد
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الترحيب
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 04-17-2010, 11:41 PM
  3. التايم تنشر أشهر كذبات أبريل
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان الأخبار.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-09-2010, 02:14 AM
  4. نرحب بالاستاذ/عباس العقاد
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الترحيب
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 03-26-2009, 09:55 AM
  5. مصطفى العقاد ... فنان مسلم بمعنى الكلمة ..
    بواسطة أبو فراس في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-28-2007, 07:29 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •