منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

العرض المتطور

  1. #1

    Arrow " الشاعرة القطرية سعاد الكواري .. في تجاعيد / لم تكن روحي "

    [gdwl][bor=000000][frame="3 90"][color="black"] " الشاعرة سعاد الكواري .. في تجاعيد / لم تكن روحي "
    دراسة بقلم : محمد الزينو السلوم
    ---------------------------------------------------------------------------------
    الشاعرة القطرية سعاد الكواري ، صدر لها مجموعة شعــرية ( تجاعيد ) إصدار عام 1997 ، دار الشرق للطباعة الدوحة ، من القطع الوسط يتضمن / 18/ ( قصيدة نثرية وتفعيلة ) جاءت فـي / 115/ صفحة وبداخل المجموعة العديد من اللوحات للفنانة نوال الكـواري .. وقد زيّنت المجموعة مقدمة للدكتور السعيد الورقي بعنوان :أشعـار هذا الديـوان وتجربة الشعر المعاصر ، وهي جديرة بالدراسة والاهتمام لأنها تغْني تجربة الشعر المعاصر وليس الديوان فقط .. ووجدت لزاماً علــي التعرّض لها لما لها من فائدة مرجوّة للقارئ والمبدع بآن واحد .. مــن خلال منهجيتها وصدقها ودلالاتها ..
    كما صدرت لها مجموعة ثانية بعنوان ( لم تكن روحي ) عام 2000 – طبعت في بيروت – دار الكنوز الأدبية – من القطع الوسط تتضمــن /14/ قصيدة ( نثرية وتفعيلة ) جاءت في /104/ صفحة وقد تمنيت لو أني لم أقرأ المقدمة في ديوان تجاعيد للدكتور سعيد الورقي، بعد أن قرأت ديوانها قراءة انطباعية أولية وما بعد الانطباعية لأن ما كنت أود قوله قد قاله الدكتور سعيد مشكوراً فقد صدق الشاعرة ولم يصدّقها وأثبت أنه جدير بالتقديم وقد ضمن مقدمته " أن المعاصرة في الشعر تطرح ممــا تطرح فناً استفزازياً يُثير ويسْتفز مشاعر التوتر والقلق .. حيث تمتزج وتتوحّد فيه كـل المفردات .. مفردات العالم رموز وصور تستطيـع أن تكون أي شيء بحيث تقدّم بناءً أسطورياً لديه القدرة علـــى الاستحضار .. وهذا ما ينطبق على ديوان الشاعرة ( كـواري ) " – هذا ما يقوله الدكتورة سعيد الورقي – وما أقـرّه بدوري أيضـاً .. ويقول أيضاً : " التعامل مع الفن المعاصر يُشيع جواً من الغمــوض والشفافية الشاعرية فالتجربة تجربة داخلية ، واللغة صور رمزية تمتلك خاصية لغة الحكم بما فيها من فسخ وتحوّل وانسحاب ولا منطقيـة.. وهذا ما يزال الوجدان العربي يرفضه – أي القراءة الداخليـــة – بالقياس مع قصيدة الإنشاد ( العمودي ) " ويقول الدكتور ( السعيد ) في مكان آخر : " وإذا لم تكتمل أدوات الشاعر المعاصر فتســقط القصيدة في جو النثرية التقريرية .."كما أنه يضيف : "أن المعاصرة تقتضي تفجير اللغة واستخراج شحناتها الداخلية الموجودة في اللفظة " كما أن المعاصرة تقتضي" الاعتماد على الجمل الوصفية مثل : الغزل المحموم – القلب الواسع – الوحشيــة المنثورة ولكن الإكثار منها كما فعلت الشاعرة يجعل مثل هذه الجمل الوصفية ساكنة والمفروض أن تكون كوناً يموج بالحركة .."
    وقد وجدت من خلال القراءة أهمية الدخول إلى فضاءات المقدّمة لمــا تضمّنته من موضوعية ودلالات تفيد النقاد والمبدعين أيضاً .. وإذا كان هناك ما أضيف فهو أن الديوان تلبّسته حالة الغموض والدوائر المغلقة .. وحتى الشفافية الشعرية نادراً ما نحسّ بها، وكذلك فطغيان الفنية(الشكل) جاء على حساب الدلالات والفضاءات في مضامين القصائد التي زادتها الجمل الوصفية غموضاً على غموض،وعلى الرغم من أن الشاعرة أرادت أن تقول لنا الكثير الكثير ولكن ما وصلنا هو القليل.. بسبب الأسلوب الذي اعتمدته..والغموض والدوائر المغلقة التي لفّت الديوان ..
    يبدأ الديوان بقصيدة الشوكة ( ص – 8 ) حيث تقول : " هـو الزفير المشتعلْ ../ وهي الرماح النائمةْ ../ تعطّر المناشف التي تلــوّث.. / الشقوق والنحاس حاجب .. يجرّ عشب القوقعةْ .. " والقصيدة ذات مقاطع ضمن مربعات .. ومقاطع خارجها .. وتقول في المقطع أيضـاً : " أقفز من ثقب الوصولِ / والخفافيش تزفّني إلى ذئـبٍ ضريـرٍ ../ وطباشير الفصول تأخذ الطعنة من أحضانها .. " نجد العديد مـــن الانزياحات اللغوية(ثقب الوصول–طباشير الفصول–عشب القوقعــة.. الخ..)وهذه الانزياحات اللغوية أو الصور المركبة تجهد القصيدة وتزيد في غموضها وخاصة عندما يكون ترتيبها غير متجانس في الجملة الشعرية .. وهو أسلوب كثيراً ما اتبعته الشاعرة في الديوان .. ويمكن إيجاد العديـد من هذه الانزياحات اللغوية في القصيدة الواحدة .. ففي قصيدة الشوك هذه نجد بالإضافة لما ذكرته استخدامها ( أقلام الزوال – مشانق الكحل – بؤرة الخجل – تابوت النسيم – زند الحقول – مناديل الشمـوخ .. ) وتتتالى قصائد الديوان : أوراق – قطرات – خصوصيات – ترهـلات – أوقات – العشور – العوسج – مقاطع .. وحتى عناوين الديوان تحمـل خصوصية في فنيتها ودلالاتها .. فقصيدة أوراق ( ص 14 ) تتضمن عدة أوراق : الورقة الأولى – إلى الخامسة ، ثم الورقة ما قبل الأخيرة – الورقة الأخيرة ( 7 أوراق ) .. وكأنها أيام الأسبوع .
    تقول في الورقة الأولى ( مقطع ) : " ودخلتُ ثواني العتمة ../ رأسـي قوسٌ يرصدني ../ والبحر مدى ../ والأبيـض يأتي بالحســرهْ .. / تتظاهر بالغثيان حدائق صومعتي ../ بصماتي تسبح في أغوار النبضْ " وفي قصيدة قطرات ( ص 18) نجدها /7/ قطرات ، كل قطرة مقطـع مستقل ، تقول في القطرة الرابعة : " أكره القطة السوداء ../ وأسمـاك الزينــة ورطوبة هذا المكان / أحرّك ذيلي .. وأخدش .." في قصيدة أوقات ( ص 37 ) فيها وقت للهذيان – وقت للتذكّر – وقت للموت – وقت للصمت – وقت للوقت .. في مقطع وقت للوقت تقول :" الكأس قوائمه الماضية../في الانحدار../يغازل خاتمة الأحداث بكامل أسنانه../ ينخل التكوين ../ ويغرب في اليابسة .." فالكأس له قوائم ماضيـة في الانحدار يغازل أسنانه خاتمة الأحداث .. ينخل التكوين .. يغرب فـي اليابسة..فهل هو حصان..؟!وإذا كان كذلك فكيف ينخل التكوين..؟! وكيف يغرب في اليابسة ..؟! ومن هنا نجد الغموض لا الشفافية تلـفّ الديوان والتواصل مع القصائد شبه مستحيل .. ( وقد تكون الشاعرة قد استفادت من تجربتها وهذا ما نلمسه في المجموعة الثانية التي سأتناولـها بقراءتي فيما بعد ) ..في قصيدة مقاطع ( ص 50 )تتضمن عدة مقاطع : مقاطع – المقطع الأول – المقطـع الثاني – مقطع رأسي – مقطع صغير – مقطع عرضي – مقطع أفقي – مقطع أخير ..(8 مقاطع)،تقول في المقطع الأول : " أطّوع هامات جبني ../لكي أنطق الخاتمهْ../خنادق لامعة ../ ومشاعل تستوطن السعفة المتورّمة ../ البعد يسطو لجمع الهزيـمهْ.." ( انتهى المقطع ) ومما لاشك فالشاعرة تريد أن تقول لنا شيئاً : في البداية يعذبها الشك .. وفي المقطع الأول تريد أن تنطق الخاتمة .. في المقطــع الثاني تجرفها الدوائر .. في المقطع الرأسي تنكر الدوران المراوغ ، وفـي المقطع الصغير تراهن على الصدى والصمت ، وفي المقطع الأفقي تتناسل منها القوافل وفي المقطع الأخير تهشمهـا قبضة في رصيف المدينة.. إنـه الغموض والدوائر المغلقة والشفافية ليست أكثر من خيوط لا تفتح النص على المتلقي ..!وحتى الدارس قد لا يتواصل مع جزءٍ منه إلا بعد جهـدٍ جهيد .. وتتتالى قصائد الديوان: خيوط الماء – الحجرات – فزاعة ترتدي الأشجار – الجسد – تجاعيد – خصوبة – الدهشة – هوامش – قصيـدة الاحتمالات .. وفي قصيدة الماء ( ص 60 ) تتبدّى لنا القصيدة بـدون مقاطع وهي تمتلك الكثير مـن الشفافية ويتجلّى ذلك في قولها :" هـل أسأل عمّن ينقل الزنابق الخرساء من بئر الزمنْ .." وفي قولها:" تنشرني عيناك فوق الفجوات الحالكة ../ أهجم كالمخاض فوق الارتعاشْ .." إلى أن تقول في آخر القصيدة : " أجرُّ عتمتي../تُرى لماذا تقطع الستائر الضوء .." نجد الشاعرة قد أوصلت لنا ما تودّ قوله بشفافية لا تخلو من الغموض أيضاً ولكنها تفتـح لنا بعض الأبواب للدخول إلى دلالاتها .. في قصيدة الحجرات ( ص 70 ) بمقاطعها : أمام الجدران – عند المرآة – بجانب النافذة – الواجهة – عند العتبات .. فوق المخدّة الحجرية .. تريد الشاعرة في ظني أن تنقلنا في القصيدة إلى زوايا وأماكن في الحجــرات لكل منها خصوصية عند الشاعرة .. في مقطع بجانب النافذة تقــول: " أتسلّق الغيث الحزين ../كقاعة في آخر الأركان../تلفظ ما تناثر ../ طائرٌ ورتابة .." انتهى .. وفي قصيدة تجاعيد ( ص 85 ) وهي عنـوان المجموعة وتتضمن عدة مقاطع : تجاعيد – أبواب–مدخل ثانِ –الخروج .. تقول في مقطع مدخل ثانٍ : " سوف يُنازعني هذا النخب المسالم ../ في أرحام الحنينْ ../ سأكون نقيضك حين أموتْ ../ ستحوّلني سكيـن العار الصحراوي ../ ثوباً ومنفضةْ ../ وخريفاً رمادياً .. " وهكذا نجد الشاعرة تختار عناوين قصائدها بدراية وعقلانية وكأن الشكل مهم جداً عند الشاعرة ، وكذلك فالمقاطع تأتي عن دراية وذهنية وعقلنة .. بعدها تأتي العاطفة .. من خلال الغموض والدوائر المغلقة وكأن ما تريد قـوله محرّم لا تستطيع البوح أو الإفصاح به .. بمثابة الشحنات التي تفرّغها من ذاتها ..وهو أمر جدير بالاهتمام والاحتمال وارد فيه ولكن لمن تكتب .. ومن يفهم ما تريد قوله..؟وهل يمكنها شرح دلالات قصائدهــا لكل قارئ .. ؟ إنه إشكالية بحد ذاته ..
    في قصيدة الاحتمالات ( ص 109 ) بمقاطعها الثلاثة : ( حالة –دعوة – نرجسيّة ) ، تقول في مقطع حالة : " أبكي فوق الفخّارْ../والسيل يهيم بقرب السريرْ ../ ألمس النشوة الذائبةْ ../ في عيني وعين الرهبـةْ ../ أتخبّط .. آهـات تصدمني ../أرتجُّ..أرى أشباح القدر على صيحات الوحشةْ .. " وفي مقطع دعوة تقول : "أزهار الكون تولول بالعطر ../ للجثث المرمية فوق المساكن ../ والنخلة الطافحةْ ../ تتمايل للخلف في غلٍّ وانكسار .." والديوان كما ذكرت مليء بالقصائد ذات المقاطع التي تحمل خصوصياتها الفنية في الشكل .. أما الدلالات في المضامين فقد جاءت في دوائر مغلقة يلفّها الغموض .. باستثناء بعض الجمل الشعـرية الشفافة التي تفتح لنا ثقوباً في جسد القصيدة وهي غير كافية لفتــح فضاءات القصيدة على القارئ .. مع استخدامها للعديد من الانزياحات اللغوية والصور المركبة.. أما القافية فلم تكن لها مكان في قصائدها وهي إشارة تحسب لصالح الشاعرة في رحلتها .. وأسأل الشاعرة قبل الدخول إلى عالمها الجديد في ديوانها "لم تكن روحي"هل لا زال يُطاردها الهاجس .. ؟ وهل وصلت إلى أسرار الهواءْ..؟!وهل لبست ديمومة النقطةْ ..؟!
    * في ديوانها الثاني " لم تكن روحي " وفي قصيدة " وجعي رماد " وهي أطول قصائد الديوان /21/ صفحة تقول في مطلعها : " أتسلل مــن زئبق الوقت / منهكةً خطواتي / أتسلّل هاربةً من دبيب الســؤالْ / وأحوم بقرب قناديلَ صامتةٍ ../ أترنّح كالشمع في هدأة الليلِ .." تحسّ منذ البداية في أن الشاعرة قد استفادت من تجربتها الأولى وخرجت
    من دوائر الغموض المغلقة إلى الشفافية الشعرية ..فعكست المعادلة تماماً ، الشفافية هنا مع بعض سحب من الغموض لا تلبث أن تمضي مـــع الريح .. مسرعة كاشفة النقاب عن شمسٍ تدخل الأبواب والنوافـذ ..
    وعلى الرغم من وجود العديد من الانزياحات اللغوية والصور المركبـة والجمل الوصفية مثل ( خرائب روحي–زئبق الوقت – هضبات الوجع – خاتم الكون – خضر الرخام – شرفة البشر – أبخرة الصمت – قبضــة الحلم–شرنقة الغربة..الخ)إلا أننا نجد هذه الجمل أو الصور أو الانزياحات تخدم القصيدة بفنّيتها ودلالاتها معاً وهذا ما قصدته من قبل .. وفي مكان آخر في القصيدة تقول : " كيف أهدهد هذا الذي يتحوّل في داخلـي في ثوانٍ / لوحشٍ بشـوشٍ / يُلاطفني .."وتقول أيضاً:"صوري تتكاثر فوق المرايا / أحدّق مذهولةً ثم أضحكُ / كالبرْق يلمعُ وجهـي .. "
    إنه الإبداع .. الشفافية الشعرية ..
    لننتقل إلى موضوع آخر في القصيدة حيث تقول : " وجهي يــذوب ويسجد في غرفةٍ مظلمةْ ../ ويمارس زرعَ الهزائمِ منذ الولادةِ / أبحث عني وأقطع أبخرة الصمتِ .. " وهكذا تتهادى القصيدة كما يتهـادى القمر في كبد السماء في ليلة شبه مقمرة .. ومع طول القصيدة تــجد نفسك مندهشاً متواصلاً منساباً مع فضاءات القصيدة تنقلك ..
    فــي ( ص 24 ) تقـول : " الصباحات تصدمنــا فنغيــبُ / ونتركُ أرواحنا / تتراقص حالمةً في الفضاءْ .."وفي آخر القصيدة تقول : " نتناثر فوق المرايا / ونسقطُ في حفرةٍ ضيّقةٍ / نتبادل أدوارنـــا / ونواصل رحلتنا .. "
    تتتالى القصائد في الديوان : الظلال – الألم – السواد – انزواء–الأبواب – قراءة أولى في سراديب الوجد-الصمت..الخ)في قصيدة الألم ( ص 33 ) تتبدّى لنا الشاعرة بعد أن تخرج من قمقمها في ديوانها السابق ومسحـة الحزن تدثّرها حيث تقول : " مساءً أحاول أن أتدثّر بالصمت / تاركةً قبّة الحزنِ / تختفي في ضباب الشـوارعْ .. "
    في قصيدة انزواء ( ص 43 ) تحسّ أن للريح صوتاً غاضبـاً فتقـول : " للريح صوت غاضبٌ /ولهذه الحمّى التي تندسّ/بين سنابل الأحزانِ / تاركة جنون النفس / يذبل في رؤوسٍ فارغةْ .. " وفي اشتعال السرّ فينا تقول : " تنهال جمرتها الخفيةُ / في غموض الكونِ / تنتظر اشتعــال السرّ فينا / عندما يغتالنا متن الفراغْ .. " في قصيدة قراءة أولى فــي سراديب الوجود ( ص 55 ) في المقطع الثاني تقول : " حاول الشـاعر أن يخرج من سجنه ملفوفاً / بأنفاسِ القصيدةْ / بينما شاعرةٌ يؤلمهــا نزف الكآبةْ .. " يحاول الشاعر أيضاً أن يمزج أحلامه بالحبـر فتطيش قطرات ملساء من رجفةِ المنفى .. وقد نامت فوق أحزان العبــارةْ .. وتتتالى القصائد : ( الوهم – الرحلة – قراءة ثانية في سراديب الوجود – الجسد – الدهشة – الفضاء .. ) حيث ينتهي الديوان ..
    في قصيدة الرحلة ( ص 71 ) تقول في مطلعها : "قبل أن نمضي بعيداً / تاركين الباب مفتوحاً لقطّاع الطريقْ../ سوف نبكي ونغني في الخفاءْ / وننادي شجر الليل لكي يرمي أثاث البيتِ في جرح الفضاءْ .. " وهي من القصائد الشفافة بشاعريتها تستخدم فيها بعض الانزياحات اللغوية والصور المركبة مثل : ( شجر الليل – جرح الفضاء –أمواج الوداع ) .. والقصيدة قصيرة إذا ما قيست بباقي القصائد ..وفي قصيدة قراءة ثانية في سراديب الوجود ( ص 75 ) تتضمّن /4/ مقاطع تقول في المقطع الثاني وتسأل : " على أيّ قاعٍ ستهبط هذا المساءْ ..؟! / علــى أي أرضٍ ستمشي ..؟! " ثم تعود في نهاية المقطع لتسأل من جديد : " علـى أيّ جذعٍ ستهبطُ وحدكَ / كي تتفجّر عشقاً وتمضي .. " نلاحـظ تكرار كلمة وتمضي في آخر المقطع الأول والثاني والثالث وكأنه اللازمــة .. لكنها ليست في أول المقطع وإنما في آخره .. وتستخدم بعض الصـور المركبة مثل ( طاحونة النسيان – جنة الوقت – شروخ العمر ) يتيــه صهيلها في ليالٍ تحتوي كل القطارات التي تحسبها جنة الوقت بقلبهـا.. ونجد في كل قصيدة دلالات وفضاءات على سطح خريطتها الإبداعية .. في قصيدة الجسد ( ص 81 ) نجد الشاعرة تكرر عدة كلمات فــي القصيدة مثل : ( جثثٌ – سرج لأحداق الظلامْ–هذا الخريف) والقصيدة تعتبر من القصائد الطويلة ومن إيقاع التفعيلة وعنوانها مكرر في المجموعة الأولى وكعادتها تستخدم بعض الجمل الوصفية والصور المركبة مثـل : ( ظلال متعبة – رغيف الصمت – قبضة الأسرار – سنام البحر ) تقول في القصيدة : " في غرفتي تتبعثر الأوراق مثقلةً / بتاريخ الضجــرْ / وحدي هنا / هذا الزفير حطامُ نافذتي .. / يفيق على منافي عزلتـي / وحدي هنا .. " وتقول أيضاً : " هذا الخريف يداعبُ الميلاد / يمضي في خطايانا / ويأتي زاحفاً .. " في قصيدة الدهشة (ص 93)وهذا العنوان مكرر أيضاً في مجموعتها الأولى تقول في المقطع الأول : " .. المعطـف المتجعّدُ يشطرني / فأوزع حزني / على خشب الطرقاتِ / وأعــوي كحزن الخريفْ .. " وتكرر في القصيدة جملة ( ربما نلتقي ) في المقطع الثاني /4/ مرات .. في قصيدة الفضاء ( ص 99 ) تقول في مطلعهـا : " أُحرّك رأسي / فتسقط تلك المسافةُ / أمحو بقايا الحكاياتِ / من فوقِ زنزانة الشوقِ / أنصت للريحِ وهي تئنُّ وتغسل نافذتي .. "
    وتكرر جملة ( أحرّك رأسي ) في القصيدة .. وهي آخر قصيدة في ديوانها ( لم تكن روحي..) ، وبعد قراءتنا لديوانها نجد الشاعرة تنحو منحـىً مختلفاً عن ديوانها الأول كما ذكرت فتخرج من دوائر الغموض إلــى الشفافيـة الشعرية وقلة استخدام الجملة الوصفية أو الانزياحات اللغوية فجعلتهـا كوناً يموج بالحركة كما أراد الدكتور السعيد الورقي فــي مقدمة ديوانها الأول .. كما أنها أخرجت قصائدها من النثريــــة التقريرية .. وخفّفتْ من الإثارة والاستفزاز فيها .. بينما ظلّت بعيدة عن قصيدة الإنشاد المباشرة .. واستخدام القافية بأنواعها .. فاستطــاعتْ بإبداعاتها وشاعريتها.. وذكائها التخلص من الملاحظات التي أشــار إليها.." السعيد الورقي "في مقدمته .. وهو ما جعل تجربتها الإبداعيـة تتطور وتتجدد .. في شفافيتها وشاعريتها .. وحتى فنيتها .. وإذا أخذت قصائدها شكل النثرية أو إيقاعَ التفعيلة..أو المـزج بينهما..فقد بدت لنا شاعرة متمكنة من زمام القصيدة بشكلِها النثـري والتفعيلة..مـع عدم الوقوع في مطبات القافية التي كثيراً ما وقع فيهــا شعراء قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة معاً.. وإذا اكتنفت بعض قصائدها الضبابية القريبة من الغموض في ديوانها الثاني فهو لا يضير تجربتها وإنما يدفعها إلى أمـام ..
    وأسأل الشاعرة في نهاية الرحلة : إلى أي مدى ستسبقكِ غربتـــكِ وتبوحين لطاولة الحزن .. للفقد .. للبحرِ .. زاخــرة حياتكِ بدواعي الرحيل ..؟؟ بذاكرةٍ تتقاذفها موجةٌ هزمتها الرياحُ .. وعشش فيهــا الجنون ..؟؟ وإلى أي مدى ستبقـي زاخرة بالثواني التي تنحني وتمــرّ كفاتحةِ الانكسارْ ..؟ تملؤكِ بالهموم .. ؟!! .
    *
    الشاعرة سعاد الكواري / في باب جديد للدخول ..؟!
    -----------------------------------------------------------------------
    الشاعرة القطرية سعاد الكواري (1) ، في مجموعتها الشعرية الثالثة (2) ، باب جديد للدخول : تتضمن (23) قصيدة نثرية ، جاءت في (48 ) صفحة من القطع الصغير المتطاول ، بغلاف ملوّن وأنيق ، عليه لوحة غلاف جميلة للفنانة نوال الكواري ، إصدار دار الشرق ..ِ
    تبدو الشاعرة للدارس أنها تمتلك أدواتها الشعرية في قصيدة النثر ، وكثيراً ما يسقط الشعراء في النثرية التقريرية من خلال محاولاتهم في كتابة القصيدة النثرية، باعتبارها لا زالت قيد التجربة حتى الآن على الرغم مما قطعته في طريق النجاح الذي يلوح أمله على الساحة الإبداعية الأدبية ، باعتمادها على الجمل الوصفية ، والانزياحات اللغوية ، التي تشكّل كوناً يموج بالحركة ..
    وشعر " الكواري " - من خلال ما قرأت لها من قبل في تجاعيد ، ولم تكن روحي _ تتلبّسه حالة الغموض ، والدوائر المغلقة ، والشفافية الشعرية أو الوضوح قلّما تجده في شعرها ، فهي متأثرة بالشعر الغربي إلى درجة كبيرة ، وكأنك أمام شعر مترجم ، وهذا ما لمسته سابقاً في إبداعاتها .. إنها تقول الكثير ، ولا يصلنا منه إلا القليل ..
    وقد وُفّقت في التخلّص من مطبّات القافية والوزن في قصيدة النثر ، وهذا ما كان يقع به أكثر شعراء قصيدة النثر ، كما نجد الشاعرة في كثير من الأوقات تفتح ثقوباً في جسد القصيدة من خلال بعض الجمل الشعرية الشفافة .
    أما في مجموعتها " في باب جديد للدخول " وهي عنوان آخر قصيدة في الديوان ، تعادل في طولها نصف المجموعة ، والتي سيتم دراستها أنموذجاً فيما بعد ..
    في المجموعة العديد من قصائد الومضة ، مكثّفة ، تركّز فيها على طرح فكرة محدّدة وتجسيدها ، بلغة بسيطة ، خالية من اللغة البلاغية إلا ما ندر ، كما في قصيدة تسلل ( ص19 ) ، حيث تقول : " ما أن أسقط / على شرفة أحد المنازل / حتى أتحوّل إلى بذرة / تتشعّب جذورها في القاع / وتتمدّد أغصانها إلى آخر الزوايا / أيّ شرفة كانت / تراني أمتدّ إلى الداخل / وأستسلم للسعات الضوء ."
    فالقصيدة خالية من الجمل الشعرية البلاغية ، والانزياحات اللغوية ، ما عدا ( لسعات الضوء ) والتي جاءت في آخر القصيدة ، حتى أنّ الدهشة في آخر القصيدة تأتي ضعيفة في قصائد الشاعرة ..
    وهناك قصائد أخرى في الديوان ذات مقاطع ، متوسطة الطول ، تختلف عن غيرها بوجود لازمة لها تتكرر في كل مقطع حالها حال العديد من شعراء المعاصرة ، كما في قصيدة " عندما تكون خطواتي "( ص3 ) ، حيث تُكرر جملة ( ضعوا أسلحتكم ) أكثر من مرة ، وكذلك في قصيدة " عند الباب ( ص28 ) ، حيث تكرر جملة ( قرّب وجهك من نافذتي - رتّل نصوصك ) أكثر من مرة ..
    نجد الشاعرة قليلاً ما تستخدم الانزياحات اللغوية في هذه المجموعة مثل : ( مدينة التشرّد - خزائن الروح - طائر العمر - مدائن الحلم - سفن الخيال - خمرة الحلم - ظلمة الروح - طائر الخيبة - طواحين الضوء - شمس المراوغة -عواء الليل - جسد المدى - رماد الحلم - جنة الحلم - مرايا الصمت - سيقان الحلم ) ، وتكاد تكون الوحيدة في المجموعة ، وهي قليلة إذا ما قيست بمجموعاتها السابقة التي سبق ودرستها .. وهذه النقطة قد لا تكون لصالح الشاعرة .
    أعود لقصيدة باب جديد للدخول فأقول : تتألف من (21) مقطعاً ، في المقطع الأول تقول : " أشعر بالخوف وبالقلق / من أن أصطدم بحائط / أو يصطدم بي ظلّك ." ، وفي المقطع الثاني تقول : " من أيّ باب أدخل إليك/بعدما أغلقتَ الأبواب جميعها وابتعدت/ أو أغلقتها الريح .. "، وتعتمد جملة ( من أي باب أدخل إليك ) للازمة في القصيدة ، وتُكرّرها أكثر من مرة في القصيدة ، يبدو أنه مكابر ، وهي مطعونة ، سبق له وفتح لها أبوابه ، وهي تطلب منه فتح باب أخير للدخول .. ماذا تفعل ..؟ هل تزحزح لوعة الحذر .. أم تبسط شمس المراوغة المثيرة ..؟!
    في المقطع الرابع : تُخاطبه بقولها ( يا سيّد العطاء ) ، وتقول له : أنا الغيوم .. أنا الحطب .. أنا دم البحيرات وعواء الليل ..إلى أن تقول : " من النافذة أدخل إليك / من الشقوق / من الأبواب المواربة / كالغبار أتشرّد بين زواياك / يا سيد العطاء والحب / آوني لا طريق أمامي غيره .." ، ثم تطلب من أن يأويها لأنها ضائعة ، لا مدينة ، لا محطة ، لا قطار ..وتقول في آخر المقطع : " أنا النار وأنت الريح / أنا الريح وأنت النار .."
    في المقطع الخامس : يأتيها من كل الجهات ، فتكبر به ، وتذكر ما فعلت بها الريح .. وفي القطع الثامن : يُفتح لها باب للدخول ، نجد ذلك في قولها : " كأنني عروسة بحر لا تزال تجهل فنون الغطس / لكنني غطست ففتح البحر ذراعيه واحتضنني .." ، وهنا تكشف النقاب ولأول مرة عمن تخاطبه ، ولعلّه البحر .. وتتابع القول: بأنها المرأة المتوّجة بقناديل السماء ، تضيء كلما مسّها نيزك ، وتشتعل ..
    في المقطع الحادي عشر : تأتي كعادتها إلى التراث والتاريخ فتقول :" هو المدى يأخذني إلى أبعد سلسلة في تاريخي / تاريخي المنثور فوق قمم الجبال / وبين أفخاذ الوديان / تاريخي المشطور إلى أجزاء صغيرة / تلهو بها الفئران والأرانب البرية .." ، وتستمر في التناثر في خرائب الماضي ، وفي مدافن الحرمان ، باحثة عن مستقرّ ..
    في المقطع الثاني والثالث والرابع عشر : تحاور الصباح بعد أن رأته ودنت منه ، وركعت له ، يبتسم ويقودها إلى نقيضه ، فتختلط عليها الأشياء .. وعلى الشجرة ترى عصفورة وحيدة بعد أن طار كل العصافير ، يحاول ثعلب الانقضاض عليها - أي على العصفورة - يسقط ولا يستطيع .. يطلب منها الطيران ( كأنها تُذكّرنا بقصة الثعلب والعنب ) ، وتحاور الشاعرة العصفورة ويفرّ الثعلب مع الريح ، لكنّ العصفورة لا تطير ولا تترك عشّها ، فتخفض الشاعرة رأسها من تحت الأغصان كي تعبر ، وترمي أحجاراً في قلب البحر وتمضي .. يهيج البحر ولا يهدأ ..
    وكثيراً ما نجد الشاعرة تستخدم الصور الجميلة بين الفينة والفينة في قصائدها ، كم في قولها في ( ص40 ) : " في رماد الحلم اختبأتْ صورة وهيئة / فلبستُ الحلم / قلتُ لسفينته المبحرة في قلبي / انتظري لحظة واحدة / ربّما أستعيد ذاكرتي وأمضي / ربما أدخل جنة الحلم " ..
    وتخاطبه فيما بعد قائلة : يا سيد الفتوحات العظيمة .. وتسأله من جديد ليفتح لها بابه ، وتخاطبه من جديد : يا سيد العشق والعطاء آوني فخلفي خيول ٌ مجنونة وقراصنة ..
    في المقطع السابع عشر : تخاطب الشرفة المفتوحة على الصحراء ، وتُطلق العصافير من أقفاصها ، لتحمل الأماني فربما تتحقق .. وفي القطع التاسع عشر تتحدّث عن نفسها بأنها بدأت تكبر فتقول : " بدأت أكبر / أتسلّق أقواسك العالية / أتشبّث بسيقان الحلم / بوجع النوافذ / بالظل / هي الفصول الأربعة .." ثم تخاطب الشمس وتناجيها قائلة : " أيتها الشمس احرقي غابتنا .. المكتظة بعسل النبوءة .." ، وتتابع رحلتها فتمضي وتقطع طرقات كثيرة ، تمشي خلفه وتتبعه ، تلبس جبّة الريح ، تتقمّصها ، فتحط الريح عند بابها ، وتنام كأنها قطة مذعورة وتنام إلى جانبها ، بينما راح صوته يزلزلها ببطء وهو يبتعد .. تقول أنها تحتاج القليل من الوقت ، وتخاطب المدينة القاسية التي بدأت تتضخّم ، وتسألها أن تُطلق سراحها ، وتسأل في آخر مقطع من القصيدة : من أي باب ستدخل ثانية .. من أي نافذة .. من أي فتحة ..من أي شرخ أو ثقب ..؟ فقد أُغلقتْ الأبواب حميعاً ، أو أغلقتْها الريح .. وعلى الرغم من طول القصيدة فقد جاءت ملوّنة ، ومتنوّعة ، كباقة الورد ، فيها الشفافية ، وفيها الغموض ، وإن كانت تحتاج لأكثر من قراءة لتفتح أبوابها ، وقد تكون أرحم من بحر الشاعرة الذي أغلق جميع أبوابه في آخر الرحلة .
    وأخيراً لا بدّ من القول : تعتمد الشاعرة في رحلتها الشعرية على الذهنية والعاطفة معاً ( العقل والقلب ) وقد يكون العقل أوّلاً ، يأتي شعرها بلغة سهلة في أكثر الأوقات ، ممتعة أحياناً ، بعيداً عن اللغة البلاغية التي يستخدمها شعراء العمودي والتفعيلة المعاصرين ، وقد يكون في تلوين وتنويع قصائدها ما يُحسب لصالحها ، والملاحظ أنّ الشاعرة تمتلك زمام قصيدة النثر جيداً ، سواء الومضة ، أو القصيدة ذات المقاطع الطويلة ، فهي تُحسن الدخول لمضمار القصيدة ، والخروج منها ، وتنتقل على صهوة جوادها الشعري بليونة وخبرة كما تشاء ، حالها حال الفارس المدرّب على خوض ميادين الفروسية جيداً ..
    وأخيراً أسأل الشاعرة " الكواري " : لماذا لم تعرف ما تفعل عندما سقط الحصان على ظهره .. طالما هي نقطة ضوء هاربة من زاوية بعيدة .. ولماذا دثّرته بردائها بعدما سقط .. ودثّرتْ جسدها بعظام حيوانات منقرضة..
    ###



  2. #2

    رد: " الشاعرة القطرية سعاد الكواري .. في تجاعيد / لم تكن روحي "


    السلام عليكم
    لفت نظري النقد لفكرة الغموض في النص وكنت اعاني منه شخصيا فالوضوح مع مرافقة الصور الابداعية لايفقد النص جماله ابدا
    ولنضع انفسنا مكان القارئ اي قارئ لنرى ونفهم
    شوقتنا لقراءة الديوان فربما تكشفت لنا افاق جديدة عبره
    وفقك الله ومع جزيل شكري لجهدك
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. "فرنسا 24" و"الحرة" … أو حين تتنكر "الدبابة" في ثوب "الميديا" كتبه شامة درشول‎
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-18-2015, 09:36 AM
  2. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-31-2012, 02:13 PM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-13-2012, 07:03 AM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-09-2012, 08:43 AM
  5. "فيسبوك" أكبر أداة تجسس عالمية.. و"ياهو" و"جوجل" واجهتان لـ"cia"
    بواسطة شذى سعد في المنتدى فرسان التقني العام.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-21-2011, 06:52 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •