دائما كنت أقول في نفسي هذا الكلام ، منذ صغري، حتى عندما لم أكن أفقه معنى الحياة ، كنت أحس أن الغيوم داكنة في سماء المرء ، ونار الجمر تكوي القلب والروح ،وجوه يسكنها الحزن ، ويصرخ الأنين في قسماتها، كأشواك صبار طاعن في خلاء مشرع على القفر ، تلهبه شمس القيظ ،وتحفه أظافر الزمن المعتوه . لا أعرف- على وجه التحديد- ما الذي كان يبلور في روحي هذه النظرة المغرقة في السواد ، لكنني كنت موقنا من ذلك تماما ، المرء في النهاية كومة من رماد ، وكتلة من فخار ، وبؤرة توتر لا تنتهي ، في دمعه يتلألأ الوجود شفيفا ، تتجلى الحقائق واضحة، كنهر ،ليت الدنيا تنعس في عيني ! أتلاشى في صداها كرغوة البحر ! يموت النبض في كف الطين ،للأبد !هل أدفن رعشات الروح في هدير الريح ؟ ونقتسم معا ثورة التمرد على فرحة المطر . ليتني أستطيع ان أكف عن الثرثرة والكلام عن هذه الجروح ! وحده الصمت يجعلني حكيما ، أتغلغل في الوجود ، وأكبر صنما لايتزعزع ، حجرا صامدا أمام العوادي ،وجلمودا صلبا لاينكسر ،لاينكسر، لا ينكسر !
عبد العزيز أمزيان