درس مجاني

[أبو فراس]

درس مجاني ...

كنت في الخامسة والعشرين من عمري تقريباً، وكان لي جار من شيوخ تجار دمشق،
وكان يصر على أن يشرب معي قهوة الصباح في الفسحة المشتركة التي تفصل محلينا،
وكنت استمتع بحديثه عن تجارته وأتعلم من كل رواية يرويها درساً في أسرار التجارة،
وكان هو بالمقابل يرى فيّ ذلك التلميذ النجيب الذي عوضه عن انصراف ابنه الطبيب عن التجارة،
وفي ذات صباح من صيف ٢٠٠٤ عرض عليه شابين يافعين استئجار محله بمبلغ كبير نسبياً فرفض،
وقال لهم: "عمو أنا بشتري ما بيع وبشارك ما بأجّر"،
فقبلوا عرضه واتفقوا على استثمار المحل كمقهى انترنت
قدم التاجر محله وخبرته الإدارية والتجارية،
بينما قدم الشابان خبرتهما الكبيرة في مجال المعلوماتية
وأخذ منهما نصف الأرباح وترك لهما النصف الآخر مناصفة بينهما،
وفعلاً نجح المشروع نجاحاً مبهرا وعمل الشباب بحماس مطلق على مدار الساعة تقريباً،
ووصلت إيرادات المشروع في ذلك الوقت إلى ما يعادل ألفي دولار أمريكي يومياً،
وبعد عام تقريباً قال لي جاري في جلستنا الصباحية أنه ينوي تصفية الشركة،
فسألته عن السبب مستغرباً تضحيته بهذا الكم الهائل من الربح؛
فأجاب: "إنَّ شركاؤه يعتقدون أن خبرتهم وحدها هي سبب نجاح المشروع وأنه عبء عليهم ومن الممكن أن ينجحوا بدونه في أي مكان آخر،
وهذا الاعتقاد هو بداية الفشل فصفاء النية هو أساس نجاح أي شركة"
وفعلاً حصل الشابان على قرض من خالهما المغترب واشتريا المحل المجاور وجهزاه بأحدث التجيهزات وعاد جاري لمزاولة تجارته القديمة،
وبعد أقل من شهرين فشل الشابان واختلفا وباعا المحل بنصف ثمنه تقريباً واضطرا حتى إلى بيع سيارتهما لوفاء ديونهما، فسألت جاري في جلستنا الصباحية عن سبب فشلهما بالرغم من انهما لم ينقلا عملهما إلا عشرين متراً فقط،
فأجابني: "عمي المحلات قدوم وعتبات،
وإذا الله رزقك صفي نيتك، ما بتعرف بحسنة مين ربك عم يرزقك...التجارة مو بس شطارة".
وكان هذا من أهم الدروس التي تعلمتها في حياتي.
#

[الإعلامية ناريمان الشريف]

درس قاس ومحكم
فعلاً صفاء النية ضرورية في التجارة والتشارك وهي بداية النجاح
رائع

تحية ... ناريمان