منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 10 من 28

العرض المتطور

  1. #1

    أحاديث الغربة والتغرب

    أحاديث الغربة والتغرب:

    هذي مجموعة أحاديث أكتبها من وحي الذاكرة، ولخبرة حياتية تمتد لعشرات السنين قضيتهافي الغربة، بعيداعن مسقط رأسي وبلدي الذي حرمني منه الحكام الطغاة، لانالتهم رحمة الرحمن، ولاأعادتهم الأقدار، ليحكمواالعراق، بلد الخيرات والمقدسات إنه سميع مجيب.

    عسى أن تجدوا فيها من العبرة والخبرة ماينفع الشاب في غربته والغريب في محنته.

    ليسامحني من لايتفاعل مع الوقائع، ولكن هكذاهي الحياة فيهاالحلوالمسر، كمافيهاالعلقم المر، والصامدالمثابرمن تجرع مرها، كما إستذوق حلوها، وإلى أول حديث منها.


    (الحديث الأول):

    إستمالة شيوعي عراقي في بريطانيا

    في الستينات من القرن الماضي، وفي فترة شبابي، كنت طالب بعثة في بريطانيا، وبسبب نشأتي الدينية وإلتزامي الديني، كنت قريبا من بقية الجنسيات الإسلامية، سنية وشيعية والمتواجدة في الكليات والجامعات وبقية المعاهد البريطانية. ولكون الحياة في بريطانية منظمة ومتطورة، وأجواء الحرية متاحة للجميع، في تأسيس الجمعيات والتجمعات الثقافية، كنت تجد في كل جامعة وكلية، جمعية إسلامية أوعربية أوشيوعية وغيرها.

    فالطلبة أصحاب الميول الدينية، كانوا منخرطين في الجمعيات الإسلامية، وأصحاب الميول القومية في الجمعيات العربية وهكذا.

    ولكن كان هناك تمييز معين بخصوص الجمعيات الإسلامية، وهو دمغها بالأخوانجية أو محسوبة على الإخوان المسلمين، حتى وإن كانت غيرعربية، أو شيعية. فالدعاية الناصرية كانت تصور كل نشاط إسلامي شبابي هو نشاط إخوانجي!!

    ولم يكن للنشاط السلفي أي وجود ظاهرلكنه نمى لاحقا.

    المهم كنا في الجمعية الإسلامية، خليط من الباكستانيين وكان عددهم كبيرا ونشيطا، والعرب من جنسيات مختلفة، عراقيين (الشيعة من المراكز الدينية النجف وكربلاء والسنة من الموصل ) وسودانيين ويمنيين ومصريين وإيرانيين وكانو ثوريين شئ ما، وصوماليين وأريتريين وقبارصة أتراك ومن غرب أفريقيا وشرق أفريقيا........الخ.

    كنا إخوة متحابين في الله، فلا مذهبية مميزة ولا طائفية، وكنا متعاونين مع بعضنا، والقيادة كانت للطلبة القدامى، وكانت النشاطات تقتصرعلى إقامة الصلاة، وصلاة الجمعة، وصيام رمضان، وإحياء المناسبات الدينية من أعياد وموالد وغيرها. وأهمها كان مساعدة الطلبة الجدد، للتكيف مع ظروف الحياة الجديدة في بريطانيا.

    الشيوعيون العراقيين، كانوا منظويين تحت إسم جمعية الطلبة العراقيين، وكان أحدهم شرس جدا، وكثير التحرش بأعضاء الجمعية الأسلامية، ونعتهم بالعمالة لإسرائيل وأمريكا، وأنهم عملاء إستعماراخوان المسلمين. وكنا نتحاشاه لشراسته وسوء أخلاقه.

    كان يعمل على تمزيق إعلانات الجميعة الإسلامية، أو تلطيخها بالحبر الأسود، وكان يحضر إجتماعات الجمعية لخلق المشاكل والشوشرة.

    إختفى لفترة هذا الشيوعي العراقي، وعرفنا بأنه مريض في المشفى، فعقدنا العزم على زيارته، مع صديق مؤمن سوداني، وأحضرنا له بعض الفاكهة والمجلات ، وخطط الأخ السوداني، بأن يشتري له كتاب نكات، وغلفه بغلاف يوحي للرائي بأنه مصحف.!!!!

    زرناه في المشفى فوجدناه لوحده، فأستغرب من زيارتنا له، وأنبهر بما أحضرنا له من فاكهة، ولاطفناه وطيبنا خاطره، وبدى عليه الخجل، فكان يقول: لا أكاد أصدق بأن يزورني أخوان المسلمين في المشفى بعد كل المشاكل التي عملتها لهم.

    قلنا له: لا عليك نحن إخوتك، وإن ظرفك يستدعي الجميع، أن يزورك. فقال وأنتم أول من زارني، وبدأ يعتذر،عن أفعاله، وينصحنا بأن نكون وطنيين، وإن نترك العمالة لأمريكا. كنا نشفق عليه وعلى كلامه، وهنا بدأ الأخ السوداني في ذكر بعض النكات له! فأنبسط وأنشرح للنكات وضحك كثيرا.

    وقبل مغادرتنا، ناوله الأخ السوداني الكتاب. فغضب، وقال: عرفتم كيف تأثرون علي بإستغلال ظروف مرضي، فجلبتم لي هذا المصحف، وأوعدكم بأنني سوف أقرأه، ولكن لن يغير من مبدأي شئ.

    قلنا له أفتحه وسوف يشفيك مما أنت فيه! فحنق أكثر، وعندما فتحه وجده كتاب نكات فأنكسر، وبان عليه الخجل، وظل مطرقا. فأعدناتطييب خاطره، وقلنا له لا يهم، نحن لانزال أخوتك وودعناه تاركين المشفى.

    وبعد خروجه من المشفى، كان أول عمل قام به! هوزيارتنا. ليقول لنا بأنه لم يسعد بزيارة مثل زيارتنا، وتغير الرجل تماما. وبدأ يحضرمعنا في نشاطاتنا، وفي فترة لاحقة بدأ يحضر حتى للصلاة معنا. وحتى زملاؤه تعجبوا من تغييره!! فكان يقول لهم لقد هداني الله وأضلكم، وأنهى دراسته بنجاح. في حين تخلف بعض زملائه في الدراسة. وكان دائما يقول كل ذلك، بفضل الله والأخوان المسلمين.

    وإلى حديث آخر.

  2. #2

    نظافة البيت المسلم كماتصورها وسائل الدعاية الغربية

    نتابع حديث الغربة والتغرب:

    نظافة البيت المسلم كماتصورها وسائل الدعاية الغربية

    في أواخرالسبعينات من القرن الماضي، كنت إشتغل مع شركة إنكليزية في بريطانيا، متخصصة بصناعة الإجهزة الإلكترونية، وكان لعملي مهمة تدريب وفود من ضباط جيوش بعض الدول العربية على تلك الإجهزة. لذلك كان مسؤولي بحاجة لي، ويحترمني كثيرا، ونظرا لطيبته معي، وبدون وعي مني كعادة الشرقي العربي، دعوته لتناول الطعام في بيتي، ولأكثر من مرة، دون وعي بتكرارالدعوة (هذا ماعرفته لاحقا).

    الظاهرالرجل إراد مجاملتي بقبول الدعوة!!! وكان مترددا في قبولها لسبب عرفته فيما بعد!! فوافق على تلبية الطلب، وهوالذي نبهني بإنني قد كررت دعوته للغداء عندي في البيت!!! مشترطا قبولها!! على أن تتعلم زوجته من زوجتي، طريقة طهي الطعام الشرقي، وفي نفس يوم قبول الدعوة!!!! وألح على شرطه!!! ولم إستغرب من طلبه، ولكن أستغربت من ألحاحه على أن يتم تعليمها في نفس يوم الدعوة!!!

    وفي اليوم المحدد، وحالماوصلت العائلة إلى بيتنا، دخلت زوجته إلى المطبخ مع زوجتي، ولم تخرجاحتى تم طهي الطعام بالكامل.

    وأنشغلت معه كالعادة، في حديث عن مشكلة دعم بريطانيا للصهاينة في فلسطين، وقضايا العرب ومشاكل العنصرية في بريطانياو.........و..........الخ.

    تغدينا سوية فأستطابوا الطعام الشرقي كثيرا، وكان يردد كان الواجب أن يلبوا الدعوة من زمان، ليلتذوا بهذا الطعام الشهي، وأستمرت ضيافتنا لهم لساعة متأخرة من الليل، وكنت أشاهد زوجته بين الفينة والفينة، تهمس في إذنه شيئا!!! ولكن لم نلق لهم بالا.

    وقبل تركهم للبيت، قال: أنتم العرب أناس كرام طيبون، فهل ننعم منكم بكوب قهوة، قبل الرحيل. وعندي لكم إعتذارا شديدا، ممابدرمنا تجاهكم، فدهشنا لقوله!!! ولم نعلم ماذا كان يدورفي خلد هذا المثقف الإنكليزي، وعلام إعتذاره؟؟؟ حيث لم يصدرمنهما ما يوجب الإعتذار.

    سألني الرجل كم مرة دعوتني للغداء عندكم، وتحججت بعدم تمكني من تلبية الدعوة؟؟

    أجبته نعم. دعوتك ولكن لاأتذكركم مرة، أو حتى أكون قد كررت دعوتي لكم.

    قال نعم أنا أتذكر عدة مرات! ولكن هل تعرف لماذا كنت أرفض الدعوة؟

    أجبته بسبب مشاغلك الكثيرة! هنا بدأ يعتذر أشد الإعتذار وأضاف بأن ضميره كان سيؤنبه كثيرا لولم يشرح لي السبب!!!

    فأندهشت لقوله ولم أعرف بماذا كان يفكرهذا الرجل!!

    بدأ يشرح وشاركته زوجته مبديا أسفا وإعتذارا شديدا قائلا:

    رفضنا دعوتكم!! لإننا لم نكن متأكدين من نظافتكم وشروطكم الصحية في طهي الطعام!!! ولكن وكما بينت له زوجته!!! بإننا أنظف عائلة ألتقوا بها في حياتهم!!! وهنا تدخلت زوجته لتشرح: بأن زوجتي وبعد غسل الإناء أو الخضرة تصلي عليها تحت الماء ثلاثة مرات، وتقصد بذلك الصلاة على محمد وآل محمد، حين شطف الإناء تحت الماء.

    ثم عقبوا على سبيل النكتة باننا نعدم وبإفراط كثيرا من الماء النقي بسبب تقيدنا بالنظافة.

    أصغينا لهما متعجبين مندهشين من كلامهما!! وكيف يفكر هؤلاء الناس عنا!!

    سألته عن سبب أعتقادهم هذا عنا فأجاب:

    نحن محكومين للدعاية التلفيزيونية، فكلما شاهدنا مناظر التلفيزيون القادمة من منطقة الشرق الأوسط، شاهدنا الذباب المتهافت على وجوه الصبية الصغارالشعث الشعر، والمتسخي الأثواب والقذرين في كل شئ.

    أجبته وأيضا محكومين للدعاية الصهيونية!! فهزرأسه موافقا!! وعقبت لو درست مبادئ ديننا، وأطلعت على تاريخنا، دون ما يكتبه عنا عملاء الصهيونية والصليبية، لوجدت بأن الحمامات العامة، كانت تغطي عاصمة الخلافة بغداد، في حين كانت أوربا تسبح في دياجير الظلام والأوساخ.

    من هذه القصة التي صادفتني في حياتي، لو راعينا شروط ديننا من ناحية النظافة والثقافة والتوجه الصحيح، لما وصلنا لما نحن فيه وإنا لله وإنا اليه راجعون.

    وإلى حديث آخر

  3. #3
    اسناذي الكريم
    نحن نعتني بالنظافه داخل منازلنا.
    ونغفل عن نظافة السريرة وذات اليد... وكل مايتعلق بخارج منزلنا عبر كل المجالات!!!!!!!!!!!!!
    نص رائع وخطير
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    Senior Member
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    الدولة
    ليل و قمر
    المشاركات
    257
    جميل أن تسرد لنا مقاطع من حياتك سيدي

    شكرا

    دمتَ متميزا

  5. #5

    إستهانة بنصيحة قبطية وضحية لسرقة شيعية

    شكراللفاضلتين المشرفة العامة أم فراس والدكتورأمجاد، على التواصل مع الأحاديث.

    نتابع حديث الغربة والتغرب:

    إستهانة بنصيحة قبطية وضحية لسرقة شيعية

    في نهاية الثمانينات من القرن المنصرم، وصلنا إلى شمال أمريكا مهاجرين!! وبعد أن ضاقت بنا السبل، لنجد دولة عربية واحدة!!!!! تقبلنا دون مضايقات وتساؤلات!!!!!! وكأن العراقي قد كتب عليه الشقاء والعناء!!! أين ما حل ونزل بسبب حكامه الطغاة الظلمة القتلة!!

    تاريخ يعيد نفسه على الساحة العراقية، بسواده الحالك، ودمويته الفوارة المتأججة. فمنذ شهادة سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي(ع) والدم العراقي ينزف غزيرا وقانيا، وسيظل ينزف إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها عباده الصالحين، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

    ألتقيناه في متجر كبير(يعني مول بلغة شمال أمريكا) وكنا لانزال جدد على المدينة التي وصلناها، لنبدأ فيهاحياة الهجرة.

    كهل مصري يعيش في شمال أمريكا منذ زمن بعيد، وكان دمث الأخلاق طيبا بشوشا.

    إيه ياإخوتنا أنتوعرب! كان سؤاله الذي إستقبلنا به.

    أجبناه: أيوة عرب ومصريين كمان (طبعا كنا نتظاهر له)

    مش معقول، كان رده!

    مش معقول ليه يا أخينا

    شكلكم بيأول كدا أنتوا فلسطينين ولة أردنيين

    لا عراقيين

    أيوه كدا تمام

    لكن أولوا لي تتكلموا مصري أزاي؟

    أجبناه بإننا عشنا في مصر قبل هجرتنا إلى شمال أمريكا.

    يطول الكلام مع زميلنا المصري الطيب الكريم، الذي أصرعلى دعوتنا لشرب فنجان قهوة معه، في محل عام في المول الذي إلتقيناه فيه.

    عرفنا بإنه من إخواننا الأقباط المصريين، وإنه ترك مصرمنذ زمن بعيد، ولكنه يحن لكل ما هو مصري أوعربي، وسأل زوجتي إن كانت سوف تحجب البنات بعد أن يكبرن، مثل حجابها!! قلنا له نعم سوف يتم ذلك، قال وحتى هنا في شمال أمريكا، قلنا له نعم.

    سكت الرجل طويلا وهو مطرق واضعا يده على جبهته فسألته:

    خير يا فندم. أجاب:

    كلو خير إن شاء الله

    هل ترغب بنصيحة لوجه الله؟ هذا السؤال الذي وجهه لي بعد أن أفاق من إطراقته!

    أيوة تفضل.

    لاحظت الرجل مترددا في أن يبوح بما في نفسه فساءلت نفسي( بقلة كياسة!! ورواسب تعصب مقيت!! ) ما الذي يريد أن ينصح به هذا المصري القبطي؟

    شوف يا أخينا العراقي، وأنت جديد على هالبلاد:

    نصحيتي لك بإن تبعد نفسك وعائلتك عن كل ما يسمى عربي أو مسلم!!!!!!

    أبديت عجبي له بهكذا نصيحة وسألته كيف تقول ذلك وأنت الذي فرح بلقائنا وأكرمنا؟

    نهض من على كرسيه ليغادر المكان قائلا أنا نصحتك والباقي عليك.

    سلام، وسلام للمدام.

    ثم غادر المكان بسرعة ليختفي وسط الزحام!!

    وسط ذهولنا، وإستغرابنا، حاولت اللحاق به، لكن الرجل وكأنه فص ملح وذاب!!

    ولسوء الحظ، وبسبب قلة تعاملي التجاري مع الناس، إستسخفت من نصيحة ذلك الرجل، وكان كل همي، أن أتعرف على أكبر عدد ممكن من أفراد الجالية العربية أوالإسلامية، لأبدأ معهم مشروعا تجاريا أكسب منه عيش يومي ويوم أولادي ... و....و....الخ.

    وبعد أكثر من عقد من الزمن مالذي حصل؟؟؟؟؟؟؟؟

    أقسم بالله العظيم، كل ما قاله ذلك المصري القبطي، لنا تحقق بالتمام والكمال!!!!!!!!!!!!!!!! فلم يؤذنا ويسرقنا تحويشة عمرنا، ويستغفلنا إلا العرب والمسلمين، وخاصة من هم من بلدك ومن مذهبك وإنا لله وإنا إليه راجعون.

    وإلى حديث آخر

  6. #6

    صورة لواقع رجل الأمن في الدول المتقدمة

    نتابع حديث الغربة والتغرب:

    صورة لواقع رجل الأمن في الدول المتقدمة

    عندماكناطلبة في بريطانيا كناننتهز فترة العطلة الصيفية التي تستمرلثلاثة أشهرإما للسفر والعودة لزيارة البلد والأهل،أوالعمل لإكتساب خبرة في التعامل مع الشعب البريطاني وكسب بعض المادة. وكان أرباب العمل يتفهمون ظروف الطلبة في طلب العمل ويساعدونهم بدون تردد. (كان هذا في فترة الستينات ولكن الظروف تغيرت الآن على ماسمعت) على أية حالة.

    في صيف عام 1968 م توفقت للعل الصيفي مع شركة خدمات الطرق في مدينة (مانشستر) في وسط إنكلترى وكان عملي مجهدا بعض الشئ لكنه كان بسيطا. ويتمثل في نقل وترتيب صناديق البضائع من مخزن المواد للشاحنات، يعني كان عملا يدويا وليس فنيا،عكس بقية السنوات.

    في فترة الظهيرة دأبت على تناول غدائي في مطعم غيربعيدعن مقرعملي وكان كل أكلي سمك (بإعتباره لحما حلالا) وخضروات وجبس أوفرنج فرايز بلغة شمال أمريكا.

    هناك من الأشخاص من يعبرعنهم بالأنكليزيeye catching)) يعني من شكله يخطف بصرك، وهذا ماحصل وتصادف في ذلك المطعم الصغيرالذي كنت أتغدى به كل يوم.

    شاب وسيم، طويل القامة، باسم عشري ومنكت بارع، يجبرك أن تنظر له معجبا وماأن يتفوه بنكتة حتى تكون قد أنجذبت له بشكل لاإرادي.

    كان يجلس قبالتي وعلى طاولة أخرى، فأبتدرني بنكتة لنصبح أصدقاء نلتقي كل غداء وفي نفس الوقت وعلى طاولة واحدة( بعدذلك عرفت بإن التعرف علي كان مقصودا)
    فعرفت عنه بإنه خريج جامعي، ويعرف أكثرمن خمسة لغات،ومهارات أخرى المهم الرجل متعدد المواهب ومحبوب ويأخذبمجامعك.

    كل حديثناكان يدورعن فلسطين وموقف بريطانيا المنحازضد العرب و...و..وفي خلال يومين كان الرجل يعرف كل شئ عني(يعني سبب وجودي في هذه المدينة وعملي وجنسيتي وبلدي و...و..)وهذه من صفات العربي الطيب(والمخيبة للآمال في الزمن الحاضر) حيث ينفتح على مقابله ويعطيه كل شئ بدون معرفة المقابل.

    هكذاسارالحال وبمرورالأيام وجدتني قد أحببت الرجل فعلا لطيبته ودماثة خلقه على غيرعادة عامة البريطانيين ومن يرون أنفسهم أرقى مستوى من الملونين.

    في يوم من الأيام وبينماكنا نتجاذب أطراف الحديث،فوجئنا بسقوط أحدزوارالمطعم من على كرسيه والظاهرقدأصيب بحالة إعياء شديد. فنط صاحبي من على كرسيه ليطلب من الفتاة المضيفة أن تستدعي الأسعاف وشاهدته وقد وضع يده في جيب الشخص المريض الذي سقط فاحصاأوراقه وأنشغل الكل بإسعافه لبعض الوقت فتركت المطعم لعملي بعد أن نساني صاحبي لينشغل بالشخص الذي سقط.

    عدت أدراجي لمقرعملي وطول الطريق كنت منشغلابحالة الشخص الذي سقط مغشيا عليه وكيف هب الجميع لمساعدته وكيف أحضرت سيارة الأسعاف وعلى وجه السرعة لآسعافه و...و..وللحظة توقف تفكيري لأسأل نفسي ماسرإهتمام صاحبي بالمريض على الشكل الذي شاهدته ولماذا فحص أوراقه، لكن قلت لنفسي ولماذاأنا مهتم لأنسى الموضوع كلية لكن تفكيري ظل منشغلا.

    إختفى صاحبي لأيام ولم أره ولكن بعدحوالي إسبوع(غيابه كان مقصوداعلى ماأتصور) وجدته يجلس في المطعم قبلي، فسلمت عليه وأعتذرت لتركي المطعم من دون توديعه. فشرح لي بإن الرجل قد تعافى بعد نقله للمشفى وكان مرهقاولا بئس عليه، وعلل غيابه لإنشغاله. وهناأبديت إعجابي بتصرفه وشهامته. فضحك!!!! وعندماسألته عن السبب في فحص أوراق المريض ضحك ثانية وقال ولحدالآن لم تعرف السبب؟

    فقلت وكيف أعرف؟

    قال الرجل أنه أمين في وحدة التحريات الجنائية،يعني رجل أمن أوالشرطة السرية،

    وماقام به كان من صميم واجبه.

    دهشت لقوله، وبقت خصاله وماحدث عالقة في ذهني.

    مجردشرطي أمن وبتلك الصفات الرياضية والروح المرحة، وخمسة لغات،وشهادة جامعية وشخصية محبوبة جذابة، تسيطرعليك وبتلك السرعة، شئ مدهش حقا.

    تعال وقارن بين رجال الأمن في بلدناوبين أمن الأمم المتحضرة.

    في السبعينات أوقفناجندي أمي في نقطة سيطرة على طريق بغداد الموصل وفي عزالحر لمدة عشرين دقيقة لكون قارئ الهويات من رجال الأمن ذهب إلى دورة المياه، وعندما رجع وشاهد تضجرنابدأ بالصراخ والتهديد.

    وإلى حديث آخر.

  7. #7

    مشاكل التأقلم لطالب البعثة الجديد في بريطانيا

    مشاكل التأقلم لطالب البعثة الجديد في بريطانيا

    نتابع حديث الغربة والتغرب:

    من المشاكل التي يواجهها المغترب هي الصدمة الفورية التي تنقله من محيط محافظ ومنافق في نفس الوقت( وليسمح لي القارئ بوصف المنافق كما سأشرح وأبين في وقت لاحق) إلى محيط مفتوح كل الإنفتاح، ومغاير كل المغايرة لمحيطه الإصلي.

    معظم المغتربين ساقتهم ظروف قاهرة للهجرة والإغتراب وهناك من إختار الهجرة عن رغبة وإعجاب بنمط الحياة الغربية، وخاصة من درسوا وتعلموا في الغرب وتعودوا على نمط الحياة الغربية.

    بالنسبة لي صدمت عندما كنت شابا(مدفوعا بأحلام وطيش الشباب) حينما وصلت إلى أوربا في الستينات من القرن الماضي طالب بعثة لدراسة الهندسة.

    وسبب الصدمة هوإنتقالي من مدينة محافظة لا تعرف حتى السينما (وإن كان جهاز التلفيزيون عوض عن ذلك)إلى محيط تجاوزمشاهد السينما المصطنعة إلى واقع يحاكي ويعيش ما يراه وينبهربه الشرقي في الأفلام.

    وأتذكرفي أول سني حياتي في أوربا صادفتني من المشاكل والقصص مايصلح عرضه للتندروحكايات النكتة.

    أول سنة عشتها في بريطانية كانت صعبة من ناحية التأقلم مع الظرف الجديد، إضافة، ولكوني من عائلة ميسورة وكل شئ كان مهيأ لي فلم تكن عندي الخبرة الكافية للتعامل مع الناس بصورة عامة وشكل هذا مصدرا من مصادرالصعوبة التي قاسيتها يعني كان الواجب علي أن أتعلم كيفية التصرف وفق أصول الحياة الإنكليزية وشروطها الجادة إضافة إلى إلتزامي بديني وأعرافي الشرقية.

    وأول مشكلة كانت تواجه الطالب الشرقي مشكلة اللغة والتعود على الحياة المفتوحة وقبولهاكواقع قائم وليس إستثناءا. وبصراحة الإنتقال من محيط دائما يقيم هذاحلال وهذا حرام إلى محيط مفتوح يطالبك بأن تنسى الحلال والحرام ولكن تقيد بمفهوم:

    When you go to Rome do what the Roman do.

    شئ صعب إن لم يكن مستحيل وأعرف عددا من المبتعثين ممن لم يستطع التكيف مع الوضع الجديد فعادوا من حيث أتوا.

    ولا ندخل في تفاصيل مملة لا يرغب القارئ بها وعفى عليها الزمن ولكن لنستعرض بعض حالات التمرد التي كانت تنتاب من يصل من الشباب للغرب فينسلخ تماما عن أصوله الشرقية ليحاكي عيش الغربي فينغمس ليضيع في وحل المحيط الجديد فينمسخ إلى مخلوق مشوه ينطبق عليه القول:

    (ذهب الحمار يطلب قرنين فعاد بلا إذنين)

    يعني لا حافظ على مثله الشرقية ولا تعلم من حسنات الغرب وما توصل له على صعيد التجربة الإجتماعية.

    كان الطالب الملتزم دينيا يعاني من مشكلات داخلية وأخرى خارجية وأقصد بالداخلية معاناته النفسية من جراء الصراع بين الوازع الديني والرغبة الجامحة للتلذذ بما هو متاح ومتوفر وخاصة بالنسبة للجنس وأي تجاوز لهذه المشكلة الخطيرة وغض للنظر عنها هوهروب من الواقع بأجلى صوره. أما المشكلات الخارجية فتمثلت بحالات السخرية من الملتزمين وتهمتهم بالعمالة للإستعماروالصهيونية حيث عملت أجهزة الدعاية الناصرية في الستينات على نعت كل توجه إسلامي كمظهر لنشاط الإخوان المسلمين.

    على أي حال:

    كنا وبكل أسف مستهدفين ومحاربين ومن أبناء ملتنا وجلدتنا بسبب حالة التمرد التي كانت تنتاب القادمين الجدد وإنبهارهم بالجوالمفتوح في بلاد الغرب إضافة إلى ضجيج الدعاية الناصرية في الستينات ونعتها لكل توجه إسلامي بإنه محسوب على الإخوان المسلمين(عملاء الصهيونية والإستعمار)!!!!.

    كان الغير ملتزم يفتخربتمرده على قيمه الشرقية ويجهر بذلك ولكن في نفس الوقت يضع الملتزم تحت طاولة الحساب القاسي إن لاحظ منه أي شئ مخالف للقيم التي يتمرد هو عليها!

    فياويله إن كلم فتاة بحكم طبيعة الدراسة المشتركة. أوأفطرشهر رمضان لعذر مشروع!

    تنفتح عليه العيون ويبدأ مسلسل السخرية والإعتداء. فتسمع عبارات مثل:

    ها وين دينك ؟

    تكولون هذاحرام إي ولكم منافقين!

    هنا وقفة جديرة بالتأمل!

    ويطرح سؤال بهذا الخصوص لماذا الملتزم دينيا هوالمطالب بإثبات حسن النية لمن حوله؟

    وأيضا كانت الحرب المعلنة على ذوي الإتجاه الديني تأخذا سبلا ومآرب شتي وتتفنن في الشكل والإسلوب، ومن هذه الإساليب هو محاولة إستثارة المقيم للصلاة بطرق لا أقول غير إخلاقية ولكنها منافية للذوق العام والآداب الإسلامية، كأن يطلب أحدهم من صديقته الجميلة اللعوب أن تصافح المتدين بحرارة أو تعانقه وتظهرله ودا بتغنج وصاحبها يراقب ثم يسأل بسخرية وإستهتار، محاولا إحراج المتدين:

    (ها إشلون تشوف نفسك وأنت بحضن هاالغزال)؟؟؟

    لذلك كان الفرد منا يحاول تجنب مواقف الشبهة والإبتعاد عن مواقع إثارة سوء الظن ولكن النجاح لم يكن حليفك دائما.

    وهناك من أندفع بتهور ليجاري الوضع السائد بحجة جواززواج المتعة وحتى يفتش لنفسه أعذارا شرعية حول مفهوم ملك اليمين وكأننا في حالة حرب معلنة وهناك أسرى وسبابا لينجرف وراء تحقيق شهواته.

    هذه بعض المواقف الصعبة التي كانت تواجهنا وغيرها الكثير.

    أتذكرمرة سألت سؤالا إن كنت حقا قادرا على كبح جماح شهوتي وأنا أشاهد من مناظر الجمال والإغراء الكثيروكان السائل مؤدبا وباحثا عن الحقيقة!

    وبدأ الحوار معه على أساس الإجابة على سؤال هو:

    هل الإنسان وراء عقله أم غريزته؟

    الحيوان له غريزة وليس له عقل!

    أما الإنسان فعنده غريزة وعقل والعاقل من الرجال من يشبع غريزته بإستعمال عقله!

    والى حديث آخر

المواضيع المتشابهه

  1. الغربة!!
    بواسطة Ruba-rabie في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-14-2018, 11:17 AM
  2. في الغربة علمني أبي .....
    بواسطة شذى سعد في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-06-2014, 12:28 AM
  3. في الغربة
    بواسطة ماجد الملاذي في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 01-12-2011, 05:46 AM
  4. عجائب من الغربة
    بواسطة فتحي العابد في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 10-30-2010, 12:50 AM
  5. اقمار الغربة
    بواسطة صلاح المعاضيدي في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 10-06-2009, 03:11 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •